حصدت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية ثلاث جوائز ضمن الجائزة الوطنية للبحث العلمي والتي أعلن عنها خلال فعاليات الملتقى السنوي الحادي عشر للباحثين الذي نظمته وزارة التعليم العالي والبحث العملي والابتكار.

وجاء حصول الجامعة على هذه الجوائز تحقيقا لرؤيتها في دعم مجالات البحث العلمي والابتكار وتعزيز مكانتها كهيئة علمية تدعم برامج البحث العلمي وتعزز إمكانيات وقدرات منتسبيها الباحثين، وقد تنوعت مجالات فئات الجوائز، حيث نال الدكتور عبدالله بن حميد العبري الجائزة الوطنية للبحث العلمي عن فئة الدكتوراة في مجال التعليم والموارد البشرية، والدكتورة إيمان بنت خالد السالمية على الجائزة الوطنية للبحث العلمي عن فئة الباحثين الناشئين في مجال الثقافة والعلوم الاجتماعية والأساسية، وحصلت الدكتورة خلود بنت موسى البلوشية على الجائزة الوطنية للبحث العلمي عن فئة الباحثين الناشئين في مجال الطاقة والصناعة.

تبخر المخاليط الثنائية

الدكتورة خلود بنت موسى البلوشية، مساعدة عميد كلية الهندسة والتكنولوجيا، الحاصلة على الجائزة عن بحث بعنوان "تأثير ترطيب المخاليط الثنائية على الأسطح المعدلة هندسيا بالتقنيات الدقيقة (مايكروميتر)" أشارت إلى أن البحث يقدم دراسة منهجية حول تأثير الخليط الثنائي (الماء والكحوليات) والهيكل السطحي على الترطيب، وتم تطوير خريطة نظام ترطيب متكاملة عالمية والأولى من نوعها توضح وظائف أنظمة الترطيب المختلفة مثل "كاسي باكستر، وونزيل الجزئية غير المبللة، وأنظمة وينزل للترطيب الجزئي" بالإضافة إلى سلوك القطرات وأشكالها غير المألوفة المختلفة التي تعتمد على التوتر السطحي للغاز والسائل الذي يظهر للمخاليط الثنائية، وطبيعة السطح المستخدم .. مشيرة إلى أن هذه الورقة العلمية كانت جزءا من الأبحاث التي عملت عليها طوال ٤ سنوات، والذي تركز البحث العلمي في بداية الأمر على تبخر المخاليط الثنائية على الأسطح المعدلة هندسياً، ولكن لاحظت عند وضع القطرة بحجم ٣ ميكروليتر بأن بعض القطرات كانت تتشكل بغير شكلها الكروي المألوف بل كانت تتشكل بأشكال مضلعة كالمربع والأشكال السداسية والثمانية بفعل تأثير هيكلة السطح والتوتر السطحي المنخفض لبعض المخاليط الثنائية. مما خلق لي فرصة للتوسع أكثر في محتوى رسالة الدكتوراة.

وأكدت أن أهم تطبيقات هذا البحث نجدها في أي مكان يتلامس فيها السائل مع سطح صلب، وعلى سبيل المثال لا الحصر في حقول النفط والغاز، بسبب قابلية النفط للترطيب على الصخور هي أحد العوامل التي لها تأثير أكبر على الإنتاجية، وبالتالي فإن حل المشاكل ذات الصلة يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإنتاجية، تشير قابلية النفط للترطيب إلى مدى سهولة انتشار السائل أو التصاقه بسطح صلب، وعلى سبيل المثال في حقول النفط والغاز، تلعب قابلية النفط للترطيب على الصخور دورًا حاسمًا في تحديد إنتاجية الحقل، إذا كانت نسبة الترطيب عالية، فسوف يتدفق بسهولة عبر مسام الصخور ويعزز الإنتاج، وأما إذا كان النفط غير قابل للترطيب على بعض الصخور أو إذا كان الترطيب جزئيا، فقد يعلق في المسام، مما يقلل من تدفق النفط والإنتاجية الإجمالية، لذلك، فإن فهم ومراقبة قابلية النفط للترطيب أمر ضروري لتحسين إنتاجية النفط والغاز.

المركبات الثلاثية للنحاس

الدكتورة إيمان بنت خالد السالمية، الأكاديمية بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بفرع المصنعة والتي حصلت على الجائزة عن فئة الباحثين الناشئين في مجال الثقافة والعلوم الاجتماعية والأساسية من خلال البحث العلمي بعنوان "المركبات الثلاثية للنحاس الثنائي القائمة على الفينولات مع الثيوسيمي كربزون: الخصائص المغناطيسية والهيكلية، والسمات الطيفية، والنشاط الانتقائي المميز المضاد لتكاثر الخلايا السرطانية"، وشارك ضمن الفريق البحثي الباحث الأستاذ الدكتور موسى شنجويه، البروفيسور بقسم الكيمياء في جامعة السلطان قابوس.

وأشارت الدكتورة إيمان السالمية إلى أن فكرة البحث جاءت من خلال الدافع الرئيس وراء هذا المسعى البحثي إلى حد كبير هو ندرة المركبات الثلاثية القائمة على مرتبطات الثيوسيمي كربزون (thiosemicarbazones) والمحتوية على النحاس الثنائي إضافة إلى المرتبطات الثنائية المساعدة (N,N-donor) ، حيث توضح هذه الدراسة صنع وتحليل وتوصيف الخصائص الفيزيائية والكيميائية لمركبات ثلاثية جديدة من النحاس الثنائي، بالإضافة إلى دراسة تأثيراتها السامة ضد الخلايا السرطانية، وتحضير مرتبطات الثيوسيمي كربزون ومركباتها الثلاثية من النحاس الثنائي من خلال تأكيد هويتها الكيميائية وتركيبها الهيكلي ثلاثي الأبعاد، وتقييم السمية الخلوية لهذه المرتبطة ومركباتها الثلاثية من النحاس الثنائي ضد نوعين من الخلايا السرطانية البشرية، ومن المثير للاهتمام أن المركب الأول قد أظهر فعالية انتقائية ضد خلايا سرطان عنق الرحم، وفي المقابل فإن نشاط المركب 2 تميز بسلوك مضاد لخلايا سرطان الثدي حيث هاجم هذه الخلايا دون غيرها، وعلى الرغم من أن هذا النشاط قد لوحظ في النتائج المخبرية فقط ضد خلايا سرطانية حية إلا أن النتائج تشير إلى أن هذه المركبات الثلاثية للنحاس الثنائي تحمل تطبيقات محتملة كأدوية بديلة موجهة لعلاج السرطان، كما أن هذه الدراسة قد أثبتت أن المركبين 1 و 2 أكثر فعالية كمضادات لتكاثر الخلايا السرطانية مقارنة بعقار السيسبلاتين الذي يعد أحد أشهر الأدوية المستخدمة حاليا في العلاج الكيميائي ضد الخلايا السرطانية، بالإضافة إلى ذلك، يفتقر السيسبلاتين إلى الانتقائية للخلايا السرطانية التي تمتاز بها هذه المركبات، كما أنها تظهر نشاطًا مضادًا للسرطان أكثر قوة مقارنة بأنواع أخرى من الأدوية المستخدمة حاليا.

وأكدت الدكتورة إيمان السالمية أن البحث واجه تحديات كونه بحث علمي قائم على التجارب المخبرية، وبالتأكيد التجريب والخطأ والفشل أحيانا مصحوب بجد واجتهاد وإصرار ومثابرة للوصول إلى نتائج تثري المجتمع البحثي وتقدم إضافة بنتائج أصيلة ورصينة وغير مسبوقة، فمن ضمن التحديات عدم توفر بعض الأجهزة والتقنيات للقيام بالتحاليل والقياسات، ولمواجهة هذه التحديات أنشأنا تعاونا مع جامعات أجنبية مثل جامعة جورج أوغست في غوتنغن بألمانيا، وجامعتي شيفيلد ومانشستر بالمملكة المتحدة، وجامعة كانازاوا باليابان، وقسم علم السموم وعلم الأدوية بكلية الصيدلة بجامعة العلوم الطبية في الجمهورية الإيرانية، وجامعة ياجيلونيا في بولندا إضافة إلى وحدة التحاليل البحثية التطبيقية بجامعة السلطان قابوس، مشيرة إلى أن البحث العملي في مجال الكيمياء قدم إضافة مهمة لمجتمع البحث العلمي وأسهم في تقديم نتائج غير مسبوقة كبحث أصيل خاصة في علم المركبات التناسقية المعقدة وتحليل هويتها الكيميائية باستخدام مختلف تقنيات التحليل المغناطيسي والطيف الترددي وإثبات التركيب ثلاثي الأبعاد باستخدام مطياف الأشعة السينية لبلورة أحادية لكل من هذه المركبات، وفي الجانب الحيوي تم اختبار هذه المركبات كمضادات حيوية ضد نوعين من سلالات البكتريا وضد نوعين من الخلايا السرطانية البشرية وأثبتت فعالية وكفاءة بشكل انتقائي يعزز تفوقها على الأدوية المستخدمة حاليا لاسيما إن استطعنا الوصول بالاختبارات للمرحلة السريرية، ولهذا يعد هذا الاختبار ضروريا لضمان سلامة العقار واستخدامه كمضاد محتمل وعلاج آمن للسرطان، وهذا سيكون بإذن الله ذلك جزءًا من الأبحاث المستقبلية لاستكمال الدراسة.

الطلاقة المعجمية

الدكتور عبدالله بن حميد العبري رئيس قسم الابتكار ونقل التكنولوجيا بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بفرع نزوى، حصل على الجائزة عن فئة الدكتوراة في مجال التعليم والموارد البشرية، من خلال البحث العملي بعنوان (دراسة التقييم الموجه نحو التعلم في تعزيز الطلاقة المعجمية للطلاب من خلال التعلم اللغوي المدعوم بالأجهزة المحمولة) بمشاركة فريق البحث العلمي الذي يضم الدكتورة فاطمة رنجبران مادسه من جامعة السلطان قابوس، والدكتور مصطفى مراد مقدام من جامعة شاهرود للتكنولوجيا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وأشار الدكتور عبدالله العبري إلى أن البحث العلمي يهدف إلى دراسة تأثير دمج تقنيات التعلم المُعزز بالأجهزة المحمولة في سياقات تعلم اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية، وخاصة من خلال التقييمات الموجهة نحو التعلم، على تحسين طلاقة المفردات لدى الطلبة، والمشكلة التي يناقشها البحث هي صعوبة تعزيز طلاقة المفردات لدى الطلبة في امتحانات التحدث، بالإضافة إلى صعوبة إيجاد أدوات فعالة لإشراك الطلبة وتسهيل عملية التعلم، مشيرا إلى أن الفائدة المرجوة من البحث العلمي تكمن من خلال تعزيز مهارات الطلبة، حيث أظهرت الدراسة أن استخدام تقنيات التعلم المُعززة بالأجهزة المحمولة في تدريس اللغة الإنجليزية، وخاصةً في جانب المفردات، قد يساعد الطلبة على تحسين طلاقة استخدامهم لهذه المفردات عند التحدث، فهذا يعني أن الطلبة قد يصبحون أكثر قدرة على التعبير عن أنفسهم بسهولة ويسر، وأن كلامهم سيكون أكثر ثراءً ودقة، وكذلك الاستفادة من التكنولوجيا إذ تظهر الدراسة فائدة استخدام تقنيات التعلم المُعززة بالأجهزة المحمولة كأدوات تعليمية مساعدة في تدريس اللغة الإنجليزية، وهذه التقنيات تسمح للمعلمين بإجراء تقييمات سريعة وفعالة وتقديم تغذية راجعة فورية للطلبة، مما يمكنهم من فهم نقاط قوتهم وضعفهم بشكل أفضل، كما أن استخدام هذه التقنيات يسهم في خلق بيئة تعليمية أكثر تفاعلية، مما يشجع الطلبة على المشاركة بشكل أكبر، إلى جانب هذا تفيد الدراسة البحثية من خلال تجارب تعليمية مثرية أنه يمكن أن يسهم دمج تقنيات التعلم المعززة بالأجهزة المحمولة في خلق تجارب تعليمية أكثر إثارة وتشويقا للطلبة، فهذه التقنيات تسمح بتقديم محتوى تعليمي متنوع، وباستخدام وسائل بصرية وتفاعلية، مما يسهم في تحسين فهم الطلبة للمادة وزيادة تركيزهم في الصف.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الجائزة الوطنیة للبحث العلمی الخلایا السرطانیة الدکتورة إیمان جامعة التقنیة تقنیات التعلم هذه المرکبات البحث العلمی بالإضافة إلى على الجائزة إضافة إلى أن البحث من خلال فی مجال عن فئة إلى أن

إقرأ أيضاً:

د. محمود السعيد لـ«الفجر»: جامعة القاهرة تقود التحول البحثي في مصر وترتبط استراتيجيًا برؤية 2030"

في الوقت الذي تتسارع فيه خطى التحول الرقمي، وتتصاعد التحديات التنموية والبيئية عالميًا، بات من الضروري أن تلعب الجامعات دورًا محوريًا في إنتاج المعرفة، ودعم الابتكار، وتوجيه البحث العلمي نحو خدمة الأهداف القومية والاستراتيجية. ومن بين هذه الجامعات، تبرز جامعة القاهرة كواحدة من أعرق وأهم مؤسسات التعليم العالي في العالم العربي، حيث تسعى، من خلال رؤى طموحة وخطط مدروسة، إلى تعزيز موقعها على خريطة التميز البحثي إقليميًا ودوليًا.

ويأتي على رأس هذه الجهود الدكتور محمود السعيد، نائب رئيس جامعة القاهرة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، وأستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وهو أحد الرموز الأكاديمية البارزة في مجال الاقتصاد والتنمية. حصل الدكتور السعيد على درجة البكالوريوس من جامعة القاهرة، ثم استكمل دراساته العليا في جامعات مرموقة بالخارج، حيث حصل على الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة باريس 1 – بانتيون سوربون، وهي من أعرق الجامعات الأوروبية. وركزت أطروحته على سياسات التحول الاقتصادي في الدول النامية، وقد نُشرت أجزاء منها في مجلات أكاديمية محكّمة دوليًا.

شغل الدكتور السعيد عدة مناصب قيادية، أبرزها عمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وقاد خلالها مشروعات تحديث شاملة للبرامج الأكاديمية، كما عمل مستشارًا اقتصاديًا لعدد من الوزارات والهيئات القومية، وأسهم في إعداد أوراق سياسات تنموية ضمن مبادرات رئاسية ووطنية كبرى. وله سجل بحثي متميز يتضمن أكثر من 40 دراسة منشورة، شارك في إعدادها بمفرده أو ضمن فرق بحثية، وحصل على جائزة جامعة القاهرة للتميز في البحث العلمي، إلى جانب تكريمات أخرى من مؤسسات أكاديمية داخل مصر وخارجها.

من خلال هذا الحوار، مع موقع الفجر نستعرض مع الدكتور محمود السعيد ملامح الرؤية الاستراتيجية الجديدة لجامعة القاهرة في مجالات البحث العلمي والدراسات العليا، ونتناول بالتفصيل كيف تسهم هذه الرؤية في خدمة أهداف الدولة المصرية ورؤية 2030، والتحديات التي تواجه المنظومة البحثية، والفرص المتاحة للباحثين في المرحلة المقبلة.

س:  شهدت منظومة البحث العلمي في جامعة القاهرة تطورًا ملحوظًا خلال العقد الأخير. كيف تصفون هذه النقلة؟

 بالفعل، يمكن القول إن الجامعة شهدت تطورًا غير مسبوق في مجال الدراسات العليا والبحث العلمي خلال السنوات العشر الأخيرة. ما تحقق في هذه الفترة يتجاوز من حيث الكم والكيف ما تم إنجازه منذ تأسيس الجامعة وحتى عام 2015. تضاعف عدد الأبحاث المنشورة دوليًا بشكل لافت، وتحسن ترتيب الجامعة في التصنيفات العالمية بشكل واضح، حتى في تصنيفات كانت تمثل لنا تحديًا كبيرًا مثل تصنيف "التايمز".

هذا النجاح لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة جهد مؤسسي وخطة مدروسة لتحديث اللوائح الأكاديمية، وإطلاق كليات وبرامج جديدة تتماشى مع علوم المستقبل، مثل كلية النانو تكنولوجي، وهناك أيضًا خطط لإنشاء كليات في مجالات واعدة مثل علوم الفضاء والطاقة المتجددة. كما تم تعزيز البنية التحتية البحثية من خلال دعم المراكز المتخصصة، وتحديث المعامل، وتيسير الحصول على التمويلات البحثية.

س: كيف توائم الجامعة بين أولوياتها البحثية وأجندة التنمية الوطنية الممثلة في رؤية مصر 2030؟

 جامعة القاهرة جزء لا يتجزأ من منظومة الدولة، وملتزمة تمامًا بدعم تنفيذ رؤية مصر 2030. لهذا السبب حرصنا على أن تكون خطتنا البحثية انعكاسًا لأولويات الدولة، وخاصة في المجالات الحيوية مثل الذكاء الاصطناعي، الذي يمثل أحد المحاور الأساسية لاستراتيجية الجامعة.

ندرك جيدًا أن هذا المجال لم يعد ترفًا بحثيًا، بل هو ضرورة استراتيجية. أي تأخر فيه يعني تأخرًا في قطاعات الاقتصاد والصحة والتعليم وغيرها. بجانب الذكاء الاصطناعي، نركز أيضًا على قضايا الأمن الغذائي، وإدارة الموارد المائية، والطاقة المتجددة، والتحول الرقمي، والصحة العامة. هذه المحاور هي جوهر الخطط البحثية الجديدة التي نعدها للمرحلة من 2025 إلى 2030.

س: التخصصات البينية أصبحت توجهًا عالميًا. كيف تتعامل الجامعة مع هذا المفهوم؟

 صحيح، أحد أهم التطورات في الفكر الأكاديمي الحديث هو تجاوز الحدود التقليدية بين التخصصات. في جامعة القاهرة، بدأنا بالفعل منذ سنوات دعم هذا التوجه عبر إنشاء برامج بينية تجمع بين كليات مختلفة، كبرنامج "اقتصاديات الصحة" المشترك بين كليتي الطب والاقتصاد، أو ماجستير "الحوكمة ومكافحة الفساد" بالتعاون مع هيئة الرقابة الإدارية.

كما نشجع أيضًا على التعاون البحثي بين الأقسام المختلفة داخل الكلية الواحدة، ونعتمد هذا التوجه في صياغة الخطة البحثية الجديدة، بحيث تشتمل على مشروعات ذات طبيعة بينية تخدم قضايا معقدة لا يمكن التعامل معها من زاوية تخصصية ضيقة. مثل هذه البرامج لا تعزز فقط جودة البحث، بل تصنع أيضًا كوادر قادرة على التفكير التحليلي وحل المشكلات من زوايا متعددة.

س: ماذا عن دعم الجامعة للباحثين، خاصة فيما يتعلق بالنشر الدولي والمؤتمرات؟

دعم الباحثين هو حجر الأساس في استراتيجيتنا. شهدنا خلال السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في مخصصات مكافآت النشر الدولي، إذ وصلت في 2022 إلى نحو 70 مليون جنيه، ونتوقع أن تتجاوز 90 مليونًا في 2023، مما يعكس اهتمام الجامعة الواضح بتحفيز النشر في المجلات العلمية الرصينة.

كما نغطي تكاليف مشاركة الباحثين في المؤتمرات الدولية، ونعمل على تسهيل إجراءات السفر والدعم المالي، إلى جانب تعزيز التعاون مع جامعات ومراكز بحثية خارجية لتمويل مشروعات بحثية مشتركة. وأطلقنا أيضًا برامج تمويل داخلية من موارد الجامعة، وخصصناها لأبحاث ذات أولوية استراتيجية، سواء في العلوم التطبيقية أو الإنسانية والاجتماعية.

س: كيف تضمن الجامعة الشفافية في منح جوائزها البحثية المرموقة؟

 لدينا منظومة محكمة تضمن الشفافية والعدالة في منح الجوائز. نستخدم استمارات تقييم موحدة، تعتمد على معايير كمية ونوعية تشمل جودة الأبحاث المنشورة، عدد الاستشهادات، النشر في مجلات Q1، المساهمة في تأسيس مدارس علمية، والخدمة المجتمعية.

كما أننا نعتمد على محكمين خارجيين بنسبة الثلثين (اثنان من خارج الجامعة وواحد من داخلها). وفي حال وجود تفاوت كبير في التقييمات، نلجأ إلى محكم رابع لضمان الموضوعية. أيضًا نمنح الفرصة لجميع الأساتذة من خلال الترشح الذاتي، بعيدًا عن أي اعتبارات شخصية أو إدارية.

س: هل هناك آليات محددة لربط الأبحاث العلمية باحتياجات الدولة؟ وكيف يتم قياس الأثر؟

 نحن نطبق استراتيجية متكاملة لقياس الأثر، تقوم على الربط بين مخرجات البحث العلمي واحتياجات الدولة والمجتمع. من أبرز آلياتنا في هذا الإطار برنامج "تحالف وتنمية"، الذي يجمع بين الجامعات والمراكز البحثية والقطاع الخاص، ويُنفذ مشروعات إقليمية تهدف لحل مشكلات تنموية محددة.

نحن أيضًا نحرص على مواءمة الخطة البحثية الجامعية مع استراتيجيات الدولة المختلفة، سواء رؤية مصر 2030، أو استراتيجية تمكين المرأة، أو مكافحة الفساد، أو الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان. كما نستخدم مؤشرات أداء واضحة لقياس مدى تحقيق الأثر المجتمعي للبحث العلمي، سواء على مستوى القطاع أو على مستوى الباحث الفردي.

س: ما أبرز التحديات التي تواجه البحث العلمي في مصر؟ وكيف تتعامل معها الجامعة؟

التحديات كثيرة، أبرزها محدودية التمويل، لا سيما في الجامعات الحكومية. نحن نحاول تجاوز هذا القيد عبر تعظيم مواردنا الذاتية، من خلال البرامج المتميزة، والتعاون الدولي، واستثمار الفرع الدولي للجامعة.

أيضًا، واجهنا تحديًا ثقافيًا يتمثل في التركيز التقليدي على البحث من أجل الترقية فقط. لذلك، بذلنا جهودًا كبيرة لتغيير هذه الثقافة، عبر ربط البحث العلمي بمشكلات المجتمع والاقتصاد، وتشجيع البحوث التطبيقية. نريد للبحث العلمي في جامعة القاهرة أن يكون له دور حقيقي في التنمية، لا أن يظل مجرد إنتاج معرفي نظري.

س: في ختام هذا الحوار، ما هي رسالتكم للباحثين والطلاب في جامعة القاهرة؟

رسالتي واضحة: أنتم قادة المستقبل. البحث العلمي ليس مجرد مسار أكاديمي، بل هو أداة لبناء الوطن. أبوابنا مفتوحة لدعم كل فكرة جديدة وكل مشروع طموح. وسنظل نعمل جاهدين لتوفير البيئة التي تُمكنكم من الإبداع والمساهمة في تقدم مصر.

في ختام هذا الحوار الثري مع  الدكتور محمود السعيد، نائب رئيس جامعة القاهرة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، تبرز ملامح رؤية واضحة تقودها الجامعة نحو مستقبل أكثر ابتكارًا وتكاملًا في مجالات البحث العلمي والدراسات العليا. 

فالمؤسسات الجامعية لم تعد مجرد كيانات أكاديمية تقليدية، بل باتت جهات فاعلة في التنمية الشاملة، وجامعة القاهرة تقدم نموذجًا يُحتذى به في هذا السياق من خلال تبني استراتيجيات مرنة ترتكز على دعم الباحثين، وتعزيز التخصصات البينية، وتوجيه الخطط البحثية نحو احتياجات الدولة وأهداف التنمية المستدامة.

ما حققته الجامعة من إنجازات ملموسة على مستوى النشر الدولي، والتعاون مع الجهات الوطنية والدولية، وتطوير البنية التحتية البحثية، لم يكن ليتحقق لولا وجود قيادة أكاديمية واعية تدرك حجم التحديات وتملك الإرادة لتجاوزها. وبينما تتطلع الجامعة إلى الفترة 2025-2030 بخطة طموحة، فإنها تراهن على كوادرها العلمية في صناعة التغيير.

يبقى الرهان الحقيقي – كما أكد الدكتور محمود السعيد لـ "الفجر" – هو أن يتحول البحث العلمي إلى أداة فعلية لحل مشكلات المجتمع، وصناعة مستقبل أفضل للأجيال القادمة. 

مقالات مشابهة

  • د. محمود السعيد لـ«الفجر»: جامعة القاهرة تقود التحول البحثي في مصر وترتبط استراتيجيًا برؤية 2030"
  • رئيس جامعة نجران يُدشِّن معرض “البرمجة والابتكار”
  • "جامعة التقنية" بالمصنعة تستضيف مؤتمرا دوليًا للتنمية المستدامة في الهندسة والتكنولوجيا
  • الإثنين.. افتتاح مختبر الاستزراع السمكي بـ"جامعة التقنية" في صور
  • "جامعة التقنية" تستعرض مقترح تطبيق مقرر "عُمان: الدولة والإنسان"
  • مكتوم بن محمد: دبي تعزز مكانتها وجهة أولى للشركات صانعة الأثر
  • أكثر من 100 ورقة بحثية تناقش مستقبل الحلول التقنية المستدامة
  • رئيس جامعة بنها: حريصون علي الإستثمار في مخرجات البحث العلمي للمساهمة في نمو الاقتصاد الوطني
  • البلبيسي: بنك المعرفة المصري الدولي يؤسس لعصر جديد من البحث العلمي العربي
  • رئيس جامعة بنها: الاستثمار في البحث العلمي للمساهمة بـ نمو الاقتصاد الوطني