ندرك ما يدور حولنا من مجريات أحداث على الساحة الدولية والإقليمية، ونعي حجم التحديات والتهديدات المحيطة بنا، ونرى تغيرات لمواقف الدول تجاه قضايا المنطقة في ضوء فلسفة المصالح وسياسة الأمر الواقع ومبدأ القوة على الأرض وفرض السيطرة.

وفي مقابل هذا كله نثق أن مصر لديها ما يؤمنها ويجعلها بلدا ناهضا قادرا على استكمال مسيرة الإعمار والبناء والتنمية، وقادرا على ردع كل من تسول له نفسه بث السموم، أو تنفيذ المخططات، أو السعي لتحقيق مآرب تفكيك الدولة والنيل من مقدراتها.

وتتأتى القناعة بقوة مصر من منطلق تماسك جبتها الداخلية وامتلاكها لجيش وطني انتماؤه وولاءه للدولة وفي القلب شعب مصر العظيم، وقناعتي أيضًا في وجود قيادة سياسة رشيدة تحملت مسئولية كبرى في وقت عصيب، لديها إرادة وعزيمة تسعى من خلالها إلى نهضة الدولة وركوبها قطار التنمية بغية التقدم والازدهار في جميع المجالات، بما يسهم في تلبية احتياجات ومتطلبات المواطن وبما يضمن توفير حياة كريمة له وللأجيال في المستقبل.

ونرصد حال المؤسسات المصرية الوطنية ومدى تماسكها واصطفافها خلف الدولة بغية تحقيق مصالح الوطن العليا.

وأرى أن مؤسسات الدولة وجميع منتسبيها يقدرون المسئولية ويجتهدون من أجل بلوغ حد الريادة في مجالاتها المختلفة؛ فالكل يدرك أن التنمية تتحقق بتلاحم وتضافر الجهود، وأن مسارات التنمية يجب ألا تتوقف مهما تفاقمت التحديات وضاقت السبل؛ فالعمل المتقن والسعي الدؤوب تجاه الوصول للغاية والأمل والتفاؤل أدوات النجاح لا ريب.

وتحتضن الدولة المصرية في مؤسساتها بجميع ربوعها رجالا مخلصين، يتحملون المسئولية ويتحلون بخصائص مشتركة تقوم على رؤى سديدة وإيمان باستراتيجية الدولة، ومن ثم نرصد حالة سعة الأفق وحكمة التصرف في ضوء رجاحة العقل والوعي الصحيح، ومن ثم القدرة على صناعة القرار واتخاذه في الوقت المناسب بما يعود بالنفع العام ويحدث الأثر المنشود منه.

وتعالوا بنا نرى الأمور من زاوية جديدة؛ حيث سباق المصالح التي تحققها دول بعينها مقابل خسائر فادحة لدول أخرى؛ فهناك المستفيد من لهيب النار، وهناك المنتفع من تفاقم النزاعات خاصة المسلحة منها، وهناك المنتظر والمترقب لسقوط الدول كي ينقض على أنقاضها ويحقق مآربه الخبيثة بالسيناريو المرسوم له، وهناك ضحايا لا حصر لهم، يحصدون الألم والحسرة بعد ضياع الأوطان وسقوطها في بئر سحيق وظلام دامس، وخير دليل على ذلك ما يشهده الواقع الحالي من صراعات في منطقتنا العربية.

وهنا ندرك تمامًا أهمية دولة قوية وشعب واعي وقيادة رشيدة ومؤسسات وطنية مخلصة، ونقدر ما يقوم به الجميع من أجل بقاء الوطن والحفاظ على مقدراته وحماية جهاته الأربعة وأمنه القومي بأبعاده المختلفة، وردع المعتدي من خلال تعبئة مادية وجاهزية نفسية واستعداد تام في أي وقت وفي أي مكان على أرض المحروسة.

نحن المصريون نبغض فكرة الصراع، ونكره كل من يأجج لهيب النزاع، ونهجر كل من يستخدم فلسفة الغاية تبرر الوسيلة، وفي المقابل لا نقبل الدنية، أو التخاذل، وندافع بصدورنا عن بلدنا؛ فنحن في وسط النيران نصطف ونتماسك ويزداد ترابطنا وقوتنا ولحمتنا خلف وطننا وقيادته الحكيمة ومؤسساتنا الوطنية في كل وقت وحين.

وفي دولة المؤسسات التي يحميها الدستور والقانون ويحكمها من يحترم العهد والميثاق ويحافظ على شرف الكلمة ويطابق قوله فعله، نؤكد أننا داعمون لوطننا الحبيب لنحقق غايتنا الرئيسة المتمثلة في نهضة وإعمار واستقرار وأمن وأمان بلادنا التي على أرضها تحافظ على كرامة الإنسان وتسعى إلى بناء بنيان يستطيع أن يحافظ ويصون ويحمي مقدراتها، ويعلى دومًا من شأنها ويرفع رايتها.

إن الرهان بات واضحًا؛ حيث المحبة والإخلاص واللحمة والتماسك والتضافر والتكاتف من أجل بقاء واستقرار ونهضة الدولة المصرية، ولا نغالي إذا ما قولنا إننا دومًا ما نكسب الرهان وندهش العالم بدولة المؤسسات التي تحافظ على شعبها وتحميه لأن الوطن يسكن القلوب ويتربع في الوجدان ويجري عروق الدماء محبته.

ورغم ما لدينا من هموم وأوجاع تتعلق بصعوبة المعيشة؛ إلا أننا نتناساها في مقابل هموم الوطن وما يواجه من تحديات وتهديدات؛ فلا أغلى لدينا من بقاء وطننا آمن مستقر نطمئن فيه على فلذات أكبادنا ونسير على أرضه رافعين الهامة ولا نخشى من عدوان أو جور، وفي سبيل الوطن نضحي بالغالي والنفيس كي يبقى، وفي كل يوم نجدد العهد والنية على العطاء من أجل البقاء أحرار آمنين مطمئنين.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدولة المصرية مؤسسات الدولة المؤسسات المصرية المزيد من أجل

إقرأ أيضاً:

عمار يا مصر | أحمد عبد الجليل يكتب: دساتير الوطن العربى أصلها مصرى

حروب، انقسامات، صراعات، وتخريب، ملخص حال دول الجوار، والشاهد على ذلك ما يحدث على الأراضى الفلسطينية والسورية، إضافة إلى ما تشهده حدود مصر جنوبًا فى السودان، وأمام كل هذه الصراعات والتحديات التى تحاوط مصر، إلا أن البلاد تظل واقفة شامخة محافظة على نعمة الأمن والاستقرار، وكانت وستظل ملجئًا لكل مقهور أو مذعور.

لم تُطلق القيادة السياسية فى مصر على الفارين إليها باحثين عن الأمن، باللاجئين، ولكن أسمتهم بالضيوف، أعطتهم ما يريدون من أمان وأستقرار وسنت لهم تشريعًا يحافظ على حقوقهم وواجباتهم.

هم ضيوف ونحن أصحاب الأرض والرقم المؤثر فى الشرق الأوسط، وهذا ليس بجديد؛ فعلى مدار التاريخ السياسى تحتل مصر الريادة فى العراقة وأحد الأسباب الرئيسية فى ذلك هو أنها تعمل من منطلق دستورى وقانونى شرعت قوانينه وصاغت دستوره منذ عقود طويلة لتكون بذلك قبلة لباقى أشقائها، والدليل على ذلك أن مصر لها بصمة قانونية ودستورية فى العديد من النظم السياسية العربية.

٢٢ دولة، هى عدد الدول العربية ما بين ملكيات وجمهوريات، ٧ ممالك و١٥ جمهورية، جميعها تضم مجالس نيابية، لكن أول مجلس نيابى حقيقى فى العالم العربى ظهر فى مصر عام ١٨٦٦، وكان يُعرف بمجلس شورى النواب، ويرجع السبب فى هذا التحديد إلى أنه يعتبر أول برلمان فى العالم العربى يمتلك اختصاصات نيابية فعلية، ولم يكن مجرد مجلس استشارى، حيث مارس شعبها العمل النيابى باعتباره أحد أهم مقومات الدولة المدنية الحديثة التى تعتمد على المشاركة الشعبية، باعتبار أن الشعب شريك فى الحكم.

استعانت الدول العربية بالخبرات القانونية المصرية لصياغة دساتيرها وتشريعاتها، وكان على رأس هؤلاء عبد الرزاق السنهورى أحد أبرز أعلام الفقه والقانون فى الوطن العربى، والذى ساهم بخبرته الطويلة فى وضع دساتير عدة دول عربية كالإمارات والكويت، كما ساهم فى وضع مشروع القانون المدنى الجديد بالعراق ودمشق وليبيا، وكذلك الفقيه الدستورى الراحل يحيى الجمل والذى ساهم فى صياغة عدد من دساتير الدول العربية، من بينها الدستور القطرى.

وأيضًا الدكتور إبراهيم شحاتة، والذى كان من الأكاديميين المصريين الذين آثروا العمل خارج مصر منذ الستينيات، حيث عمل مستشارًا قانونيًا للصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية منذ ١٩٦٦ ـ ١٩٧٠، فمستشارًا أول للصندوق الكويتى بدولة الكويت، وإليه يعود الفضل فى تفعيل دور هذا الصندوق، ووضع القواعد والإجراءات الكفيلة بعملياته، وقد عمل مديرًا عامًا لصندوق الأوبك للتنمية فى فيينا، مما مهد له سُبل النجاح فى إقناع دول الأوبك العربية بتفعيل صندوق للتنمية.

بالإضافة إلى الدكتور وحيد رأفت، أستاذ القانون الدولى والذى عاصر أول أزمة دستورية فى الكويت فى ديسمبر عام ١٩٦٤، عقب استقالة الوزارة التى كان يرأسها الشيخ صباح السالم الصباح، وهى أول تجربة دستورية يخوضها له فيها رأى خاص، وأُسندت إليه مهمة إنشاء إدارة الفتوى والتشريع بالكويت وتولى رئاستها عام ١٩٦٤.

كل الأسماء السالف ذكرها مجرد نقطة فى بحر الإنجازات التى قدمها العديد من المصريين فى مجال التشريع القانونى والدستورى بشتى الدول العربية.

مقالات مشابهة

  • هزاع بن زايد: التواصل مع أبناء الوطن ترسيخ لقيم التلاحم التي يتحلى بها المجتمع الإماراتي
  • ليبيا.. المنفي يدعو لانتخابات وطنية بالعام المقبل
  • المنفي: التجربة الناجحة للانتخابات البلدية تحفّزنا لإجراء انتخابات وطنية
  • عمار يا مصر | كريم وزيري يكتب: جيشنا شعب.. وشعبنا جيش
  • عمار يا مصر | أحمد عبد الجليل يكتب: دساتير الوطن العربى أصلها مصرى
  • خبير استراتيجي: الجماعات المسلحة بسوريا لا تستطيع بناء دولة ومؤسسات قوية
  • سافروا خصيصًا لاسقبال الرئيس .. ملحمة وطنية لأبناء الجاليات المصرية بأوروبا في حب الوطن
  • كريم وزيري يكتب.. سلام سلاح
  • المصرية لـ حقوق الإنسان: مصر هدمت السجون القديمة التي لم تكن آدمية