حزب الله والتحوّل السوري.. التعايش مع ما هو قائم
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
تلقى "حزب الله" ضربة قوية بسقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد، ليس لان الاسد كان حليفاً سياسياً فقط بل لان طريق الامداد التي كانت مفتوحة من سوريا الى الحزب لا يمكن ان تتكرر لناحية الغطاء السياسي الذي تتمتع به في دمشق ولناحية الحرية التي تمتع بها "حزب الله" في نقل المعدات والأسلحة الى لبنان من دون اي نوع من انواع الرقابة.
ما فاقم الضربة التي تلقاها الحزب هو انها جاءت بعد حرب قاسية جدا، لا بل قد تكون الاقسى عليه منذ نشأته وهو بحاجة بعدها الى ترميم قدراته العسكرية على مختلف المستويات. لكن بالرغم مما حصل يتعامل "حزب الله" بهدوء كبير مع الحدث، خصوصا انه لم ينته بعد في ظل وجود احتمالات وسيناريوهات متعددة ستحكم المشهد السوري وقد تبدل الكثير من الحسابات مع مرور الوقت.
لا يتعامل "حزب الله" مع الحكم الجديد في سوريا على انه معادٍ، علما ان الحكم في سوريا لم يعلن العداء لاي طرف، سوى ايران و"حزب الله"، لكن الاخير يتعامل مع الواقع على اعتبار ممكن مع مرور الوقت فتح حوار مع دمشق والعمل على تهدئة الاجواء وان لم يؤد الامر الى اعادة فتح طريق الامداد، لكن فكرة معاداة سوريا ليست واردة في قاموس "حزب الله" وما دامت المعارضة اصبحت في الحكم فلا مجال لمحاربتها.
قد يكون رهان الحزب هلى طرفين اساسيين، الاول هو حركة حماس، حليف الحزب السني الرئيسي في المنطقة، والذي قد تربطه علاقات كبيرة واستراتيجية مع الحكم الجديد في سوريا، وعليه قد تلعب الحركة دورا فعليا في اقناع الحكم في سوريا بالقيام بتحولات كبرى بالتعامل مع المقاومة اللبنانية، وهذا قد يكون طموحا مبالغا فيه من الحزب لكنه غير مستحيل.
اما الطرف الثاني فهو تركيا الذي تربطها علاقات عميقة مع ايران وهذا ما قد يؤدي الى فرض مستوى جديد من التنسيق من اجل ترك طريق الامداد مفتوح او غض النظر عن بعض الامور، لكن كل ذلك يحتاج الى وقت، فالجولاني اليوم الذي يتعامل مع المشهد بواقعية مفرطة، لا يستطيع اظهار الود لايران و"حزب الله" وذلك لان امامه معركة داخلية كبيرة لتثبيت حكمه في ظل وجود مجموعات متطرفة تزايد عليه امام الرأي العام السوري.
لا شك بأن العلاقة معقدة جدا بين "حزب الله" والقوى السياسية التي استلمت الحكم في دمشق، لكن هذا التعقيد سيتعامل معه الحزب على قاعدة ان لا خيار سوى التعايش مع التطورات ومحاولة ايجاد حلول لها، وان الحزب اليوم ليس الحزب الذي كان موجودا في التسعينيات، لذلك فإن قدراته الاقليمية والبشرية وخبراته في مختلف المجالات تخفف من وطأة "الكارثة" التي حصلت بعد سقوط نظام الاسد.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله فی سوریا
إقرأ أيضاً:
حكم الصلاة بالوشم القديم الذي تتعذر إزالته
قالت دار الإفتاء المصرية إن الوشم القديم الذي فيه حبس الدم تحت الجلد حرامٌ شرعًا، ولا يجب إزالته إن كان في ذلك ضررٌ على صاحبه، وتكون الصلاة به صحيحةً شرعًا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
الأسباب الشرعية لتحريم الوشم الدائموأوضحت دار الإفتاء أن الوشم الثابت هو الذي يتم عن طريق إحداثِ ثُقْب في الجلد باستخدام إبرة معينة، فيخرج الدم ليصنع فجوة، ثم تُملَأ هذه الفجوة بمادة صِبغية، فتُحدِث أشكالًا ورسوماتٍ على الجلد.
وقالت الإفتاء إنعه قد اتفق الفقهاء على نجاسته ومن ثَم حكموا بحرمته؛ لما رواه الشيخانِ في "صحيحيهما" عَنْ علقمةَ، عن عبد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَال: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ».
وفي هذا الحديث دليل على حرمة الوشم بالصورة السابقة؛ لأنَّ اللعن الوارد في الحديث لا يكون إلا على فعل يستوجب فاعلُه الذَّمَّ شرعًا؛ قال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 70، ط. مكتبة القاهرة) بعد ذكر حديث النهي: [فهذه الخصال محرمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعن فاعلها، ولا يجوز لعن فاعل المباح] اهـ.
الأسباب الشرعية لتحريم الوشم الدائم
وكشفت الإفتاء عن الأسباب الشرعية لتحريم الوشم الدائم، وهي ترجع إلى أمور:
أولًا: ما يترتَّب على بقاء الوشم من التدليس والتغييرِ لخلق الله سبحانه وتعالى، كما جاء في نصِّ الحديث السَّابق ذِكْره: «الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ».
وما جاء في قول الله تعالى -على لسان الشيطان-: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: 119].
قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 393، ط. دار الكتب المصرية): [وهذه الأمورُ كلُّها قد شهدت الأحاديثُ بلَعْنِ فاعلِها وأنها من الكبائرِ، واختُلِف في المعنى الذي نهي لأجلها، فقيل: لأنّها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه، وهو أصحُّ، وهو يتضمَّنُ المعنى الأول] اهـ.
ثانيًا: ما فيه من إيلام للجسد بغرز الإبرة. وغرزُ الإبرةِ ضررٌ بالإنسان من غير ضرورة؛ ومن المعلوم شرعًا حُرمة الإضرار بالنفس أو بالغير؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقوله عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: 29]، فقد نصت الآيتان على النهي عن الإضرار بالنفس، والإلقاء بها في المهالك، والأمر بالمحافظة عليها من المخاطر والأضرار؛ فمن مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على النفس، ولهذا حرم الله تعالى كلَّ ما يؤدي إلى إتلاف الإنسان أو جزءٍ منه.
ثالثًا: أنَّ الوشم فيه مشابهة لما يفعله الفُسَّاق والجُهَّال؛ قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (5/ 1895، ط. دار الفكر): [وإنما نهي عنه؛ لأنه مِن فِعل الفُسَّاق والجُهَّال، ولأنه تغيير خلق الله؛ وفي "الروضة": لو شق موضعًا من بدنه وجعل فيه وعاءً أو وشمَ يدَه أو غيَّرها، فإنه ينجس عند الغرز] اهـ.
رابعًا: ما يُحدِثه من نجاسةٍ للموضع الموشوم بسبب الدم المختلط بالصبغ؛ قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (14/ 106، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال أصحابنا: هذا الموضع الذي وُشِم يصير نجسًا] اهـ.
وجاء في "اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح" (14/ 508، ط. دار النوادر): [قال الفقهاء: ما وُشِمَ يصير نجسًا، فإن أمكنَ إزالتُه وجبَتْ، وإن أَورَثَ ذلك شَينًا أو تَلفَ شيءٍ فلا] اهـ.