عربي21:
2025-03-30@08:04:01 GMT

متلازمة الأسد!

تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT

لخص الكاتب والناشر اليساري السوري، المنفي في فرنسا منذ 49 عاما، فاروق مردم بيك المشهد بتدوينة على حسابه على فيسبوك، قال فيها: "باقون على ولائهم للسفّاح الجبان (بشار الأسد) على الرغم ممّا شاهدوه بأعينهم من فظائعه ومن مظاهرات الابتهاج المليونيّة بسقوطه.. ما هو السرّ في العطب السياسي ـ الأخلاقي عند هذا النوع من العرب؟".



تساؤل الكاتب الذي كتب قبلها مع إعلان سقوط النظام السوري، وهروب رأسه بشار الأسد من دمشق: "تسعٌ وأربعون سنةً.. تسعٌ وأربعون من الحنين إليك يا دمشق"، فعلا في محله عن هذا العطب الذي أصاب الكثير من العرب وحتى غير العرب الذين بدوا حزنين لفرح السوريين العارم لسقوط نظام آل الأسد المجرم، الذي جثم على صدور السوريين لـ54 عاما، وعاث فسادا في سوريا.

بدت حالة هؤلاء الذين سارعوا للتنكيد على فرحة السوريين، أشبه بحمى أصابتهم أو بالأحرى بمتلازمة أو "سندروم" (Syndrome)، وهي كلمة مشتقة من اليونانية "سيندرومون". والمتلازمة "هي مجموعة من العلامات والأعراض التي تظهر بشكل مترافق مع بعضها ويدل ظهورها مجتمعة على الإصابة بمرض، اضطراب نفسي أو حالة شاذة".

يمكن أن نسمي هذه الحالة بـ"متلازمة الأسد" التي أصابت هؤلاء الذين ما أن سقط نظام الأسد، وهرب بجبن من دمشق، حتى سارعوا لبث الشكوك والأكاذيب والتخويف، ونظريات المؤامرة، وحتى التبرير وإيجاد الأعذار لنظام الأسد ورعاته.

بدا هؤلاء مزيجا من غوغاء ودهماء من ضحايا الدعاية الإعلامية، وكثير من هؤلاء لا يعرف حتى أين تقع دمشق أو حمص، أوحماة (التي ينطقونها حمات!) وما تعرضت له من مجازر، وبين "نخب" والأصح "نكب" مؤدلجة بمزيج من القومجيين من بقايا البعث، وحتى بعض الإسلاميين، والمفارقة في الجزائر مثلا حتى من بعض المتطرفين "البربريست" من ذوي الطرح "البربري المتطرف"، الذين بدوا غير سعداء لسقوط نظام حزب البعث القومي العربي بدعوة أن الفصائل المسلحة التي قادت عملية "ردع العدوان" إسلامية التوجه!

قد تكون عفوية ردود الأفعال هاته من هذه "النكب" والأوساط الشعبية العربية بما فيها من مزيج "سادي ـ مازوخي" وقابلية للتلاعب والاستبداد، فكثير من هؤلاء يعانون الأمرين من أنظمتهم، التي ربتهم وعلبتهم على طريقتها بمزيج من القمع والقهر، والحرمان والدعاية ونظريات المؤامرة. لكن بدا بوضوح أن هناك في حالة بعض "النكب" والأذرع الإعلامية العربية، أنهم مكلفون بمهمة من أنظمتهم للتشوية والتخويف من سقوط النظام السوري، بالتنغيص على فرحة السوريين بكل أطيافهم، والترويج خوفا من أن يطالهم ما حدث للأسد، للسيناريوهات المشؤومة، والأخبار الكاذبة المثيرة للسخرية مثل ادعاءات الاغتيالات التي تطال علماء سوريين مزعومين في الذرة والكيمياء و"الخرطولوجيا" و"الكذبلوجيا" من قبيل زهرة الحمصية، وأبوعدس الحمصي!  رغم أن كل الشواهد والمؤشرات على الأرض تعطي على العكس صورة مغايرة لشعب سوري متفاجئ من هكذا تحامل مرضي، هو الذي يسعى للم شمله ومداواة جراحه، وحتى ما بدا تعلم دروس ومراجعات فكرية وخطاب جامع مثلما هو الحال مع قائد عملية ردع العدوان أحمد الشرع المعروف باسم أبومحمد الجولاني.

أحزنني، هنا وإن لم يفاجئني أن تسارع أصوات فلسطينية دعمت نظام الأسد المجرم، وراعيته إيران علنا أو ضمنيا، باستكثار الفرح على السوريين ومن فرح معهم بسقوطه، ووصفه بـ"الفرح الطفولي"، وإيجاد أعذار بتغليفات أكاديمية لنظام مجرم لا يمكن وصف إجرامه بمشاهد سجونه المرعبة وتحرير المساجين السوريين وحتى الفلسطينيين، ومن جنسيات عربية أخرى.. والمسارعة لمحاولة تحميل السوريين ما لا يتحملوه بعد ساعات فقط من إسقاطهم نظام مجرم لم يكن أبدا يواجه الكيان الصهيوني.واللافت أن كثيرا من المتابكين على سقوط نظام الأسد يتغطون تحت ستار القضية الفلسطينية، والمقاومة الفلسطينية، رغم أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي تقاوم الاحتلال الصهيوني في غزة، أفحمت الكثير من هؤلاء المزايدين، عندما باركت للشعب السوري بسقوط نظام الأسد. وكانت "حماس" رفضت التورط في الدم السوري، عكس فصائل فلسطينية أخرى، عند اندلاع الثورة الشعبية السورية في 2012، بل وانحازت "حماس" لحق الشعب السوري في الحرية، واضطرت قيادة حماس حينها بزعامة خالد مشعل إلى مغادرة دمشق بسبب ذلك، وقد سطا نظام بشار الأسد على أموالها هناك، وكما نكل بالسوريين، نكل بالفلسطينيين، ولعل مخيم اليرموك الفلسطيني، الذي حاصره شبيحة النظام السوري، ومشاهد التجويع الرهيبة فيه، التي سبقت ما يقوم به الاحتلال في غزة، أكبر شاهد وإدانة على ذلك.

وقد أحزنني، هنا وإن لم يفاجئني أن تسارع أصوات فلسطينية دعمت نظام الأسد المجرم، وراعيته إيران علنا أو ضمنيا، باستكثار الفرح على السوريين ومن فرح معهم بسقوطه، ووصفه بـ"الفرح الطفولي"، وإيجاد أعذار بتغليفات أكاديمية لنظام مجرم لا يمكن وصف إجرامه بمشاهد سجونه المرعبة وتحرير المساجين السوريين وحتى الفلسطينيين، ومن جنسيات عربية أخرى.. والمسارعة لمحاولة تحميل السوريين ما لا يتحملوه بعد ساعات فقط من إسقاطهم نظام مجرم لم يكن أبدا يواجه الكيان الصهيوني.

ودعوة السوريين ومن دعمهم لـ"التواضع"، والقول مثلا: " تواضعوا.. فمنذ يوم إعلان استقلال كل دولة عربية إلى الآن، حكم الدول العربية 134 حاكما.. هل كان بينهم ديمقراطي واحد؟"

وكأنه كان هناك حاكم "ديمخراطي واحد" هو "ثيادة الرئيث الهارب بثار الأثد"، ويجب الحزن لسقوطه وسقوط نظام آل الأسد وأصنامهم من مؤسس الجملوكية حافظ الأسد، إلى باسل، وبشار! .."تواضعوا؟!" وكأن معناها مرة أخرى: لماذا تفرحون "فرحا طفوليا" بسقوط الديكتاتور الهارب بشار وديكتاتورية آل الأسد؟ بنوع من "ماذا عن؟ whataboutism " كأن المقصود منه أن الأسد ليس الديكتاتوري العربي الوحيد وبالتالي لا تفرحوا فرحا طفوليا لسقوطه ولتحرير سجونه الرهيبة مثل صيدنايا، وهي الأسوأ بدون منازع عربيا وربما في تاريخ البشرية، وتحرير المعتقلين، ليس السوريين فقط، والفلسطينيين كذلك، وهو يسقط ادعاءات نظام الممانعة والصمود والتصدي الكاذب للكيان الصهيوني.

 نظام إجرامي أسوأ فروعه المخابراتية اسمه "فرع فلسطين"! ورعاته المجرمون الإقليميين والدوليون الذين أجرموا في حق السوريين وهجرّوا مع شبيحة الأسد، 12 مليون سوري سني (دعنا نسمي الأشياء بمسياتها) في تطهير طائفي مفضوح، وبتواطؤ أمريكا وإسرائيل، التي سارعت بعد سقوط نظام الأسد لتدمير الأسلحة التي تركها، ولم يستعملها أبدا ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل ضد الشعب السوري. الكيان الصهيوني لم يستهدف هذه الأسلحة قبل سقوط الأسد، لكنه يفعلها الآن لكي لا تقع في أيادي ثوار سوريا، الذين أسقطوه، وفي ذلك رد واضح على المزايدين ومروجي الادعاءات والمؤامرات!.

*كاتب جزائري مقيم في لندن

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا سوريا سياسة رأي تحولات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نظام الأسد سقوط نظام

إقرأ أيضاً:

موقف ثابت من تابت إلى طرة!

نحن ندين ونشجب ونستنكر القتل خارج نطاق القانون، وحملات الاعتقالات التعسفية، والموت في السجون بتهم التعاون المتبادل بين طرفي القتال! كما نستنكر آخر فظائع جرائم الحرب وانتهاكاتها العرقية التي توجب ذلك، ومنها ما حدث في سوق طرة المأهول بمساكين الشعب في شمال دارفور. فقد أثار منظر الجثث المتفحمة، وموت النساء والأطفال والشيوخ، سخط الأهالي بعد أن قصفهم طيران الجيش، الذي يخضع لقيادات خانعة لإرادة الحركة الإسلامية في معركته مع مليشيات الدعم السريع. كان يوم الاثنين، 25 مارس 2025، يومًا دامياً، حيث أمطرت سماء السوق بالبراميل المتفجرة الحارقة، فحصدت أرواح 400 شخص. وقد أثبتت الشواهد أنه لا وجود لمتحركات عسكرية للدعم السريع، وما يحدث هو مزيد من النكايات والفتن على هؤلاء المستضعفين بين رحى الجيش والدعم السريع. إن استخدام الطيران لإلقاء البراميل المعبأة بالمواد الكيميائية فوق رؤوس المواطنين هو تكتيك استخدمته قوات الجيش في معاركها السابقة في جبال النوبة وجنوب كردفان. هذه الممارسات أصبحت جزءًا من سياسة ممنهجة من العنف لقتل الأبرياء وتهجيرهم من أرضهم.
الجديد الذي أفرزته حرب 15 أبريل الراهنة هو نشر ثقافة التخوين والإرهاب للرأي العام بهدف إدانة كل من يعارض جرائم الحرب ضد الإنسانية. يتم دمغ المطالبين بوقف الحرب بالعمالة والخيانة، واتهامهم بأنهم يعملون ضد الوطن، وعملاء للأعداء، وموالون للدعم السريع! أو (قحاتة)، مع أنهم مدنيون لم يحملوا السلاح، أو يمثلوا بالجثث، أو يبقروا بطون النساء الحوامل.
للأسف، هؤلاء الذين يقودون حملات التخوين هم جزء من مجموعة من المغيبين عاطفيًا، وأشخاص مستميتين في هذه المعارك الإعلامية المضللة. هم في الحقيقة من يسهمون في استمرار جحيم الحرب على الناس. هؤلاء الذين كانوا يلعقون جزم السلطة بحثًا عن مصالحهم الشخصية، غافلين عن أن نيران هذه الحروب ستلحق الضرر بالجميع. لقد جهلوا أن الفاعلين في المشهد السياسي لم يتغيروا كثيرًا عبر السنين، بل فقط تغيرت مواقعهم على رقعة الشطرنج بحسب مصالحهم. فقد تحولت الحركات المسلحة من خانة المتمردين في نظر الجيش إلى خانة داعمة (مشتركة)، و(دراعة)، و(كيكلاب)، وبالطبع، تحول الدعم السريع من "حمايتي" إلى خانة التمرد، وهكذا.
الأصوات التي تسعى اليوم لإخماد الرأي العام البصير بعوار هذه الحرب ونهاياتها الحتمية في ضياع الوطن، وهلاك المواطنين، وإتاحة الفرص لأطماع المجتمع الدولي في تقسيم البلاد وفصل غربها كما تم فصل جنوبها، هي أصوات شريكة في جرم دمار هذا البلد. شهدها الجميع في وسائط التواصل الاجتماعي وهم يحاولون تكميم الأفواه وإرهاب الذين لا يوافقونهم، من خلال حملات "البل بس"، و"الجغم"، والدمار الشامل، والصمت عن قول الحق، والدفاع عن المواطنين، والحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان. تجدهم أشد ضراوة في العداء لوقف الحرب، أكبر من عداوتهم للدعم السريع والمليشيات الداعشية، ومشجعي فوضى انتشار السلاح والمتفلتين.
لقد كان موقفنا دائمًا ثابتًا منذ زمن بعيد، مؤكدين أن الحلول العسكرية لن تؤدي إلى الأمن والاستقرار في البلاد. لذا، فإن انحيازنا للحلول السلمية هو موقف مبدئي منذ قيام الحركات المسلحة في دارفور، عندما كانت تقاتل الجيش والجنجويد دفاعًا عن شعوبها ضد الإبادة العرقية والنهب، وحماية للأعراض والتهميش. كنا نطالب بالعدالة لتلك الشعوب، وحرصنا عليها كان المحرك الأساسي لمواقفنا، ولم نرهن ذلك بالانتماء العشائري أو المناطقي أو الإيديولوجي. لم تكن إدانتنا لجرائم الاغتصاب والعنف ضد النساء، واستخدامه كسلاح حرب بواسطة قوات الدعم السريع، أمرًا عارضًا أو وليد هذه الحرب اللعينة؛ بل كان عملًا متواصلًا دؤوبًا، وأبرز محطاته حادثة اغتصاب 200 امرأة وفتاة في قرية تابت بدارفور. تلك الحادثة التي نجح سلاح التخويف الإعلامي والإرهاب ضد الأهالي في منع التحقيقات بواسطة قوات "اليوناميد" المبعوثة من الأمم المتحدة، وأجبرت السلطة الأهالي على إنكار حدوثها.
إننا نؤكد مجددًا أن الحل الوحيد لهذه الأزمة هو السلام الشامل العادل، الذي يتضمن محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم ضد الإنسانية، وتقديمهم للعدالة عند سيادة دولة القانون. لا يمكننا أن نرضى بمستقبل تكون فيه بلادنا محط أطماع القوى الأجنبية أو لعبة في يد فصائل فاسدة. لابد أن نعيد بناء بلادنا على أسس من المواطنة المتساوية، ونتخلص من دوامة العنف التي ألحقَت بالوطن والشعب أفظع الأضرار. نحن نطالب بكل قوة بتحقيق سلام شامل يضمن الأمن والاستقرار لكل أبناء الوطن، ويوقف آلة الحرب التي تأكل كل شيء في طريقها. وحتى ذلك الحين، نظل رافعين رايات السلام.

 

tina.terwis@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • هؤلاء لا يريدون الانتخابات البلدية
  • نقل الأسرى من أبناء الجزيرة الذين تم تحريرهم لمستشفيات القطينة
  • تداعيات سقوط نظام الأسد على القضية الفلسطينية.. قراءة في ورقة علمية
  • خيارات المليشيا بعد الهزيمة التي تلقتها من الدندر وحتى جبل اولياء ومهرجانات تحرير الخرطوم
  • تقرير حقوقي: نظام الأسد مارس تدميرا ممنهجا للاستيلاء على ممتلكات السوريين بدرعا
  • مشروب طبيعي يعالج تكيس المبايض.. يضبط الهرمونات ويطهر الجهاز التناسلي
  • لماذا تأخر إطلاق بث التلفزيون السوري عقب سقوط نظام الأسد؟
  • أجواء أول عيد فطر في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد: بين الأمل والتحديات
  • اعتقالات في صفوف فلول نظام الأسد وضبط متفجرات في حملة أمنية بدمشق
  • موقف ثابت من تابت إلى طرة!