سواليف:
2025-02-15@08:03:46 GMT

دمشق تهتف بالحرية

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

دمشق تهتف بالحرية

الأردن وطن العشق والنخوة والثورة الأولى، وطن الرجال الذين لم تنحني أعناقهم إلا لله، ولم تحمل جباههم إلا شموس المجد وتبر الأرض سيماء الحق. عبر التاريخ، كان الأردن حاضرًا في ميادين البطولة، ممتدًا بجسور العروبة نحو كل شبر عربي. من هذا الإرث القومي، انطلق اللواء المدرع الأربعين عام 1973 أثناء حرب رمضان، ليحط رحاله على محور درعا – دمشق، حيث واجه الجندي الأردني بشجاعة القوات الإسرائيلية، مسطرًا مواقف خالدة من الشرف والبطولة.

كنا أطفالًا في المرحلة الابتدائية آنذاك، تستوقفنا النشرات الإخبارية في طريق عودتنا من المدرسة، نقف أمام الدكاكين التي ترفع صوت المذياع ليسمع المارة أخبار المعارك في الجبهة، التي تنتهي بالأناشيد الوطنية. اليوم نتذكر ذلك بحزن لا يخلو من خيبة وألم، فما حدث في سوريا بعد ذلك مريع.

أحايين كثيرة قصدنا الشام، سارت بنا القوافل مع أنواء الخير وحطت بنا حيث حط التاريخ، وطبعت أقدامنا على ثرى دمشق وحلب واللاذقية آثارًا وذكريات لا تمحى. قرأنا شعر نزار الدمشقي الجميل وتعلمنا الحب من دفتر يومياته، وصنعنا لحبيباتنا قلائد الياسمين الدمشقي، وعانقت قلوبنا مآذن الجامع الأموي. نادمنا الموج وفيروز الشطآن في اللاذقية، وظللنا التاريخ في قلعة حلب وأرواد، جمعتنا هموم العرب وآلامهم.

مقالات ذات صلة كان طاغيا 2024/12/14

لكن كما عانقت قلوبنا سوريا الحب والجمال، عرفت أجسادنا وجهًا آخر منها، حيث لم تبخل سجونها ومراكز التحقيق باحتضان الكثير من زوارها طلبة كانوا أو ذوي حاجة. اسألوا صيدنايا عن ذلك، تلك الجدران التي شهدت على تضحيات لا تُنسى، وذكريات نقشها الألم والمقاومة.

خمسون من السنين الطوال تقلب على جمرها ثلاثة أجيال في سوريا. نضحت منها ملايين كثيرة في أمواج من الهجرة القسرية، فُقد في الداخل والخارج مئات الآلاف من المدنيين، ربما دفنوا في مقابر مجهولة لا شواهد لها، بلا طقوس ولا صلوات. منهم من قذفته أمواج البحر على شواطئ غريبة بعد أن أكلت منهم كائنات البحر الوحشية.

بين الأدب والواقع

أسماء كثيرة عرفناها من العلماء والأدباء والمشايخ، غابوا كما تغيب شمس النهار ولم يعودوا، منهم من أخرسهم وجع الفقد ومر القهر وجبروت الصنم الأكبر الذي دعا كما دعا فرعون إذ قال: “أنا ربكم الأعلى”. ومنهم من غُيّبوا في أقبية تحت الأرض بين الموت والحياة، في ظلمة كظلمة القبر.

أدباء كثر كتبوا روايات وصفوا فيها ما حدث في سجون سوريا قبل وبعد مجزرة حماة. كان عبدالرحمن منيف أول من صرخ في روايته شرق المتوسط (1975) وتحدث عن الاعتقالات والسجون – لم يخص سوريا بالذكر. أما أيمن العتوم في روايته يسمعون حسيسها (2012) فقد روى قصة طبيب سوري أمضى 17 عامًا في سجن تدمر، وصف فيها حملات العقاب الجماعي، والأمراض المتفشية بين السجناء ورائحة الموت وانتظاره.

وإذا قرأت ما كتب أحمد خيري العمري في روايته بيت خالتي (2020)، فلا أظنك تبقى سويًا. لا بد أنه كتبها بعد أن عاد من جهنم! تحدث عن فتيات مشبوحات، يُقتلن مرات عدة، وعن أطفال ولدوا في السجن، ترى في وصفه مشاهد وحشية من الظلم، مشاهد مقززة عندما يفقد البعض عقله، تحدث عن غرف الملح وعن القهر الذي تتجرعه القلوب كالسم.

وجوه المأساة

جانب من فؤادي شك في كل ذلك، حتى رأيت طفل سجن صيدنايا، يلوذ بأمه فزعًا، ابن سنتين أو ثلاثة، بشعره المجعد الأسود وخصلات تغطي عينيه. وجهه الملائكي الصغير ونظرة الدهشة في عينيه. أكان يعرف ما يراه؟ هو الذي ولد في زنزانة ولم يخرجه إلا رجال الثورة، كيف لملاك أن يعيش في واد من وديان جهنم؟

اختفت جموع الجند الذين كانوا لأبناء وطنهم أعداء، لم يجد جيش العدوان الإسرائيلي أمامهم أحدًا! فتقدم محتلا وتمدد لأراض في جبل الشيخ والقنيطرة وتوقف يشحذ نصاله لا يبعد عن دمشق إلا القليل، أين اختفى جيش النظام البائد؟ هل انسحب ليحمي أسلابه وما اكتسبه من تجارة أولي أمره بالمخدرات؟

الأمل والختام

واليوم، ينظر المواطن العربي السوري بأمل وسلام وتسامح. يبدأ ترميم الأنفس التي تأذت، والمرافق التي تهدمت، وكل نواحي الحياة التي بدأت تستعيد حيويتها.

إنها ليست مجرد عملية إعادة إعمار، بل محاولة لإعادة بناء الهوية التي تهشمت بفعل الصراعات. يعيد السوريون اليوم صياغة روايتهم الخاصة عن الألم والمقاومة، واضعين الأمل نصب أعينهم رغم شبح الماضي. ولكن، لا يمكن بناء مستقبل مستدام دون مواجهة الماضي بصدق.

إقامة العدل للضحايا ومعاقبة المجرمين ليست فقط حقًا لأرواح عانت وقُتلت، لكنها أيضًا شرط أساسي لترسيخ السلام الحقيقي. العدالة ليست انتقامًا، بل هي تصحيح للمسار، وإغلاق للجروح المفتوحة التي تنزف في قلوب ملايين السوريين.

ما أجمل أغنية السيدة فيروز إذ يحق لهم الهتاف بها:
طلعنا…. حررنا
طلعنا على الضو
طلعنا على الريح
طلعنا على الشمس
طلعنا على الحرية
يا حرية يا زهرة نارية
يا طفلة وحشية يا حرية.

ومع ذلك، فإن الغموض ما زال يلف أفق سوريا والمنطقة. هل ستولد عصابة هجينة أخرى ترث ما قبلها من منظمات إرهابية؟ هل سيكون مصير سوريا مختلفًا عن دول الربيع العربي وما انتهت إليه؟

يبقى الأمل بأن لا تُمحى آلام الماضي عبثًا، وأن تكون هذه التضحيات الجسر الذي يربط بين ماضٍ مليء بالجراح ومستقبل أكثر إشراقًا. ولكن هذا الجسر لن يكتمل إلا عندما تتسع العدالة لتشمل كل من فقدوا أصواتهم في طيات الظلام.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

في فيديو مفاجئ.. إبن بشار الأسد يكشف لأول مرة تفاصيل فرار عائلته من سوريا

في فيديو مفاجئ، حسم حافظ بشار الأسد، نجل الرئيس السوري السابق بشار الأسد. الجدل حول ملكيته لحسابات التواصل الاجتماعي على منصتي “إكس” و”تلغرام”. والتي نشر عليها تفاصيل ليلة فرار عائلة الأسد في الثامن من ديسمبر 2024، قبل دخول الثوار إلى العاصمة دمشق.

وأكد حافظ في الفيديو الذي نشره، أن الحسابين يعودان له بالفعل، وأنه لا يمتلك أي حسابات على منصات أخرى. وقال في الفيديو المختصر: “كان هناك تساؤل حول الحسابين على “إكس” و”تيليغرام”، وأحببت أن أوضح أنهما بالفعل لي، وليس لدي أي حسابات أخرى على منصات أخرى… سلام”.

وظهر حافظ في الفيديو وهو يتجول في أحد الشوارع الراقية، والتي تبين لاحقًا أنها في العاصمة الروسية موسكو، حيث صور الفيديو باستخدام كاميرا هاتفه المحمول.

وكتب الحساب الذي حمل اسم حافظ بشار الأسد، وكان موثقا بالعلامة الزرقاء، أنه “لم يكن هناك أي خطة ولا حتى احتياطية لمغادرة دمشق ناهيك عن سوريا”.

تفاصيل ليلة فرار عائلة الأسد

ونشر حافظ الإبن عبر حسابيه في تليغرام وإكس تفاصيل جديدة حول “ليلة نظام الأسد الأخيرة”. وأكد أنه “لم تكن هناك أي خطة، ولا حتى احتياطية، لمغادرة دمشق”. وروى كيف تلقوا مكالمة من مسؤول روسي يطلب من عائلته مغادرة دمشق إلى اللاذقية بسبب خطورة الوضع.

وكتب أنه “بالرغم من أصوات الرمايات البعيدة، لم يكن هناك شيء خارج عن المألوف الذي اعتدناه منذ السنوات الأولى للحرب. واستمر الوضع على هذا الحال، إذ كان الجيش يحضر للدفاع عن دمشق. ولم يكن هناك ما يوحي بتدهور الأمور حتى خبر انسحاب الجيش من حمص. الذي كان مفاجئاً كما كان قبله انسحاب الجيش من حماة وحلب وريف إدلب”.

ويكمل قائلا “مع ذلك، لم يكن هناك تحضيرات أو أي شيء يوحي بمغادرتنا، إلى أن وصل إلى بيتنا في حي المالكي مسؤول من الجانب الروسي بعد منتصف الليل. أي في صباح الأحد 8 ديسمبر، وطلب انتقال الرئيس إلى اللاذقية لبضعة أيام بسبب خطورة الوضع في دمشق. وإمكانية الإشراف على قيادة المعارك من هناك، في ظل استمرار المواجهات على جبهتي الساحل وسهل الغاب”.

ويضيف “حول ما قيل عن مغادرتنا دون إبلاغ أبناء عمتي الذين كانوا موجودين في دمشق، فأنا من قام بالاتصال بهم أكثر من مرة حالما عرفنا بانتقالنا، وعلمنا من العاملين في منزلهم أنهم غادروه إلى وجهة غير معروفة”.

وتابع “بعد حين، انطلقنا باتجاه مطار دمشق الدولي ووصلنا إليه حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل والتقينا بعمي ماهر الأسد هناك. حيث كان المطار خاليا من الموظفين بما في ذلك برج المراقبة، ومن ثم انتقلنا على متن طائرة عسكرية روسية إلى اللاذقية، حيث هبطنا في مطار حميميم قبل طلوع الفجر”.

وأشار إلى أنه في ساعات النهار الأولى، كان من المفترض أن تتحرك العائلة باتجاه الاستراحة الرئاسية في منطقة برج إسلام. التي تبعد عن قاعدة حميميم أكثر من 40 كيلومترا، ولكن محاولات التواصل مع أي أحد من العاملين فيها باءت بالفشل وكانت جميع الهواتف التي تم الاتصال بها مغلقة. مع ورود معلومات بانسحاب قوات النظام وسقوط آخر المواقع العسكرية.

وأوضح أن فترة وجودهم في قاعدة حميميم شهدت هجمات متتالية بالطيران المسير استهدفت القاعدة، وتزامن ذلك مع إطلاق نار في محيطها. وأضاف “بعد الظهر، أطلعَتنا قيادة القاعدة على خطورة الموقف في محيطها، وأبلغَتنا بتعذر الخروج من القاعدة، نظراً لانتشار الإرهابيين والفوضى وانسحاب الوحدات المسؤولة عن حماية القاعدة. بالإضافة إلى انقطاع الاتصال مع كافة القيادات العسكرية، وأنه بعد التشاور مع موسكو، طلبت منهم تأمين انتقالنا إلى موسكو، حيث أقلعنا باتجاهها على متن طائرة عسكرية روسية، ووصلنا إليها في الليل”.

مقالات مشابهة

  • “كل شيء أفضل من ذي قبل”.. سوريا تعيد فتح أبوابها أمام السياح
  • ما خيارات دمشق أمام توجه جيش الاحتلال لبقاء طويل الأمد في سوريا؟
  • كل شيء أفضل من ذي قبل.. كيف تستعد سوريا لفتح أبوابها أمام السيّاح
  • مصرف سوريا يستقبل مبالغ مالية قادمة من روسيا
  • فعالية سوريا حرة تحط في دار الأوبرا بدمشق
  • الصحة تناقش التحديات التي تواجه أصحاب مستودعات الأدوية بدمشق
  • في فيديو مفاجئ.. إبن بشار الأسد يكشف لأول مرة تفاصيل فرار عائلته من سوريا
  • ابن بشار الأسد يقدم رواية جديدة لليلة الفرار من سوريا
  • أول ظهور لحافظ الأسد بعد هروبه من سوريا إلى دمشق .. فيديو
  • «حافظ بشار الأسد» ينشر تفاصيل جديدة حول «الليلة الأخيرة» في سوريا