الخيار أنسب والتحديات كبيرة.. هل ستستطيع تركيا المصالحة بين السودان والإمارات؟
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
بعد يومين من إعلان أنقرة إتفاق المصالحة بين الصومال وإثيوبيا، أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إستعداد تركيا للتوسط بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة لإحلال الأمن والسلام في السودان.
دعم تركيا
وفي اتصال هاتفي مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حرص بلاده على وحدة السودان واستقراره، مجدداً دعم تركيا للشعب السوداني بكل الإمكانيات، معرباُ عن استمرار المساعدات الإنسانية المقدمة من تركيا، مشيراً إلى استئناف عمل الخطوط التركية قريباً ، وإستعداد بلاده لبذل الجهود لتعزيز العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، كما شدد على أهمية التعاون في مجالات الزراعة والتعدين.
ترحيب سوداني
من جانبه، أشاد البرهان بمواقف تركيا الداعمة للسودان، مثمناً جهودها من أجل السلام والإستقرار في المنطقة والإقليم ومعالجتها للكثير من القضايا على المستويين الإقليمي والدولي، مشيرا إلى نجاحها في معالجة الملف السوري، ورحب البرهان بأي دور تركي يسهم في وقف الحرب التي تسببت فيها مليشيا الدعم السريع المتمردة، داعياً إلى تعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكدا ثقته في مواقف أردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.
مجرد تفاهمات
وتأتي دعوة أردوغان للمصالحة بين السودان والإمارات بعد يومين فقط من إعلان نجاح وساطته بين الصومال وإثيوبيا بعد فترة من النزاع كادت أن تفجر الأوضاع في القرن الأفريقي المضطرب، ويبدو أن اتفاق المصالحة بين الصومال وإثيوبيا قد عالج المخاوف الصومالية بشكل أو بآخر، بمعنى أن المخاوف الصومالية بشأن تأثير مطالب إثيوبيا بالوصول إلى البحر على السيادة الوطنية، تم معالجتها من خلال النص الواضح في إعلان أنقرة على احترام سيادة الصومال وسلامة أراضيه، وذلك بالتزام إثيوبيا بعدم المطالبة بأراضٍ أو ممارسة أي نفوذ يُهدد وحدة الصومال، كما اعتمد الاتفاق على “ترتيبات تجارية” قانونية، مثل الإيجار أو الشراكات التجارية، مما يعني أن إثيوبيا لن تحصل على حق دائم أو غير قابل للنقض في الأراضي الساحلية الصومالية، ومع ذلك يبقى إعلان المصالحة بين الصومال وإثيوبيا بوساطة تركيا مجرد تفاهمات، لم تختبر على أرض الواقع، مع التحديات المتوقعة التي يمكن أن تواجهها في إقليم ملئ بالمشاكل متقلب المزاج، علاوة على مدى التزام إثيوبيا به في ظل ما يُعرف عن إثيوبيا بعدم التزامها بالمواثيق والعهود.
هل تستطيع
على كل … فالشاهد في الأمر أن تركيا تطرح نفسها كلاعب إقليمي مهم في المنطقة، وأنها نجحت حتى الآن بشكل كبير في لعب هذا الدور، لكن يظل التساؤل هل تستطيع أنقرة أن تحقق مصالحة بين السودان والإمارات والتي يمكن أن تكون اختراقاً حقيقياً في حل الأزمة السودانية، بتحييد أبوظبي التي تمثل سنداً مهماً ورئيسياً لمليشيا الدعم السريع، أم أن مافعلته الإمارات في السودان سيظل سداً مانعاً أمام أي تقارب؟
إعادة الحسابات
من جانبه توقع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي مكي المغربي نجاح الوساطة في الحالتين سواء بين الصومال وأثيوبيا، والسودان والإمارات. وقال المغربي لموقع “المحقق ” الإخباري: ربما يكون النجاح محدود في بداية الأمر، لكنه سوف يقلل حدة التصعيد، مضيفاً أن الوساطة التركية في حالة السودان والإمارات ستساعد في إعادة حسابات الإمارات في تعاملها مع الداخل السوداني، لافتاً إلى أن الإمارات كانت حريصة على الابتعاد من اليمين السوداني أو ما يُعرف بالنظام السابق، وإلى أنها كانت تعتقد أنها ستتجاوزهم، وقال لكن الاقرار بهذه الوساطة سيقضي على هذا الشرط من حساباتها، مستبعدا تقدم أردوغان بهذه المبادرة للسودان دون التأكد من موافقة الإمارات أولا، معتبراً أن الضغط الشعبي ووسط المقاتلين بعدم المصالحة مع الإمارات سيؤدي إلى تماسك الموقف التفاوضي السوداني.
التفاوض بدأ
ورأى المغربي أن التفاوض مع الإمارات أصلا قد بدأ، وأن ما ظهر منه هو جزء مما يدور على الأرض لفترة ما، وقال إن هناك تسريبات من زيارة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط لبورتسودان مؤخرا حول نفس الأمر، مضيفا أن الحكومة ردت على أبوالغيط بأنه إذا تم تحييد الإمارات، مع استمرار السودان في القضاء على المليشيا، سينتهي الوضع لتفاوض مباشر معها، مستدركاً، لكن لا يمكن أن يتم تفاوض مع الإمارات في ظل اتهام الحكومة لها بتسليح الدعم السريع، مؤكداً أن وضع الإمارات ليس جيدا لعوامل عدة، وقال من هذه العوامل الضغط على تشاد من جانب فرنسا بعدم مساندة الدعم السريع، إضافة إلى التطور في سوريا الذي جاء لصالح تركيا مع تقارب روسي تركي وحياد أمريكي، مشدداً على أن ذلك يعزز من دور تركيا في المنطقة، وأن ذلك خصماً على اللاعبين الموجودين، وقال لا يمكن القول أن المسافة بين تركيا والإمارات بعيدة، ولكنها أطول من المسافة بينها وبين مصر والسعودية، وبالتأكيد قطر وتركيا بينهما درجة عالية من التقارب، لافتا إلى أن الإمارات هي الأبعد من هذه التفاهمات، وقال من المؤكد أنها ستعيد حساباتها في المسألة السودانية.
الخيار الأنسب
من جهته رأى الباحث والمحلل السياسي عمار العركي أن التفاوض مع الإمارات هو الخيار الأنسب والواقعي بالنسبة للسودان. وقال العركي لموقع “المحقق” الإخباري أن هذا التفاوض سيواجهه عدد من التحديات، على رأسها تحدي داخلي برفض جزء كبير من الشعب لهذه المصالحة، وقد تكون ردة الفعل كبيرة وقد يحدث اختراق في التماسك بين الجيش والشعب، مضيفا أن التحدي الآخر في الدول التي يمكن أن تقف أمام هذه المصالحة وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا، ويمكن أن يكون لديهم عمل مضاد إن لم يحدث وزنة لهذه المصالح، متسائلا كيف تستطيع تركيا أن تحقق المصلحة بهذه الوساطة في ظل سقوفات الحكومة السودانية التي ستكون عالية جدا، وقال إن السودان إذا ارتضى التفاوض مع الإمارات، سيكون هناك سقف عال من المطالب بطلب تعويض مادي من الإمارات لكل متضرر من الحرب، مؤكدا أن هذا سيكون شرطاً أساسياً لإحداث تسوية مع الإمارات يرتضيها الشعب، لافتا إلى أن ذلك سيكون تحدياً أمام تركيا بإقناع الإمارات بالقبول بهذه التسوية المرتبطة بمطالب الشعب السوداني، معتبراً أن تركيا هي الأوفر حظاً في إحداث اختراق في الأزمة السودانية، مبيناً أنه تم تنسيق بين تركيا والإمارات في التصالح بين إثيوبيا والصومال، وقال إن هذا التصالح ليس في صالح الإمارات، لكنه يدخل استراتيجياُ مع السودان.
القاهرة – المحقق – صباح موسى
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: بین الصومال وإثیوبیا السودان والإمارات المصالحة بین الدعم السریع مع الإمارات بین السودان الإمارات فی یمکن أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
قائد جيش السودان يعلن: الشعب السوداني يرفض أي حلول خارجية ومن أراد أن يحكم السودان فليأت وليقاتل مع السودانيين
كما وجه قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان رسالة غاضبة لكل من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد"، معربا عن رفضه مشاركة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك في أعمال قمة الاتحاد، وأعلن رفضه ما سماها "محاولات فرض حكومة من الخارج".
وفي كلمة أمام "مؤتمر مبادرات دعم التعليم الإلكتروني والبنية التعليمية لإقليم دارفور" في بورتسودان الاثنين، قال البرهان "الشعب السوداني يرفض أي حلول خارجية ولن يقبل أن تفرض عليه حكومة، مثلما لن يقبل أن يفرض عليه عبد الله حمدوك أو أي شخص آخر"، وأضاف "من يريد أن يحكم السودان، فليأت وليقاتل مع السودانيين، والأفضلية ستكون للذين يقاتلون الآن".
وكان الاتحاد الأفريقي، غداة قمته الـ38، قد رفض استعادة السودان لعضويته المجمدة في المنظمة القارية منذ انقلاب تشرين الأول/أكتوبر2021 على الحكومة بقيادة رئيس الوزراء في حينه عبد الله حمدوك، كما اشترط وقف الحرب وعودة طرفيها للمفاوضات واستعادة الحكم المدني الديمقراطي.
وأكد البرهان في كلمته على عدم عودة من أسماهم "عملاء الخارج الذين يتحدثون باسم الشعب السوداني" إلى البلاد، وقال في إشارة إلى المطالبات بعودة الحكم المدني "أستغرب كيف يأتون بشخصيات نُبذت في السودان وطردت من داخله لتنصيبها على السودان مرة أخرى. هذا أمر غير مقبول. وما دام أننا موجودون والشعب السوداني موجود، فلن يحكمنا أي ممن يتجولون في الخارج".
وحذر قائد الجيش ممن سماهم بـ"المجتمعين الإقليمي والدولي"، ودعاهم إلى بذل جهودهم "من داخل السودان إذا كانوا يريدون مساعدة شعبه... هذه أمور واضحة لا لبس فيها، والسودانيون متفقون عليها".
وحيا البرهان في كلمته القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والقوات المساندة والمشتركة في المعركة، مؤكدا أن "هدفنا في النهاية أن يكون لدينا جيش مهني قومي واحد منوط به حمل السلاح والدفاع عن سيادة السودان وسلامة أراضيه، ويجب أن يكون بعيدا عن السياسة ولا صلة له بالتحزب"
وأعرب البرهان عن شكره وتقديره لكل الدول الصديقة والشقيقة التي وقفت بجانب السودان، مبينا أن ما حدث في أديس أبابا قبل يومين (القمة الأفريقية) دلل على أن كثيرا من الدول التي تقف إلى جانب الحق امتنعت عن المشاركة في المؤتمر وقال "إنه مؤتمر غُلّف لتدبير وتجيير أمور معينة لصالح المعتدين على الشعب السوداني... الشعب السوداني يعي أصدقاءه وأعداءه، والمعركة ستستمر بدعم الأشقاء والأصدقاء".