جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-23@16:57:01 GMT

كلمات.. بين رجفة القلم واعتداله

تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT

كلمات.. بين رجفة القلم واعتداله

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

هل يرتجف القلم أم هي الأصابع التي تسير به أم هو العقل الذي يوجهه أم هي خواطر القلوب التي تنتقل ما بين قوائم الخيارات التي تشكل أخيرًا الكلمة التي تستقر حبرًا على الورق لتعيش ردحًا من الزمن؟!

ها أنا اليوم وقلمي عندما وصل العمر لأرثي والدي الحبيب، ليس كمالًا في سيرته وإنما بقدر ما يكون تحايلًا على النفس أني كتبت أو أنني استطعت أن أُشكل حروفًا هي حتمًا لن تروي عطش النفس لما أريد أن أقول.

والدي الحبيب.. أَعِدْني إلى مُعلمي الغالي محمد القبيلي لأحمل اللوح وقلم البوص والمداد كي لا أتأخر عن قفر أثر حليوان وأمه حلوة، ولكي أحضر جلسة المبرز، التي لم أعلم إلا أخيرًا أنكم كنتم تغرسون فينا اليقظة والشجاعة وحضور النفس لكل مهمات الحياة عندما تنادون بصوتكم المخيف (قهوة) أو (شربة) ليكون الجواب منَّا الحضور جميعًا، قفزة لا يسلم الفنجان خلالها من الكسر أحيانًا. أعدني إلى زحام الإبل والخيل للقفز على سروجها بل لأعلم أن الرماية وهي تسابق الريح ممكنة.

علمني فقد بدأت نسيان السير ليلًا في رحلات القنص في الليالي المظلمة ومسامرة النجوم وجمر السمر ورغيفه وإعداده، علمني بأنواع ذخائر "الشوزن" التي يحبها كثيرًا، وخاصة تلك التي يحمل مخزنها خمس طلقات والتي يُمكن رميها آليًا.

أين سنضع سيف سليم والبندقية التي أهداها السُّلطان سعيد بن تيمور لوالدك- رحمهما الله- ونسخة فلج الغبي ومراسلات الحكام والملوك والتي يقرأ من خلالها كم هي أيامكم معقدة صعبة، ولم تخلوا من المناسبات الجميلة في مناسبات أخرى أحيانا.. كم هي غنية بالأحداث والتي فرقت بين مستوى الرجال وشموخهم، هل سنستطيع أن نمر بين جنبات نخيلك في المازم وضنك والعراقي والعينين لكي تبقى شواهد لتاريخكم العزيز.

والدي الحبيب.. دعني أعيد القصيدة التي كتبتها فيك يومًا، عندما كنَّا نتكلم عن تقلبات الزمن والفروق بين عصركم الذي قفرتم فيه الإبل وتبعتم وخيذها وأعدتموها عنوة وحملتم همنا أفرادا وجماعة وتقدمتم الركب للرزق والكرامة وعزة المجتمع في زمان من الصعب أن يتصوره إنسان اليوم.

والدي الحبيب.. والله وعدًا مني أنني لن أنسى عندما عاقبتني يومًا عندما تأخرت عن صلاة الفجر، وبرحمته تعالى أني سأبرّك فيها كما تتمنى.

لكن وبعد كل هذا، من سيُعيد تذكيري بحاضرة "الغبي" وتاريخها ومساجدها وأسواقها ومدارسها وعلمائها وأفلاجها وعن تاريخ القبائل والأحداث التي يشيب لها الولدان والمازم وغرفة أولاد راشد ونخيلك المفضلة فيها وشعابها، والسمر الذي قضيت ووالدك فيها أيامًا خلال الشتاء، والتي كان أنيسكم فيها سمحة وحليوان وحلوه، غرفك في هيماء وصلالة وجلسة الخريف وزيارة كل المُحبين من كل عُمان وخارجها من سيغطيها وكم ستكون خفيفة صامتة صغيرة بدونك.

من سيملأ مكانك في مجلسك الذي جمع أيامًا عديدة من قبائل عُمان وخارجها رجالا تعددت مشاربهم وألوانهم بتلك اللحى الغانمة وصوتهم المهيب وحضورك الذي يساير أولئك العظماء من الرجال.

والدي الحبيب.. لمن ومن يعرف عن آخر تغرود ظل في ذاكرتك وأنت على الفراش:

خبيبنا أم العضود المالية // البدو شلت والمنازل خالية

ومن الذي سيستمتع بمطلع القصيدة التي قلتها يوما فيك:

يا بوي وأنت أقرب من الرمش للعين // وين ألحقك يلي مثل كل عالي

الأهم من كل هذا، ولأن نسيج عُمان الغالي ارتبط بالتراحم والتآلف والعلاقات بين القبائل، فهل سنستطيع أن نوفي حقك ونبِر بما وصلت إليه كلماتك ومعرفتك بكل محبيك في عُمان وخارجها؟

ولأن القلم يرتجف، علمت قبل أن أمسك به أني سأكتب حروفًا لا تعني إلّا النزر القليل، مما تحمل نفسي من ذاكرتك، التي هي كل ما أملك.. فلعلي وبعد حين يمُن الله عليّ أن أكتب فيك ما تستحق.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أحمد السقا: وفاة والدي أكثر موقف أثر في.. والموت قريب من الكل

كشف النجم أحمد السقا، عن أصعب اللحظات التي مر بها في حياته، مشيرًا إلى أن وفاة والده كانت صدمة كبيرة له، حيث عانى من حالة إنكار واستغراب، قائلًا: "مكنتش مصدق.. كنت حاسس إنه مش هيحصل، أكتر موقف أثر فيا الفراق، حسيت إني ضعيف في فترات الفراق".
 

أحمد السقا: علاء مرسي أخ أكبر وقيمة كبيرة في حياتيمنهم محمد سامي .. أفضل 3 مخرجين في رأي أحمد السقا

وأضاف أحمد السقا، خلال لقائه مع الإعلامية أسما إبراهيم، ببرنامج "حبر سري"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، اليوم السبت، أنه خلال سنوات حياته مر بالكثير من مواقف الضعف، مضيفًا: "أنا كان زمان صعب جدًا أعيط، كل واحد فينا بيبقى فاكر الموت بعيد عنه"، مؤكدًا على الإحساس الإنساني بالضعف عند فقدان الأحباب، وكان دائمًا يظن أن الموت شيء بعيد عنه، لكنه أدرك لاحقًا أنه أقرب مما نتخيل، قائلاً: "لازم نعرف أن الموت بينا وبينه مليمتر".
 

وأوضح أحمد السقا، أنه ليس هناك إنسان قوي تمامًا أو ضعيف تمامًا، مضيفًا: "أنا بني آدم مش جماد لحم ودد.. عندي مواقف ضعف زي أي حد، هناك فارق كبير بين فترات الضعف والخوف"، مؤكدًا أن رحيل الأحباب من أكثر المواقف التي تكسر الإنسان وتجعله يشعر بالهشاشة.
 

وتابع: "أنا مكنتش مصدق لحظة رحيل ووفاة والدي.. كان عندي حالة عدم استيعاب، أي حد فينا بيكون فاكر أن الموت بعيد عنه، لكنه قريب جدًا منه".
 

مقالات مشابهة

  • أحمد ماهر: والدي كان يعاقبني بالشومة وربيت أولادي بالكرباج مثل المماليك
  • ماذا وراء تصريحات مبعوث ترامب للشرق الأوسط التي قال فيها إن مصر مفلسة والنظام مهدد بالسقوط؟
  • تارا عماد: سامحت والدي لكن لا أريد التعامل معه
  • أدعية ليلة القدر المستجابة.. كلمات مكتوبة فيها الخير العظيم
  • التويجري : ولي العهد طرح سؤالاً غير منطومة الصناعة السعودية .. فيديو
  • أحمد السقا: وفاة والدي أكثر موقف أثر في .. وهذه رسالتي لـ أشرف عبد الباقي
  • من جولة محافظ إدلب محمد عبد الرحمن في بلدات كفرنبل وحاس وكفروما للاطلاع على الواقع الخدمي فيها، والتعرف على الاحتياجات التي تسهّل عودة الأهالي إليها
  • أحمد السقا: وفاة والدي أكثر موقف أثر في.. والموت قريب من الكل
  • مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالخبر ينقذ حياة سبعيني بعملية قسطرة قلبية متقدمة
  • رد المطلقة وجلب الحبيب.. حيلة فتاة للنصب على أصحاب المشاكل العاطفية