من غانا إلى بوتسوانا.. لماذا يتخلص ناخبو أفريقيا من الأحزاب الحاكمة؟
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
نشر موقع الجزيرة الإنجليزية تقريرا عن التحولات السياسية في القارة الأفريقية، حيث سجلت عدة بلدان عمليات نقل كاملة للسلطة بينما حققت جماعات المعارضة انتصارات كبيرة في بلدان أخرى.
في العاصمة الغانية أكرا ملأت أغاني النصر الأجواء يوم الاثنين حيث نزل أنصار حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي للشوارع للاحتفال بفوز مرشحهم الرئيس السابق جون دراماني ماهاما في انتخابات ستجعله مرة أخرى رئيسا للدولة الواقعة في غرب أفريقيا.
وزينت ألوان الحزب من الأحمر والأبيض والأسود أنصاره، صغارا وكبارا، ودوى صفير المزامير، وقرع الطبول في المكان، وعانق الناس بعضهم بعضا ورقصوا أمام مقر المؤتمر الوطني الديمقراطي في حي أدبراكا في أكرا.
لم تكن فرحتهم مفاجئة، فقد كان انتصار ماهاما على نائب الرئيس ماهامودو باوميا، مرشح الحزب الوطني الجديد الحاكم، كاملا بشكل مذهل، إذ كان الخبراء يتوقعون نتائج متقاربة جدا، وربما حتى جولة إعادة، لكن ماهاما فاز بشكل كاسح وغير مسبوق.
ولأول مرة في البلاد، ظهر فائز واضح في غضون ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع يوم الأحد. وبحلول الليل، اعترف باوميا، الذي كان الفارق بينه وبين ماهاما 1.6 مليون صوت، بالهزيمة.
إعلان فجوة لا سابق لهاوقال الباحث إيمانويل يبواه من مركز غانا للتنمية الديمقراطية لقناة الجزيرة "لم نشهد مثل هذه الفجوة الهائلة من قبل في أي انتخابات منذ عام 1992 لأن المتنافسين في انتخابات غانا عادة ما يكونون متقاربين".
وكانت المشاهد في أكرا تتويجا لسنة انتخابية مفاجئة في جميع أنحاء القارة الأفريقية، أحدثت خلالها حركات المعارضة تغييرات كبيرة، إما طرد الأحزاب الحالية تماما من السلطة أو تخفيف قبضتها بشكل كبير.
ومن بين حوالي 12 انتخابات عامة، سجلت 4 دول (غانا وبوتسوانا وموريشيوس والسنغال) إلى جانب منطقة أرض الصومال الانفصالية ذاتية الحكم، عمليات نقل كامل للسلطة. وشهد اثنان آخران (جنوب أفريقيا وناميبيا) مكاسب كبيرة للمعارضة.
ويقول الخبراء إنهم لاحظوا في الانتخابات بجميع البلدان الأفريقية أن الناخبين لديهم نفس القضايا.
امرأة تدلي بصوتها في انتخابات الرئاسة والجمعية الوطنية في ويندهوك، ناميبيا، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 (رويترز) معاقبة الأحزاب الحاكمةوقال غراهام هوبوود، المدير التنفيذي لمعهد أبحاث السياسة العامة ومقره ناميبيا، لقناة الجزيرة "هناك شعور بأن الناخبين يريدون معاقبة الأحزاب الحاكمة لفشلها في تعزيز الاقتصادات وخلق فرص العمل ومحاربة الفساد". وفي بعض الحالات، لعبت جماعات المعارضة على هذه الإخفاقات في حملاتها.
وفي غانا، أثبت التضخم المرتفع -لم يحدث مثيل له منذ عقد من الزمان- والفساد، والتدهور البيئي الحاد الناجم عن التعدين غير القانوني، أنها نواقيس الموت النهائي لحكومة الحزب الوطني الجديد الحاكمة بقيادة الرئيس نانا أكوفو أدو.
وقام حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي المعارض في غانا بحملة حول إخفاقات الحكومة، لكن في النهاية كان الإقبال المنخفض لمؤيدي الحزب الحاكم هو الذي أضر به، مما يعكس بشكل مناسب مدى خذلانه للغانيين.
إعلانوقال إيمانويل يبواه إن نسبة إقبال الناخبين يوم الأحد بلغت 60% فقط لأن العديد من مؤيدي الحزب الوطني الجديد، الذين يشعرون بالإحباط من الحكومة ويفتقرون إلى الثقة في المعارضة، لم يدلوا بأصواتهم.
وأضاف "اعتقد قادة الحزب الوطني الجديد الحاكم أنهم سيحصلون على المزيد من الأصوات بسبب سياستهم في مجانية التعليم بالمدارس الثانوية ولكن في النهاية، عوقبوا"، في إشارة إلى سياسة 2017 التاريخية لحكومة أكوفو-أدو التي جعلت التعليم الثانوي العالي مجانيا للجميع.
تحولات زلزالية بجنوب القارةوحدثت بعض التحولات الزلزالية في منطقة الجنوب الأفريقي حيث أصبحت أحزاب التحرير، التي كانت محبوبة في السابق لإنهاء الاستعمار أو الفصل العنصري، تفقد شعبيتها بشكل متزايد، لا سيما بين الناخبين الشباب.
وقال هوبوود إن ذلك يعود إلى أن الشباب لم يعيشوا هذا التاريخ، وبالتالي، يفتقرون إلى الشعور بالحنين إلى الماضي الذي جعل هذه الأحزاب قائمة.
وتقدمت جنوب أفريقيا الجميع بتعرضها لأول صدمة في أوائل يونيو/حزيران عندما خسر المؤتمر الوطني الأفريقي أغلبيته البرلمانية للمرة الأولى منذ 30 عاما.
ويواجه الحزب، الذي كان ينظر إليه في السابق على أنه منارة للأمل في بدء الديمقراطية بعد الفصل العنصري، انتقادات بسبب الانكماش الاقتصادي الحاد في جنوب أفريقيا الذي جعل العملاق القاري بلدا يعاني من الفقر والبطالة وانقطاع التيار الكهربائي المحرج.
وأدت المعارك الداخلية بين الرئيس سيريل رامافوزا وسلفه الرئيس السابق جاكوب زوما إلى تقسيم قاعدة الدعم التقليدية. وانخفضت أصوات حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، التي انخفضت بشكل مطرد في الانتخابات الأخيرة، إلى 40% هذه المرة، أي أقل من العدد المطلوب لتشكيل حكومة، مما أجبر الحزب، الذي أصابه الشلل، على تشكيل "حكومة وحدة" تاريخية مع حزب التحالف الديمقراطي المعارض و6 آخرين.
إعلان نهاية بأغلبية ساحقةوكانت الخسارة أكبر لحزب بوتسوانا الديمقراطي المهيمن في بوتسوانا في نوفمبر/تشرين الثاني، والذي حكم البلاد منذ الاستقلال في عام 1966.
وحرمت حركات المعارضة، التي تجمعت تحت مظلة التغيير الديمقراطي ويقودها المحامي دوما بوكو، الرئيس موكغويتسي ماسيسي من ولاية ثانية وأنهت هيمنة حزب بوتسوانا الديمقراطي التي استمرت 58 عاما بأغلبية ساحقة.
وحصل الحزب، الذي انتقده الناخبون بسبب تراجع اقتصاد الماس، على 4 مقاعد فقط، بانخفاض عن 38 مقعدا سابقا في البرلمان المكون من 69 مقعدا.
وفي أماكن أخرى من القارة، ثبت أن غضب الشباب من الفساد أمر محوري، بالإضافة إلى الغضب من شح الوظائف وتدهور الاقتصاد.
وفي استطلاعات الرأي في السنغال في مارس/آذار الماضي، أدت محاولات الرئيس السابق ماكي سال للترشح لولاية ثالثة غير دستورية إلى احتجاجات عنيفة أدت إلى صعود "حزب باستيف" بزعامة الرئيس باسيرو فاي وفوزه بالانتخابات.
كذلك، كان الغضب يتصاعد منذ جائحة "كوفيد -19" عندما سجلت العديد من البلدان فضائح اختلاس.
الفساد المتزايدوفي استطلاعات الرأي التي أجريت في موريشيوس في نوفمبر/تشرين الثاني، تسبب بطش الحكومة وزيادة مستويات الفساد في نهاية الزعيم السابق برافيند كومار جوغنوث.
ففي عام 2022، وجد تقرير مؤشر التحول الصادر عن مؤسسة بيرتلسمان البحثية أن الفساد المتزايد في البلاد، التي كان ينظر إليها في السابق على أنها تتمتع بالشفافية، تفاقم خلال الوباء.
واستغل المسؤولون الثغرات في الشراء الطارئ للإمدادات الطبية. وتفاقمت حالة عدم الثقة في الحكومة هذا العام بعد ظهور مزاعم متفجرة بعمليات تنصت على المكالمات الهاتفية من قبل عملاء حكوميين.
يقول يبواه "ليس في أفريقيا فقط، إذا نظرت إلى معظم الحكومات التي مرت بالوباء، فإن معظمها لم ينج من إعادة الانتخابات، بما في ذلك في الولايات المتحدة".
إعلانوشهدت بعض البلدان تحولات صغرى ولكن لا تقل أهمية. كانت المعارضة في ناميبيا أقل تنظيما لكنها تمكنت من تقويض سيطرة حزب سوابو الحاكم (منظمة شعب جنوب غرب أفريقيا) في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي المتنازع عليها.
ومثل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا، كان الحزب في السلطة منذ الاستقلال في عام 1990، فعلى الرغم من فوز نائب الرئيس نيتومبو ناندي نديتواه في استطلاعات الرأي في شهر الانتخابات، فإن سوابو خسر 12 مقعدا في البرلمان وهو الآن حاصل على أغلبية تبلغ 51 مقعدا من 96 مقعدا.
وفي الوقت نفسه، في موزمبيق، يتعرض حزب فريليمو الحاكم، الذي وصل إلى السلطة في عام 1975 بعد خوض حرب استقلال ناجحة ضد البرتغال، لانتقادات.
خرج الشباب المؤيدون لمرشح المعارضة المستقل فينانسيو موندلين إلى الشوارع منذ الانتخابات المتنازع عليها بشدة في أكتوبر/تشرين الأول والتي شهدت فوز مرشح فريليمو دانيال تشابو. وأطلقت الشرطة النار على عشرات المحتجين.
الدروس المستفادةيقول الخبراء إن فوز المعارضة التاريخي في القارة يدل على أن المؤسسات الديمقراطية في العديد من البلدان الأفريقية أصبحت قوية بشكل متزايد وأن إرادة الشعب تحظى بالاحترام.
يعلق يبواه قائلا "المواطنون يزدادون استنارة يوما بعد يوم ويصوتون بغض النظر عن الانتماءات العرقية أو الدينية، على عكس ما كان عليه الحال من قبل".
هذا تحسن كبير في قارة كانت فيها الدول، حتى عام 1960، تحت الحكم الاستعماري، وكان عليها بناء مؤسسات ديمقراطية من الصفر. وتجري عدة دول، حتى الآن، انتخابات غير مصنفة على أنها حرة أو نزيهة، وحدثت موجة من الانقلابات العسكرية في غرب ووسط أفريقيا بين عامي 2022 و2023.
واحتفظ الرئيس إدريس ديبي بالسلطة في تشاد بعد فوزه بأكثر من 60% من الأصوات في مايو/أيار، مما مدد حكم عائلته الذي دام 30 عاما. كما حقق الرئيس الرواندي بول كاغامي فوزا سهلا بنسبة 99% من الأصوات في يوليو/تموز.
إعلان توقعات بمزيد من التحولاتوبالعودة إلى غانا حيث لا يزال أنصار المعارضة في المؤتمر الوطني الديمقراطي يستمتعون بتوهجهم الجديد، وذلك بفضل إحصاء استطلاعات الرأي السلمي وسرعة باوميا في التنازل وتجنب العنف، يقول يبواه إن انتخابات البلاد، إلى جانب موجة المعارضة الجارية في جميع أنحاء القارة، من المحتمل أن تكون مؤشرات لمزيد من التحولات غير المتوقعة العام المقبل.
وقال يبواه عن الهزيمة المدوية للحزب الوطني الجديد في غانا "هذا درس للحكومات الأفريقية، يتعين على حكوماتنا أن تعلم أنه لا يمكنك فقط وضع سياسة واحدة وتعتقد أنها ستجذب جميع الناخبين. أصبح المواطنون الآن أذكياء للغاية، فهم يعرفون أن أي حكومة تسيء التصرف يجب أن تعاقب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المؤتمر الوطنی الدیمقراطی الحزب الوطنی الجدید نوفمبر تشرین الثانی حزب المؤتمر الوطنی استطلاعات الرأی جنوب أفریقیا فی انتخابات على أن فی عام
إقرأ أيضاً:
تضامناً مع الشعب السوري ضد العدوان الصهيوني .. الأحزاب الشيوعية العربية تصدر بياناً مشتركاً ..
شبكة انباء العراق ..
أصدرت الاحزاب الشيوعية في البلدان العربية بياناً تضامنياً مع الشعب السوري ضد العدوان الصهيوني الذي طال االمواقع العسكرية والمدنية السورية، اليكم نص البيان الذي تلقى وكالة ( العراق اليوم) نسخة منه:
تتزايد المخاطر المحدقة بسوريا مع التصعيد الخطير في الهجمات العدوانية التي يشنها الكيان الصهيوني مستهدفاً عشرات المواقع العسكرية في أرجاء البلاد، وتوغل قواته في محيط الجولان المحتل، والغاء اتفاقية وقف النار لعام 1974، واعلان نيته فرض السيطرة على مناطق حدودية واسعة، مستغلاَ الأوضاع البالغة الصعوبة والتعقيد، وخصوصاَ في الجانب المعيشي والاقتصادي، التي يواجهها الشعب السوري الشقيق.
ويهدف هذا العدوان المتواصل، وسط صمت عربي ودولي مشين، وصمت من تولوا زمام الأمور في سوريا، إلى ضرب وتدمير قدراتها الدفاعية والعسكرية والبنى التحتية المرتبطة بها لإخراجها استراتيجيا من دائرة الصراع مع دولة الاحتلال والإرهاب الصهيوني، وفرض حالة تطبيع فعلي عليها، إضافة إلى لعب دور فاعل في تشكيل الواقع السياسي الجديد في سوريا، في ظل تدخلات خارجية سافرة وبدعم من الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وبتشجيع من حلف شمال الأطلسي العدواني، للإجهاز على قضية الشعب الفلسطيني، وتنفيذ المخططات الإمبريالية للهيمنة على المنطقة ومقدرات شعوبها، وفرض مشروع ما يسمى بـ”الشرق الأوسط الجديد”.
إن مواجهة هذه التحديات الكبرى والمخاطر الجسيمة ومخططات التوسع الصهيوني التي تهدد سوريا، تستوجب تكاتف قواها الوطنية والديمقراطية للتصدي لهذا العدوان الغاشم ومقاومته وإحباطه. واذ نؤكد على حق الشعب السوري في مقاومة الاحتلال الصهيوني، ندعو إلى تصعيد التضامن معه من قبل الأحزاب الشيوعية وكل قوى اليسار والتقدم والديمقراطية وقوى التحرر في المنطقة والعالم، لتمكينه من ممارسه حقه في تقرير شؤونه وخياراته الحرّة بعيدا عن التدخلات الخارجية.
كما نؤكد وقوفنا إلى جانب الشعب السوري في نضاله من أجل إرساء دعائم نظام حكم مدني ديمقراطي تعددي أساسه المواطنة، ويحقق الحرية والعدالة الاجتماعية وإعادة إعمار البلاد والتنمية الاقتصادية واستعادة السيادة الوطنية، مع ضرورة أن يقترن ذلك بمطالبة كافة القوى والدول باحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقلالها، وأن تعمل الأمم المتحدة على ضمان ذلك بإلزام حكام تل ابيب بتطبيق اتفاق وقف النار لعام 1974، ووقف عدوانهم على سوريا وسحب قواتهم الغازية منها فورا.
إن عدم وضع حد لهمجية دولة الاحتلال والإرهاب الصهيوني وخططها التوسعية، ووقف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وتمكينه من تقرير مصيره وممارسة حقوقه الوطنية، وخرقها الدائم للقانون الدولي وافلاتها المستمر من العقاب، وعدم وقف اعتداءاتها على لبنان وهجماتها العدوانية على سوريا، سيعرض العالم وبالأخص منطقة الشرق الأوسط إلى مخاطر استمرار تفجر النزاعات الإقليمية والدولية التي تهدد السلام العالمي ومستقبل البشرية.
13 كانون الأول (ديسمبر) 2024
الموقعون:
الحزب الشيوعي الأردني المنبر التقدمي البحريني الحزب الشيوعي السوري الموحد الحزب الشيوعي السوداني الحزب الشيوعي العراقي حزب الشعب الفلسطيني الحزب الشيوعي اللبناني الحزب الشيوعي المصري حزب التقدم والاشتراكية المغربي user