الزواج.. سكن واستقرار يُمهِّدان لطريق العبادة والصلاح
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق أن الزواج هو أساس الحياة المستقرة التي تُهيِّئ الإنسان للعبادة والإقبال على الله سبحانه وتعالى، وقد أشار القرآن الكريم إلى أهمية هذا الرباط المقدس في قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم: 21].
وأضاف جمعة أن الله سبحانه وتعالى قد أوضح في كتابه الكريم أن الزواج والإنجاب سنة الأنبياء، حيث خاطب نبيه محمدًا ﷺ بقوله: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً" [الرعد: 38]. وهذا تأكيد على أن هذا الرباط ليس مجرد علاقة اجتماعية بل هو جزء من القيم الدينية وسنة الحياة التي تضمن استمرارية الإنسان في عبادة الله وإعمار الأرض.
الميثاق الغليظوتابع جمعة أنه سمى الله عز وجل الزواج بـ"الميثاق الغليظ" في قوله: "وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا" [النساء: 21]. فهذا التعبير يعكس قداسة هذه العلاقة وأهميتها في تحقيق السكينة والمودة بين الزوجين.
نعمة الأزواج والذريةووضح جمعة أنه قد امتن الله على عباده بأن جعل لهم الأزواج والذرية، فقال تعالى: "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ" [النحل: 72]. فالذرية الصالحة هي امتداد لرسالة الإنسان في الحياة وأثرها لا ينقطع حتى بعد وفاته.
الولد الصالح.. امتداد للعمل الصالحيشير النبي ﷺ في حديثه الشريف إلى أن الولد الصالح هو من الأعمال التي يستمر أجرها حتى بعد الموت: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له". فالولد الصالح ينفع والديه بالدعاء والعمل الصالح، ويترك أثرًا طيبًا في المجتمع.
الأثر الإيجابي للزواج على المجتمعوأشار جمعة إلى أن صلاح الأبوين ينعكس على الأبناء، وهو ما يظهر جليًا في قصة الخضر مع موسى عليهما السلام عندما قال تعالى: "وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا" [الكهف: 82]، مشيرًا إلى أن صلاح الأب كان سببًا في حفظ كنز الأبناء ورعايتهم.
دعاء عباد الرحمن بصلاح الأزواج والذريةواختتم جمعة حديثة أنه من صفات عباد الرحمن التي ذكرها القرآن الكريم دعاؤهم الدائم بصلاح الأزواج والذرية، حيث يقول الله تعالى: "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" [الفرقان: 74]. فالدعاء بصلاح الأسرة ينعكس إيجابًا على استقرار المجتمع ونشر القيم الطيبة بين أفراده.
الزواج هو باب للسعادة والاستقرار إذا تأسس على القيم الإسلامية القائمة على المودة والرحمة. رزقنا الله وإياكم الأزواج الصالحين والذرية الطيبة، وأعاننا على بناء أسر تنشر الخير والصلاح في المجتمع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الزواج جمعة الميثاق الغليظ الأزواج الذرية أ ز و اج
إقرأ أيضاً:
حكم قول "تقبل الله" بعد إتمام الصلاة
قالت دار الإفتاء المصرية إن دعاء المصلين لبعضهم عقب الفراغ من الصلاة بما تيسر من عبارات الدعاء مشروعٌ، ولا يجوز إنكاره شرعًا؛ لأن الدعاء مشروع بأصله، وإيقاعه عقب الصلاة آكد مشروعيةً، وكان أشدُّ استحبابًا، وبذلك جرت سُنّةُ المسلمين سلفًا وخلفًا، وإنكارُ ذلك أمر لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
حكم قول "تقبل الله" بعد الصلاةوأوضحت الإفتاء أن دعاء المصلي بعد الصلاة لمن يجاوره أو لمن معه من المأمومين بالقبول؛ كأن يقول له: "تقبل الله" أو "بالقَبول"، فيرد عليه بقوله: "تقبل الله منا ومنكم" أو نحو ذلك، فهذا كله من الدعاء المستحسن شرعًا، والدعاء مأمور به على كل حال.
قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، وقال سبحانه: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: 55].
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ» أخرجه ابن ماجة في "السنن" وأحمد، وأبو داود الطيالسي في "المسند"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والبخاري في "الأدب المفرد"، وصححه الحاكم في "المستدرك".
حث الشرع الشريف على دعاء المسلم لأخيه
وأضافت أن الشَّرع الشَّريف رغب في دعاء المسلم لأخيه، وبيَّن أنَّه مستجابٌ فعن عبد الله بن يزيد رضي الله عنه يقول: حدثَّني الصنابحي أنه سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول: "إن دعاء الأخ لأخيه في الله عز وجل يستجاب" أخرجه الإمام أحمد في "الزهد"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والبخاري في "الأدب المفرد"، وابن المبارك في "الجهاد"، والدولابي في "الكُنَى والأسماء".
قال العلامة القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/ 1526، ط. دار الفكر): [قيل: كان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة ليدعو له الملَك بمثلها، فيكون أعون للاستجابة] اهـ.
فضل الدعاء بعد الانتهاء من العبادات والأدلة على ذلك
وإذا كان الدعاء في الأحوال والأوقات والأمكنة الفاضلة تأكد استحبابه وزادت فضيلتُه، ورُجِيَ قبولُه وإجابتُه ومن هذه الأوقات: الدعاء عقب الصلوات المكتوبات؛ قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ﴾ [النساء: 103]، وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: «جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» أخرجه الترمذي وحسَّنه، والنسائي في "السنن الكبرى".
وجاءت النصوص الشرعية بمشروعية الدعاء بالقبول في خواتيم الطاعات والعبادات:
فقال تعالى حكاية عن سيدنا إبراهيم عليه السلام: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: 127].
وقال حكايةً عن السيدة مريم عليها السلام: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [آل عمران: 35].