اعترفت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بوقوع عطب تقني في قنوات إمداد الأوكسجين بالمركز الاستشفائي مولاي يوسف بالرباط، والذي أسفر عن وفاة أربعة مواطنين داخل قسم الإنعاش. ورغم هذا الاعتراف، سعت الوزارة في بلاغها الرسمي إلى التهرب من المسؤولية المباشرة، متذرعة بأن الوفيات ناجمة عن “مضاعفات مرضية” وليس عن انقطاع الأوكسجين، في محاولة واضحة للتغطية على إخفاقاتها في إدارة الأزمة وحماية أرواح المرضى.

كشق البلاغ الرسمي الصادر عن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن درجة مقلقة من الارتباك والتلاعب، بدءًا بالتوقيت الذي تضمن تناقضًا واضحًا بين الحروف والأرقام، حيث زعما الوزارة أن العطب وقع في الساعة العاشرة وخمس وثلاثين دقيقة، لكنها كتبت في نفس الجملة (11h35min) بالأرقام.

فهذا الخطأ، رغم بساطته الظاهرية، يثير تساؤلات جدية حول مصداقية الرواية الرسمية ودقتها، خصوصًا أن الحادثة تتعلق بحياة المواطنين، حيث كيف يمكن للوزارة أن تطلب من الرأي العام تصديق روايتها وهي تعجز عن تقديم توقيت صحيح في وثيقة رسمية؟ هل هذا التناقض نتيجة إهمال أم أنه محاولة متعمدة لخلق حالة من الضبابية حول ملابسات الحادث؟

وفيما يتعلق بالوقائع، أكدت الوزارة أن العطب أدى إلى توقف إمداد الأوكسجين لمدة أربعين دقيقة، إلا أنها سعت بكل الوسائل إلى نفي تأثير هذا التوقف على حياة المرضى، إذ كيف يمكن لعطب أصاب الأوكسجين، العنصر الأساسي لإنقاذ حياة المرضى في قسم الإنعاش، ألا يكون له علاقة مباشرة بوفاة أربعة أشخاص؟، حيث زعمت الوزارة أن الوفيات نتجت عن “مضاعفات مرضية”، متجاهلة أن أي مضاعفات مرضية تتفاقم حتمًا في غياب الأوكسجين الضروري لدعم الحياة.

فهذا التبرير يفتقر إلى المنطق ويظهر بشكل جلي كجزء من استراتيجية الهروب من المسؤولية.

والأدهى من ذلك، أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية حاولت التغطية على الكارثة من خلال الحديث عن التدخل السريع لإصلاح العطب واستعمال قارورات متنقلة لتوفير الأوكسجين للمرضى، وإذا كان الوضع تحت السيطرة كما تدعي الوزارة، فلماذا توفيت حالتان في الساعتين الأوليين بعد الحادث وحالتان أخريان في وقت لاحق؟ وهل كانت تلك القارورات المتنقلة كافية لتلبية احتياجات جميع المرضى في قسم الإنعاش؟ أم أنها لم تكن سوى حل ترقيعي يُستخدم لتبرير الإخفاق في إدارة الأزمة؟

إن محاولة الوزارة تهدئة الرأي العام عبر تشكيل لجنة تحقيق من أطباء وتقنيين ومسؤولين إداريين لا تعدو كونها محاولة لإعادة صياغة الحقائق بما يخدم مصالحها، حيث أن هذه اللجان التي تعمل تحت إشراف الوزارة نفسها لا يمكن أن تكون مستقلة أو محايدة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمساءلة المؤسسة التي شكلتها.

كما أن البلاغ التوضيحي للوزارة لم يكن فقط محاولة فاشلة لتبرير الفشل، بل كان صفعة أخرى للمواطنين الذين فقدوا الثقة في قدرة الحكومة على حماية أرواحهم.

أرواح أربعة مغاربة أُزهقت، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية بدل أن تقدم اعترافًا واضحًا وتتحمل مسؤوليتها بشجاعة، اختارت التهرب والمراوغة.

هذا التلاعب بالحقائق والتهرب من المسؤولية لا يعكس فقط ضعف الأداء الإداري الذي أضحت تتخبط فيه وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بل يكشف عن أزمة تواصل أخلاقية عميقة داخل مؤسسة يُفترض أنها حارس حق المغاربة في الحياة.

هذه الحادثة لم تكن مجرد عطب تقني في الأوكسجين، بل عطب ضرب منظومة بأكملها أضحت تفتقر إلى الكفاءة والمصداقية والإنسانية.

فعلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أن تدرك أن أرواح المغاربة ليست مجرد أرقام في بلاغ صحفي متناقض، وأن الاعتراف بالفشل وتحمل المسؤولية هما أولى خطوات الإصلاح الحقيقي.

 

كلمات دلالية مولاي يوسف وزارة الصحة وفيات

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: مولاي يوسف وزارة الصحة وفيات وزارة الصحة والحمایة الاجتماعیة

إقرأ أيضاً:

وزير العمل: إشادة دولية بانضمام مصر للتحالف العالمي للعدالة الاجتماعية

استقبل وزير العمل محمد جبران، اليوم الخميس، بمكتبه بالعاصمة الإدارية الجديدة، إيلينا بانوفا، المٌنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، للبحث والتنسيق في الملفات المشتركة، حيث رحب الوزير بمسؤولة الأمم المتحدة، مُستعرضًا الجهود التي تبذلها الوزارة في مجالات العمل، خاصة تشريعات العمل، ومن أهمها مشروع قانون العمل الذي يهدف إلى تحقيق المزيد من الأمان الوظيفي للعامل، والتشجيع على الاستثمار، وتعزيز علاقات العمل.

كما استعرض الوزير جهود الوزارة في مجالات «الرقمنة»، وتطوير منظومات التدريب المهني من أجل التشغيل، وتمكين المرأة اقتصاديا، والسلامة والصحة المهنية، من أجل بيئة عمل لائقة، و«التحول الرقمي»، لتقديم الخدمات للمواطنين بشكل أفضل.

تصديق مصر على الاتفاقية الدولية للعمل البحري

من جانبها هنأت إيلينا بانوفا، وزير العمل محمد جبران على توليه حقيبة الوزارة، موضحة أنها مسؤولة عن كل الهيئات التابعة للأمم المتحدة في مصر، مشيدة بجهود الوزارة في عددِ من الملفات، منها تصديق مصر على الاتفاقية الدولية للعمل البحري، والانضمام إلى التحالف العالمي للعدالة الاجتماعية، وهي مبادرة من منظمة العمل الدولية، لتبادل الخبرات في مجالات الحماية والعدالة الاجتماعية.

تشكيل المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي في مجال العمل

وأشادت بتشكيل المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي في مجال العمل، وجهود الوزارة في التعاون مع منظمة العمل الدولية خاصة في :الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، والسلامة والصحة المهنية، والتمكين الاقتصادي للمرأة من خلال «وحدة المساواة بين الجنسين»، التابعة للوزارة، ودور الوزارة في مواجهة تحديات تغير المناخ على الوظائف وفرص العمل.

وأعربت عن سعادتها بخطوات مصر الحالية للحد من سياسات الهجرة غير الشرعية، وإعداد مسودة لمشروع العمالة المنزلية، وتطوير منظومة التدريب المهني، واتفق الجانبان على تعزيز التعاون مع منظمات الأمم المتحدة خلال الفترة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • وزارة الصحة توضح ملابسات وفاة 4 رضع بمستشفى مولاي يوسف بالرباط
  • وزارة الصحة تعترف بمشكلة في الأوكسيجين لكن تنفي تسببه في وفاة 4 مرضى في الإنعاش بمستشفى مولاي يوسف
  • رئيس وزراء فلسطين السابق لـ "الوفد": جذور فلسطين أعمق من أي محاولة للاحتلال الذي يحاول عبثًا محو هويتها
  • حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة
  • الصحة الفلسطينية: 44930 شهيدًا حصيلة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة
  • السيطرة على حريق نشب بهيئة التأمين الصحي في بني سويف
  • وزارة الصحة: 66 حالة وصلت البشير والتوتنجي نتيجة حريق دار ضيافة المسنين
  • وزير العمل: إشادة دولية بانضمام مصر للتحالف العالمي للعدالة الاجتماعية
  • صحة غزة تنشر حصيلة جديدة لضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع