ماريان جرجس تكتب: مصر.. كوبنهاجن.. أوسلو.. دبلن
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
يصح لنا -اليوم- القول بأن مصر أصبحت أحد الفاعلين الدوليين الحقيقيين، لا تعول عليها أوروبا في التصدي لصراعات الشرق الأوسط وتبعاتها على الحكومات الأوروبية فحسب، ولكن أصبحت مصر لاعبًا فاعلًا وحقيقيًا على الساحة الدولية ، تشارك في وضع تصورات وأطروحات حيال التحديات العالمية التي تواجهها البشرية، فضلًا عن كونها رابطاً قوياً بين الاتحاد الأوروبي ومجلس السلم والأمن الإفريقي.
وفى تلك الجولة الأوروبية نستطيع أن نحدد أبرز التحديات التي تواجه البشرية في الوقت الراهن ومشاركة مصر فيها ، والتي تم طرحها والتباحث فيها خلال ذلك الاستقبال المشرف والعشاء الذي أقيم على شرف السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى من قبل ملك الدنمارك ؛
فالتحديات الاقتصادية – لاشك- أنها تحتل المرتبة الأولي، وتتصدّر التحديات التي تواجه كل الحكومات، وفى ظل تلك التحديات تزداد قيمة الشراكات خاصة بين الدول الصناعية الكبري المتمثلة في الاتحاد الأوروبي والدول النامية التي تمتلك مواد خام وبنية تحتية جيدة مثل الدولة المصرية بما لديها من موارد طبيعية ومواد خام بكر تفتقر إليها الدول الصناعية التي تمتلك التكنولوجيا ، كما تمتلك مصر سياسات جديدة مثل الرخصة الذهبية ومشاركة القطاع الخاص في التنمية وأجندة تنمية مستدامة وأجندة استثمارية طويلة المدي .
أمّا عن الأمن الغذائي والمائي ، فلا يمكن تحقيقهما دون التكامل بين الدول واللذان يتأثران بالتوترات السياسية ، كما كانت فرصة طيبة لأن يعيد الرئيس السيسي التوكيد على حق مصر في تحقيق الأمن المائي لما تعانيه من شُح مائي وتسجيل موقف في أطراف أوروبا اعتراضا على أي تعدٍ غير قانوني يؤثر على حصة مصر في مياه نهر النيل .
كما كانت تلك الجولة كاشفة عن التحديات التي تعانى منها الحكومات الأوروبية مثل الاتجار في البشر والهجرة الغير نظامية ، ولمصر فضل كبير في تقليل الأعداد النازحة من الشرق الأوسط اثر التوترات السياسة والتي كادت تثقل كاهل الحكومات الأوروبية وتؤثر على أمنها واستقرارها السياسي فضلا عن الأعباء المالية التي تشكلها تلك الاعداد المهاجرة بشكل غير نظامي .
أمّا على الصعيد السياسي ، فإن تلك الجولة لها مكاسب سياسية عدة للجانب المصري وللجانب الأوروبي ، حيث إن ايرلندا والنرويج والد نمارك هم من الدول التي اعترفت بدولة فلسطين وهو مكسب سياسي لا بأس به في القضية الفلسطينية، مما يجعل الدولة المصرية تجدد رغبتها الشديدة في وقف إطلاق النار وتهدئة الأوضاع ليس في قطاع غزة فحسب ولكن أيضًا في لبنان وسوريا .
على الرغم عن أن الدول العربية تعيش حالة من الاضطراب السياسي والتخبط ، ولكن تثب مصر خطوات قوية وسريعة في المجتمع الدولي بثقل عالٍ ، مما يجعل من مصر دولة محورية في الشرق الأوسط وصمام أمان للمنطقة والمندوب السامي للبشرية والتي يستحق عنها الرئيس السيسى جائزة سلام دولية لكل المجهودات المصرية الحثيثة من أجل البشرية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحكومات الأوروبية الشرق الأوسط الرئيس عبد الفتاح السيسى المزيد
إقرأ أيضاً:
أبرز التحديات أمام الرئيس جوزيف عون في لبنان
د. هيثم مزاحم **
بعد أكثر من سنتين من الفراغ الرئاسي، انتخب مجلس النواب اللبناني أخيرًا قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية بأصوات 99 نائبًا من أصل 128 نائبًا.
وقد انتخب عون في الجلسة الثانية بعد حصوله على 71 صوتًا فقط في الجلسة الأولى؛ إذ كان يحتاج إلى 86 صوتًا، أي ثلثا عدد النواب للفوز من الجلسة الأولى. وكان لافتًا أن الأصوات الـ28 التي صبّت للعماد عون في الجلسة الثانية، كانت أصوات جميع النواب الشيعة، ممثلي حركة أمل وحزب الله، ما اعتُبر رسالة منهم إلى الداخل والخارج بأنهم، برغم التضحيات والخسائر الكبيرة التي قدموها في صمودهم أمام العدوان الإسرائيلي، إلّا أنهم ما يزالوا يمثلون ركنًا أساسيًا من أركان الوطن، يشاركون في محطاته المفصلية ولا يمكن أن ينكسروا أو يُهزموا، ولا يراهنن أحد في الداخل والخارج على أن قبول "حزب الله" بوقف إطلاق النار مع العدو الإسرائيلي هزيمة له، يترتب عليها تقديم تنازلات في الداخل كما للخارج.
وكشفت بعض المصادر أنَّه بين جلستي الانتخاب جرت اتصالات ولقاءات حصل خلالها الثنائي الشيعي على ضمانات لجهة نوعية مشاركته في الحكومة والتعيينات الأمنية والقضائية من جهة، ولجهة رفض تفسيرات الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ القرار الدولي 1701 وشموله منطقة شمال نهر الليطاني أو ربطه بالقرار الأممي 1559 الذي ينص على نزع سلاح الميليشيات في إشارة إلى سلاح المقاومة.
ويتفاءل اللبنانيون بانتخاب القائد جوزيف عون رئيسًا؛ نظرًا لتجربته الناجحة في قيادة الجيش اللبناني لأكثر من سبع سنوات، تمكن خلالها من الحفاظ على وحدة الجيش في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي يشهدها لبنان منذ أكتوبر 2019، والانقسام السياسي والطائفي، والفراغ الرئاسي، وشلل الحكم، في ظل حكومة مستقيلة تقوم بتسيير الأعمال. ويشهد الكثيرون للعماد عون بنزاهته وكفاءته ونظافة كفه واستقلاليته، وهو ما انعكس في القضاء على الفساد والرِشى داخل الجيش، والحفاظ على كرامة العسكريين وتأمين احتياجاتهم الغذائية والطبية في ظل الأزمة المالية المُستمرة.
لكن أمام الرئيس المنتخب تحديات كبرى سيُواجهها مع الحكومة المُقبلة وأبرزها:
العمل على إرغام العدو الإسرائيلي بالالتزام بوقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي اللبنانية التي احتلها في الأشهر الأخيرة، ونشر الجيش اللبناني في جميع مناطق جنوب نهر الليطاني في مقابل الحدود مع فلسطين المحتلة، والعمل مع لجنة المراقبة الدولية على منع الخروقات اليومية الإسرائيلية، والتصدي لأي عدوان إسرائيلي جديد. البدء في تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي بدءًا من تنفيذ المصارف لإجراء "الكابيتول كونترول" الذي ينظم التحويلات المالية إلى الخارج وإعادة الأموال التي هربتها المصارف إلى الخارج، وصولًا إلى الاتفاق على خطة لإعادة أموال المودعين وتوزيع الخسائر بين المصارف ومصرف لبنان والدولة. العمل مع الحكم الجديد في سوريا على إعادة معظم النازحين السوريين بعدما سقط النظام السابق الذي فروا من ظلمه وقمعه، وانتهت الحرب التي دفعتهم إلى النزوح، وبدأ الرفع الجزئي للعقوبات الغربية عن سوريا، ودخول مساعدات دولية وعربية إليها؛ مما سيجعلهم في حال أفضل من وجودهم في مخيمات في لبنان. ينبغي أن تكون الحكومة المقبلة من الكفاءات ومن غير الوجوه المرتبطة بالفساد، مع مراعاة التمثيل الطائفي والمذهبي والمناطقي، وأن يكون برنامجها برنامج عمل حثيث ومنهجي لإعادة إعمار ما دمّره العدو الإسرائيلي، وإعادة النازحين إلى مدنهم وقراهم في الجنوب اللبناني والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. وضع خطة شاملة لتأمين الكهرباء عبر بناء معامل تغطي حاجة لبنان الحالية والمستقبلية بعيدًا عن المُحاصَصة الطائفية ومصالح الكارتيلات (العقود) النفطية. تحسين العلاقات مع الدول العربية والشرقية والغربية، واستقطاب الاستثمارات لإعادة الإعمار، وتطوير البنية التحتية وخاصة معامل الكهرباء ومحطات المياه والصرف الصحي، وتطوير عمل المطار والمرافئ وإنشاء سكك حديد بين المناطق اللبنانية ووصلها مستقبلًا بخط سكك الحديد السوري وصولًا إلى الدول العربية الأخرى. الدعوة إلى حوار وطني يضم جميع الأحزاب والقوى والمكوّنات اللبنانية للاتفاق على استراتيجية وطنية دفاعية تأخذ بعين الاعتبار تجربة العدوان الصهيوني الأخير على لبنان، بحيث يتكامل دور الجيش مع المقاومة، والتوافق على حصر قرار الحرب والسلم في يد الحكومة اللبنانية. البدء في تنفيذ الأمور المعلقة في اتفاق الطائف وأبرزها إلغاء الطائفية السياسية واللامركزية الإدارية وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، مع التوافق مع المقاومة على إطار نظامي لعملها وسلاحها. ترسيم الحدود البرية والبحرية مع سوريا، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد بملف الغاز والنفط في البحر الشرقي للمتوسط، وتثبيت الحدود مع فلسطين المحتلة بحسب اتفاقية الهدنة، وإنهاء احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والنصف اللبناني من قرية الغجر، عبر الدبلوماسية الدولية وبالتوافق مع الإدارة السورية الجديدة بشأن لبنانية مزارع شبعا، كي لا تستمر إسرائيل بالتذرع بأنها أراضٍ سورية. العمل على خلق فرص عمل للشباب والخريجين الجامعيين، وتشجيع عودة المهاجرين اللبنانيين للاستثمار والعمل في لبنان.يبقى أن نُشير إلى أن رئيس الجمهورية في لبنان هو حامي الدستور والحَكَم بين السُلطات وجزء من السلطة التنفيذية، لكن صلاحياته غير مُطلقة؛ فالصلاحيات التنفيذية في مجلس الوزراء مجتمعًا، لذلك هناك مسؤولية على رئيس الحكومة الذي سيُكلَّف بتشكيل الحكومة وعلى الوزراء الذين سيتم اختيارهم، كما على مجلس النواب الذي عليه التشريع ومراقبة عمل الحكومة ومحاسبتها على أدائها وتقصيرها.
** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية - لبنان
رابط مختصر