بقلم ـ شاهر أحمد عمير
سيذكر التاريخ، بأحرف من نور وفخر، أُولئك الشرفاء الذين حوّلوا لبنان إلى حصن منيع أمام الاحتلال الإسرائيلي وأطماعه التوسعية، هؤلاء الأبطال، وفي مقدمتهم المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله، وقفوا بشجاعة وعزيمة في وجه أقوى الجيوش، مسجلين أعظم البطولات التي أظهرت للعالم أجمع أن الإرادَة الصادقة والثبات على الحق يمكن أن تهزم الغطرسة والقوة العسكرية مهما بلغت.
فَــإنَّ المقاومة اللبنانية، منذ تأسيسها، رفضت الخضوع والاستسلام، وواجهت كُـلّ التحديات السياسية والعسكرية، مقدمة أعظم التضحيات في سبيل كرامة لبنان وسيادته، أبطالها لم يقتصر دورهم على حماية حدود وطنهم، بل كانوا رمزًا للأُمَّـة كلها، يرفعون راية العزة والكرامة نيابةً عن كُـلّ الشعوب العربية والإسلامية التي أنهكتها خيانات بعض حكامها.
لكن التاريخ لن يكون رحيمًا مع أُولئك الذين اختاروا طريق الخيانة، أُولئك الذين باعوا سوريا بأبخس الأثمان لصالح نفس العدوّ، لقد انحدروا إلى مستوى من الانحطاط السياسي والأخلاقي، ففتحوا أبواب وطنهم أمام القوى المتآمرة، سواءٌ أكانت “إسرائيل” أَو أدواتها من القوى الغربية والإقليمية، خيانتهم لم تتوقف عند بيع الأرض، بل ساهموا بوعي أَو بغير وعي في تدمير الشعب السوري وزعزعة أمنه، ضاربين عرض الحائط بكل قيم الدين والعروبة والإنسانية.
الفرق بين الفريقين واضح كالشمس: فريق اختار طريق الكرامة والتضحية، وآخر انحدر في وحل العمالة والخيانة، الفريق الأول، أبطال المقاومة، رسموا للعالم صورة مشرقة عن الإرادَة الصلبة التي لا تنكسر، مؤكّـدين أن الكرامة الوطنية لا تُشترى بالمال ولا تُباع بأي ثمن، أما الفريق الآخر، فقد خسر شرفه وترك وراءه إرثًا من العار سيلاحقهم وأجيالهم لعقود طويلة.
لقد أثبت أبطال المقاومة الإسلامية في لبنان، بمواقفهم الصلبة، أن الأرض التي تُروى بدماء الشهداء لا يمكن أن تُسلب، وأن الكرامة الوطنية لا تخضع لقوانين السوق ولا لتوازنات القوى، كُـلّ قطرة دم سالت على أرض الجنوب اللبناني كانت رسالة واضحة بأن العدوّ مهما بلغ جبروته سيظل عاجزًا أمام الشعوب الحرة التي تؤمن بحقها في السيادة والعيش بكرامة.
أما من باعوا سوريا، فقد أضافوا صفحات سوداء إلى تاريخ الخيانة في أمتنا، لقد خانوا الدين والوطن، وسقطوا في مستنقع التبعية، ظنًا منهم أن العمالة للعدو الإسرائيلي قد توفر لهم الحماية أَو تحقّق لهم مكاسب شخصية، لكن ما حدث هو العكس تمامًا؛ خيانتهم جلبت الاحتلال وَالخراب والدمار لشعبهم، وتركتهم في عزلة أخلاقية وسياسية، ملاحقين بلعنات أمتهم التي لن تغفر لهم تفريطهم.
سيبقى التاريخ شاهدًا حيًّا على مواقف العز والشرف التي صنعها أبطال لبنان، كما سيظل يلعن خيانة من فرّطوا في سوريا، هؤلاء الخونة كانوا أدوات للعدو، ساهموا في تحقيق أجنداته، ودفعوا بلادهم إلى الهاوية، لكن الشعوب الحية لا تنسى، وستظل تذكر الأبطال بكل فخر، والخونة بكل ازدراء.
إن هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها أمتنا تتطلب منا جميعًا أن نتعلم من دروس الماضي، وأن ندرك أن المقاومة وحدها هي الطريق لاستعادة الحقوق وحفظ الكرامة.
من وقفوا ضد الاحتلال الإسرائيلي في لبنان وسوريا وفلسطين كانوا يمثلون ضمير الأُمَّــة الحي، بينما من باعوا أوطانهم كانوا يمثلون أسوأ ما يمكن أن تصل إليه النفوس البشرية من ضعف وانحطاط.
لذلك، علينا أن نستلهم من بطولات المقاومة دروسًا للصمود والتمسك بالحق، وأن نرفض كُـلّ أشكال التبعية والذل التي يحاول أعداء الأُمَّــة فرضها علينا، فقط بالوعي والإيمان بوحدة أمتنا يمكننا ضمان مستقبل مشرق تُخلّد فيه بطولات الشرفاء، وتُنبذ فيه خيانة الخائنين.
سيظل التاريخ يكتب ويخلّد قصص الشجاعة والعزة في لبنان، كما سيكتب بإدانة صارخة خيانة من باعوا سوريا، أن بالمقاومة ننتصر لكرامة أمتنا وقضاياها العادلة، فالتاريخ لا يرحم، والأجيال القادمة لن تنسى الخيانة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
قاسم: المقاومة أفشلت أهداف إسرائيل.. وحمت لبنان من مشروع الشرق الأوسط الجديد
أكد الأمين العام لـ"حزب الله"، الشيخ نعيم قاسم، في كلمة له، أن المقاومة اللبنانية تمكنت من إفشال أهداف العدوان الإسرائيلي الأخير، مشيرًا إلى أن العدو لم ينجح في تحقيق هدفه المركزي بالقضاء على "حزب الله".وأوضح قاسم أن المقاومة نجحت في تهجير أكثر من 200 ألف مستوطن إسرائيلي وإلحاق أضرار كبيرة بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، إضافة إلى مقتل وجرح المئات من الجنود الإسرائيليين.
وأقرّ بوجود "إنجازات محدودة" للعدو، مثل اغتيال قيادات في الحزب واختراق اتصالاته، لكنه شدد على أن "الثمن الذي دفعته إسرائيل كان كبيرًا ومؤلمًا"، وأن المقاومة استطاعت المحافظة على قدرتها القتالية ومنع انهيارها.
وتحدث قاسم عن تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن الوساطة الأميركية لعبت دورًا في إقراره، لكن المقاومة وافقت عليه بشروط وضمانات لحماية مصالحها.
وأشار إلى أن الاتفاق يستند إلى القرار 1701 ويُطبق حصريًا على منطقة جنوب نهر الليطاني، ولا يرتبط بعلاقة المقاومة بالدولة اللبنانية.
بالتوازي، اعتبر قاسم أن القضية الفلسطينية هي "نقطة الارتكاز" لمشروع المقاومة في المنطقة، مشددًا على أن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ضرورية لمنع توسعه وإفشال مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي كانت إسرائيل تسعى إلى تحقيقه من بوابة لبنان.
وأكد قاسم أن المقاومة تحملت أعباء كبيرة خلال الحرب، مشيدًا بصمود الشعب اللبناني ودعمه للمقاومة.
ولفت إلى أن "حزب الله" يتابع بشكل مستمر الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، ويتصرف وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، مشددًا على أن الحكومة اللبنانية هي المسؤولة عن متابعة هذه الخروقات عبر الجهات المختصة.
وشدّد قاسم على أن المقاومة مستمرة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مشددًا على أنه "هيهات أن نستسلم"، ودعا إلى التوحد لمواجهة ما وصفه بـ"الغدة السرطانية" التي تهدد المنطقة بأسرها.