#تحت_الضوء
د. #هاشم_غرايبة
من جملة الظواهر السلبية التي أصابت أمتنا جراء ما أوقعه بها الغرب المستعمر من محن ومصائب، هي مغالاة البعض منا في تقدير قدرات الشيطان الأكبر، لدرجة الاعتقاد بأنه مسيطر على شعوب الأمة، وبيده حراكها أو سكونها.
ظهرت هذه الحالة بعد موجات الثورات العربية، ومن ابتكرها كان أعمدة الأنظمة التي باتت آيلة للسقوط، فلدعمها مارسوا (رمتني بدائها وانسلّت)، فصوروا الثائرين بأنهم عملاء للاستعمار، وأن ثورتهم هدفت لتخريب البلاد ونشر الفوضى.
بعد التساقط المتتالي لتلك الأنظمة العفنة، كان المهيؤون لاقتناص كعكة السلطة هم المسيّسون، وهم المنتمون للتيارات الثلاث: الإسلامية والقومية والماركسية، الإسلاميون بحكم امتلاكهم الأغلبية الساحقة (عددهم يقارب ثلاثة أضعاف التيارين الآخرين مجتمعين)، كانت فرصتهم أكثر بكثير من الآخرين.
الغريب أن هذه الحقيقة كانت غائبة عن أذهان اليساريين الذين كانوا يتوهمون أنهم محركو الجماهير ويمثلون نبض الشارع، وسبب غفلتهم هذه أنهم على الدوام كانوا يعيشون في برجهم العاجي، فغالبيتهم من الكتاب والمثقفين، ويعتقدون في أنفسهم المعرفة والفهم، ويعتبرون الآخرين رعاعا جاهلين.
لذلك شكل فوز الإسلاميين في الانتخابات التي كانت ولأول مرة نزيهة كاشفة لحقيقة اختيار الشعب، شكلت صدمة لهم، فصبوا نقمتهم على الشعوب، بداية اتهموها بالجهل، ثم وجدوا في اتهام أعمدة الأنظمة للشعب بالخيانة والعمالة ضالتهم، فتبنوا مقولتهم وعمموها، ومن هنا كان تأييدهم لتلك الأنظمة ودعمها، رغم أنهم عانوا من ظلمها وقمع الحريات الكثير، لكنهم نكاية بالإسلاميين ، فضّلوا بقاءها على استفراد منافسيهم بثمار الثورة!.
هذا يفسر دعمهم للثورة المضادة التي أعادت الأنظمة الفاسدة، غير آبهين بشبهة العمالة للغرب الداعم لتلك الأنظمة، أوعلى الأقل تقاطع المصالح معه، وهو عذر أقبح من ذنب العمالة ذاته.
بعد استئناف الثوار في سوريا لثورتهم ونجاحهم بإسقاط النظام الوحشي فيها، عادت النغمة إياها، متمثلة بداية بالتشكيك بأن الشيطان الأكبر وكيانه اللقيط هما وراء انتصارهم السريع.
ولقطع الطريق على الانخداع بهذه الفرية، أبين فيما يلي حقيقة ما حدث، مستندا الى شهادات شهود من أهلها.
في تحليل لـ “أليكسي خليبنيكوف” مستشار وخبير شؤون الشرق الأوسط في المجلس الروسي للشؤون الدولية، يقول ان القادة الروس توقعوا تحقيق نتائج سريعة عند تخطيطهم للتدخل بعد اندلاع الثورة السورية، إذ اعتقدوا أن الجيش السوري، بدعم من القوات الجوية الروسية، يمكن أن يقلب الموازين ويسيطر على البلاد في غضون 3-4 أشهر فقط، ولذا لم تُوضَع أي خطط لتحديث الجيش السوري أو تعزيز قدراته، وتركزت الجهود الروسية على تنفيذ الضربات الجوية.
وقد نفَّذ الطيارون الروس 934 مهمة قتالية خلال عام 2015، واستخدمت في معظمها صواريخ جو – أرض عالية الدقة من طراز “Kh-29L”، إضافة الى 26 ضربة بصواريخ كروز من بحر قزوين.
ولكن سرعان ما أدركت موسكو أن الضربات ليست كافية لتحقيق السيطرة على الأرض، وهو ما أكده القائد الروسي في سوريا “ألكسندر دفورنيكوف”، الذي أكد أن القوات المسلحة السورية كانت مستهلكة تماما بحلول عام 2015، حيث انخفضت معنويات أفرادها، وأظهرت إجمالا كفاءة منخفضة للغاية على مستوى القيادة والسيطرة.
هذا يفسر احجام الروس عن نجدة النظام مرة أخرى، فلم يعد بوجود الحرب مع أوكرانيا، امكانية لتحمل المزيد.
كان انهيار كفاءة الجيش السوري بسبب الانشقاقات، ولما كانت أغلب قياداته علوية أو درزية، فقد تمرد كثيرون من الأفراد المنتمين الى الأغلبية السنية، على الأوامر بالبطش بقسوة بالمدنيين، فكانوا ينشقون وينضمون للثوار في أول فرصة، لذلك لجأ النظام الى تشكيل “قوت الدفاع الوطني” وهي مليشيات غالبيتها مكلفين ومتقاعدين، وقياداتها من الأقليات، وبلغت عام 2018 مائتي ألف، ورغم منحها رواتب مغرية (200-300 دولار شهريا)، وهي أربعة أضعاف الرواتب المعتادة، لكنها لافتقارها الى الكفاءة والتدريب والتنظيم، سريعا ما كانت تنهزم في أول مواجهة.
وفاقم الأمر نقمة السوريين تجاه على من هبوا لنجدة النظام (الإيرانيين والروس)، نتيجة التعالي والعجرفة التي كان يبديها هؤلاء تجاههم.
هذا في المناطق الخاضعة للنظام، أما خارجه في المنافي ومخيمات اللجوء، فكانت النقمة اعلى، لذلك تطوع الآلاف منهم، كما فك قادة التنظيمات ارتباطهم بالدواعش المشبوهين.
كل ما سبق أسباب مادية، أما من هيأ كل تلك الأسباب، فكان الله الذي يمهل الظالمين ولا يهملهم . مقالات ذات صلة الدبلوماسية الاردنية.. المطاولة والتأثير الوقائي للحفاظ على امننا الوطني..سوريا إنموذجاً 2024/12/14
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
شعاع ليزر قادر على إلقاء ظل لا شبيه له على بلورة ياقوت
أثار فريق من الباحثين دهشة المجتمع العلمي باكتشاف جديد يغيّر فهمنا التقليدي للضوء والظلال، حيث تمكنوا لأول مرة من إثبات قدرة شعاع الليزر، الذي يُفترض أنه غير مادي، على إلقاء ظلاله تمامًا كالأجسام المادية.
هذا البحث المنشور في دورية "أوبتيكا" بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قد يفتح آفاقًا جديدة في تطوير تقنيات تعتمد على التحكم بالضوء باستخدام الضوء نفسه، مثل أنظمة التبديل البصري وأجهزة التحكم الدقيقة في نقل الضوء.
ظلال ساطعة في الياقوتبدأت القصة كمحادثة عابرة بين أعضاء فريق البحث أثناء تناول الغداء، عندما تساءلوا عن إمكانية رؤية الظل الذي يظهر أحيانًا في نماذج المحاكاة البصرية ثلاثية الأبعاد. أدى هذا النقاش إلى قرار جريء بتنفيذ تجربة معملية لإثبات صحة هذه الظاهرة في مختبرات جامعة أوتاوا الكندية.
استخدم الباحثون بلورة من الياقوت كوسط تمر عبره أشعة الليزر. ثم وُجه شعاع ليزر أخضر قوي عبر البلورة، بينما أُضيئت البلورة نفسها بواسطة شعاع ليزر أزرق من الجانب، فظهر ظل مرئي حيث منع الليزر الأخضر الضوء الأزرق من المرور.
الدراسة ركزت على أطوال موجية محددة من الليزر تخص اللونين الأخضر والأزرق (شترستوك)يشرح رافائيل أبراهاو، الباحث ما بعد الدكتوراه في قسم الفيزياء في مختبر بروكهافن الوطني التابع لوزارة الطاقة الأميركية، والمؤلف الأول للدراسة، في تصريحات حصرية للجزيرة نت: "في تأثير ظل الليزر، عندما يدخل الليزر الأخضر إلى مكعب الياقوت، فإنه يغير استجابات المادة لضوء الليزر الآخر موضعيًا. في هذه الحالة، يزيد من امتصاص الليزر الأزرق، وبالتالي يُخلق ظل الليزر الأخضر".
إعلانتلك الظاهرة ليست حصرية في الياقوت تحديدًا، إذ يضيف أبراهاو: "أشرنا في الدراسة إلى أنه يمكن استخدام مواد أخرى من حيث المبدأ، مثل ألكسندريت".
تعتمد هذه الظاهرة على تفاعلات بصرية غير خطية، حيث يتغير امتصاص الضوء داخل البلورة اعتمادًا على شدة الضوء المسلط. بعبارة أخرى، يعمل شعاع الليزر الأخضر على زيادة امتصاص الضوء الأزرق داخل المنطقة المحددة، مما ينتج عنه منطقة أكثر ظلامًا.
ظل بلا شبيهبخلاف الظلال التقليدية التي تتسم بظهور مناطق "شبه ظل" رمادية مشوشة ما بين الضوء والظل عند استخدام مصادر ضوئية كبيرة كالمصادر الكونية المعتادة في حياتنا، يشير أبراهاو إلى أن التجربة المختلفة: "تحصل على شبه ظل عندما تضيء بمصدر ضوء له حجم ما، مثل الشمس. ولكن نحن نضيء بمصدر نُقطي، أشبه بمصباح يدوي، لذلك لا يوجد شبه ظل".
وعلى الرغم من أن الدراسة ركزت على أطوال موجية محددة من الليزر تخص اللونين الأخضر والأزرق، فإن أبراهاو يؤكد إمكانية توسيع نطاق هذه الظاهرة ويجيب: "اعتمد التأثير الموضح على مجموعة معينة من الأطوال الموجية. ومع ذلك، فمن المحتمل جدًا أن يمتد تأثير ظل الليزر إلى مجموعات أخرى من الأطوال الموجية ومواد أخرى بدلا من الياقوت."
ومع أن التطبيقات العملية لا تزال بعيدة المنال، يوضح أبراهاو: "في هذه المرحلة، لا يزال السؤال مفتوحًا بشأن الأجهزة العملية اليومية التي يمكن أن تنتج عن هذا الاكتشاف. هذا هو أول عرض لمثل هذا التأثير، مما يفتح الأبواب لتطبيقات مستقبلية".
يرى أبراهاو أن هذا العمل هو مثال على التقدم العلمي الأساسي. ويقول: "سيكون من المثير للاهتمام متابعة الأشياء التي يمكن أن تنشأ عن هذا التأثير." ويختم: "أعتقد أن إحدى الرسائل التي يمكن استخلاصها من هذا هي أن بعض الأفكار غير البديهية للوهلة الأولى يمكن إثبات صحتها ومثيرة للاهتمام." وبهذا الإنجاز، ينضم تأثير ظل الليزر إلى قائمة الظواهر العلمية التي تدهش وتثير التفكير، مما يجعل الضوء، مجددًا، محط أنظار العلماء والمهتمين بالابتكار.
إعلان