عادل ضرغام: الشعر العربي مرتهن إلى تجاور الأشكال لا تعاقبها
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
أحمد عاطف
أخبار ذات صلةتداخل الشعريات والتحولات المذهبية، والتغيرات الجذرية، وقضايا الأجيال، والجدل بين القصيدة العمودية وقصيدة النثر، يتناولها الناقد المصري د.عادل ضرغام في أحدث مؤلفاته «شعائرية المجاز في القصة القصيرة، وكتاب الشعرية المعاصرة محاولة اقتراب».
ويضيف، أن الفنون أبنية، لكنها في النهاية، تمسّ الواقع، وتتشكّل في حدوده، فحتى في ظل دعوات الفن للفن، يمكن التوقف عند نثار واقعي يتجلى بشكل ما، وربما يمثل التأويل شكلاً من التعاظم على هذه الثنائية، لأن التأويل فعل ثقافي منفتح ومنطلق على واقع، ويرشد وجوده ويؤسسه من خلال البنية النصية.
وأوضح، أن التأويل فعل لا يبحث - ولا ينطلق - من نظرية جاهزة، لكنه يصنع لكل نص نظريته الخاصة المتساوقة مع منحاه التأويلي، فالتأويل تشكيل مستمر للنظرية النصية، وليس معنى ذلك أنه يبدأ أو يضرب في فراغ، لكن معناه أنه في تشكل دائم، لأنه يمتلك قدرة على التطور والتطويع.
الرواية والشعر
ويرى ضرغام، أن الرواية العربية تمر بتحولات مذهبية وجذرية تختلف عن تحولات الشعر، في الرواية يجد القارئ نفسه أمام نهر كبير يتفرع إلى نهيرات عديدة، تختلف في الحجم والكثافة والعمق، لكن الماء واحد والشكل العام والآليات واحدة، مثلها في ذلك مثل النظريات في العقود الثلاثة الأخيرة تتوالد ذاتياً من بعضها البعض، في ظل قيمة عامة تسيّج التوجه.
وعلى العكس في الشعر، فلأن تاريخنا يحمل ميراثاً طويلاً، فالخلخلة تجابه بمجابهة قوية وبمعارضة شديدة، ومن ثم نجد هناك تمسكاً بحالة ارتداد دائم للشكل الكلاسيكي، ونجد أيضاً تخوّفاً من معاينة الجديد، فضلاً عن القبول به.
ويستطرد: في الوقت الذي يجب أن نتوجه فيه لوصف أشكال وأبنية قصيدة النثر، هناك أصوات ما زالت تناقش المسمى الاصطلاحي، وكأن ذلك الأمر لم يمر عليه خمسون عاماً على الأقل، ولم يعد طرحه مقبولاً، ومن ثم أصبح الشعر العربي مرتهناً إلى حالة تجاور الأشكال لا تعاقبها، لأن الخروج عن الشكل الكلاسيكي يجابه بمعارضة، وكأنه مروق من مقدّس.
إشكالية الجديد
إشكالية أخرى يتطرق إليها ضرغام، وهي تقبُّل الجديد وإفساح مساحة لنموه وحركته في ظل التحولات المذهبية في الشعر العربي الحديث، معرباً عن اعتقاده بأن تقبّل الجديد في الأدب العربي يمرّ بمهمة ميلاد عسيرة في بعض البلدان، وبشكل فيه نوع من السهولة في بلدان أخرى، ويمكن أن نلمح في النسق الأخير وجوداً وميلاداً لبعض الأشكال الجديدة يقوم على التقليد، دون أن يكون هناك بنية ثقافية واجتماعية تؤسس وتحمل هذا التطور.
وأوضح، أنه يمكن النظر إلى الأشكال العديدة التي قارب بها الشعراء العرب على اختلاف أزمانهم قصيدة النثر، فتلقي أنسي الحاج لهذه القصيدة أو أدونيس يختلف بالضرورة عن مقاربة وإنجاز أجيال تالية تعامل شعراؤها مع هذا الشكل الشعري وفق خطوة جديدة قائمة على التمثل، وعن أجيال أخرى أكثر وعياً وحداثة، لم تتمثل الشكل فقط، ولكنها قامت - في إبداعها الشعري- بمحاورته وتخصيبه، ومن ثم أصبحت قصيدتهم عربية الشكل والملامح.
هوية النسق الشعري
يقول د. ضرغام: هوية النسق أو الشكل الشعري قائمة على الميراث القديم وعلى الإبداع، وقدرة الشاعر في الانفلات من سطوة هذا النسق، ولكلّ شكل شعري هوية جاهزة في متخيل القارئ، ويمكن أن تكون متسقة ومتساوية مع المختزن لديه، والتطور الذي يغيّب هذه الهوية، أو يقلقها هو التحول المفصلي في شعرنا العربي، يجمع كل التحولات الجزئية السابقة، ويجعل منها منطلقاً لتحول جذري جديد.
مشيراً إلى أنه لم يحدث إلا مع شعر التفعيلة وقصيدة النثر، وما سبقهما يمثل تحويرات جزئية على الهوية الفنية للنسق الشعري الذي لا يخلو من ثقل واضح يكشف عن ذلك وجوده المتواصل في شكل قائم على التجاور، فميلاد شكل شعري جديد لا ينفي السابق، ولا يقضي عليه، بل يحدث ما يمكن أن نسميه نوعاً من التفاوض بين القديم والجديد، فكلاهما مرتبط بالآخر في ظل وجود اختلاف في الهوية الفنية والوجود المتجاور.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الشعر العربي الشعر الإمارات الثقافة القصة القصة القصيرة الرواية
إقرأ أيضاً:
ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
هو أبو محمد علي بن أحمد ابن حزم الأندلسي الذي ولد عام 384 هجرية لأسرة عريقة، ونشأ في ظلال القصور، وطلب العلم في أول عمره، وجالس الفقهاء والعلماء والأدباء وانصرف إلى التأليف ومناظرة العلماء على اختلاف نحلهم.
تميز ابن حزم -الذي سلطت عليه الضوء حلقة (2025/4/15) من برنامج "تأملات"- بغزارة الإنتاج، وحضور البديهة وتنوع المعارف، كما كان موسوعي الثقافة، وصاحب مذهب في الفقه وصناعة في النقد والأدب.
وكان شاعرا، يَنظر إلى الشعر نظرة إجلال وإكبار، ورأى أن الشعر هو من العلوم النظرية التي لا بد لطالب العلم أن يأخذ بها. وابن حزم هو الذي جعل الشعر مكملا لعلمي اللغة والنحو.
عاش ابن حزم حياة حافلة بالفتن والاضطرابات والتقلبات السياسية، لكن ذلك لم يمنعه عن التصنيف والإبداع. ومن بين كتبه الكثيرة التي ذاع صيتها، "طوق الحمامة بين الألفة والأُلّاف"، وهو كتاب أدب لا يزال يحتفظ بمكانته حتى الآن.
ولابن حزم ديوان شعر له طبعات متعددة، ويعلق ابن حيان الأندلسي على إحدى مقطوعاته الشعرية بالقول: "ويا لبدائع هذا الحبر علي ابن حزم، ما أوضحها على كثرة الدافنين لها، والطامسين لمحاسنها".
وعرف ابن حزم بلسانه السليط، وكانت هذه الصفة من الأسباب التي جعلت العلماء ينفرون منه. وقد حُرقت كتبه في إشبيلية استجابة لفقهاء فاقهم في مناظراتهم، كما أوردت حلقة "تأملات".
إعلانويقول ابن حزم في سجنه متشوقا إلى أهله وولده:
يا راحلا عند حي عنده رمقي أقرِ السلام على من لم أودّعه
وسله بالله عن عهدي أيحفظه؟ فعهده بمكان لا أضيعه
تجهمت نُوَب الدنيا لعامرها فلا يد عن الضراء تمنعه
واطول شوقاه ما جدّ البعاد بهم إليهم مذ سعوا للبين أفظعه
لئن تباعد جثماني فلم أرهم فعندهم وأبيك القلب أجمعه
أقول والدهر قد غالت غوائله وحط مني مكاناً كان يرفعه
عسى لطائف مَن لا شيء يُعجزه تحنو على شملنا يوما فتجمعه
كما تناولت حلقة برنامج "تأملات" فقرات أخرى، منها "فصيح العامة"، و"أصل الكلمة"، و"طرائف لغوية" وغيرها.
15/4/2025-|آخر تحديث: 15/4/202508:28 م (توقيت مكة)