3 أسباب وراء الانهيار السريع للجيوش
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
لم يكن أكثر معارضي الرئيس السوري بشار الأسد، تفاؤلاً ولا أكثر مؤيديه تشاؤماً يتوقع هذا الانهيار السريع والمفاجئ لنظام حكمه، واختفاء جيشه حتى تدخل الفصائل المسلحة دمشق دون قتال.
فهذه التطورات السريعة التي لم تستغرق أكثر من 10 أيام، جاءت بعد أن تصور الكثيرون أن حكم بشار الأسد قد استعاد عافيته تماماً، وقضى على الثورة التي تفجرت ضده في 2011.
فمنذ 2017 توقفت عمليات الفصائل المسلحة تقريباً، ونجح الرئيس السوري في استعادة السيطرة على حوالي ثلثي مساحة البلاد.
وبعد أن استعاد استقرار حكمه، بدأ الأسد يسافر إلى الخارج، وبدا أن الجميع قبلوا ولو على مضض، بأن حكم هذا الرجل القوي الوحشي سيبقى.
Why Armies Crumble https://t.co/icOisMHhyo
— RealClearDefense (@RCDefense) December 14, 2024وأصبح "التطبيع" مع سوريا هو شعار المرحلة، ليس فقط للدول الشرق أوسطية وإنما لبعض الدول الغربية. ففي سبتمبر (أيلول) الماضي، عينت إيطاليا أول سفير لها في دمشق، بعد حوالي 13 عاماً من تجميد العلاقات الدبلوماسية.
ولكن يوم السبت الماضي، وبعد 10 أيام فقط من بدء الهجوم المفاجئ من جانب الفصائل المسلحة التابعة لهيئة تحرير الشام، انهار هذا الاستقرار الذي نعم به نظام الأسد. وتبخر الجيش السوري وترك جنوده مواقعهم وخلعوا ستراتهم العسكرية. واستولت الفصائل على العاصمة دمشق دون قتال وفر الأسد وأسرته إلى موسكو.
وفي تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، تحت عنوان "لماذا تنهار الجيوش؟"، قال ستوارت رايد الباحث الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ومؤلف كتاب "مؤامرة لمومبا": إن "هذا الاستسلام المفاجئ للجيش السوري جزء من تقليد راسخ لدى الجيوش القوية ظاهرياً، والهشة داخلياً التي تنهار بسرعة في مواجهة تقدم الفصائل".
ففي عام 2021، انهار الجيش الوطني الأفغاني - الذي دربته الولايات المتحدة وأنفقت عليه ما يصل إلى 83 مليار دولار في غضون أشهر مع صعود طالبان إلى السلطة. وقبل ذلك، في العراق تبخرت قوات الجيش في عام 2014 أمام مسلحي تنظيم داعش الإرهابي الذين سيطروا على جزء كبير من البلاد، بما في ذلك مدينتي الفلوجة والموصل.
وفي نفس العام، استولى المتمردون الحوثيون في اليمن على العاصمة صنعاء، في غضون أيام قليلة وأطاحوا بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وفي أماكن أخرى، حدثت الظاهرة نفسها. ففي عام 2013 انهار جيش وحكومة جمهورية أفريقيا الوسطى أمام المتمردين في غضون أشهر، وهرب رئيس البلاد المحاصر فرانسوا بوزيزي إلى الكاميرون.
وفي زائير، انهارت قوات الرئيس الراحل موبوتو سيسي سيكو في عام 1997 عندما اجتاح المتمردين البلاد. ومع اقتراب المتمردين من قصره في الغابة، فر موبوتو، الذي كان يحكم البلاد منذ ستينيات القرن الـ 20، إلى المغرب.
ويقول ستوارت رايد إنه "في حين من المستحيل التنبؤ بتوقيت انهيار أي جيش، يكشف تحليل نماذج انهيار الجيوش في العالم على مدى العقود الماضية عن 3 أسباب رئيسية تكررت في كل حالة وأدت إلى الانهيار السريع للجيوش في مواجهة المتمردين".
السبب الأول هو الإقصاء العرقي، حيث تكدس الحكومات جيوشها بأبناء عرقها وبخاصة في المناصب القيادية بهدف ضمان تماسك وولاء الجيش، في حين أنها تثير سخط واستياء المجموعات العرقية الأخرى في الدولة، ويحول الجيش إلى كيان طائفي وليس وطنياً فيصبح انهياره ممكناً إذا ما انهار حكم الطائفة.
وفي سوريا شكلت الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد حوالي 70% من الجنود و80% من الضباط في الجيش السوري، في حين أن هذه الطائفة لا تشكل أكثر من 13% من سكان سوريا. وكان العلويون يسيطرون بالكامل تقريباً على الحرس الجمهوري وهي قوة النخبة التي كان يقودها أحد أشقاء بشار الأسد. لذلك لم يكن لدى أفراد وضباط الجيش من غير العلويين استعداداً للموت من أجل نظام حكم لا يمثلهم.
السبب الثاني هو الفساد، الذي يعتبر أقوى عامل تآكل للجيوش. وغالباً ما تعجز الحكومات الضعيفة عن تحمل تكلفة شراء ولاء قواتها، لذلك تتساهل مع فساد هذه القوات، وبخاصة كبار الضباط الذين يتوسعون في التربح من كل شيء متاح، بدءاً من تسجيل آلاف الأسماء الوهمية في قوائم الجنود حتى يمكن للقادة اختلاس رواتبهم. كما أن الترقي في صفوف هذه الجيوش يكون لمن يستطيع دفع الرشاوى أو من له اتصالات قوية وليس للأكفأ ولا الأكثر تأهيلاً. وفي أفغانستان كان ضباط في القوات الجوية يعملون في تهريب المخدرات والأسلحة .
وفي الوقت نفسه، يثير فساد الجيوش سخط السكان الذين يدعمون المتمردين وينضمون إليهم. كما أنه يجعل هذه الجيوش أقل كفاءة بسبب اختلاس الأموال وعدم توجيه الموارد نحو شراء الأسلحة والمعدات ودفع الأجور للجنود.
وفي تقرير حكومي أمريكي، عن انهيار جيش أفغانستان، قال مسؤول أفغاني "لا أحد يريد الموت من أجل الأشخاص الذين جاءوا إلى هنا من أجل سرقة البلد".
أما السبب الثالث والأكثر أهمية وراء انهيار الجيوش فهو فقدان الدعم الخارجي. فالحكومات الضعيفة تحتاج عادة للمساعدة من أجل استمرار سيطرتها على البلاد. وعندما ينسحب الدعم الخارجي تكون نهاية هذه الحكومة وجيشها.
فبعد انتهاء الحرب الباردة، لم تعد الولايات المتحدة تحتاج إلى نظام موبوتو في زائير وتركته يسقط. وفي جمهورية أفريقيا الوسطى عندما سحبت فرنسا دعمها لحكومتها عام 2013 انهارت الحكومة خلال شهور.
السيناريو نفسه تكرر في سوريا، حيث لم يستطع نظام بشار الأسد القتال لأكثر من 10 أيام بعد فقد دعم روسيا وإيران، فانهار الحكم وتبخر الجيش ودخلت الفصائل المسلحة العاصمة دون قتال.
وأخيراً، فإن جيوش الدول المستبدة تكون نماذجاً مصغرة لحكوماتها. ومثل الجيش السوري، كانت الدولة السورية قد تعرضت للتجريف عبر سنوات من الفساد والإقصاء العرقي وعاشت على الدعم الخارجي. لذلك فإن المثير للدهشة لا يكون السرعة التي انهار بها النظام، وإنما الفترة الطويلة التي ظل فيها قابضاً على الحكم في البلاد.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية بشار الأسد السوري سقوط الأسد الحرب في سوريا الفصائل المسلحة بشار الأسد فی عام من أجل
إقرأ أيضاً:
إعلام إسرائيلي: ترميم الجيش السوري سيُكلّف مئات المليارات .. وسيمتد لجيل كامل
سرايا - ذكر موقع "والاه" الإسرائيلي أنّ "إعادة ترميم الجيش السوري ستُكلّف مئات المليارات، وستمتدّ لجيل كامل".
جاء ذلك بعدما أعلن "جيش" الاحتلال الإسرائيلي عن مهاجمته خلال الساعات الـ48 الماضية أغلبية مخزون الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، في إطار ما أسماه عملية "سهم الباشان". وفي الإطار، قال الموقع إنّ "الجيش السوري اعتُبر على مدى سنوات ذا قدرات مهمة، حتى هذا الأسبوع"، مشيراً إلى أنّ "ترميم قدراته سيتطلّب وقتاً طويلاً والكثير من المال، بدعم إيراني أو روسي أو من كوريا الشمالية".
وأضاف موقع "والاه" أنّ كل ذلك "لا يعني أنّه لا يمكن أن يكون هناك تهديد أمني من ناحية سوريا في السنوات المقبلة".
إلى ذلك، أشارت تقديرات "الجيش" الإسرائيلي، مساء الثلاثاء، إلى أنه تمّ "تدمير ما بين 70 إلى 80% من القدرات العسكرية للجيش السوري خلال الساعات الـ48 الماضية".
وقالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إنّ "الجيش" الإسرائيلي هاجم نحو 400 هدف استراتيجي في سوريا خلال اليومين الماضيين، في واحدة من أكبر العمليات في "تاريخ إسرائيل".
وأشار الإعلام الإسرائيلي إلى أنّ ما تقوم به "إسرائيل" هو القضاء المنهجي على القوات الجوية السورية، مشيرة إلى أنّه بحسب مصادر في سلاح الجو الإسرائيلي فمن المتوقّع أن تستمرّ الهجمات خلال الأيام المقبلة.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1064
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 11-12-2024 08:20 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...