قالت دار الإفتاء المصرية إن زيارة المزارات التاريخية الدينية بالمدينة المنورة من الأمور المستحبة، وقد تواردت الأدلة ونصوص العلماء المعتبرين على ذلك، مؤكدة أنه يجب على من يقول إنه بدعة لا يُلتَفَتُ إليه.

أماكن وأسماء المزارات التاريخية الدينية بالمدينة المنورة


المسجد النبوي الشريف: وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشدّ إليها الرحال؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى» متفقٌ عليه؛ فأفاد منع شد الرحال إلى مسجدٍ ما بقصد تعظيمه والتقرب إلى الله تعالى بالصلاة فيه إلا إلى المساجد الثلاثة.

كما أن الصلاة فيه تعدلُ ألفَ صلاة فيما سواه من المساجد في الأجر والثواب، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ» أخرجه الشيخان.

قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وروضته الشريفة: وزيارتهما من أعظم القُرُبات وآكد المستحبات، لِمَا ورد من الأحاديث النبوية الشريفة في استحباب ذلك، وجعل هذه الزيارة موجبة لشفاعته صلى الله عليه وآله وسلم لزائريه، وقد صحَّح جميع الحفَّاظ الأحاديث الواردة في ذلك؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَن جَاءَنِي زَائِرًا لَا تُعْمِلُهُ حَاجَةٌ إِلَّا زِيَارَتِي، كَانَ حَقًّا عَلَيَّ أَن أَكُونَ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه الطبراني في معجميه "الكبير" و"الأوسط".

وعنه أيضًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَن زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» أخرجه الدارقطني في "السنن".

مسجد قباء: وهو أول مسجد بُنِيَ في الإسلام، وقد شارك النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابةَ في بنائه؛ فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا» زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، «فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ» أخرجه الشيخان.

وَعَن سَهْل بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَن تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ، فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ» أخرجه ابن ماجه -واللفظ له- والترمذي والنسائي والبيهقي في "السنن".
مسجد القبلتين: وهو المسجد التي صُلِّيَت فيه صلاة واحدة إلى قبلتين؛ حيث تحولت فيه قِبلة المسلمين من بيت المقدس إلى البيت الحرام أثناء صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه بأصحابه صلاة الظهر، فسُمِّي بهذا الاسم.

بئر أريس: وهو بئر في الجهة الغربية لمسجد، وقد أزيل بسبب توسعة مسجد قباء، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينزله فيتوضأ منه ويشرب، وهو الذي بُشِّرَ به أبو بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم بالجنة، وهو الذي سقط به خاتم النبي صلوات الله وسلامه عليه، فسُمِّيَ بئر الخاتم.

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنه قَالَ: "اتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، فَكَانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُمَرَ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُثْمَانَ، حَتَّى وَقَعَ مِنْهُ فِي بِئْرِ أَرِيسٍ، نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ" أخرجه الشيخان.

بئر غرس: وهي إحدى آبار المدينة التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشرب منها ويتوضأ، ودعا له بالبركة، ونسبه إلى نفسه، حتى إنه ورد في بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى أن يُغَسَّل بسبع قِرَبٍ من مائه.

فعَنْ عَلِيِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَنَا مُتُّ فَاغْسِلُونِي بِسَبْعِ قِرَبٍ، مِنْ بِئْرِي بِئْرِ غَرْسٍ» أخرجه ابن ماجه في "السنن".

وعن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «رَأَيْتُ الليْلَةَ أَنِّي أَصْبَحْتُ عَلَى بِئْرٍ مِنَ الجَنَّةِ» فأصبح على بئر غرس، فتوضأ منها وبصق فيها، وغُسِّلَ منها حين توفي صلى الله عليه وآله وسلم".

وعن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: "غُسِّلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر يقال لها: "غرس"، وكان يشرب منها" رواهما ابن النجار في "الدرة الثمينة في أخبار المدينة"، وقال: "وهذه البئر بينها وبين مسجد قباء نحو نصف ميل".

جبل أُحد ومقبرة شهدائه: والجبل موقع غزوة أُحد التي وقعت بين المسلمين ومشركي قريش في السنة الثالثة من الهجرة، ومقبرة شهدائه: هي موضع دفن الصحابة الكرام الذين استشهدوا في غزوة أُحد.

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا» أخرجه الشيخان.

وعنه أيضًا، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، قَالَ: «اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدَانِ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

مقابر البقيع: وهي مدفن المدينة، تقع شرق المسجد النبوي الشريف، دُفن بها زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبناته، وكثير من الصحابة والتابعين.

عَنْ أم المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ -كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَيَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا -إِنْ شَاءَ اللهُ- بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وادي العقيق: وهو من أشهر أودية المدينة المنورة، ويُسمَّى بالوادي المبارك.

فعن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِوَادِي العَقِيقِ يَقُولُ: «أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المزارات التاريخية الدينية حكم زيارة المزارات التاريخية الدينية المزارات التاريخية زيارة المزارات التاريخية الدينية المزارات التاريخية بالمدينة المنورة النبی صلى الله علیه وآله وسلم وآله و س ل ه وآله ى الله ع

إقرأ أيضاً:

دعاء النبي عند نزول الضرر: علاج اليأس بكلمات بسيطة

يواجه الإنسان في حياته الكثير من المصاعب والآلام التي قد تدفعه للتمني أن ينتهي الألم بأي وسيلة، بما في ذلك التفكير في الموت، لكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم علّمنا درسًا عظيمًا في مواجهة الشدائد بالصبر والرجاء في رحمة الله، من خلال الدعاء الذي يعكس تمام الثقة بحكمة الله وقدره.

النهي عن تمني الموت

في الحديث الشريف عن أنس رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يتَمنينَّ أَحدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فاعلاً فليقُل: اللَّهُمَّ أَحْيني مَا كَانَت الْحياةُ خَيراً لِي وتوفَّني إِذَا كَانَتِ الْوفاَةُ خَيْراً لِي" (متفق عليه).

يؤكد هذا الحديث الشريف على أهمية الصبر وعدم الاستسلام للضرر أو الألم بتمني الموت. فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت عند المصائب، لأنه يعكس نوعًا من الجزع واليأس، وهو ما لا يليق بالمؤمن الذي يؤمن بأن ما أصابه هو بقدر الله وحكمته.

الرجاء في الله والتسليم لحكمه

إذا اشتد الضرر وشعر الإنسان أنه لا يستطيع تحمله، وجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الدعاء العميق:"اللَّهُمَّ أَحْيني مَا كَانَت الْحياةُ خَيراً لِي وتوفَّني إِذَا كَانَتِ الْوفاَةُ خَيْراً لِي".


هذا الدعاء يحمل تسليمًا كاملًا لمشيئة الله تعالى، حيث يطلب العبد من ربه أن يختار له الأفضل بين الحياة والموت. فهو يعبر عن اليقين بحكمة الله المطلقة ورحمته الواسعة.

الصبر سبيل المؤمنين

يعد الصبر عند نزول الضرر من أعظم الصفات التي يتحلى بها المؤمن، فالشدائد تُمتحن بها القلوب، وتزيد من القرب إلى الله تعالى إذا واجهها الإنسان برضا وتسليم. وقد قال الله تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 155].

الدعاء في مواجهة المحن

إن التمسك بالدعاء في وقت الشدة هو من أبرز ما يميز المؤمن الذي يثق برحمة الله، والدعاء المذكور في الحديث الشريف يعتبر من الأدعية التي ترشد المسلم إلى التوازن بين الصبر على البلاء والتسليم لإرادة الله.

 

يبقى الحديث الشريف درسًا خالدًا في مواجهة أزمات الحياة بحكمة ووعي، فهو يذكّرنا بأن الله وحده يعلم ما هو خير لنا، وأن تسليم الأمر له بالدعاء هو السبيل للراحة النفسية والرضا بالقضاء، فلنتعلم من هذا الحديث الشريف كيف نواجه أقدارنا بالصبر، وكيف نجعل الدعاء سلاحًا يعيننا على تجاوز المحن.

مقالات مشابهة

  • أفضل دعاء للمتوفي ورد عن النبي.. ردده في أوقات الاستجابة
  • من سيرة النبي.. قصة اجعلها دليلك في مواجهة الابتلاء
  • لو بتنسى كتير في الامتحان.. ردد 6 كلمات لتنشيط الذاكرة سريعا
  • دعاء النبي عند نزول الضرر: علاج اليأس بكلمات بسيطة
  • وصية النبي الأخيرة.. كيف تفوز بالجنة في 5 خطوات
  • مدى استحباب التعرض لماء المطر
  • حكم رد الهدية دون سبب شرعي .. دار الإفتاء تجيب
  • أجر عظيم.. فضل زيارة المريض وثوابها في الإسلام
  • فضل الصوم في رجب .. فاعله يشرب من نهر بالجنة
  • حكم توزيع الصدقات على الفقراء في المقابر.. دار الإفتاء ترد