قد يكون من المبكر الحكم على مأثرة سقوط نظام البعث في سوريا، سواء أكان سلبيًا أم إيجابيًا. ومن المبكر أيضًا معرفة ما ستكون عليه الوضعية الجديدة للدولة السورية، التي لم تعرف على مدى نصف قرن سوى حكم آلـ الأسد، بسلبياته وإيجابياته. وهاتان الصفتان المتلازمتان لحكم نظام البعث يبقى النظر إليهما من منظار النسبية أجدى من أي أمر آخر، وبالأخص بالنسبة إلى اللبنانيين الذين تعاطوا مع هذا النظام طيلة هذه الفترة العصيبة من عمر الوطن بدرجات متفاوتة تراوحت بين التحالف والخصومة.

ومن المفيد كتابة تاريخ لبنان في خلال حقبة التأثير السوري على الداخل اللبناني بعقل بارد، وبعيدًا عن الانفعالات الغرائزية، على رغم ما تخفي هذه الانفعالات من شعور دفين لدى فئة واسعة من اللبنانيين، الذين وقفوا خلف المثلث الرحمات البطريرك صفير، الذي كان من أشدّ المعارضين للتدخلات السورية في الشأن اللبناني.     لكن ما يخشاه البعض هو "تضييع" وجهة البوصلة في كيفية التعاطي مع هذا السقوط من قبل الذين رفضوا التعاطي مع نظام البعث بأي شكل من أشكال التعاطي. وهذه الخشية مصدرها ما سبق أن مرّت به قوى الرابع عشر من آذار على أثر الانسحاب السوري من لبنان في العام 2005 من اختلال في الأوزان والأحجام مقابل تصاعد نفوذ محور الثامن من آذار، والذي توج بانتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية بعدما وقع كل من "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" ورقة تفاهم "مار مخايل"، والتي أمنّ "التيار" من خلالها "الحاضنة المسيحية" لمشروعية سلاح "المقاومة الإسلامية"، وخاصة إبان حرب تموز، وضمنت من جهة أخرى "الرئاسة" لعون، وإن تأخر هذا الالتزام من قِبل "حزب الله" بعض الوقت.   واستنادًا إلى هذه التجربة الفاشلة في التعاطي مع الانسحاب السوري في العام 2005 من قبل قوى الرابع عشر من آذار فإن "المعارضة" اليوم، وعلى رأسها "القوات اللبنانية" باعتبارها أكبر كتلة برلمانية، ستأخذ وقتها للتفاعل السياسي مع ظاهرة هذا السقوط، وإن سبق ذلك بعض التعبير الانفعالي العفوي كردّة فعل أولية على هذا الحدث الأهم في تاريخ العلاقات اللبنانية – السورية. وقد يكون من بين ثمار هذا التمهل في الحكم على هذا الحدث الجلل السعي إلى التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي ومع جلسة التاسع من الشهر المقبل بمرشح أو أكثر يكونون على مستوى هذه التطورات على الساحتين اللبنانية والسورية، مع ما يتطلبه الظرف الاستثنائي من وضوح في الرؤية من مختلف جوانبها السياسية والأمنية والاقتصادية. ومن المرجح أن تتبلور الصورة الكاملة المتطابقة بالنسبة إلى تطابق المواصفات، التي باتت معروفة من الجميع، مع عدد من المرشحين بعد غربلة الأسماء وإنضاج الظروف الملائمة لحصول من يتم التوافق عليه على أكثر من 86 صوتًا في الدورات المفتوحة في جلسة 9 كانون الثاني.
وبالتوازي، نشط سفراء "المجموعة الخماسية" قبل أقل من شهر من موعد الجلسة الانتخابية بهدف إطلاق زخم جديد يترافق مع وقف النار وبدء تنفيذ القرار الدولي 1701 والاحداث المتسارعة في سوريا. وبداية هذا التحرك كانت من عين التينة، حيث لمسوا إصرار الرئيس نبيه بري على ألا يخرج النواب من جلسة التاسع من كانون الثاني قبل تصاعد الدخان الأبيض من مدخنتها على غرار ما يحصل في انتخاب البابوات.   وفي المحصلة فإن مرحلة اسقاط المواصفات على الأسماء المحتملة لم يحن أوانها بعد على حدّ ما تقوله مصادر متابعة لحركة الاتصالات الجارية على أكثر من خطّ، على أن تبقى الأنظار مشدودة إلى ما يمكن أن يكون عليه مآل ما يقوم به بعض الأصدقاء المشتركين بين عين التينة ومعراب من جهود لتضييق مساحة التباينات في وجهات النظر. وإذا لم يتمّ التوافق المبدئي على اسم الرئيس قريبًا فإن الجلسة التي تحمل الرقم 13 لن يُكتب لها النجاح المطلوب.    المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: التعاطی مع

إقرأ أيضاً:

رسالة إسرائيليّة عاجلة إلى اللبنانيين: تمّ تمديد فترة تطبيق الاتفاق

كتب المتحدث باسم جيش العدوّ الإسرائيليّ أفيخاي أدرعي عبر حسابه على "إكس":   "إعلان عاجل إلى سكان لبنان وخاصة الجنوب اللبناني! تم تمديد فترة تطبيق الاتفاق ولا يزال الجيش الإسرائيلي منتشرًا في الميدان ولذلك يمنع الانتقال جنوبًا".    وأضاف: "الجيش الإسرائيلي لا ينوي المساس بكم. من أجل سلامتكم يحظر عليكم العودة إلى منازلكم في المناطق المعنية حتى إشعار آخر. كل من يتحرك جنوبًا يعرض نفسه للخطر".    

مقالات مشابهة

  • سقوط الأسد يغيّر الأولويات: تريث وصمت حيال الوجود الأمريكي بالعراق
  • ما دوافع فرنسا للعودة إلى المشهد السوري بعد سقوط الأسد؟
  • ما دوافع فرنسا من العودة إلى المشهد السوري بعد سقوط الأسد؟
  • بريطانيا تعتزم تعديل نظام العقوبات المفروضة على سوريا بعد سقوط الأسد
  • أول صورة لعصام صاصا مع زوجته في منزله بعد قضاء 6 أشهر في قضية التعاطي
  • رئيس مياه الفيوم يتابع جاهزية أول محطة صرف صحي تعمل بالطاقة الشمسية
  • بفيديو مصور.. حافظ الأسد يتحدث لأول مرة منذ سقوط النظام
  • بالفيديو.. رسالة من الحريري إلى اللبنانيين من دار الفتوى
  • رسالة إسرائيليّة عاجلة إلى اللبنانيين: تمّ تمديد فترة تطبيق الاتفاق
  • الشيباني: كان يجب رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بعد سقوط الأسد