???? نهب الجنجويد بيوتها وقتلوا فيها الحياة.. جزيرة توتي خالية من السكان لأول مرة
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
تفتقد (ومضة) بيت أسرتها في جزيرة توتي، وقد أرغمتها ميليشيا الدعم السريع على هجره منذ الأيام الأولى للحرب، وأصبحت بعد ذلك تبحث في خارطة (قوقل إيرث) عن تلك الذكريات الحبيسة، لكنها لم تعثُر على شيء، ولم تعُد تعرف أين نزح العديد من الجيران والأصدقاء، مع انقطاع أخبارهم، ما جعلها تعاني من الخوف والقلق.
بعد نحو (20) شهراً من الحرب تحولت جزيرة توتي – وسط الخرطوم – إلى ثُكنة عسكرية للجنجويد، وأصبحت شبه خالية من السكان، تفوح من شوارعها القديمة رائحة الموت، وينعق البوم من فوق أشجارها العتيقة، التي تساقطت أوراقها ولم تجد من يعتني بها، بينما توقفت الحركة تماماً فوق جسر توتي، عدا الدراجات النارية التي يتحرك بها أفراد عصابات التمرد، أما الشاطئ على الضفة الشرقية للنيل الأزرق، والذي كان يعرف بـ(البيتش)، وتخيم فيه الأسر، فقد غرق في الصمت وأخرست البنادق صخبه الجميل، كذلك بوابير المياه التي كانت تروي الجنائن وأحواض الزرع.
لم يكن ضمن خيارات سكان توتي مغادرة الجزيرة التي عمّرها أجدادهم – على ضفة نهرٍ صافٍ – منذ مئات السنين، لتكون بمثابة الدُرّة التي يحفها النيل، وازدهرت بعد ذلك الحياة والسياحة فيها، كما اشتهر أهلها أيضاً بالزراعة وصيد الأسماك، وأنجبت عديد المشاهير في السياسة والفن والرياضة.
في الشهور الأخيرة بدأت ميليشيا الدعم السريع تضيق الخناق على الأسر التي فضلت البقاء، وقامت باعتقال العديد من الرجال ومضايقة النساء، وحولت البيوت إلى معتقلات وسجون، وزجت فيها عشرات الشباب والشيوخ، حيث مات الكثير منهم تحت التعذيب، أو بسبب الجوع والمرض، ولا يزال بعضهم رهن الاعتقال.
غادر محجوب جزيرة توتي ضمن الفوج الأخير إلى دور إيواء في أم درمان، بعد فقدان الأمل في عودة الحياة إلى طبيعتها.
وقال لـ(المحقق): “خرجت ضمن العديد من الأسر، وقد استغرقت رحلة الوصول إلى أم درمان أكثر من ثلاثة أيام، كانت رحلة محفوفة بالمخاطر، وكتب لنا عمر جديدة، لا أصدق أنني نجوت من هؤلاء القتلة”.
وقد رشحت تقارير عن قيام أفراد الميليشيا بإجبار الأسر على دفع مبالغ مالية طائلة حتى يُسمح لهم بالمغادرة، تراوحت ما بين ثلاثة إلى خمسة مليون جنيه، فيما تعرضت معظم المنازل إلى النهب من قبل عصابات التمرد، وبدا منظر البيوت والشقق وهى محطمة الأبواب، وأثاثها مبعثر في الطرقات يبعث على الحزن، لدى سكان الجزيرة، في نفس الوقت قامت الميليشيا بنصب المدافع فوق أسطح البنايات العالية وتدوين مدينة أم درمان منها.
مؤخراً، وبعد انعدام الاحتياجات الضروية، وتوقف جميع التكايا التي كانت تعمل بدعم أبناء توتي بالخارج، حيث ظلت توفر الطعام للأسر الموجودة، أصبحت الصورة قاتمة، مع انقطاع الكهرباء والمياه، وكذلك شبكة الاتصالات، وتم أيضاً نهب الصيدلية الوحيدة التي ظلت تعمل، ما جعل تلك الأسر تقرر مغادرة الجزيرة – بصورة مؤقتة – واستحالت الحياة هنالك إلى جحيم، حد أن أهلها لم يدروا أبداً في أسوأ كوابيسهم، أن يغادروا تلك الجزيرة بصورة جماعية.
وهى المرة الأولى التي تصبح فيها جزيرة توتي خالية من السكان، حتى عندما كان النيل يفيض في الخريف ويهجم عليها بقوة، كانوا يواجهونه بجسارة، ويلجمون عنفوانه أحياناً بأجسادهم، لكنهم اليوم أكرهوا على النزوح، وأضحت توتي حبيسة لعصابات الصحراء، مقهورة، نهارها كليلها، مُعتم وحزين، فمتى يطل صباحها من جديد؟
المحقق – عزمي عبد الرازق
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: جزیرة توتی
إقرأ أيضاً:
سكان جزيرة غرينلاند يتظاهرون أمام مبنى القنصلية الأميركية
نوك ـ تجمّع مئات من سكان غرينلاند وسط العاصمة نوك، للمشاركة في مظاهرة احتجاجا على مطامع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الجزيرة القطبية الشمالية.
ووصل المتظاهرون إلى مبنى القنصلية الأميركية وهم يحملون العلم الغرينلاندي ولافتات كُتب عليها "لسنا للبيع" و"لا نرحب بأميركا" و"احترموا سيادة غرينلاند"، مشيرين إلى أنهم ماضون في الاستقلال عن الدانمارك.
وهتف الحشد بشعارات باللغة المحلية للتعبير عن رفضهم لتهديدات واشنطن بشراء الجزيرة، مؤكدين على ضرورة وقف الاستفزاز الأميركي، وعدم رغبة الشعب الغرينلاندي بالاستيلاء والسيطرة على بلده.
وأوضحت مانوان إحدى المشاركات في المظاهرة وهي تحمل لافتة كُتب عليها "غرينلاند تنتمي إلى شعب الإنويت"، أنها تشارك في المظاهرة لتظهر لترامب وإدارته الجديدة أن الجزيرة ترفض الضم للولايات المتحدة.
من جانبه، يرى توم أن على واشنطن إدراك أن غرينلاند تنتمي لشعبها فقط، قائلا "هذه الجزيرة ملكنا ولا يمكن لأحد أن يسلبها منا بأي شكل من الأشكال".
وأضاف توم للجزيرة نت "جئت إلى هنا اليوم لأقول كفى لترامب بعد كل هذه التهديدات القادمة من الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة".
وقد انضم رئيس الوزراء المنتهية ولايته ميوتي إيجيدي، وزعيم حزب الديمقراطيين اليميني الوسطي الفائز في الانتخابات البرلمانية هذا الأسبوع، وينس فريدريك نيلسن، إلى المتظاهرين.
إعلانوفي حديثه لصحيفة سيرميتسياك المحلية، يوم السبت، قال إيجيدي "لا أمل إطلاقا في أن أتناقش مع ترامب بشأن انضمام غرينلاند إلى الولايات المتحدة"، واصفا نهج الرئيس الأميركي بـ"غير المقبول".
واستمرت المسيرة لمدة ساعة ونصف تقريبا، حيث تجمع المتظاهرون أمام القنصلية الأميركية ورددوا عدة هتافات تندد بالتصريحات القادمة من البيت الأبيض قبل أن يختموا التجمع بالنشيد الوطني لبلادهم.
وأصدر قادة جميع الأحزاب الخمسة المنتخبة في برلمان غرينلاند، وهم ينس فريدريك نيلسن من الحزب الديمقراطي، وبيليه بروبيرج من ناليراك، وميوتي إيجيدي من الإنويت أتاكاتيجيت، وفيفيان موتزفيلدت من سيموت، وأقالو سي جيريمياسن من أتاسوت، بيانا مشتركا الجمعة على منصة إكس.
وأكد قادة الأحزاب أنهم لا يقبلون التصريحات المتكررة بشأن ضم غرينلاند والسيطرة عليها، مضيفين "نعتبر هذا السلوك تجاه الأصدقاء والحلفاء في تحالف دفاعي أمرا غير مقبول، وستواصل الجزيرة خدمة شعبها من خلال العلاقات الدبلوماسية، وفقا للقانون الدولي".
كما جاء في الوثيقة التي وقّع عليها السياسيون الغرينلانديون "نحن جميعا نؤيد هذا بكل إخلاص، وننأى بأنفسنا بقوة عن محاولات إثارة الفتنة، فغرينلاند ملك لشعب غرينلاند، ونحن (كقادة) نقف معا في انسجام تام".
ويذكر أن حزب الديمقراطيين فاز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بالجزيرة القطبية الشمالية الإستراتيجية، التي شهدت تركيزا كبيرا على قضية الاستقلال عن الدانمارك ومساعي ترامب للاستحواذ على غرينلاند.
وخلال مؤتمر صحفي مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي /الناتو/، مارك روته، يوم الخميس، عندما سُئل ترامب عن رؤيته لضم غرينلاند، قال "حسنا، أعتقد أن ذلك سيحدث، لقد تعاملنا مع الدانمارك، وتعاملنا مع غرينلاند، وعلينا القيام بذلك، نحن بحاجة ماسة إليه لأمننا القومي".
إعلان