تحديات معيشية قاسية وتدهور في الأوضاع الإنسانية والصحية
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
في ظل التصعيد المستمر شمال قطاع غزة، يواجه السكان تحديات معيشية قاسية وتدهورًا خطيرًا في الأوضاع الإنسانية والصحية. باتت مناطق الشمال ساحةً مفتوحة لدمارٍ يطال كل شيء؛ المنازل، المدارس، المستشفيات، وحتى الملاجئ التي كان الناس يظنون أنها قد تكون ملاذًا آمنًا.
وفي قلب هذه المأساة، يقع مستشفى كمال عدوان، أحد أبرز المستشفيات في شمال القطاع، كرمز للصمود والمقاومة الإنسانية أمام آلة الحرب.
تصريح مدير المستشفى، الدكتور حسام أبو صفية، يعكس عمق الأزمة الإنسانية التي يعيشها النظام الصحي في شمال قطاع غزة، خاصة في ظل الاستهداف المتواصل لهذا المرفق الطبي الحيوي.
قصف مستمر ومأساة متفاقمة
الدكتور حسام أبو صفية أفاد لجريدة لـ«عُمان» بأن المستشفى تعرض مؤخرًا لقصف مكثف بأكثر من 100 قذيفة وقنبلة، ما ألحق أضرارًا جسيمة في بنيته التحتية. أحد مباني المستشفى أصبح بلا كهرباء، بلا أكسجين، وبلا ماء، ما جعل تقديم الخدمات الطبية الأساسية أمرًا بالغ الصعوبة، حسب تعبير مدير مستشفى كمال عدوان.
ومع استمرار القصف في المناطق المحيطة، تعجز الفرق الفنية عن الوصول إلى مرافق الكهرباء والأكسجين لإصلاح الأضرار، ما يزيد من تدهور الأوضاع داخل المستشفى.
يقول الدكتور أبو صفية: «لقد أصبحت المستشفى نفسها ساحة معركة، نحن نحاول جاهدين البقاء على قيد الحياة وتقديم الخدمات، ولكن الموارد محدودة والخطر محدق بنا جميعاً».
معاناة المرضى والعاملين في القطاع الصحي
داخل المستشفى، الوضع لا يقل كارثية، حيث يوجد 112 مصابًا يخضعون للعلاج، بينهم 14 طفلًا و6 حالات حرجة في وحدة العناية المركزة.
يوضح أبو صفية أن قسم الطوارئ مكتظ بالجرحى نتيجة القصف المستمر، بينما ينتظر العديد من المرضى الدخول إلى أقسام المستشفى التي لم تعد قادرة على استيعاب المزيد.
مريم عبدالرحمن (38 عامًا)، ممرضة تعمل في مستشفى كمال عدوان، تصف الوضع بقولها: «أعمل على مدار الساعة، رغم القصف المستمر والخطر الذي يحيط بنا».
وتصيف لـ«عُمان» خلال حديثها: «نواجه نقصًا حادًا في المعدات الطبية والأدوية. في كثير من الأحيان، نضطر إلى العمل بيدينا العاريتين لإنقاذ المرضى».
ويرقد أحمد، وهو طفل يبلغ من العمر (12 عامًا)، في قسم العناية المركزة بعد أن أصيب بشظايا قنبلة أثناء لعبه خارج منزله.
والدته تقول لـ«عُمان» خلال حديثها: «لا أعلم إذا كان سينجو. الكهرباء تنقطع باستمرار، والأطباء يقولون إن نقص الأكسجين يهدد حياته».
نزوح وظروف معيشية مزرية
لم يقتصر التأثير على المستشفى فحسب، بل يمتد ليشمل السكان في شمال غزة. القصف المتواصل أدى إلى نزوح آلاف العائلات، التي اضطرت للبحث عن مأوى في ظروف معيشية مزرية. الشوارع مليئة بالركام، وشبكات المياه والكهرباء دُمرت بشكل شبه كامل.
يقول أبو محمد (47 عامًا)، أحد سكان مشروع بيت لاهيا: «لا يوجد مكان آمن في الشمال. أينما ذهبنا، نجد الدمار والقصف. حتى المستشفيات لم تسلم، فأين نذهب بأطفالنا؟».
نداء استغاثة للمجتمع الدولي
وسط هذه المعاناة، وجهت إدارة مستشفى كمال عدوان والعاملون فيه نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل الفوري. يقول الدكتور أبو صفية: «لقد ناشدنا العالم مرات عديدة لحماية العاملين في القطاع الصحي والمرضى، لكن لم نستلم أي رد أو مساعدة».
يشير مدير مستشفى كمال عدوان إلى أنهم حاولوا التواصل مع مراكز التنسيق الإغاثية عبر الدكتور فتحي أبورة، مستشار وزارة الصحة في قطاع غزة، ولكن لم يتلقوا أي رد حتى اللحظة.
وفي أكتوبر الماضي، أبدى القطاع الصحي في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية استنكاره الشديد للجرائم الإسرائيلية باستهداف 3 مستشفيات في شمال قطاع غزة.
قصف مستشفيات الشمال الثلاث
وقال بيان القطاع الصحي إن «إسرائيل قصفت 3 مستشفيات: العودة، والإندونيسي، وكمال عدوان، حيث يوجد مئات المرضى والطواقم الطبية، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من المواطنين». وأوضح أن الدبابات الإسرائيلية تحاصر مستشفى الإندونيسيى بعد قطع الكهرباء عنه.
ويشهد القطاع الصحي في قطاع غزة وضعًا متدهورا، إذ تحذر وزارة الصحة في غزة بين الحين والآخر المجتمع الدولي من «الوضع الصحي الكارثي في مستشفيات شمالي القطاع»، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنقاذ حياة الفلسطينيين.
الأطباء جنود الخط الأمامي
في ظل غياب الحماية الدولية، يعمل الطاقم الطبي كجنود الخط الأمامي في معركة إنقاذ الأرواح. يكافحون وسط ظروف شبه مستحيلة، بين نقص الإمدادات الطبية والقصف المتواصل. يقول أحد الأطباء، الذي طلب عدم ذكر اسمه: «نحن نعيش كل يوم تحت خطر الموت. نحاول القيام بواجبنا الإنساني، ولكن إلى متى نستطيع الصمود؟».
الموت القادم من السماء
السكان في شمال قطاع غزة يعانون بشكل يومي من تبعات القصف المستمر. أطفال يعيشون في خوف دائم، يراقبون الموت القادم من السماء، عائلات فقدت منازلها وأحبتها، وأحياء كاملة تحولت إلى أنقاض.
يقول محمود عليان (23 عامًا)، وهو متطوع في فريق إغاثة محلي: «نحاول توزيع المساعدات على النازحين، لكن ما لدينا لا يكفي. الناس بحاجة إلى طعام، ماء، وملابس. الوضع مأساوي بكل المقاييس».
صمود أسطوري بين الموت والحياة
رغم المآسي المتتالية، يواصل أهل غزة إظهار صمودهم الأسطوري. المستشفيات، رغم قلة الإمكانيات، تعمل بكل طاقتها لإنقاذ الأرواح. العائلات تعيد بناء ما يمكن إنقاذه، والمتطوعون ينظمون جهود الإغاثة تحت القصف.
يردف عليان لـ«عُمان» خلال حديثه: «هذا الصمود لا يجب أن يُنسينا مسؤولية العالم. الوضع الإنساني في شمال قطاع غزة أصبح وصمة عار على جبين الإنسانية».
ويؤكد: «القصف المستمر على المستشفيات والمناطق المدنية ليس مجرد انتهاك للقانون الدولي، بل هو جريمة حرب تستدعي تحركًا فوريًا».
رسالة صمود من الشمال
بين القصف المستمر والمأساة الإنسانية التي تعصف بشمال غزة، يبرز مستشفى كمال عدوان كرمز لصمود النظام الصحي في مواجهة التحديات المستحيلة. ولكن هذا الصمود لن يستمر طويلاً دون تدخل دولي عاجل.
الأطباء، المرضى، والسكان جميعهم ينتظرون بصيص أمل من العالم لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية ووضع حدٍ لمعاناة لا يمكن وصفها بالكلمات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مستشفى کمال عدوان فی شمال قطاع غزة القصف المستمر القطاع الصحی أبو صفیة الصحی فی لـ ع مان
إقرأ أيضاً:
البابا فرنسيس يكشف عن وضعه الصحي في رسالة
كشف البابا فرنسيس، اليوم الأحد من المستشفى حيث يعالج من مضاعفات التهاب في الرئتين، أنه يواجه "فترة صعبة"، معربا في رسالة عن امتنانه الكبير للأشخاص الذين يصلون من أجله ويعتنون به بتفانٍ كبير.
ووجّه البابا، البالغ 88 عاما والذي يُعالج منذ 14 فبراير الماضي من التهاب رئوي، رسالة شخصية إلى المؤمنين نشرها الفاتيكان بعد غيابه مجددا عن الصلاة اليوم الأحد.
وقال بابا الفاتيكان "أواجه فترة صعبة وأنضم إلى إخوة وأخوات كثيرين مرضى وضعفاء مثلي حاليا".
وأضاف "أجسادنا ضعيفة، ولكن حتى في هذه الحالة، لا يمكن لأي شيء أن يمنعنا من أن نحب ونصلي ونبذل ذاتنا ونكون لبعضنا البعض. في الإيمان علامات رجاء مضيئة".
ومنذ 14 فبراير، يخضع البابا فرنسيس للعلاج في مستشفى "جيميلي" في العاصمة الإيطالية روما بسبب التهاب في الشعب التنفّسية امتدّ إلى رئتيه.
وهي المرة الخامسة التي يغيب فيها البابا عن أداء صلاة الأحد في ساحة القديس بطرس بسبب حالته الصحية.
ولم تكن له إطلالة من نافذة غرفته في الطابق الثاني من مستشفى "جيميلي".
وتجمّع عشرات الأطفال، من بينهم مجموعة من الكشافة الكاثوليكية، صباح اليوم الأحد، أمام تمثال البابا يوحنا بولس الثاني عند مدخل المستشفى وهم يحملون بالونات صفراء وبيضاء بألوان علم الفاتيكان ويهتفون باسم البابا.
"شكرا أطفالي الأعزّاء"
وإن كان البابا فرنسيس لم يلق التحيّة الأحد على الأطفال من نافذة المستشفى، فقد وجّه إليهم رسالةن.
وكتب في رسالته "أعلم أن أطفالا كثيرين يصلّون من أجلي، وبعضهم جاء اليوم إلى مستشفى جيميلي ليعبّر عن تعاطفه معي. شكرا أطفالي الأعزّاء! البابا يحبّكم وما زال ينتظر لقاءكم".
وتضمنت رسالة البابا دعوة إلى الصلاة على نيّة السلام في العالم، قائلا "لنواصل صلاتنا من أجل السلام، وخصوصا في البلدان التي مزقتها الحروب".
"وقت للتعافي"
ولم يفته في رسالته، اليوم، توجيه تحيّة جديدة إلى طواقم العلاج العاملة في المستشفيات. وكتب "فلتُضئ هذه الرعاية الحنونة الغرف والأروقة والعيادات والمرافق التي تقدّم فيها الخدمات الأكثر استحقاقا للتقدير".
وأردف "أشكركم جميعا لصلواتكم وأشكر كلّ من يساعدني بتفانٍ كبير".
وينبغي للبابا فرنسيس البقاء في المستشفى لمتابعة العلاج، وذلك بالرغم من التحسّن التدريجي في وضعه الصحّي، بحسب آخر نشرة رسمية حول صحّته نشرت أمس السبت.
وأشار البيان المقتضب إلى أن "الأوضاع السريرية لقداسة البابا بقيت مستقرّة، ما يؤكّد التقدّم المنجز خلال الأسبوع"، لكن "البابا ما زال بحاجة إلى رعاية صحّية في المستشفى وعلاج حركي وتنفّسي".
وأشارت الخدمة الإعلامية للفاتيكان إلى أن "الجسد في الثامنة والثمانين بحاجة إلى وقت للتعافي من التهاب في الرئتين، بما في ذلك الطاقة والقوّة".