بعد يومين من إعلان أنقرة إتفاق المصالحة بين الصومال وإثيوبيا، أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إستعداد تركيا للتوسط بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة لإحلال الأمن والسلام في السودان.

دعم تركيا
وفي اتصال هاتفي مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حرص بلاده على وحدة السودان واستقراره، مجدداً دعم تركيا للشعب السوداني بكل الإمكانيات، معرباُ عن استمرار المساعدات الإنسانية المقدمة من تركيا، مشيراً إلى استئناف عمل الخطوط التركية قريباً ، وإستعداد بلاده لبذل الجهود لتعزيز العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، كما شدد على أهمية التعاون في مجالات الزراعة والتعدين.

ترحيب سوداني
من جانبه، أشاد البرهان بمواقف تركيا الداعمة للسودان، مثمناً جهودها من أجل السلام والإستقرار في المنطقة والإقليم ومعالجتها للكثير من القضايا على المستويين الإقليمي والدولي، مشيرا إلى نجاحها في معالجة الملف السوري، ورحب البرهان بأي دور تركي يسهم في وقف الحرب التي تسببت فيها مليشيا الدعم السريع المتمردة، داعياً إلى تعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكدا ثقته في مواقف أردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

مجرد تفاهمات
وتأتي دعوة أردوغان للمصالحة بين السودان والإمارات بعد يومين فقط من إعلان نجاح وساطته بين الصومال وإثيوبيا بعد فترة من النزاع كادت أن تفجر الأوضاع في القرن الأفريقي المضطرب، ويبدو أن اتفاق المصالحة بين الصومال وإثيوبيا قد عالج المخاوف الصومالية بشكل أو بآخر، بمعنى أن المخاوف الصومالية بشأن تأثير مطالب إثيوبيا بالوصول إلى البحر على السيادة الوطنية، تم معالجتها من خلال النص الواضح في إعلان أنقرة على احترام سيادة الصومال وسلامة أراضيه، وذلك بالتزام إثيوبيا بعدم المطالبة بأراضٍ أو ممارسة أي نفوذ يُهدد وحدة الصومال، كما اعتمد الاتفاق على “ترتيبات تجارية” قانونية، مثل الإيجار أو الشراكات التجارية، مما يعني أن إثيوبيا لن تحصل على حق دائم أو غير قابل للنقض في الأراضي الساحلية الصومالية، ومع ذلك يبقى إعلان المصالحة بين الصومال وإثيوبيا بوساطة تركيا مجرد تفاهمات، لم تختبر على أرض الواقع، مع التحديات المتوقعة التي يمكن أن تواجهها في إقليم ملئ بالمشاكل متقلب المزاج، علاوة على مدى التزام إثيوبيا به في ظل ما يُعرف عن إثيوبيا بعدم التزامها بالمواثيق والعهود.

هل تستطيع
على كل … فالشاهد في الأمر أن تركيا تطرح نفسها كلاعب إقليمي مهم في المنطقة، وأنها نجحت حتى الآن بشكل كبير في لعب هذا الدور، لكن يظل التساؤل هل تستطيع أنقرة أن تحقق مصالحة بين السودان والإمارات والتي يمكن أن تكون اختراقاً حقيقياً في حل الأزمة السودانية، بتحييد أبوظبي التي تمثل سنداً مهماً ورئيسياً لمليشيا الدعم السريع، أم أن مافعلته الإمارات في السودان سيظل سداً مانعاً أمام أي تقارب؟

إعادة الحسابات
من جانبه توقع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي مكي المغربي نجاح الوساطة في الحالتين سواء بين الصومال وأثيوبيا، والسودان والإمارات. وقال المغربي لموقع “المحقق ” الإخباري: ربما يكون النجاح محدود في بداية الأمر، لكنه سوف يقلل حدة التصعيد، مضيفاً أن الوساطة التركية في حالة السودان والإمارات ستساعد في إعادة حسابات الإمارات في تعاملها مع الداخل السوداني، لافتاً إلى أن الإمارات كانت حريصة على الابتعاد من اليمين السوداني أو ما يُعرف بالنظام السابق، وإلى أنها كانت تعتقد أنها ستتجاوزهم، وقال لكن الاقرار بهذه الوساطة سيقضي على هذا الشرط من حساباتها، مستبعدا تقدم أردوغان بهذه المبادرة للسودان دون التأكد من موافقة الإمارات أولا، معتبراً أن الضغط الشعبي ووسط المقاتلين بعدم المصالحة مع الإمارات سيؤدي إلى تماسك الموقف التفاوضي السوداني.

التفاوض بدأ
ورأى المغربي أن التفاوض مع الإمارات أصلا قد بدأ، وأن ما ظهر منه هو جزء مما يدور على الأرض لفترة ما، وقال إن هناك تسريبات من زيارة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط لبورتسودان مؤخرا حول نفس الأمر، مضيفا أن الحكومة ردت على أبوالغيط بأنه إذا تم تحييد الإمارات، مع استمرار السودان في القضاء على المليشيا، سينتهي الوضع لتفاوض مباشر معها، مستدركاً، لكن لا يمكن أن يتم تفاوض مع الإمارات في ظل اتهام الحكومة لها بتسليح الدعم السريع، مؤكداً أن وضع الإمارات ليس جيدا لعوامل عدة، وقال من هذه العوامل الضغط على تشاد من جانب فرنسا بعدم مساندة الدعم السريع، إضافة إلى التطور في سوريا الذي جاء لصالح تركيا مع تقارب روسي تركي وحياد أمريكي، مشدداً على أن ذلك يعزز من دور تركيا في المنطقة، وأن ذلك خصماً على اللاعبين الموجودين، وقال لا يمكن القول أن المسافة بين تركيا والإمارات بعيدة، ولكنها أطول من المسافة بينها وبين مصر والسعودية، وبالتأكيد قطر وتركيا بينهما درجة عالية من التقارب، لافتا إلى أن الإمارات هي الأبعد من هذه التفاهمات، وقال من المؤكد أنها ستعيد حساباتها في المسألة السودانية.

الخيار الأنسب
من جهته رأى الباحث والمحلل السياسي عمار العركي أن التفاوض مع الإمارات هو الخيار الأنسب والواقعي بالنسبة للسودان. وقال العركي لموقع “المحقق” الإخباري أن هذا التفاوض سيواجهه عدد من التحديات، على رأسها تحدي داخلي برفض جزء كبير من الشعب لهذه المصالحة، وقد تكون ردة الفعل كبيرة وقد يحدث اختراق في التماسك بين الجيش والشعب، مضيفا أن التحدي الآخر في الدول التي يمكن أن تقف أمام هذه المصالحة وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا، ويمكن أن يكون لديهم عمل مضاد إن لم يحدث وزنة لهذه المصالح، متسائلا كيف تستطيع تركيا أن تحقق المصلحة بهذه الوساطة في ظل سقوفات الحكومة السودانية التي ستكون عالية جدا، وقال إن السودان إذا ارتضى التفاوض مع الإمارات، سيكون هناك سقف عال من المطالب بطلب تعويض مادي من الإمارات لكل متضرر من الحرب، مؤكدا أن هذا سيكون شرطاً أساسياً لإحداث تسوية مع الإمارات يرتضيها الشعب، لافتا إلى أن ذلك سيكون تحدياً أمام تركيا بإقناع الإمارات بالقبول بهذه التسوية المرتبطة بمطالب الشعب السوداني، معتبراً أن تركيا هي الأوفر حظاً في إحداث اختراق في الأزمة السودانية، مبيناً أنه تم تنسيق بين تركيا والإمارات في التصالح بين إثيوبيا والصومال، وقال إن هذا التصالح ليس في صالح الإمارات، لكنه يدخل استراتيجياُ مع السودان.

القاهرة – المحقق – صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: بین الصومال وإثیوبیا السودان والإمارات المصالحة بین الدعم السریع مع الإمارات بین السودان الإمارات فی یمکن أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

رسالة الدكتور عبدالله حمدوك إلى الشعب السوداني في الذكرى الثانية للحرب

تمر علينا الذكري الثانية لهذه الحرب المدمرة التي اجتاحت بلادنا من أدناها الى أقصاها، وأنه من المؤسف
حقا ورغم كل ما لحق بالبلاد وشعبها من الموت والدمار والخراب، ما زال صوت البندقية هو الأعلى ولا
تزال أطراف الحرب تتوعدنا بالمزيد من القتل والدمار والاجهاز على ما تبقى من حطام الوطن.
إنه لمن دواعي الأسف أيضا أن قوى نظام الإنقاذ البائد، الذي أسقطه شعبنا العظيم في ثورة ديسمبر المجيدة،
لا تزال تؤجج نار الحرب ولا يهمها إلا ما يعيدهم إلى كراسي السلطة ويحافظ على ما نهبوه من موارد الشعب
السوداني.
كما أن الانتشار الواسع للممارسات الداعشية مؤخرا، تعيدنا لذات الممارسات والارتباطات التي
كانت قد أدرجت السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب طوال عمر النظام المباد، وتهدد اليوم بتحويل
السودان إلى أرض خصبة لجماعات التطرف والإرهاب الدولي.
ومن المقلق للغاية أن نهج النظام السابق في زعزعة الاستقرار في دول الجوار والدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي والذي قد قاد لعزلة البلاد ثلاثين عاما، أخذت تطل برأسها من جديد. ولعل التهديدات العسكرية الصادرة مؤخراً ضد تشاد وجنوب السودان وكينيا ودول الإقليم والدعوة المرفوعة ضد دولة الامارات في محكمة العدل الدولية مؤشرات خطيرة في ذات الاتجاه.
إننا نثمن ونقدر عاليا تحمل دول الجوار ودول الإقليم عبء استضافة الملايين من أبناء الوطن الذين شردتهم
الحرب كما نقدر مساهمة هذه الدول مع المجتمع الدولي في العديد من المبادرات الرامية لوقف الحرب.
وعوضا عن البحث عن كبش فداء علينا التحلي بشجاعة الاعتراف بأن هذه الحرب أشعلتها أيدى سودانية
وعلى عاتق السودانيين وحدهم تقع مسئولية وقفها فوراً.
لست بحاجة إلى تكرار الحديث إليكم عن الآثار المدمرة لهذه الحرب وما تعانونه من ويلات أكبر كارثة
إنسانية في العالم اليوم، فمعاناتكم ماثلة أمام كل ضمير حي وكل من في قلبه ذرة من إنسانية.
وأود أن أحي هنا كل المبادرات الوطنية في مواجهة الكارثة الإنسانية والتي تقودها بشجاعة نادرة غرف الطوارئ والتكايا والطرق الصوفية.
كما أعرب عن التقدير العميق لكل الدول والمنظمات الإقليمية والدولية التي لم تبخل على الشعب السوداني أمام محنته الإنسانية. وفي هذا السياق أرحب بمبادرة المملكة المتحدة بعقد الاجتماع الوزاري بلندن اليوم حول الأزمة السودانية وأدعو الدول المشاركة فيه للخروج بقرارات عملية تساهم في وضع نهاية لمعاناة السودانيين بما في ذلك تدابير عاجلة لحماية المدنيين.

أخبار ذات صلة بيان دولة الإمارات بشأن مرور سنتين على اندلاع الصراع في السودان «الإخوان».. أدوار مشبوهة لتأجيج الحرب في السودان المصدر: الاتحاد - أبوظبي

مقالات مشابهة

  • البرهان في تركيا…أضواء خلف اللقاءات المتعددة
  • الإمارات تؤكد التزامها الراسخ بدعم الشعب السوداني الشقيق
  • فليخسأ الذين يزايدون علي موقف الجيش السوداني من الموقف في الفاشر
  • رسالة الدكتور عبدالله حمدوك إلى الشعب السوداني في الذكرى الثانية للحرب
  • الخارجية الفرنسية تعبر عن موقفها من الحكومة الموازية وتعلق على قرار الجيش السوداني 
  • استمرار عمليات النزوح بأعداد كبيرة من الفاشر إلى مناطق سيطرة حركة «عبدالواحد»
  • عبر الشراكات وحل النزاعات.. تركيا تسعى إلى تعزيز نفوذها في أفريقيا
  • هل تنخرط ابوظبي في العدوان على اليمن من “البوابة الصومالية” (صور جوية)
  • تفسير حلم الامتحان في المنام.. ما علاقته بالنجاح والتحديات؟
  • السعودية والإمارات تدينان وتستنكران الهجمات على مخيمات النازحين بمدينة الفاشر السودانية