تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في ختام اجتماعهم اليوم بمدينة العقبة جنوب الأردن،الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته. 
وقال المشاركون في البيان الختامي لاجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم مصر والمملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة العربية السعودية، والجمهورية العراقية، والجمهورية اللبنانية،، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا، إنه بدعوة من وزير خارجية المملكة الاردنية الهاشمية، اجتمع اليوم ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤ في مدينة العقبة وزراء خارجية الدول الاعضاء في لجنة الاتصال الوزاريةالعربية بشأن سوريا، والمشكَلة بموجب القرار رقم 8914 الصادر عن الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، وبحث المجتمعون التطورات التي شهدتها سوريا على مدار الاسابيع الماضية.


وأكد المجتمعون على دعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية-سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبما فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفقمبادئ قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ وأهدافه وآلياته، بما في ذلك تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الإنتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استنادا إلى دستور جديد يقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار.
كما شدد المشاركون على دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده كل الإمكانات اللازمة وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها ومساعدة الشعب السوري الشقيق في انجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار ٢٢٥٤. 
وأشاروا إلى أن هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حوارًا وطنيًا شاملًا وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات.
كما شددوا على ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية واحترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية. 
كما أكدوا ضرورة الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته في ضوء أنه يشكل خطرًا على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة والتضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاجه الشعب السوري، وبما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية. 
ونوهوا إلى ضرورة تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية وتحقيق المصالحة الوطنية ومبادئ العدالة الانتقالية وفق المعايير القانونية والإنسانية ومن دون انتقامية، وحقن دماء الشعب السوري الشقيق الذي يستحق أن تنتهي معاناته.
كما أدان المشاركون توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالا غاشما وخرقا للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في العام ١٩٧٤،والمطالبة بانسحاب القوات الإسرائيلية، وإدانة الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشئات الأخرى في سوريا، والتأكيد على أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب انهاء احتلالها، ومطالبة مجلس الأمن اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.
وأكد المجتمعون أن أمن سوريا واستقرارها ركيزة للأمن والاستقرار في المنطقة، وسنقف مع شعبها الشقيق في عملية إعادة بنائها دولة عربية موحدة، مستقلة، مستقرة آمنة لكل مواطنيها، لا مكان فيها للإرهابأو التطرف، ولا خرق لسيادتها أو اعتداء على وحدة أراضيها من أي جهة كانت. 
وكشف المشاركون أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز إلى مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته. 
واتفق المشاركون على التنسيق مع بقية الدول العربية لعقد اجتماع لمجلس الجامعة لتقديم تقرير اللجنة حول اجتماعها هذا إليه والتواصل مع الشركاء في المجتمع الدولي لبلورة موقف جامع يسند سوريا في جهودها بناء المستقبل الذي يستحقه الشعب السوري الشقيق وبما ينسجم مع الأسس المتفق عليها أعلاه، ووفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: سوريا إسرائيل جنوب الأردن العقبة السعودية العراق الشعب السوری الشقیق الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

حرب الساحل وأبعادها الإقليمية.. هل تنجو سوريا الجديدة من الفخ؟

"لا مُلك لمن لا هيبة له" توارث العرب هذه المقولة جيلا بعد جيل، بينما ينسبها البعض للخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، فهي ما زالت مقولة حية وخلاصة حكيمة تؤكد الأحداث على مر الزمان صحتها. فالهيبة وقاية لمن يحكم، وإسقاط الهيبة هدف لمن يريد هز مقعد الحكم وزلزلة الأرض من تحت قدمي الحاكم.

وحين ننتقل من التاريخ إلى الواقع، نجد أن الدولة الوليدة في سوريا عاشت لحظات قلق وترقب إثر أحداث الساحل التي استهدفت هيبة الحكم، وأرادت إثبات قدرة فلول نظام الأسد على إثارة الفوضى.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مصطفى طلاس.. وزير الدفاع المرعب الذي أهدى سوريا لبشار الأسدlist 2 of 2شرخ في جدار الغرب.. الطلاق بين الولايات المتحدة وأوروباend of list

ولم تكد تنتهي الأحداث في الساحل، إلا وأعلن مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) رفضه الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية الذي اعتمده الرئيس أحمد الشرع، ووصف المجلس الإعلان بأنه غير شرعي، ولا يتوافق مع اتفاق الشرع ومظلوم عبدي قائد قسد، وذلك بحجة أن النص على أن الشريعة الإسلامية مصدر أساسي للتشريع يأخذ البلاد نحو الفوضى.

وفي الجنوب السوري، صرح شيخ عقل الطائفة الدرزية حكمت الهجري بأن "حكومة دمشق متطرفة، وأنه لا وفاق ولا توافق معها"، وتزامن حديثه مع دخول وفد من 50 شخصا من رجال الدين الدروز من السويداء إلى الجليل شمال فلسطين المحتلة لزيارة قبر النبي شعيب بواسطة حافلات برعاية جيش الاحتلال، في حدث هو الأول من نوعه.

إعلان

وتشير تلك الوقائع المتناثرة جغرافيا ما بين شرق سوريا وغربها وجنوبها، والمتفاوتة من حيث تداعيات كل منها، إلى حجم التحديات الداخلية التي تجابه الإدارة الجديدة في دمشق.

وهي تحديات تتقاطع مع الرؤية الإسرائيلية بضرورة تقسيم سوريا إلى 4 كيانات، واحد للعلويين في الساحل، وآخر للدروز في السويداء، وثالث لقسد في شمال وشرق سوريا، ورابع لحكومة دمشق، ضمن رؤية تستند إلى تناقضات وطموحات تحرك جهات محلية هنا وهناك.

هجمات الساحل الدموية

بعد دخول فصائل الثوار إلى دمشق، نعمت سوريا بفترة هدوء نسبي وسلام مجتمعي، فلم تحدث عمليات انتقامية أو إراقة للدماء رغم المرارات والجراحات المتفاقمة خلال سنوات الثورة، والتي أسفرت عن مقتل نحو مليون شخص، واختفاء أكثر من 100 ألف آخرين قسريا، فضلا عن تهجير ونزوح ملايين السوريين.

وجاء مشهد دخول الثوار إلى دمشق حضاريا وسلميا مقارنة بما حدث على سبيل المثال عند دخول القوات الأميركية إلى بغداد في عام 2003 حيث عمت الفوضى وانتشرت أعمال السلب والنهب لمقدرات العراق وثرواته. وبدا أن سوريا تتنفس الصعداء بعد أن اختنقت بأجواء الظلم والاستبداد ما يزيد على 6 عقود.

يُقال إن عقارب الساعة لا تعود للخلف، لكن أيادي العابثين يمكن أن تحطم الساعة ذاتها، وهو ما حاولت فعله فلول نظام الأسد بداية من الساعة الثالثة عصر يوم الخميس السادس من مارس/آذار الجاري، ولمدة يومين.

ففي التوقيت المذكور، وبعد ساعات من إعلان العميد غياث سليمان دلا أحد قادة الفرقة الرابعة بجيش الأسد تأسيس "المجلس العسكري لتحرير سوريا" لمواجهة النظام الجديد، بدأت تتوالى الأخبار عن سلسلة هجمات في منطقة الساحل تستهدف عناصر الأمن والجيش.

ووقع الهجوم الأول في قريتي بيت عانا والدالية بريف جبلة، ثم بعد ساعتين اتسع نطاق الهجمات ليشمل مناطق مختلفة في مدن جبلة وبانياس واللاذقية، وحوصرت قوات من وزارة الدفاع داخل الكلية البحرية التي تضم مستودعات أسلحة سيؤدي سقوطها إلى امتلاك المهاجمين لقدرات تسليحية كبيرة، كما تعرضت عشرات المواقع والنقاط الأمنية والعسكرية لهجمات متزامنة.

إعلان

وبينما حاول المسؤولون في الحكومة الجديدة استيعاب صدمة الهجوم المفاجئ، وتقدير أبعاده، تعرضت أرتال الدعم والمؤازرة الحكومية التي تحركت من مدينة اللاذقية باتجاه مدينتي جبلة والقرداحة إلى كمائن دامية، وحصار على الطرق، كما قطع المهاجمون الطرق السريعة بين إدلب وحمص وحماة باتجاه محافظتي اللاذقية وطرطوس، فضلا عن استهداف المهاجمين للمشافي لحصار المصابين من قوات الأمن داخلها.

ومع اتساع نطاق الهجمات لتشمل منطقة جغرافية جبلية وعرة تقترب مساحتها من نصف مساحة دولة لبنان، وتوالي الاستغاثات من عناصر الأمن والجيش المحاصرين، وتجاوز أعداد الضحايا من الأمن نحو 200 شخص فضلا عن عشرات المفقودين، أُعلن النفير العام في كافة المحافظات السورية لنجدة القوات المحاصرة في الساحل، فتدفق عشرات آلاف المقاتلين بحسب مصادر مطلعة، ونجحوا في القضاء على المجموعات المسلحة التي قطعت طريق "إم 4" (M4) ووصلوا من إدلب والشمال السوري إلى مدينة اللاذقية فجر يوم الجمعة السابع من مارس/آذار، ومنها إلى مدينة جبلة لفك الحصار عنها، ودخلوا المدينة بعد اشتباكات استمرت نحو 4 ساعات.

وبالتزامن مع ذلك تحركت قوات دعم ومؤازرة من حمص وحماة باتجاه طرطوس وبانياس، ودارت اشتباكات عنيفة على طريق حمص طرطوس، وانتهت الأحداث بانسحاب المهاجمين إلى عمق القرى الجبلية بحلول السبت الثامن من مارس/آذار.

وفجرت تلك المواجهات طاقات الغضب الكامنة في صدور بعض المقاتلين حديثي الانتساب للقوات المسلحة وأجهزة الأمن، فحدثت تفلتات، ووقعت انتهاكات بحق بعض المدنيين غير المتورطين في الهجمات، بذريعة أنهم يمثلون حاضنة اجتماعية للمسلحين الذين شنوا الهجمات، وأنهم كانوا قاعدة لدعم نظام الأسد الأب والابن، وهنا بدا أن الألغام التي أراد المهاجمون وضعها في وجه الإدارة الجديدة بدأت تنفجر لتهدد السلم الأهلي، وتستهدف النموذج الوطني الجامع الذي أرادت الحكومة الجديدة في دمشق تقديمه داخليا وخارجيا.

جانب من قوات الدعم الحكومية التي قدمت إلى اللاذقية وطرطوس في الساحل السوري لمواجهة المهاجمين (مواقع التواصل)  خطورة الأزمة

حكوميا، ومع اتضاح نطاق الهجمات وما أعقبها من حدوث نفير عام تضمن حدوث تجاوزات ضد المدنيين، أدركت الإدارة في دمشق خطورة ما يحدث، وأن من ضمن أهدافه ضرب ثقة المواطنين في وعود السلطة بحمايتهم، وربما تؤدي لاستنساخ الأحداث في مناطق أخرى مما يؤثر على شرعية الحكومة وقدرتها على توفير الأمن، كما يوحي بأن البلاد تعيش في فوضى وأن الدولة ضعيفة مما يغري الطامحين للحكم الذاتي أو الراغبين في الانفصال بكيانات صغيرة تتمركز فيها أقليات عرقية ودينية.

إعلان

إن المخاطر الخارجية لأحداث الساحل لا تقل عن المخاطر الداخلية، فهي تفتح الباب أمام التدخلات الأجنبية تحت لافتة التدخل الإنساني لحماية الأقليات ومنع حدوث إبادة جماعية بحق السكان، وهو مدخل يمس سيادة سوريا ويدفع باتجاه تدويل مشكلة محلية، ويجعل الإدارة الجديدة محلا للابتزاز.

وهو سيناريو تكرر في دول أخرى مثل دارفور بالسودان، فتدخل آنذاك مجلس الأمن لإصدار قرارات أسفرت عن فرض عقوبات اقتصادية على السودان، وإحالة مسؤولين سودانيين للتحقيق أمام المحكمة الجنائية الدولية، فضلا عن تشكيل لجنة أممية لتقصي حقائق.

وقد أدت التدخلات الدولية في مناطق أخرى مثل البوسنة والهرسك لفرض حظر توريد سلاح على الأطراف المتنازعة، وتشكيل بعثة عسكرية أممية لحماية المدنيين وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية، ولكن مع إخفاق البعثة في حماية مسلمي البوسنة، أوكلت المهمة إلى قوات عسكرية من حلف الناتو.

محاولات علاج الأزمة

في مواجهة الأحداث المتلاحقة، سارعت الحكومة السورية لاتخاذ عدة خطوات لإنهاء الأزمة، وبدأت بفرض حظر للتجول في محافظتي طرطوس واللاذقية، في حين أمرت وزارة الدفاع بإخلاء منطقة الساحل ممن لا صلة لهم بالعمليات العسكرية، وشددت على عدم التعرض لأي شخص داخل منزله، مع الإنذار بتحويل المخالفين للتعليمات إلى القضاء.

ثم أعلنت وزارة الدفاع بعد 3 أيام من بدء الاشتباكات انتهاء العمليات العسكرية في محافظتي اللاذقية وطرطوس، وسحب وحدات الجيش من منطقة الساحل إلى ثكناتها، وتولي وزارة الداخلية وجهاز الأمن العام مهام حفظ الأمن بالمنطقة.

ومن جهته، تعهد الرئيس السوري أحمد الشرع في خطاب موجز بالحفاظ على السلم الأهلي ومحاسبة كل من يتجاوز ضد المدنيين، كما أصدر قرارا رئاسيا بتشكيل "لجنة وطنية مستقلة" للتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون، فضلا عن التحقيق في الاعتداءات على المؤسسات ورجال الأمن والجيش، ثم أصدر الشرع قرارا رئاسيا ثانيا بتشكيل "لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي" تختص بالتواصل المباشر مع الأهالي بالساحل لتقديم الدعم لهم بجوار عملها على تعزيز الوحدة الوطنية، كما بدأت الشرطة العسكرية في ملاحقة وتوقيف عدد من مرتكبي التجاوزات.

إعلان تباين المواقف الإقليمية والدولية

مع انتشار فيديوهات للضحايا من عناصر الأمن فضلا عن فيديوهات أخرى تكشف حدوث تجاوزات ومقتل أعداد من المدنيين في منطقة الساحل، برزت تباينات في المواقف الإقليمية والدولية وفقا لمصالح كل دولة، والشواغل التي توليها الأهمية في الملف السوري.

فجل الدول العربية تعطي الأولوية لاستقرار سوريا تمهيدا لبدء إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، بينما دوليا وإقليميا تتضارب أهداف العديد من الدول، فإسرائيل لديها أولوية تتمثل في إضعاف حكومة دمشق وإشغالها بالملفات الداخلية وصولا لتجزئة سوريا وتفتيتها، بينما روسيا تريد تأمين قواعدها العسكرية في حميميم وطرطوس، والحفاظ على علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع سوريا.

وفي حين تريد الدول الأوروبية في المجمل خروج الروس من سوريا، وإشراك الأقليات العرقية والدينية في النظام السياسي الجديد، وإعادة اللاجئين، تركز الولايات المتحدة على ملف مكافحة الإرهاب ومنع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

ووفق هذا التباين في الأهداف جاء التباين في المواقف، فنددت وزارات الخارجية في تركيا والأردن وقطر والسعودية والكويت والبحرين ومصر بالهجمات التي شنتها "مجموعات خارجة عن القانون استهدفت قوات الأمن"، وأن تلك التحركات "تستهدف أمن سوريا واستقرارها وتحاول دفعها للفوضى والفتنة والصراع".

لكن الموقف الإيراني بدا مغايرا، حيث أشارت وزارة الخارجية الإيرانية إلى أن الانتهاكات بحق الأقليات تجرح مشاعر الرأي العام، وتعتبر اختبارا حقيقيا لحكام سوريا، بينما شددت الخارجية العراقية على ضرورة تغليب لغة الحوار بدلا من التصعيد العسكري، وحذرت من أن استمرار العنف سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، في حين أصدر حزب الله بيانا نفى فيه الاتهامات الموجهة له بالضلوع في الأحداث، ووصفها بأنها ادعاءات لا أساس لها من الصحة.

إعلان

غربيا، جاء موقف الاتحاد الأوروبي متوازنا وأقل صخبا، وكذلك الموقف البريطاني الذي دعا لرسم مسار واضح لتحقيق العدالة الانتقالية. لكن المواقف الأكثر انتقادا جاءت من واشنطن، حيث ندد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بمن سمّاهم "الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين الذين قتلوا الناس غرب سوريا"، ودعا "السلطات المؤقتة لمحاسبة مرتكبي المجازر بحق الأقليات".

وبشكل أكثر عدوانية نشر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بيانا قال فيه "إن الجولاني استبدل ثوبه ببدلة، وقدم وجها معتدلا، والآن خلع القناع وكشف عن وجهه الحقيقي، إرهابي من مدرسة القاعدة يرتكب أفعالا مروعة ضد السكان المدنيين".

أما موسكو، فقد فتحت قواتها في حميميم أبواب القاعدة العسكرية أمام أعداد كبيرة من المدنيين الذين طلبوا الحماية، فضلا عن فلول النظام الذين هربوا بعد فشل هجماتهم، بينما أعرب الكرملين عن قلقه من أعمال العنف، ودفع بالتنسيق مع واشنطن بملف أحداث الساحل إلى مجلس الأمن الذي عقد مشاورات مغلقة انتهت بإصدار بيان صاغته الولايات المتحدة وروسيا يدين أعمال العنف في اللاذقية وطرطوس، ويحث على بدء تحقيقات سريعة وشفافة ومستقلة وفقا للمعايير الدولية، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، فضلا عن دعوته حكومة دمشق لاتخاذ "تدابير حاسمة للتصدي للتهديد الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب".

لقد حمل بيان مجلس الأمن عبارات مطاطة قابلة لتفسيرات مختلفة، فهو من جهة يتسق مع ما أعلنته الحكومة السورية من إجراءات تجاه التحقيق في الأحداث ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، لكنه من جهة أخرى يفتح الباب أمام تدخلات دولية قد تسعى لفرض إملاءات على الحكومة السورية فيما يخص نهج التحقيق، فضلا عن إقصاء المقاتلين الأجانب الذين انخرطوا في الثورة السورية، إذ سبق أن تعهد الشرع بمنحهم الجنسية السورية تكريما لجهودهم في إسقاط نظام الأسد.

دروس من الأزمة

لقد انتهت الاشتباكات سريعا مثلما اندلعت فجأة، لكن ارتداداتها ما زالت تتفاعل. فميدانيا انسحب المهاجمون إلى الجبال الوعرة واندمجوا بين السكان في القرى المتناثرة الحصينة جغرافيا، وهو ما يعني امتلاكهم قدرات مستقبلا على شن هجمات جديدة.

إعلان

فهم ليسوا مقاتلين هواة إنما كانوا جزءا من جيش الأسد وأجهزة أمنه، وتمرسوا لسنوات في القتال ضد فصائل الثورة، ولديهم شبكات من العلاقات داخل سوريا وخارجها تكفل لهم توفير التمويل والإمدادات اللوجيستية، فضلا عما بأيديهم من أسلحة احتفظوا بها من حقبة نظام الأسد.

كما أنهم يعملون وسط بيئة تضررت من سقوط النظام، فمئات الآلاف فقدوا رواتبهم ومصادر دخلهم بعد حل جيش نظام الأسد وأجهزة أمنه المتعددة. وهذا لا يعني قدرتهم على إسقاط النظام الجديد أو إعادة النظام الأسد، إنما يشير لقدرتهم على تهديد الأمن وإثارة الفوضى والانتقاص من هيبة الإدارة الجديدة.

على جانب آخر، كشفت الهجمات عن ضعف أجهزة الأمن الجديدة في منطقة الساحل، إذ لم تتوافر لديها معلومات مسبقة عن الهجمات التي شارك فيها حسب التقديرات الرسمية نحو 4 آلاف مسلح، وهو ما سيتطلب تعزيز قدرات أجهزة جمع المعلومات، وإعداد خطط احترافية مسبقة تعتمد على قوات تدخل سريع مجهزة ومدربة ومنضبطة للتصدي لأي هجمات مستقبلية دون إعلان النفير العام الذي تتخلله أجواء من الفوضى وضعف الانضباط.

دوليا، امتلكت بعض الدول الساعية للضغط على حكومة دمشق ورقة قابلة للتسويق دوليا، وستستخدمها للابتزاز والمساومة، مما سيتطلب من الإدارة الجديدة تعزيز السلم الأهلي، وتعويض المتضررين، ونشر ثقافة التسامح، والعمل قدر الإمكان على تجنب تكرار تلك النوعية من الأحداث سواء في منطقة الساحل أو في غيرها من المناطق التي توجد فيها مكونات وكتل مناوئة، وتفكيك المشاريع المعادية بأقل قدر من الدماء.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يوجه رسالة احتجاج وإدانة لمجلس الأمن والأمم المتحدة بشأن العدوان الأمريكي السافر على اليمن
  • وزير الخارجية يوجه رسالة احتجاج وإدانة لمجلس الأمن والأمم المتحدة بشأن العدوان الأمريكي على اليمن
  • وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني في كلمة خلال مؤتمر بروكسل التاسع للمانحين حول سوريا: الشعب السوري احتفل بالخلاص من نظام الأسد لكن المعاناة ما تزال مستمرة بسبب هذا النظام
  • مركز أبوظبي للغة العربية يطرح باقة فعاليات مجتمعية خلال شهر القراءة الوطني بالإمارات
  • سوريا.. مطالبات بالكشف عن مصير المفقودين خلال الحرب
  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن
  • الأمم المتحدة تعارض الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة العازلة بين سوريا والجولان المحتل
  • وعيد وإدانة ورفض.. هكذا ردت إيران على "ضرب الحوثيين"
  • حريق كبير قرب مطار حلب السوري تزامنا مع إعلان إعادة تشغيله (شاهد)
  • حرب الساحل وأبعادها الإقليمية.. هل تنجو سوريا الجديدة من الفخ؟