المشروبات الغازية المعروفة بـ"دايت"، أو المشروبات الخالية من السكر والسعرات الحرارية، هي مشروبات منخفضة السعرات تحتوي على محليات صناعية بدلا من السكر. عادة ما توجه هذه المنتجات إلى مرضى السكري أو الأشخاص الذين يسعون لتقليل استهلاكهم من السكر أو السعرات الحرارية.

يُعد مشروب "دايت كوك" أحد أشهر هذه المشروبات، وقد طُرح لأول مرة في عام 1982 كأول مشروب صودا "دايت" في العالم.

سرعان ما حقق نجاحا كبيرا، ليصبح المشروب الغازي الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة بحلول عام 1983، واستمرت مبيعاته في النمو خلال العقود التالية. اكتسب "دايت كوك" شعبية واسعة، لا سيما بين أولئك الذين يرغبون في فقدان الوزن وتحسين مظهرهم، مدعوما بحملات تسويقية تروج للنحافة والجاذبية.

مشروب "دايت كوك" طُرح لأول مرة في عام 1982 كأول مشروب صودا "دايت" في العالم (بيكسابي)

ولكن وفقا لما صرح به خبراء لموقع "إنفيرس"، فإن هذا المشروب قد يسبب الإدمان، حيث يؤثر على قدرتنا على التوقف عن تناوله بطريقة لا تضاهيها أي أطعمة أو مشروبات أخرى. حتى أن أدمغتنا تصبح مدربة على الاستجابة للمحفزات المرتبطة به، مثل صوت فتح الغطاء أو فوران المشروب عند فتح العلبة.

السر وراء الطعم الشديد الحلاوة

رغم أن الحملات الدعائية لمنتجي "دايت كوك" عززت فكرة ارتباطه بثقافة الحمية الغذائية، حتى وإن لم يُكتب على العبوة أنه يساعد في فقدان الوزن، إلا أن العديد من الدراسات التي أجريت بعد إطلاق المشروب أظهرت أنه "رغم خلوه من السعرات الحرارية، لم يثبت فعاليته في مساعدة الناس على فقدان الوزن".

إعلان

وبالتالي، فإن "دايت كوك" ليس مشروبا لإنقاص الوزن، ولم تعد فكرة فقدان الوزن هي السبب الرئيسي الذي يدفعنا لتفضيله. السر يكمن في عوامل أخرى أكثر تأثيرا من الدعاية، مثل "مذاقه الحلو للغاية، ومحتواه من الكافيين"، وهي عناصر تؤثر مباشرة على استجاباتنا العصبية والنفسية، مما يجعلنا نعود إليه مرارا دون وعي، بحثا عن عبوة جديدة.

ذلك لأن حب الطعم الحلو يعتبر إحدى الرغبات الأساسية للبشر. كما توضح آشلي غيرهاردت، أستاذة علم النفس في جامعة ميشيغان، فإن "الميل إلى الحلاوة أمر فطري لدى الجميع. نحن نولد مهيئين لتفضيل الطعم الحلو، وهذا الشعور يبدأ منذ لحظة خروجنا إلى العالم".

كيف يحدث الإدمان؟

توضح الأبحاث أن "مجرد تذوق الطعم الحلو يحفز إطلاق الدوبامين"، وهو ناقل عصبي مسؤول عن الشعور بالمكافأة والمتعة، كما يلعب دورا أساسيا في تحفيزنا لتناول الطعام والشراب. وفقا للدكتورة آشلي غيرهاردت، كلما زودنا أجسامنا بالسعرات الحرارية، أغرقت أدمغتنا بمزيد من الدوبامين.

لكن ما يميز تلك المشروبات الغازية هو استخدام المحليات صناعية، مثل الأسبارتام، الذي يُعد أكثر حلاوة من السكر بحوالي 200 مرة، كما تؤكد هيئة سلامة الأغذية الأوروبية. هذا الطعم الشديد الحلاوة يجعل المشروب يخترق أدمغتنا بفعالية، مقدما تجربة لا يمكن العثور عليها في الطبيعة.

المشروبات الغازية التي تحمل تصنيف "دايت" تعد أكثر حلاوة من السكر بحوالي 200 مرة (غيتي إيميجز)

عندما نتناول مثل هذه المركبات شديدة الحلاوة، فإنها تزيد من رغبتنا في تناول السكريات، كما تشير كاثلين هولتون، عالمة الأعصاب الغذائية في الجامعة الأميركية بواشنطن. وتشرح أن مجرد تذوق الطعم الحلو يدفع الجسم لإطلاق الإنسولين بشكل استباقي تحضيرا لاستقبال السكريات. يؤدي ذلك إلى استهلاك الخلايا لأي سكر موجود في الدم، مما يخفض مستواه ويحفز الدماغ على طلب المزيد من السكر. وهكذا يدخل الجسم في حلقة مفرغة من الرغبة المتزايدة في تناول المزيد من السعرات الحرارية.

إعلان

قد يتساءل البعض: "لكن مشروبات الدايت صودا خالية من السعرات الحرارية، فكيف تسبب هذا التأثير؟". تجيب كيريلي بورسي، أستاذة التغذية في جامعة نيوكاسل بأستراليا، بأن هذه المشروبات تحتوي على تركيبة فريدة لا توجد في الطبيعة، تجمع بين الحلاوة الشديدة والكافيين، مما يجعل الدماغ يفسرها على أنها "مشروب لذيذ غني بالطاقة".

الحلاوة والكافيين.. وصفة الإدمان

تشرح غيرهاردت أن "المزيج بين الحلاوة الشديدة والكافيين يمثل تركيبة غير مألوفة لأدمغتنا، إذ لم تُصمم للتعامل مع هذه الدرجة من التنبيه". ولكن، بفضل الإبداع البشري، أصبح بالإمكان تجاوز توقعات الجسم للسعرات الحرارية، حيث توفر تلك الجرعة الكبيرة من الحلاوة والكافيين إحساسا بالإشباع البديل. وتحتوي علبة واحدة من "دايت كوك" على 46 مليغراما من الكافيين، أي ما يعادل نصف الكمية الموجودة في كوب قهوة عادي، بينما تحتوي علبة الكولا العادية على 34 مليغراما فقط.

وتضيف كيريلي بورسي أن "الكافيين، باعتباره منبها خفيفا، ينشط مسارات المكافأة في الدماغ على غرار المواد المسببة للإدمان. وكلما زاد استهلاك الكافيين، زاد اعتماد الجسم عليه". وكغيره من المواد الإدمانية، يتسبب الكافيين في أعراض انسحاب مثل الصداع، النعاس، تقلب المزاج، وصعوبة التركيز. لذا، إذا كنت معتادا على تناول "دايت كوك" بانتظام، فإن جسمك سيبحث باستمرار عن مصدر لهذه الحلاوة والكافيين.

"نقطة النعيم"

ترى بورسي أن "دايت كوك" قد يمثل مثالا نموذجيا لما يُعرف بـ"نقطة النعيم" أو الذروة التي تجعل تناول الطعام والشراب تجربة لا تُقاوم. هذه النقطة، التي تجمع بين المذاق المثالي والقوام والرائحة، تعتمد على تركيبة متوازنة من المكونات مثل السكر، الملح، والدهون. صُممت هذه الفكرة لجعل الأطعمة والمشروبات مغرية إلى درجة يصعب مقاومتها، وهي فكرة طورها عالم النفس وخبير صناعة الأغذية هوارد موسكوفيتز، وتناولت تفاصيلها كتاب "الملح والسكر والدهون: كيف أغوتنا شركات الأغذية العملاقة؟" للكاتب مايكل موس، أحد أكثر الكتب مبيعا لعام 2013.

إعلان

وعندما يُطرح التساؤل عن دور "نقطة النعيم" في الإدمان، تجيب غيرهاردت بأن "أدمغتنا تبدأ بالارتباط بالإشارات الحسية المرتبطة بالمشروب، مثل صوت فتح غطاء العبوة أو فوران المشروب، وهو ما يحفز إطلاق الدوبامين حتى قبل تناول المشروب". وتضيف أن هذه الإشارات تصبح مرتبطة بعملية الاستهلاك، مما يجعل الإدمان يتعلق بالتفاعل مع تلك الإشارات بقدر ما يتعلق بالمشروب نفسه.

هذا التفاعل يفسره مفهوم "التحفيز الحسي للإدمان". ووفقا لهذه النظرية، قد ينخرط الناس في سلوكيات متكررة رغم معرفتهم بمخاطرها، لأن الإشارات الحسية وحدها تكفي لتحفيز رغبتهم.

تختم بورسي بالقول إن "دايت كوك" مشروب مصمم بعناية لاستهداف خلايانا العصبية، وضغط جميع الأزرار البيولوجية التي تجعلنا نرغب فيه. وهذا يجعله يتفوق على الأطعمة والمشروبات الطبيعية في القدرة على جذب المستهلكين، وهو ما يضمن بقاءه جزءا من حياتنا لفترة طويلة قادمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السعرات الحراریة فقدان الوزن من السکر

إقرأ أيضاً:

الذهب قرب أعلى مستوى على الإطلاق قبل اجتماع المركزي الأميركي

الاقتصاد نيوز - متابعة

ارتفعت أسعار الذهب، الاثنين، بالقرب من أعلى مستوى على الإطلاق عند ثلاثة آلاف دولار للأونصة الذي تجاوزته الأسبوع الماضي، وذلك وسط تركيز السوق على الرسوم الجمركية واجتماع الفدرالي الأميركي المقرر هذا الأسبوع.

وزاد الذهب في المعاملات الفورية 0.4% إلى 2994.79 دولار للأونصة. وتجاوز الذهب مستوى الثلاثة آلاف دولار للأونصة ليسجل صعوداً قياسياً يوم الجمعة عند 3004.86 دولار للأونصة.

وانخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.1% إلى 3003.20 دولار للأونصة.

وتترقب الأسواق حاليا اجتماع السياسة النقدية لمجلس الفدرالي الأميركي، الذي يستمر ليومين وينتهي يوم الأربعاء، لمتابعة توقعات المسؤولين بالبنك فيما يتعلق بالتداعيات المحتملة لسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وصرح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أمس الأحد بأنه "لا توجد ضمانات" بعدم حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي مجلس الاحتياطي على أسعار الفائدة دون تغيير قبل خفضها مجدداً في يونيو/ حزيران.

وعادة ما يحقق الذهب مكاسب جيدة عندما تنخفض أسعار الفائدة، ويُنظر إليه أيضاً على أنه وسيلة تحوط في أوقات الاضطرابات الجيوسياسية والضبابية الاقتصادية والتضخم.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية 0.4% إلى 33.66 دولار للأونصة. وزاد البلاتين 0.6% إلى 999 دولاراً للأونصة والبلاديوم 0.2% إلى 967.44 دولار للأونصة.

استقرتاليوم الاثنين، بعد أن سجل المعدن النفيس مستوى تاريخياً الأسبوع الماضي، مدفوعاً باستمرار الطلب على الملاذات الآمنة وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية، ومخاوف الرسوم الجمركية، والخلافات التجارية، فضلاً عن تزايد التوقعات بخفض معدلات الفائدة من قبل الفدرالي الأميركي.

واستقر الذهب في المعاملات الفورية عند 2,984.14 دولاراً للأونصة، بعدما تجاوز حاجز 3 آلاف دولار للأونصة يوم الجمعة مسجلاً مستوى قياسياً عند 3,004.86 دولاراً.

في المقابل، تراجعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.2% إلى 2,993.50 دولاراً للأونصة.

وقال كلفن وونغ، كبير محللي السوق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى «أواندا»: «الارتفاع الأخير في أسعار الذهب جاء مدفوعاً بمخاوف الركود التضخمي»، بحسب رويترز.

الذهب يحقق 14% مكاسب منذ بداية العام

تراجعت ثقة المستهلك الأميركي إلى أدنى مستوى لها في نحو عامين ونصف خلال مارس آذار، وسط ارتفاع توقعات التضخم، مع تصاعد المخاوف من أن الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب –والتي أشعلت حرباً تجارية– ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتقويض الاقتصاد.

اقرأ أيضاً: ما الدور الذي لعبته سويسرا في تسهيل ازدهار تجارة سبائك الذهب بين لندن ونيويورك؟

وعلى الصعيد الجيوسياسي، تواصلت التوترات مع تعهّد الولايات المتحدة بمواصلة استهداف الحوثيين في اليمن حتى ينهوا هجماتهم على السفن، فيما أسفرت الضربات العسكرية الإسرائيلية عن مقتل 15 فلسطينياً على الأقل في قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.

وبفضل دوره كتحوّط ضد المخاطر السياسية والتضخم، حقق الذهب مكاسب تقارب 14% منذ بداية العام الجاري.

ترقّب الأسواق لقرارات الفدرالي الأميركي

تتجه أنظار المستثمرين نحو اجتماع السياسة النقدية للفدرالي الأميركي يوم الأربعاء، يليه خطاب رئيسه جيروم باول، والذي قد يقدّم إشارات بشأن مستقبل السياسة النقدية في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.

أما بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، فقد تراجعت الفضة بنسبة 0.1% إلى 33.76 دولاراً للأونصة، بينما ارتفع البلاتين بنسبة 0.1% إلى 994.50 دولاراً، في حين انخفض البلاديوم بنسبة 0.1% إلى 963.83 دولاراً للأونصة.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • طريقة عمل البيتيفور بالكوب: سر الطعم الرائع في خطوات بسيطة
  • الذهب عند أعلى مستوى على الإطلاق
  • الذهب قرب أعلى مستوى على الإطلاق قبل اجتماع المركزي الأميركي
  • يساعدك في مواجهة برد الصيف.. مشروب ذهبي يحميك من السعال ويذيب البلغم
  • الذهب يقترب من أعلى مستوى على الإطلاق
  • أخطر مشروب على الإفطار في رمضان يسبب السرطان.. توقف عنه فورًا
  • كيف تحسب السعرات الحرارية لتخسر الوزن بشكل صحيح
  • هذا المشروب يعزز من طاقتك ويمدك بالفيتامينات في رمضان
  • القبة الحرارية.. خبير يكشف أسباب ارتفاع درجات الحرارة في الشتاء
  • رامز يشرب من نفس الكأس.. نور إيهاب تسخر منه: حلاوة شعرك