شر البلية ما يُضحك.. العراق ينصح ثوار سوريا
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
آخر تحديث: 15 دجنبر 2024 - 9:08 صبقلم:علي الكاش (لا تلتفتوا الى التهديدات الجوفاء والصراخ والعويل، واعلموا ان الكلاب التي تنبح لا تعض). تمهيد
مبارك على الشعب السوري والشعب العربي واحرار العالم على النصر المبين الذي تكلل بإنهاء حكم احد اكبر الطغاة في العالم، نسأل الله تعالى ان يديم نصركم الباهر، وتعيدوا سوريا الى الحضن العربي، وتندفع فيها عجلات التقدم والازدهار الى الإمام بسرعة تتساوى مع سرعة انجازاتكم في التحرير، اقرنوا اقوالكم المعتدلة والرائعة بأفعال وانجازات كبيرة، فالعالم كله ينظر اليكم بإعجاب وتقدير، فلا تخيبوا آمال الشعب السوري المظلوم، فقد كفاه من الخيبات، وآن له ان ينهض من كبوته، ويلتحق بالعالم المتقدم، وأنتم أهل لذلك، وكلنا نعلق الآمال على ثورتكم المباركة، وليخسأ من يظن العكس.
هذا مقال ساخر، الغرض منه جدي، عما يحدث في جاركم العراق، لتتبينوا بعض الحقائق التي لا نعتقد انها بعيدة عن نظركم السديد.
المقال
في اجتماع لأقطاب زعماء السنة في بيت السياسي العميل مثنى السامرائي وبحضور رئيس البرلمان العميل محمود المشهداني، والعميل سليم الجبوري، جاء في تصريح لهم مثير للغاية ” على الثورة السورية الاستفادة من التجربة العراقية، وكيفية مواجهة التحديات”، وهذا يعني ان تقوم الحكومة السورية الوليدة بنفس الإجراءات التي قامت بها الحكومة العراقية وابرزها:
ـ تقاسم سوريا بين الفصائل المحررة باعتبارها كيكة كما قالت النائبة حنان الفتلاوي في وصف ما حدث في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003.
ـ اجراء انتخابات مزورة، من يفوز لا يتسلم السلطة، كما جرى خلال فوز اياد علاوي، وتسلم الحكم نوري المالكي، وجميع من جاء من رؤساء حكومات كانوا خارج نتائج الانتخابات.
ـ تأسيس مؤسسة اجتثاث البعث وملاحقة البعثيين من خلال اغتيالهم واعدامهم واعتقالهم كما جرى في العراق، وتطبيق قاعدة حنان الفتلاوي الوطنية (اذا قتل سبعة من الشيعة اريد ان يقتل سبعة من السنة”.
ـ قتل واغتيال العلماء والقادة العسكرين والوزراء، واحلال عناصر الميليشيات مكانهم.
ـ قتل المتظاهرين من قبل الأجهزة الأمنية وتشويه سمعتهم، واعتقال كل من يطالب بحقوقه وحريته.
ـ سرقة البنوك كما فعل عادل عبد المهدي رئيس مجلس الوزراء الأسبق الذي سرق مصرف الزوية في بغداد، ونقل الأموال الى سيده عمار الحكيم.
ـ تطبيق نظام المحاصصة الطائفية، وتوزيع الوزارات على الأحزاب الحاكمة، وجعل منتسبي كل وزارة من طائفة الوزير، ومهمة الوزير خدمة وتمويل حزبه.
ـ منح المناصب العليا لمزدوجي للجنسية، مما يؤمن لهم الحماية بعد سرقاتهم فيعودوا الى موطنهم الثاني محملين بالملايين من الدولارات.
ـ تشكيل ميليشيات طائفية ذات عقيدة ترتبط بالخارج، مهمتها المحافظة على الأحزاب الحاكمة، وقتل واعتقال كل من يعارضها.
ـ تخصيص سجون سرية للأحزاب الحاكمة، كل حزب يحاكم كما يحلو به وفق العقيدة التي يؤمن بها كما فعل الإرهابي مقتدى الصدر صاحب ميليشيا جيش المهدي في إقامة (محاكم شرعية).
ـ تأسيس قواعد عسكرية إيرانية في عدة محافظات كما هو عليه الامر في جرف الصخر والعوجة، ومعسكر اشرف وغيرها.
ـ اغراق البلد بالمخدرات، وقصر تجارة المخدرات على الميليشيات الحاكمة، وحماية التجار من قبل الحكومة.
ـ تشجيع غسيل الأموال وتهريب الدولار الى ايران، وتسليم البنك المركزي السوري الى عميل إيراني.
ـ بناء مدارس الطين والكرفانات وجعل الدوام في المدارس ثلاث وجبات يوميا، وتشويه المناهج الدراسية.
ـ محاربة الزراعة والصناعة، وجعل البلاد مستوردة لكل الاحتياجات البشرية، وتهديد كل من يرغب بإقامة مصنع عام او خاص، كما قال وزير الصناعة العراقية ” منعوني من إعادة تعمير أي معمل”.
ـ تشكيل ما يسمى (شركة المهندس، المقبور أبو مهدي المهندس) وجعل جميع استثمارات البلد تتم عن طريقها.
ـ توزيع المنافذ البرية والبحرية على الأحزاب الحاكمة، وجعل المطارات تحت نفوذ الميليشيات.
ـ تأسيس مؤسسة السجناء السياسيين وتوزيع رواتب فلكية عبر ما يسمى بالخدمة الجهادية، فالجهاد ليس مجانا.
ـ استحداث قضية (رفحاء) وتخصيص رواب بالملايين، وقطع أراضي ومنح بالملايين، وعلاج مجاني ودراسة مجانية، وسفر على حساب الدولة لجميع النازحين عن البلد لأسباب سياسية او أخلاقية.
ـ جعل المرجعية الدينية المشرفة على كتابة الدستور وكتابة عبارة انها مقدسة، وهي التي تحدد كيفية ومتى التصويت عليه.
ـ جعل طلاب الكليات العسكرية والكليات الأمنية يؤدون قسم التخرج في المسجد الاموي، كما هو الامر في العراق (اداء القسم في النجف وكربلاء، العتبة الحسينية والعباسية)
ـ استحداث ما يسمى بالمخبر السري، وتشجيع القضاء على الأخذ بوشاية المخبر السري، واعطائه الحصانة من عدم حضور المحاكمة والادلاء بالشهادة او الكشف عن هويته.
ـ وصف المتظاهرون ضد السلطة بالذيول واللاطة، والطعن بأعراض النساء المتظاهرات واعتبارهن غير شريفات.
ـ السماح بأداء اللطميات داخل معسكرات التدريب باعتبارها شعائر مقدسة، ويشارك كبار الضباط سيما الركن باللطم .
ـ تأسيس ما يسمى بالحشد الشعبي، وجمع الميليشيات المسلحة تحت خيمة الحشد، وتخصيص المليارات لها على ان تكون خاضعة للولي الفقيه وليس القائد العام للقوات المسلحة السورية.
ـ قبول الشهادات المزورة ومعادلتها في وزارة التعليم العالي السورية، كما جرى في العراق (نعيم العبودي وزير التعليم العالي ميليشياوي بشهادة مزورة، وكذلك قاضي القضاة فائق زيدان وغالبية المسؤولين العراقيين).
ـ الاهتمام بالمشاريع الوهمية والتعامل مع شركات وهمية، وتشجيع الرشاوي والصفقات المشبوهة.
ـ تجريف المناطق الزراعية، والتغيير الديمغرافي، وتجنيس الأجانب من مواطني الدول الأخرى لتحقيق الأكثرية الطائفية.
ـ الاستعانة بمرجع ديني اجنبي يكون القائد الحقيقي للبلد ولكن من خلف الستار، يتحكم بمقدرات البلد كافة.
ـ ترك المشاريع الاستثمارية الكبرى والاهتمام بالمجسرات والمشجرات والجسور، وصرف المليارات عليها.
ـ تهميش الأقليات الاثنية والقومية وحرمانها من الامتيازات، وقصر المزايا على الطائفة الحاكمة.
ـ اعتبار العمالة للأجنبي المقياس الرئيس للكفاءة وتسلم المراكز الحساسة في الدولة للعملاء للأجنبي.
ـ جعل السلطة القضائية جحش للسلطة التنفيذية، تنفذ كل ما تطلبه بكل اذعان.
ـ تأسيس مزاد العملة من خلال الاستعانة بالبنوك الولائية لتهريب العملة الى الخارج.
ـ جعل البرلمان أشبه بسيرك يتبارى فيه المهرجين بفعالياتهم البهلوانية.
ـ جعل البلد متناسبا من الناحية السكانية مع الحاجة الاقتصادية حسب نظرية مالتوس من خلال جعل البلد يكتظ بالملايين من الارامل والايتام والمطلقات والعاطلين عن العمل.
ـ ادخال الأطفال الى سوق العمل وزيادة نسبة التجهيل من خلال تنمية الأمية والتهرب من الدراسة (9 ملايين أمي ومتهرب من الدراسة في العراق).
ـ السماح بزواج المتعة وابعاد الشباب عن الزواج، وتزويج القاصرات (9 سنوات) واجازة تفخيذ الرضيعة وسائر الملذات.
ـ اشغال الشعب بأزمة الكهرباء والماء الصالح للشرب وأزمة الوقود، وصرف المليارات من الدولارات على الكهرباء من خلال شركات وهمية وصفقات فاسدة.
ـ لا يعتبر التخابر مع دولة اجنبية او التجسس لصالحها كجريمة (الخيانة العظمى)، بل منحهم مناصب عليا في الدولة، تثمينا لعمالتهم الجهادية.
ـ زيادة المحرمات مثل أعياد الميلاد والحفلات الغنائية والمسرحيات، وزيادة المناسبات الطائفية والتشجيع على اللطم والضرب بالقامات والزناجير.
ـ جعل الأعياد الوطنية والدينية أربعة اشهر من السنة، والتأكيد على المناسبات الدينية الطائفية كعطل رسمية. (في العراق مجموع أيام العطل الرسمية في السنة = 118 يوماً).
ـ يكون اصدار مذكرات التوقيف على المسؤولين الفاسدين بعد ان يتأكد القضاء من هروبهم الى الخارج محملين بالمليارات، فتصدر احكام غيابية.
ـ رفع مستوى سطوة العشائر على مقاليد الحكم، وانشاء الدولة العميقة وتوسيع نطاق السلاح المنفلت، وضياع هيبة الدولة من خلال ادارتها من قبل الدولة العميقة.
ـ جعل الفاشونستات والبوكرات رديف للقيادة السياسية، وهذا جزء مهم من المنهج الديمقراطي.
ـ ان تسيطر دولة اجنبية على الاعلام الداخلي، أسس ” اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية عام 2007 كهيئة تابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيرانية التي يرأسها أحد الوزراء القلائل الذين يجب أن يحصلوا على موافقة المرشد الأعلى لكي يتولّى المنصب”. يضم الاتحاد اليوم أكثر من مائة قناة فضائية و30 محطة إذاعية، ويدير عشرات المواقع التي توظف جيشا من الإعلاميين، معظمها تعمل في العراق وتختص بالأحزاب والميليشيات الولائية.
ـ جعل البلد ضمن الدول الخمسة في العالم في تلوث الهواء، والنسبة الأعلى من الإصابات بمرض السرطان.
ـ اجعلوا شعاركم بعد تحرير سوريا (لقد حمينا الاعراض)، وعيروا شعبكم بانه كانت نساؤهم تحت حكم الافغاني والباكستاني والفارسي.
ـ السماح بسكن العشوائيات والتعدي على مؤسسات الدولة والممتلكات الخاصة (في العراق 4 مليون عراقي يسكنون العشوائيات). الخلاصة
بناء على ما تقدم ننصح اشقائنا السوريين بتحقيق المعادلة التالية” كل ما موجود في العراق يا سوريين افعلوا عكسه تماما، وستحققون نجاحا كبيرا، ويلتف الشعب حولكم”. وتذكروا ان أربع جهات تتقاسم السلطة في العراق هي (الحكومة، العشائر، الدولة العميقة أي الميليشيات، وأخيرا الفاشونستات والبوكرات) من الأحرى تسميتها الدولة التافهة.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: فی العراق ـ تأسیس من خلال ما یسمى
إقرأ أيضاً:
قراءة أولية للإعلان الدستوري في سوريا الجديدة
كثيرون هم المتربصون بالدولة السورية الجديدة، لا سيما ممن يأملون في انهيارها وهزيمة مشروعها الوطني والذي يبدو في ظاهره إسلامي لكنه معتدل.
فهناك أنظمة عربية وأخرى إقليمية تخشى المد الإسلامي المزعوم وانتقال العدوى إلى شعوبها التي رأت في التجربة السورية بارقة أمل للتخلص من أنظمة الاستبداد والديكتاتورية وقمع الحريات، وهناك على الضفة الأخرى بقايا النظام السابق الذين نصّبوا أنفسهم مدافعين عن الطائفة العلوية التي أذاقوها خلال 54 سنة من حكم الأب والابن ويلات العداء والخصومة مع باقي الطوائف، وعانت شتى صنوف الاضطهاد والقمع حتى الاعتقال في محاولة منهم لإبقائها كحاضنة تحمي لهم نفوذهم وسطوتهم واستئثارهم بالسلطة التي مضت إلى غير رجعة.
إضافة لهؤلاء، هناك تيارات قومية وماركسية وليبرالية وديمقراطية لا زالت تحمل خصومتها الأيديولوجية والفكرية مع هذه الدولة، وتعمل على شيطنتها، برغم ما أظهرته قيادة هذه الدولة حتى الآن من اعتدال واحتواء لكافة الانتقادات وصيانة واحترام لحقوق كافة المكونات السياسية والمذهبية والطائفية والعرقية التي تشكل النسيج السوري الواحد؛ من خلال عقد مؤتمر الحوار الوطني والذي أتاح لهذه المكونات -وإن جاءت مشاركتها بشكل فردي ودعوتها على عجل- التعبير عن مطالبها وطموحاتها وتطلعاتها، وكان من أبرز مخرجات هذا المؤتمر هو الإعلان الدستوري عبر لجنة شكلها الرئيس الشرع قيل إنها متجانسة عقائديا وفكريا وذات لون واحد، لكنها مستقلة وبعيدة عن أية ضغوطات أو تدخلات.
بعيدا عن الاعتراضات والانتقادات، فإن أي قراءة موضوعية لما جاء في مواد الإعلان الدستوري، نجد أنه يؤسس للشرعية الشعبية الجديدة القائمة على أسس دستورية نابعة من طموحات وأهداف الشعب السوري بكل مكوناته، وتشكل ناظما وإطارا قانونيا لحياتهم المستقبلية والحالية بعيدا عن التغول الأمني والعسكري السلطوي والذي كان آخره في دستور 2012 الذي تم إلغاؤه
بيد أن هذا الإعلان وبمجرد أن وقّعه الرئيس الشرع تعرّض إلى انتقادات من كل حدبٍ وصوب، وتركزت هذه الاعتراضات أولا على تشكيل اللجنة عددا وأفرادا وتجانسا وغيابا نوعيا لتمثيل المرأة. ثانيا، على تسمية الدولة وانتمائها العربي، وكأنها ليست عربية الانتماء منذ الأزل، فلم تعجبهم هويتها "الجمهورية العربية السورية". ثالثا، الاعتراض على طول الفترة الانتقالية التي حددت بخمس سنوات، وكأن البلاد لا تزال معافاة وسليمة من كل دمار وخراب وفساد في كافة القطاعات العسكرية والأمنية والاقتصادية والعلمية والتعليمية والاجتماعية، وكأن البلاد لم تمر بحربٍ مدمرة طيلة أربعة عشر عاما وما سبقها من فساد وخراب امتد لعقود من الزمن. رابعها، غياب التفاصيل لكثيرٍ من مواده وآليات التنفيذ تحديدا فيما يخص العدالة الانتقالية. خامسها، كما جاء في بيان "مجلس سوريا الديمقراطية" الذي يعبر عن رفض الإعلان ويصفه بأنه "يكرس الحكم المركزي ويمنح السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة ويقيد العمل السياسي ويجمد تشكيل الأحزاب، مما يعطل مسار التحول الديمقراطي".
وبعيدا عن الاعتراضات والانتقادات، فإن أي قراءة موضوعية لما جاء في مواد الإعلان الدستوري، نجد أنه يؤسس للشرعية الشعبية الجديدة القائمة على أسس دستورية نابعة من طموحات وأهداف الشعب السوري بكل مكوناته، وتشكل ناظما وإطارا قانونيا لحياتهم المستقبلية والحالية بعيدا عن التغول الأمني والعسكري السلطوي والذي كان آخره في دستور 2012 الذي تم إلغاؤه. ولقد شكل الإعلان الدستوري ضمانة لحرية التعبير والصحافة والمشاركة السياسية للجميع وصون لحقوق المرأة، وأكد على دولة المواطنة والحريات الديمقراطية والوحدة الوطنية والنسيج المجتمعي الواحد، مجرّما الدعوات إلى الانقسام والانفصال والفدرلة، وانتهاك سيادة الدولة بطلب التدخل الأجنبي والاعتماد على قوى خارجية. كما تضمن التأكيد على السلم الأهلي، ووحدة جغرافية الأراضي السورية.
كذلك فصل بين السلطات الثلاث؛ التشريعية والقضائية والتنفيذية، والذي كان غائبا تماما في دستور النظام السابق منذ سيطرة الأسدين على السلطة في سوريا. وبرغم أن الإعلان الدستوري أعطى لرئيس الدولة صلاحيات مثل الإعلان عن حالة الطوارئ، لكنه قيّدها أيضا بموافقة مجلس الأمن القومي ومجلس الشعب، خاصة إذا تطلب الأمر تمديدا لها.
ولقد نص الإعلان على استقلالية القضاء ومنع إنشاء محاكم استثنائية، ولم تعد هناك وصاية ولا سلطات على القضاء إلا سلطة القانون، كما أكد على العدالة الانتقالية التي يتطلع إليها كل السوريون، كمطلبٍ شعبي جاء من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني؛ ذلك بما تضمنه هذا الأمر من إلغاء لكل القوانين والأحكام والإجراءات الاستثنائية الصادرة عن النظام البائد وإلغاء محكمة الإرهاب، وإلغاء كل الإجراءات الأمنية المتعلقة بالوثائق المدنية والعقارية، كما تم في هذا السياق تشكيل هيئة العدالة الانتقالية لتحقيق سبل المساءلة وإثبات الحقائق.
ولا بد من الإشارة هنا إلى إن اعتبار الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع لا يعني أبدا إغفال المصادر الأخرى، وأن اشتراط أن يكون الرئيس مسلما هو أيضا ما جاء في مواد الدساتير السابقة.
ولقد تركزت الانتقادات لهذا الإعلان من جهة الإخوة الأكراد، وما جاء على لسان مظلوم عبدي قائد" قوات سوريا الديمقراطية" يعبر عن هذا الموقف: "إن الإعلان الدستوري يجب أن يكون توافق وطني وليس مشروعا مفروضا من طرف وأحد، وأنه يكرس الحكم المركزي ويمنح السلطة التنفيذية صلاحياتٍ مطلقة ويقيّد العمل السياسي، وغياب الآليات الواضحة للعدالة الانتقالية، ويزيد من تعميق الأزمة الوطنية". ووصفه شيخ عقل الطائفة الدرزية حكمت الهجري بأنه "إعلان الديكتاتورية"، وقال أيضا "إن الإدارة الجديدة المؤقتة بعيدة عن تلبية الطلبات الشعبية وأهداف الثورة"، الخطابات البرّاقة والخادعة والفيروسات السياسية العلمانية والقومية والماركسية، ومن "لف لفهم" في خصامها الأيديولوجي التقليدي مع الإسلاميين -سواء كانوا متشددين أو معتدلين- لن تُفلح في تمزيق وحدة النسيج السوري الفسيفسائي الحاضن للقوى التي أسقطت نظام الإبادة والمجازر والإجرام الأسدي المزدوج للأب والابنودعا في الوقت ذاته إلى إعادة صياغة الإعلان الدستوري، فيما رأى آخرون، ان هذا الإعلان سيشكل أساسا لدستورٍ دائمٍ ستعكف على وضعه لجنة سيتم تشكيلها، كما سيشكل هذا الإعلان جدولا زمنيا في الانتقال السياسي من المرحلة المؤقتة الحالية إلى استقرارٍ دائمٍ يوفر حياة آمنة سياسية واجتماعية واقتصادية وفكرية للسوريين بعد حقبة مليئة بالقتل والدمار وقمع الحريات والإرهاب والفساد بكل أشكاله.
ولمواجهة تعاظم التحديات التي تواجه الدولة السورية الجديدة، فإن المطلوب المحافظة على دولة المواطنة والحريات والديمقراطية لكافة مكونات الشعب الواحد، والحفاظ على النسيج المجتمعي الواحد، وهذا يستدعي من القيادة الجديدة فتح حوار هادف وموسع مع كافة الأطياف السورية، والبدء بتشكيل مجلس الشعب بصفته المسؤول عن التشريعات والمصادقة على تشكيلة الحكومة ولجان هيئة العدالة الانتقالية. ولا بد من تمثيل كافة مكونات الشعب السوري والمشاركة الواسعة لهم في الحكومة واللجان ومجلس الشعب، مما يشكل توافقا وطنيا للبدء بعملية البناء وإعادة الأعمار. كما يتطلب العمل على فتح حوار مع الأطراف الإقليمية المجاورة بما يضمن سيادة الدولة ووحدة أراضيها، والعمل على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للدفاع عن أراضي الدولة وسيادتها، والبدء بتصفية القواعد الأجنبية على الأراضي السورية.
إن الخطابات البرّاقة والخادعة والفيروسات السياسية العلمانية والقومية والماركسية، ومن "لف لفهم" في خصامها الأيديولوجي التقليدي مع الإسلاميين -سواء كانوا متشددين أو معتدلين- لن تُفلح في تمزيق وحدة النسيج السوري الفسيفسائي الحاضن للقوى التي أسقطت نظام الإبادة والمجازر والإجرام الأسدي المزدوج للأب والابن، وأن كافة المكونات الدينية والإثنية بما فيهم الدروز والعلويون والكرد سيعيدون تشاركيا بناء سوريا بنظام ديمقراطي بعيد عن المحاصصة الطائفية والمذهبية والمناطقية؛ ضمانا للعدالة والحرية والكرامة لكافة أبنائها بما يضع سوريا في المكانة الحضارية والتاريخية التي تليق بها بين الأمم. هذه هي مسؤولية القيادة الجديدة أمام الشعب والتاريخ، فهل ما جاء في وصف هذا الإعلان من قبل الرئيس الشرع بأنه "بداية تاريخ جديد لسوريا، حيث نستبدل الظلم بالعدل" سيتحقق؟
[email protected]