شحم البقر لترطيب البشرة.. حقيقة أم خدعة تجميلية؟
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
تشهد مواقع التواصل الاجتماعي ظهور صيحات جمالية تزعم تقديم حلول مبتكرة وغير تقليدية للعناية بالبشرة. وبينما يحقق بعضها نتائج ملموسة، فإن العديد منها يعتمد على مكونات غير مألوفة بل ومثيرة للدهشة، مثل شحم البقر.
شحم البقر للعناية بالبشرةنعم، ما قرأته صحيح. خلال الأشهر الماضية، ارتفع الاهتمام بشحم البقر كمنتج للعناية بالبشرة، حيث أشادت به العديد من مؤثرات الجمال كمرطب طبيعي عميق وفعال.
يتم استخلاص شحم البقر المخصص للعناية بالبشرة من خلال إذابة الدهون الحيوانية وتصفيتها للحصول على مادة نقية. عند تبريده، يتحول الشحم إلى قوام كريمي غني يشبه زبدة جوز الهند في درجة حرارة الغرفة، ويصبح سهل التطبيق عند تدفئته بين الأصابع.
تاريخ طويل واستخدامات متعددةعلى مر التاريخ، استُخدم شحم البقر في صناعة الصابون، والشموع، وحتى كعنصر رئيسي في تغذية الحيوانات. كما كان جزءًا من تقاليد الطهي في العديد من الثقافات. إلا أنه اكتسب شهرة كمرطب طبيعي، حيث استخدمته بعض الحضارات القديمة لتخفيف جفاف البشرة وتهدئة الطفح الجلدي. واليوم، يعود للواجهة كصيحة جمالية تثير النقاش في عالم العناية بالبشرة
إعلان الترويج لفوائده السحريةوبحسب مقطع فيديو لإحدى المؤثرات المشهورات باتباع هذا الروتين على تيك توك، وحظي بـ 7.3 ملايين مشاهدة، تقول الشابة الأميركية صاحبة حساب "ازدهري مع كانديس": "قبل عام تقريبا، أدركت أنه من غير المنطقي اتباع روتين معقد للعناية بالبشرة، لأن بشرتنا تبذل كل هذا الجهد لإنتاج زيوتها الطبيعية، ومع ذلك، في كل ليلة قبل الذهاب إلى الفراش، نقوم بإزالتها بكل هذه المنتجات القاسية بدعوى التنظيف".
وأوضحت أنها لم تعد تستخدم منظف البشرة أو الغسول، بل تقوم ببساطة بتنظيف وجهها باستخدام تقنية التفريش الجاف للجلد، ثم تشطف وجهها بالماء الدافئ وتضع طبقة من شحم البقر لترطيبه.
وبحسب كانديس، فإن هذا الروتين البسيط، إلى جانب التغذية الجيدة والنوم وممارسة التمارين الرياضية والتعرض لأشعة الشمس، حولت بشرتها من حمراء ملتهبة ومعرضة لحب الشباب إلى بشرة ناعمة وناصعة.
فوائد محتملة في الترطيب العميق للجلدمن جانبه، يقول جوشوا زيشنر، الأستاذ المشارك في طب الأمراض الجلدية في مستشفى ماونت سيناي بنيويورك، إن هذه المزاعم الكثيرة بفوائد شحم البقر لترطيب الجلد قد تكون حقيقية إلى حد ما.
ويقول: "لا يوجد ضرر يذكر في وضع شحم البقر على الجلد، رغم وجود مرطبات أكثر أناقة من الناحية التجميلية ومصممة بشكل جيد لإنجاز المهمة".
مضيفا أن هذه المادة الحيوانية تحتوي بالفعل على الدهون نفسها الموجودة بشكل طبيعي في الطبقة الخارجية من الجلد، والتي نفقدها عندما نتعرض للجفاف. ولفت إلى أنه من خلال وضع الشحم على الجلد، فإنه يوفر فوائد مرطبة لتليين الخلايا الخشنة على سطح الجلد، إضافة لفوائد الترطيب العميق.
كذلك يوضح بعض الخبراء في الجلدية والتجميل أن شحم البقر، الذي يتكون إلى حد كبير من الدهون المشبعة، قد يوفر بعض الفوائد التجميلية للجلد بسبب الكوليسترول والفيتامينات الدهنية الغنية فيه.
إعلانعلى سبيل المثال، يحتوي شحم البقر على فيتامين (أ)، المعروف أيضا باسم الريتينول، وهو أحد أهم العناصر التجميلية لصحة الجلد، ومن المعروف أن الأشكال الاصطناعية منه تحارب حب الشباب والصدفية والشيخوخة المبكرة وحتى الخطوط الدقيقة والتجاعيد.
كما تشير الأبحاث إلى أن أحماض أوميغا 3 وأوميغا 6 الدهنية مضادة للالتهابات بالفعل، وهي موجودة بشكل مركز في دهون البقر.
ومع ذلك، يوضحون أن مجرد احتواء شيء ما على فيتامينات مفيدة للبشرة لا يعني أنه مصنوع بطريقة يمكن للجلد امتصاصها بأمان، أو أنه مصنوع بشكل أفضل من المنتجات المدروسة جيدا والمعدة خصيصا لهذا الغرض.
رغم أن شحم البقر يتمتع بخصائص مرطبة ويحتوي على مضادات الأكسدة، فإن له بعض العيوب التي يشير إليها أطباء الجلدية المتخصصون.
التحفظات العلميةأولا، لم تعتمد إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه) شحم البقر للاستخدام الموضعي، لعدم وجود دراسات علمية كافية تثبت فعاليته التجميلية أو توافقه مع مختلف أنواع البشرة.
تأثيراته على البشرة الحساسةورغم قوامه الغني الذي يوفر ترطيبا عميقا، فإن شحم البقر قد يسبب مشاكل للبشرة الحساسة. فمن الممكن أن يؤدي إلى انسداد المسام، وظهور حب الشباب، وتهيجات جلدية مثل الطفح الجلدي إذا تم تطبيقه مباشرة على البشرة.
الجدل حول الفوائد المزعومةفي حين تؤكد بعض المؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي فوائد شحم البقر في تحسين حب الشباب، وتهدئة الطفح الجلدي، وعلاج الإكزيما، وحتى تقليل التجاعيد، يوضح الدكتور بيتر لي، أخصائي الجلدية الأميركي: "حتى الآن، لا توجد أي دراسات سريرية موثوقة تدعم فعالية شحم البقر في تحقيق هذه الفوائد".
المخاطر المحتملةكما هو الحال مع المنتجات الدهنية الأخرى، يمكن أن يتسبب شحم البقر في انسداد المسام، مما يؤدي إلى تفاقم مشاكل البشرة مثل حب الشباب وزيادة التهابات الجلد.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للعنایة بالبشرة حب الشباب
إقرأ أيضاً:
من الورد الدمشقي إلى حليب الحمير.. مستحضرات التجميل في الحضارات القديمة
ارتبطت مستحضرات التجميل في العصور القديمة بالطقوس الدينية والمكانة الاجتماعية والممارسات الطبية، إلا أن دورها الأساسي بلا شك كان تعزيز الجمال وتحسين المظهر.
وقدم القدماء العديد من المواد المعروفة اليوم بفعاليتها في تفتيح البشرة أو ترطيبها أو تقشيرها، كما ابتكروا طرقا فريدة لصنع الكحل وظلال العيون وأحمر الشفاه وأحمر الخدود، مستخدمين العديد من المواد الطبيعية المستخرجة من النباتات والمعادن والحيوانات.
سنأخذك في جولة سريعة لاستكشاف أسرار التجميل في الحضارات القديمة، من مصر حيث سُحقت الخنافس لاستخلاص صبغات التجميل، إلى روما التي اشتهرت بحمامات الحليب، ومن الصين التي اعتمدت على مسحوق اللؤلؤ، إلى الحضارة الإسلامية التي جعلت من العناية بالبشرة علما متكاملا وفرعا من فروع الطب.
الخنافس والأملاح البحرية وحمامات الحليب في مصر القديمةمن المعروف أن المصريين القدماء أولوا اهتماما خاصا بالمستحضرات التجميلية التي كانت تستخدم من قبل الرجال والنساء على حد السواء، بالأخص الكحل الذي كان يصنع من مسحوق الرصاص الأسود أو الجالينا، ولم يكن يستخدم فقط لأغراض جمالية، بل كان يعتقد أيضا أنه يحمي العينين من أشعة الشمس والأرواح الشريرة.
كذلك استخدم المصريون القدماء الحناء لصبغ الشعر والأظافر وأحيانا الجلد، خاصة في المناسبات الدينية والاحتفالات. كما استخدمت النساء مزيجا من أكسيد الحديد والنباتات لصنع ظلال العيون.
إعلانأما أحمر الشفاه فكان يُصنع من الدهون الحيوانية أو الزيوت النباتية التي تُمزج بمسحوق المغرة، وهو مسحوق يصنع من التراب، فضلا عن أن كليوباترا كانت تشتهر بطحن الخنافس للحصول على درجة اللون الأحمر المثالية.
اعتمد المصريون القدماء كذلك طرقا عديدة للعناية بالبشرة، بما في ذلك صنع ماسكات الحليب والعسل لعلاج البشرة واستخدام الأملاح البحرية للتقشير. وكان هناك العديد من الطرق لترطيب البشرة وزيادة نعومتها بما في ذلك حمامات الحليب والمرطبات المصنوعة من زيت اللوز أو دهون الحيوانات.
علاوة على ذلك، اخترع المصريون القدماء طرقا طبيعية لإزالة الشعر بمزيج من العسل والسكر، واستخدموا حبيبات البخور تحت الإبطين لتؤدي وظيفة مزيلات العرق.
كان المسلمون روادا في مجالات الكيمياء والصيدلة، مما انعكس بدوره على تطوير مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة، والتي كانت حينها تعتبر فرعا من فروع الطب.
فقد خصص ابن سينا في كتابه "القانون في الطب" فصلا بعنوان "أدوية الزينة"، وناقش فيه مختلف المستحضرات الطبية المستخدمة لمنع تساقط الشعر والصلع في فروة الرأس والحاجبين، كما تحدث عن مستحضرات تبييض الشعر، ووصفات للشعر الأشقر، وكريمات مضادة للتجاعيد.
فضلا عن ذلك، اشتهر ابن سينا بتطوير تقنيات استخلاص ماء الورد والزيوت العطرية من الورد الدمشقي، والتي لا تزال تُستخدم حتى اليوم.
ويعتبر أبو القاسم الزهراوي (البوقاصي) واحدا من أبرز المساهمين في تطوير مجال التجميل. فقد تضمنت أعماله أول ذكر لعصي إزالة الشعر، ومزيلات العرق للإبط، ومستحضرات العناية بالبشرة واليدين، كما ذُكرت فيها صبغات الشعر التي تُحوّل الشعر الأشقر إلى أسود، والمواد التي تساعد على تنعيم الشعر المجعد أو الخشن، حتى إنه وصف فوائد كريمات تسمير البشرة ومكوناتها بالتفصيل. وتحدث أيضا عن العطور والمركبات العطرية والبخور.
إعلانكذلك كان هناك اهتمام خاص بصناعة أدوات التجميل بشكل متقن بما في ذلك قوارير العطر والزجاجات، وأوعية الكحل، ناهيك عن المرايا والملاقط والأمشاط وعلب المجوهرات.
الرصاص الأبيض والطين الأحمر في الحضارة اليونانية القديمةعرف الإغريق القدماء بولعهم بمستحضرات التجميل حتى إن كلمة "كوسميتيسز" (cosmetics) التي تعني "مستحضرات التجميل"، مشتقة من الكلمة اليونانية "كوسميتيكا" (kosmetika)، وهي كلمة استخدمت في الحضارة اليونانية لوصف المستحضرات التي تحمي الشعر والوجه والأسنان. كما استخدمت كلمة "كوموتيكون" (kommotikon) لتدل على المكياج.
ويعد الرصاص الأبيض من الأمور التي استخدمتها النساء لتفتيح بشرتهن، رغم أنه كان ساما عند استخدامه على المدى الطويل. واستخدمن خليطا من التوت المجفف والطين الأحمر لإضفاء لون وردي على الخدود، كما استخدمت المراهم العطرية لحماية البشرة من التجاعيد.
ووفق الطريقة المصرية، استخدم اليونانيون القدماء المغرة لصنع أحمر الشفاه، في حين صنعوا الكحل من مسحوق يحتوي على السخام أو الإثمد أو الزعفران أو الرماد.
أما العطور اليونانية، فمن المعروف أنها استُخدمت منذ العصر البرونزي الأوسط (القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد) على الأقل، وقد ذُكرت لأول مرة في الأدب في ملحمتي الإلياذة والأوديسة لهوميروس، اللتين كُتبتا في القرن الثامن قبل الميلاد. وقد استخدم الإغريق في صناعة العطور جميع أنواع النباتات والزهور والتوابل والأخشاب العطرية، من المر إلى الزعتر.
اهتم الرومان بشكل خاص بتطوير مستحضرات للعناية بالبشرة، إذ صنعوا الكريمات والمراهم المرطبة ومضادات الشيخوخة من شمع العسل والزيوت النباتية. استخدم الرومان كذلك العديد من المواد الأخرى لصناعة كريمات وماسكات الوجه بما في ذلك البيض، والشعير، والصمغ، وبصيلات النرجس، ودقيق القمح، ومسحوق قرون الوعل. صنع الرومان أيضا أحمر الشفاه من مستخلصات الفواكه والنباتات للحصول على لون أحمر داكن.
إعلانوكما فعل الإغريق، استخدم الرومان بودرة الرصاص لتبييض البشرة، إذ قاموا بخلط نشارة الرصاص مع الخل والطباشير لصنع ماسكات للوجه، على الرغم من معرفتهم بسمية الرصاص الأبيض.
وكانت الحمامات الرومانية جزءا أساسيا من روتين الجمال، حيث استُخدمت الزيوت والعطور بعد الحمام. ومن المواد الغريبة التي استخدمت لتنعيم البشرة، نذكر حليب الحمير الذي كان المفضل لدى بوبايا، زوجة الإمبراطور نيرون والتي كانت تستحم يوميا بحليب الحمير.
للعطور مكانة خاصة أيضا في الحضارة الرومانية القديمة، إذ صنعت من مواد مثل القرفة ونخيل التمر والسفرجل والريحان وجميع أنواع الزهور من السوسن إلى الورود.
اللؤلؤ المسحوق في الصين القديمةكانت مستحضرات التجميل جزءا هاما من اقتصاد الصين قديما، فقد كانت تشكيلة المنتجات واسعة، ومكوناتها متنوعة، وكانت جزءا هاما من الحياة اليومية للنخبة الصينية القديمة وكل من يمتلك القدرة الشرائية اللازمة.
اهتمت النساء في الصين القديمة ببودرة الوجه خصوصا، فقد كانت البشرة البيضاء رمزا للنقاء ودلالة على الانتماء للطبقة الراقية. ولتفتيح بشرتهن استخدمن مكونات متعددة بما في ذلك مسحوق الأرز والطباشير ومسحوق اللؤلؤ. على صعيد آخر عمدت النساء إلى تلوين حواجبهن باستخدام مسحوق أسود مصنوع من الفحم أو السخام.
كما كان طلاء الأظافر من المستحضرات التجميلية الشائعة المصنوعة من مزيج من الصمغ العربي وبياض البيض والجيلاتين لاستخراج ألوان مثل الأحمر والذهبي.
أما أحمر الشفاه فقد صنع من الزهور والعسل والشمع الطبيعي، وعن طريق خلط معدن الزنجفر مع الغراء الحيواني.
وللعناية بالبشرة استخدم الصينيون القدماء مواد مثل العث، والزيوت النباتية، والراتنج. كما استخدموا الدهون الحيوانية لتخفيف التجاعيد، وهي مادة لا تزال شائعة إلى اليوم، إذ إن معظم علاجات الكولاجين الحديثة المستخدمة لمكافحة الشيخوخة مستمدة من مصادر حيوانية.
إعلانعموما لم تكن مستحضرات التجميل في الصين القديمة للزينة فقط، بل كانت تحمل معاني ثقافية ورمزية، مثل الطهارة والمكانة الاجتماعية، وحتى الحماية من الأرواح الشريرة وفقا للمعتقدات التقليدية.