ليلة سنام العُلا تحتفل بعام الإبل في مهرجان شتاء طنطورة
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
العلا/ عائشه العامودي
في إطار فعاليات مهرجان شتاء طنطورة المرتقب، تستعد العُلا لاستضافة ليلة سنام العُلا، في أمسية استثنائية تمزج بين الموسيقى والثقافة والتقاليد، احتفالاً بعام الأبل. يُقام هذا الحدث الفريد يوم 20 ديسمبر 2024، مقدماً لجمهور العُلا تجربة استثنائية تتخللها عروض فنية رائعة في قلب الطبيعة الخلابة التي تُميز واحة العُلا التاريخية.
تزدان ليلة سنام العُلا بعروض استثنائية يقدمها اثنان من ألمع نجوم الموسيقى في العالم العربي. تتصدر الفنانة التونسية الشهيرة أميمة طالب المشهد بأسلوبها المميز الذي يمزج بين الألحان الخليجية الأصيلة والنغمات الموسيقية الحديثة. تُعرف أميمة بصوتها العذب وإحساسها العميق، وقد استطاعت أن تأسر قلوب الجماهير في مختلف أرجاء العالم العربي. تتطلع الفنانة المبدعة إلى لقاء عشاق الفن في العُلا، لتضفي على الأمسية أجواء احتفالية لا تُنسى في منطقة حفلات الهواء الطلق في العلا سيضيئ الأمسية أيضاً الفنان السعودي المبدع عبدالعزيز المعنّى، بصوته الشجي وأدائه الرائع. يُعرف عبدالعزيز بقدرته الفريدة على المزج بين الموسيقى العربية التقليدية والأنماط المعاصرة، ليقدم عروضاً تأسر القلوب وتترك بصمة لا تُنسى. بإحساسه العميق وأسلوبه المميز، يعد المعنّى الجمهور بتجربة موسيقية تأخذهم في رحلةٍ عنوانها الإبداع والتألق.
إلى جانب العروض الموسيقية عالية المستوى، تقدم ليلة سنام العُلا تجربة ثقافية متكاملة للاحتفاء بأهمية الإبل ودورها الثقافي في التراث السعودي. سيستمتع الحضور بعرض مميز ومسيرة للإبل، كما سيتم تقديم بعض أشهى المأكولات المحلية، إلى جانب القهوة السعودية التقليدية والتمر، ما يتيح للحضور فرصة استكشاف التراث السعودي العريق بأسلوبٍ مبتكر.
تُعد هذه الأمسية المميزة جزءاً من مهرجان شتاء طنطورة، الحدث الثقافي الأبرز في العُلا، الذي يقام من 19 ديسمبر 2024 إلى 11 يناير 2025. يشتهر المهرجان بفعالياته التي تجمع بين التراث والموسيقى والترفيه المعاصر، ما يجعله مكاناً مثالياً لاكتشاف روائع العُلا والتعرف على تفاصيلها الفريدة عن كثب.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية فی الع
إقرأ أيضاً:
طعم النّغم وملمس الإيقاع.. رحلة فلسفية في عالم الموسيقى
في عالم الفن والموسيقى، تتجلى روعة الإبداع في قدرة الصوت على مخاطبة الروح بلغة تتجاوز حدود السمع المجرد. هذا النص الأدبي الثري يأخذنا في رحلة فلسفية عميقة، يستكشف من خلالها العلاقة المتشابكة بين الموسيقى والحواس الخمس، مسلطا الضوء على الطبيعة الشمولية للتجربة الموسيقية. ومن خلال حوار خيالي بين شخصيات أدبية، يتعمق النص في مفهوم الذوق الموسيقي، متجاوزا الفهم التقليدي للاستماع ليشمل تفاعلا كاملا للحواس مع النغم.
يمضي النص ليستعرض معايير الطرب الحقيقي والفن الأصيل، مؤكدا على أهمية التوازن في تلقي الفنون وتذوقها. وعبر لغة مجازية غنية وأسلوب سردي مشوق، يقدم الكاتب رؤية عميقة لماهية الموسيقى وتأثيرها على النفس البشرية، مستشهدا بأمثلة من التراث الموسيقي العربي.
هذا النص لا يقتصر على كونه تأملا في الفن الموسيقي فحسب، بل يمتد ليكون دعوة للتأمل في جوهر التجربة الإنسانية وعلاقتها بالفن والجمال، مقدما للقارئ فرصة لإعادة النظر في فهمه للموسيقى وتأثيرها على الروح والوجدان. إلى النص:
الذوق الموسيقية
قال مترنم ابن أبي الشادي: سئل متأبط العود ابن أبي قيثارة المزاميري -صاحب "جوالب الشجو وجواذب الشدو"- ما بلغ من تذوقك الموسيقي؟!
إعلانقال: ما استأثرت أذني بـ"صوت" قط؛ إذ لا يكاد يخترق حدودها السماعية حتى تتلقفه معها سائر الحواس!
قالوا: آالذوق والشم واللمس والبصر تعني؟!
قال: نعم؛ إذا كان "الصوت" من معجبات الترجيع، ومرقصات التطريب!
قالوا: هذا السمع، فما بال البصر واللمس والذوق والشم؟!
قال: لا يتم السمع إلا بإخوته الأربعة؛ فإن جماع "السماع" أن تشترك الحواس الخمس في عمليته، كل بمقدار مسمى، تتفاوت درجات إدراكه، وما يستوعب تفاصيلها إلا "الواصلون"، الذين انكشفت لهم حجب الذوقية وأسرار الفنية!..
قالوا: فأخبرنا عن حد الشم واللمس والرؤية والذوق، وحظ الصوت من كل واحدة من هؤلاء الأربع!
قال: الحد خفي والحظ نسبي، ويتفاوت الناس في إدراكهما على قدر ميزانهم الوجداني ومستواهم الفني، فاللمس نفسي لا يدوي، وكذلك الذوق والشم والبصر.. ومن هنا عرفتم السمع -لارتباطه بالأذن التي هي مستودع تلك الحاسة وجارحتها- وخفيت عليكم الحواس الأخر لاختصاص النفس بها دون مستودعاتها من الجوارح الأصلية!
المطرب يجب أن يجمع بين النطق والمعنى عبر التحلي بالإحساس الكامل مما يجعله ينقل مشاعر النص نقلا متميزا (فايرفلاي-الجزيرة) الطرب الحقيقيقالوا: فما آية المطرب الحق؟!
قال: آيته أن يفصل المقام الأدائي على مقاس الغرض الشعوري، ويطوع الصوت حتى يتسق النطق مع المعنى، مشكّلا سلما نغميا يخلع على الكلمات حلة تأثير، يلامس فيها توقيع المطرب وقع الكلمة وما وراءه، وينقل إيقاعها وما تحته؛ فيعطيها حقها من الترجيع ومستحقها من التلوين.
وغاية ما في الباب أن تتلبس المطرب الحالة الشعورية لصاحب النص -إذا كان في مقام الجوى والشجن- فيترجم تقطع نياط قلب الشاعر بتقطيع نطقه هو.. وذلك شأن "العارفين" من "أهل الفن"، الذين تستجمع الحواس الخمس عند التلقي عنهم "سماعا"، وتتسرب خوالج إحساسهم، وتسري أنسام أنفاسهم مع الصوت، أو مع آخر قطر الصوت، وإن من الصوت لما يقطر في الأذن، ثم يسيل في أودية النفس، وإن منه لما يجف قبل أن يقطر..!
إياك أن تستقلّ عريق النغم وأصيل الشدو، فإن قليله كثير وكثير غيره "زائدة صوتية"! (فايرفلاي-الجزيرة) حق الفنية ومستحقهاوقال متأبط العود ابن أبي قيثارة المزاميري، في كناش "جوالب الشجو وجواذب الشدو":
إعلان.. وإذا رأيت "السامع" يستخفه الطرب المشرقي ويطوي بساط استحسانه دون أصيل "الهول الحساني"*، فاتهمه في "فنيته"، وأيقن أن "قرص" ذائقته به "مناطق ميتة"؛ فإن ولاء الفن لا يتجزأ، وإن مجاري الحس لا تزال مطردة في الوجدان ما لم تتلف عضلة الوطنية أو ينسد فيها عرق فيشل نبضها!
وإذا أبصرت ذا "استماع" يرق قلبه لبارد الكلم وينكر جزل المعنى، ويقشعر جلده لهجين اللحن، ويهتز لمولد النغم، ولا تحرك فيه معجبات الطرب المحلي شعرة، ولا تعروه هزة لمرقصات الشدو البلدي، فاعلم أنه مبتلى في أم جهاز استقباله السماعي، فادع له بالعافية، واعتزل مجلسه، حتى لا تنتقل إليك عدوى تكلس الإحساس وتصلب المزاج، فإنهما داء عضال ووباء واصب!
وإن استطعت أن لا تغلب على "صوت" تتعاطاه في مفاصل اليوم -كمواعيد وصفة البيمارستاني- فافعل، ولا تقطع دواء "القطرات" المجرب؛ فإن فيه شفاء وراحة تتجاوز طبلة الأذن وصماخها، لتسري فيما وراء البدن!.. وإلا فما خف استراقه وغلت قيمته الفنية، مما رق وراق واتسق وشاق!
.. وإياك أن تستقل عريق النغم وأصيل الشدو، فإن قليله كثير، وكثير غيره "زائدة صوتية"!
سدوم وديمي يترنمان بمعتقات نصوص التراث العربي، ويحركان ساكن الشجن. يمنحان الكلمة بعدا وجدانيا مؤثرا يساير فيه النطق المعنى ويجسده (فايرفلاي-الجزيرة) طرب مؤثر.. وعقب ابن أبي عازف الزريابي -في كراسته "إيقاظ كوامن النفس، وقدح زناد الحس.. في تحديد جهات السماع الخمس"- على كلام ابن أبي قيثارة المتقدم بقوله:
وما ذهب إليه ابن أبي قيثارة يؤيده أداء ثنائي من بلاد الملثمين* (موريتانيا): شاد ومطربة (سدوم وديمي)، كانا يترنمان -في أشرطتهما المشتركة الخالدة- بمعتقات نصوص التراث العربي، وربما عاجا على مستجاد أشعار المحدثين.. فيحركان ساكن الشجن، ويبعثان كامن الشعور، ويمنحان الكلمة -برهيف التوقيع- بعدا وجدانيا مؤثرا، يساير فيه النطق المعنى ويجسده؛ حتى يحصل للسامع من ذلك ما لا يتفق لمطالع الديوان حين يقرأ الكلمات مضبوطة بالشكل وينظر شرحها في الهامش؛ لأن في التجسيد النطقي معنى زائدا يفيض تشويقا وينبض عذوبة، فله بذلك وقع وأخذ بهما يملك المطرب أعنة الوجدان، ويمسك أزمة النفس، ويأخذ بمجامع الإحساس، ويصرف مقاليد الشعور..
إعلانوقد كانت ديمي في متأخرات المطربات المعاصرات مثل أم كلثوم في متقدماتهن، ومن هنا استحقت لقب "كوكب المغرب"، وقد سارت الركبان برائعتها "ريشة الفن" التي غنتها في تونس، ولم تزل الراحلة سفيرة الأغنية الموريتانية في الوطن العربي، حتى غربت شمس مشوارها الغنائي في المغرب!
——————————————————————————–
*"الهول": الغناء الشعبي في موريتانيا وغيرها من مناطق الأدب الحساني الجغرافية. بلاد الملثمين (موريتانيا): هي مملكة قامت جنوب المغرب الأقصى، في المنطقة الواقعة بينه وبين السودان فيما تعرف اليوم بموريتانيا، وسميت بمملكة أودغست الإسلامية. سكنت هذه المنطقة مجموعات أمازيغية عرفت باسم "الملثمين"، وهم يعتبرون بمثابة الجيل الثاني من قبيلة صنهاجة الأمازيغية، وهم أسلاف الطوارق. الأسماء والأعلام الواردة في النص متخيلة لدواع تتعلق بالكتابة الفنية والتشويق السردي.