موقع 24:
2025-03-26@08:20:09 GMT

هل تعلّم الجولاني من دروسَ العراق؟

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

هل تعلّم الجولاني من دروسَ العراق؟

تناول مايكل إيفانز، الكاتب الصحافي المتخصص في الشؤون الدفاعية والعسكرية، كيفية استخدام أبو محمد الجولاني، زعيم "هيئة تحرير الشام"، دروساً من التاريخ الحديث لفرض سيطرته على دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد.

أوجدت تصرفات الجولاني فرصة للمشاركة، لكن الشكوك في نواياه ما تزال عالية

وسلط إيفانز الضوء على النهج البراغماتي الذي يتبناه الجولاني في الحكم، وقارنه بخطوات قديمة خاطئة مثل قرار اجتثاث حزب البعث الذي أقدمت عليه الولايات المتحدة في العراق في 2003، والذي كانت له عواقب وخيمة.

نهج مدروس للحكم

وقال الكاتب في مقاله بموقع مجلة "سبكتاتور" البريطانية إن الجولاني، الذي يفضل الآن اسمه الحقيقي أحمد الشرع، فاجأ الكثيرين باختياره عدم تفكيك الهياكل المؤسسية للدولة السورية عند توليه السلطة. وبدلاً من تنفيذ تطهير شامل للخدمة المدنية التي دعمت سلالة الأسد التي استمرت 53 عاماً، دعا إلى استمرارية العمليات الحكومية. ودُعي الموظفون المدنيون إلى البقاء في مناصبهم لضمان الاستقرار والوظائف خلال هذه المرحلة الانتقالية الحرجة.
وعقد الكاتب مقارنة بين قرارات الجولاني والسياسات المثيرة للجدل التي تم إقرارها في العراق بعد سقوط صدام حسين. في عام 2003، نفذ بول بريمر، المسؤول الأمريكي في العراق بعد الحرب، سياسة شاملة لاجتثاث البعث، فقام بتفكيك الخدمة المدنية وحل الجيش العراقي.

'Provided pragmatism wins and ideology is contained, the lessons of the past in Iraq and Libya will guide the new Syrian leaders, as the world comes to terms with the downfall of what foreign secretary David Lammy called ‘a monster’.'

✍️ Michael Evans https://t.co/FkrcwQQe9R

— The Spectator (@spectator) December 11, 2024

وقد أدى هذا إلى خلق فراغ هائل في السلطة، مما أدى إلى الفوضى والبطالة على نطاق واسع، وعزل جزء كبير من السكان العراقيين. وأصبح البعثيون السابقون الساخطون والجنود المسرحون أرضا خصبة للتمرد، مما مهد الطريق لصعود جماعات متطرفة مثل داعش.
اختار الجولاني، الحريص على تجنب هذه الأخطاء، استراتيجية أكثر دقة. وفي حين يخطط لمقاضاة المسؤولين العسكريين والأمنيين المتورطين في جرائم حرب، بما يتماشى مع إطار قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، فإنه يؤكد على الحفاظ على الآلية الإدارية الأوسع سليمة. ويعمل هذا النهج البراغماتي على التخفيف من مخاطر السخط الجماعي والانهيار المؤسسي خلال فترة متقلبة من التغيير السياسي.


التعلم من أخطاء العراق

وأكد الكاتب أهمية الدروس التاريخية في تشكيل سياسات الجولاني. وتوفر لنا عواقب الغزو الأمريكي للعراق قصة تحذيرية. فعلى الرغم من تحذيرات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وقادة الجيش الأمريكي، أدى قرار بريمر بطرد كبار البعثيين وحل القوات المسلحة لصدام إلى شل أجهزة الحكم والأمن في العراق. وأدى عدم الاستقرار الناتج عن ذلك إلى سنوات من التمرد والعنف الطائفي وظهور تنظيم "داعش"، مع عواقب مدمرة على المنطقة.
في لحظة ثاقبة قبل غزو عام 2003، تصور اللواء البريطاني روبن بريِمز، قائد الفرقة المدرعة البريطانية الأولى، نهجاً مختلفاً. واقترح أن الجنود العراقيين غير الراغبين في القتال يمكنهم البقاء في ثكناتهم، مما يساهم في استقرار العراق بعد الحرب. لكن هذه الرؤية تم تجاهلها، وبدلاً من ذلك اتبع التحالف سياسات أدت إلى تنفير قطاعات رئيسة من المجتمع العراقي.
وقال الكاتب إن الجولاني ربما استوعب هذه الدروس، وأدرك أهمية الحفاظ على جهاز الدولة العامل لتجنب فوضى مماثلة.


تحديات وفرص

في دمشق، قد يخشى العديد من الموظفين الحكوميين الموالين للأسد الانتقام ويترددون في العودة إلى العمل. ومع ذلك، فإن تأكيدات الجولاني على الاستمرارية قد تشجعهم على استئناف أدوارهم. وفي الوقت نفسه، فإن السعي إلى تحقيق العدالة ضد أقرب حلفاء الأسد يعكس الحملة الأمريكية للقبض على شخصيات رئيسية من نظام صدام. وسيكون هذا التوازن الدقيق ــ محاسبة الأفراد على الفظائع مع الحفاظ على سلامة المؤسسات ــ حاسماً في تحديد استقرار سوريا في المستقبل.
وسلط إيفانز الضوء على الآثار الأوسع نطاقاً لأفعال الجولاني. إن الفترة الانتقالية في دمشق تقدم فرصة محورية للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتشكيل مسار سوريا. ويتعين على الدول العربية والقوى الغربية وإسرائيل أن تبحر في هذه اللحظة بعناية، وأن تزن إمكانات التعاون مع القيادة الجديدة في مواجهة مخاطر تجدد الصراع. بالإضافة إلى ذلك، فإن سقوط الأسد له عواقب بعيدة المدى على داعميه، روسيا وإيران، اللتين أصبح نفوذهما في سوريا الآن مهدداً.


براغماتية مقابل أيديولوجيا

وأضاف الكاتب أن براغماتية الجولاني لا تمحو ماضيه النضالي أو ميوله الأيديولوجية. وفي حين نال نهجه موافقة حذرة من بعض الأوساط، فما زال من غير الواضح ما إذا كان قادراً على الحفاظ على هذا التوازن بين الحكم العملي والالتزام الأيديولوجي؛ فالاستقرار في الأراضي التي كانت تحت سيطرة الأسد سابقاً ستتوقف على قدرة الجولاني على قمع الاتجاهات المتطرفة داخل صفوفه مع تعزيز الثقة بين الشعب السوري.

Cautiously optimistic and useful take on #Syria by @MikeEvansTimes in the @spectator: if al-Shar’a has learned the lessons of Iraq, then at least someone has. Hope for the best and prepare for the worst, as usual in international politics.https://t.co/qZOSjc9bXs

— Eliot Wilson (@EliotWilson2) December 11, 2024

وتابع الكاتب "المجتمع الدولي يواجه أيضاً منعطفاً حاسماً. أوجدت تصرفات الجولاني فرصة للمشاركة، لكن الشكوك في نواياه ما تزال عالية".
ولفت إيفانز النظر إلى أن الاستجابة العالمية ستلعب دوراً حاسماً في تشكيل مستقبل سوريا. وإذا سادت البراغماتية وتم احتواء التطرف الأيديولوجي، فهناك إمكانية للتقدم. ومع ذلك، فإن الفشل في اغتنام هذه اللحظة قد يدفع سوريا إلى المزيد من الاضطرابات.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "في حال تمكن الجولاني من الوفاء بالتزامه بالاستقرار والمساءلة، فقد تصبح دمشق رمزاً للصمود في مواجهة عقود من الاستبداد. وعلى العكس من ذلك، إذا تغلبت الأيديولوجية على البراغماتية، فقد تصبح سوريا قصة تحذير أخرى في سجلات تاريخ الشرق الأوسط".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الحفاظ على فی العراق

إقرأ أيضاً:

نجم الجبهة

لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمينها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.

والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم "الجبهة"، وهو أحد ألمع النجوم في كوكبة الأسد، ولقد سمي بالجبهة لأنه يقع في رأس هذه الكوكبة التي تخيلها العرب على شكل أسد، وهو في حقيقة الأمر ليس نجما مفردا وإنما نظام ثنائي مكوّن من نجمين يدوران حول بعضهما، وكلاهما من النوع العملاق البرتقالي.

يبدأ ظهوره في سماء سلطنة عمان، خلال أواخر فصل الشتاء وبداية الربيع، ويظل مرئيًا حتى منتصف الصيف، ويمكن رصده بعد غروب الشمس في الجهة الشرقية، حيث يرتفع تدريجيًا نحو السماء الجنوبية الشرقية مع تقدم الليل، وفي شهر مارس، يكون "الجبهة" مرئيًا بوضوح بعد الساعة 8 مساءً، ويصل إلى أعلى نقطة له في السماء حوالي منتصف الليل.

في التراث العربي، كان نجم "الجبهة" يُعتبر أحد منازل القمر ويُستخدم في التقويمات الزراعية لتحديد أوقات الزراعة والحصاد، ودخول "نوء الجبهة" كان يشير إلى بداية فصل الخريف وفقًا لحساب النجوم، حيث تتغير الظروف المناخية وتبدأ درجات الحرارة في الانخفاض، مما يؤثر على الأنشطة الزراعية، وقد ذكر القلقشندي في موسوعته المشهورة "صبح الأعشى في صناعة الإنشا" أن هذا النوء هو سبع ليال، ومما ذكره القلقشندي أيضا عن نوء "الجبهة" قال: "ثلاثة كواكب نيرة قد عدل أوسطها إلى الشرق، فهي لذلك على شكل مثلّث مستطيل القاعدة قصير الساقين، وإلى الجنوب عنها نجم أحمر مضيء جدّا يسمّى قلب الأسد يرسمه المنجمون في الاسطرلاب ، وأصحاب الصور يجعلون الجبهة على كتف الأسد".

وإذا أتينا إلى ذكر هذا النجم في أشعار العرب نجد أن كثيرا منهم ذكروه مرة مقترنا بكوكبة الأسد فيقولون "جبهة الأسد"، ومرة قرنوه مع النجوم الأخرى في السماء المرتبطة بالرفعة والعلو، فقد ورد في المنظومة الفلكية للملاح العماني أحمد بن ماجد فقال:

وجَبهةٌ وزُبرَةٌ والصرفه

ما في صفاتي قطُ لك حرفه

وبعدَهَا العَوَّاءُ والسمَاك

هُم آخرُ الشاميَّةِ الزواكي

ونجد الأديب العماني المبرد يذكر هذا النجم في قصيدة له من بحر الهزج فيقول:

وَخَبِّرني عَنِ السبت

وَسعمِ الحُرَّةِ الخَيفَق

وَما الجَبهَةِ في الكَوك

بِ ذي الرَجراجَةِ الفَيلَق

كما نجد للشاعر الأموي الكميت بن زيد الأسدي بيتا شعريا يقرن هذا النجم بكوكبة الأسد فقال:

بَانَتْ لَهُ الْعَقْرَبُ الْأُولَى بِشَرَّتِهَا

وَبلَّهُ مَعْ طُلُوعِ الْجَبْهَةِ الْأَسَدُ

وقد ذكر الأديب البارع أسامة بن منقذ الذي عاش في العصر الأيوبي في كتابه "المنازل والديار" أربعة أبيات للشاعر حفص الأموي يقول فيها:

يا ربع أين انتجع الحاضرُ

جادك نوء الجبهة الماطرُ

مالي أرى مغناك قفراً كأن

لم يلهُ في ساحته سامر

وهذا الفيلسوف محيي الدين بن عربي قد أورد ذكر هذا النجم في إحدى قصائده فقال:

نثرةُ الذابحِ للطرفِ رات

بلعاً يشكو كمينَ الحُرَق

جبهةُ السعد إذا ما زَبَرَتْ

علمها وسط خباءٍ أزرق

ونجد الشاعر ابن أبي حصينة الذي عاش في العصر الفاطمي يذكر هذا النجم فيقول:

فَلا الرَفدُ مَمنُوعٌ وَلا العَهدُ حائِلٌ

وَلا الفِعلُ مَذمُومٌ وَلا المَدحُ مَكذُوبُ

وَطالَت فَنالَت جَبهَةَ النَجمِ أُسرَةٌ

لَها نَسبٌ في الصالِحيِّينَ مَنسُوبُ

كما أن الشاعر أحمد بن شاهين القبرسي الذي عاش في العصر العثماني يذكر هذا النجم فيقول:

عجبت للشمس إذ حلَّت مؤثِّرةً

في جبهةٍ لم أخلها قطُّ في البشرِ

وإنما الجبهة الغرَّاء منزلةٌ

مختصةٌ في ذرى الأفلاك بالقمرِ

وإذا أتينا إلى الشعراء في العصر الحديث فنجد الكثير منهم ذكر هذا النجم، فهذا الشاعر اللبناني مصطفى الغلاييني يقول في نجم "الجبهة":

فَدانَتْ وكانت جَبْهَةَ اللَّيْثَِ مَنْعَةً

يُحَسدُها العَيُّوقُ يُخْفِقُ طالِبُه

أَتاهُمْ وَجَوُّ الأَمْرِ كاللَّيلِ مُظْلِمٌ

فَرَوَّعَهُمْ والخُلْفُ دَبَّت عَقارِبُه

مقالات مشابهة

  • الشرع وحده لا يكفي.. ماذا ينتظر سوريا؟
  • بينهم عراقيون.. سوريا تنوي سحب الجنسية من أجانب قاتلوا لمصلحة الأسد
  • مطران بنها: الصوم مدرسة لتقويم السلوك وضبط النفس
  • وفاة زوجة الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين.. والعزاء بعمر مكرم
  • دروس في التعليم
  • انقطاع الإنترنت في جميع أنحاء سوريا
  • نجم الجبهة
  • معرض يكشف موهبة الكاتب الكبير فيكتور هوغو في الرسم
  • مليون لاجئ عادوا إلى سوريا منذ بداية 2025.. تحديات الحاضر ومفارقات الماضي
  • الخروج من الحلقة الجهنمية من أهم دروس الانتفاضة