هالنى ما رأيت عندما توجهت إلى أحد مكاتب البريد لقضاء مصلحة خاصة، إذ رأيت ازدحاماً رهيباً من المواطنين، وفى الحقيقة لم أكن أعرف السبب، فسألت بكل براءة أحد الواقفين فى الطوابير ليرد دون أن يعيرنى أدنى اهتمام بصبر نافد: «الزحمة علشان كراسات الإسكان يا أستاذ»، وبالطبع لم أحاول الولوج لمكتب البريد إذ كان ذلك من رابع المستحيلات، وقد بلغ الازدحام حداً أن جماهير الساعين لشراء هذه الكراسات حطموا الباب الزجاجى لبوابة مكتب البريد ولم يوقفهم الزجاج المتناثر على الأرض عن هدفهم المنشود وليحدث ما يحدث، ما اضطر المسئولين عن مكتب البريد لاستدعاء الشرطة لتنظيم الصفوف حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه!!
لا شك أن الدولة فى سعيها الدؤوب لحل مشكلة الإسكان من خلال مشروعاتها الإسكانية تسهم بلا شك فى حل تلك الأزمة «الأزلية»، إذ إن حلم الحصول على شقة طالما راود ذلك الشاب الذى يحلم بالاستقرار والزواج، أو عائل الأسرة ذاك الذى يسعى لإيواء أسرته فى شقة بثمن معقول يتناسب دخله المحدود بسعة مناسبة ما يحميه من لهيب استئجار الشقق الذى قد لا يستطيع فى وقت ما مع كل هذا الغلاء الذى يحيط بنا إحاطة السوار بالمعصم من استيفائه، وهناك آلاف الحالات التى تتمنى الحصول على شقة والتى وضعت وزارة الإسكان شروط الأولوية للحصول عليها لضمان توفير العدالة لكل المتقدمين لهذه الشقق.
إن الإقبال الكثيف جداً على مشروعات إسكان الدولة مؤشر على مدى ما تتميز به بالمقارنة بالمشروعات السكنية الخاصة من حيث الأسعار وطريقة السداد، ولكن يظل الأمر منقوصاً بسوء التنظيم غير المحدود فى التقديم لهذه الشقق من خلال مكاتب البريد ما جعل الكثير من المواطنين يحجمون عنها رغم حاجتهم الشديدة جداً لها ورغم استحقاقهم كذلك لتلك الوحدات السكنية ممن يمثلون الشريحة المستهدفة التى تسعى الدولة أساساً لمعالجة مشكلتهم والتى يقف -للأسف- الحصول على كراسة الشروط حائلاً دونه، إذ تحول الأمر مع سوء التنظيم هذا إلى «كابوس» لمن يفكر مجرد التفكير فى الحصول عليها.
وللعلم فكراسة الشروط شرط أساسى للتقديم على وحدات الإسكان والوسيلة الوحيدة للحصول عليها تتمثل فى التوجه لمكاتب البريد المزدحمة ازدحاماً رهيباً، وللغرابة الشديدة فإن كراسة الشروط التى يبلغ سعرها 300 جنيه أصبحت وسيلة لمعدومى الضمير للتربح من ورائها وذلك من خلال الحصول عليها بطريقة أو بأخرى سواء عن طريق موظفى البريد معدومى الضمير أو الحصول عليها شخصياً بالوقوف يومياً فى تلك الطوابير دون أن يكون بحاجة إليها أو ليست لديه رغبة فى التقديم من الأساس ثم بيعها لمن يحتاج إليها بالفعل بمبلغ كبير وصل فى إحدى المناطق لألف جنيه!! تخيلوا؟؟
لقد أصبح الحصول على «الكراسة» هو أمل كل من يسعى للحصول على إحدى شقق الإسكان الاجتماعى وذلك بأى طريقة حتى لو كان ذلك من خلال السوق السوداء وشرائها بأى ثمن حتى لا يضيع حقه فى التقديم المحدد بوقت معين -للأسف- ينتهى بعده التقديم؛ لذا لا بد من اقتراح آلية أخرى للتقديم وليكن مثلاً من خلال الموقع الإلكترونى، على أن تسدد الرسوم إلكترونياً، كما يحدث عند تسديد الرسوم المدرسية وذلك تسهيلاً على الراغبين فى التقديم، فما يهم الجهة الإدارية هو تحصيل الرسوم، وما يهم المواطن الحق فى التقديم بطريقة آدمية بعيداً عن تحطيم الزجاج والازدحام والخناقات و«الخنقة».. إلخ.
نعم، نريد آلية أكثر رقياً بدلاً من هذه الطوابير التى عفّى عليها الزمن، آلية أكثر تحضراً تنهى هذه الفوضى وتقطع السبيل على هؤلاء معدومى الضمير ممن ينتهزون أى فرصة للتربح على رقاب هذا المواطن الغلبان الذى بات حلمه الوحيد هو الحصول على «كراسة».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الكراسة مصلحة خاصة
إقرأ أيضاً:
نقاد: موهبة «مكي» لا خلاف عليها وأفكاره غير تقليدية.. وواثقون في اختياراته
موهبة لا يختلف عليها أحد، وأفكاره غير تقيليدية خارج الصندوق، خلقت مساحة جماهيرية لأحمد مكى منذ ظهوره الأول على الساحة الدرامية منذ ما يقرب من 20 عاماً، ما بين التمثيل والكتابة والغناء والإخراج، نجح فى توظيف تلك المواهب فى أعماله بالشكل الذى خدم مشروعه الفنى.
يواجه «مكى» تحدياً جديداً فى موسم الدراما الرمضانية 2025، حين قرّر أن يخلع عباءة «الكبير أوى» التى ارتداها على مدار 8 مواسم متتالية قدّمها من 2010 إلى 2024، وارتبط بها الجمهور بشكل كبير، ورغم أن تلك الفترة تخللتها تجارب درامية مختلفة، منها «خلصانة بشياكة» و«الاختيار 2»، إلا أنه كان أكثر إخلاصاً لتجربة «الكبير أوى»، ليرتفع رهان الجمهور على «الغاوى»، الذى يعيد «مكى» من خلاله تقديم نفسه للجمهور خارج إطار الكوميديا، فى قالب شعبى يجمع ما بين الدراما والأكشن للمرة الأولى.
«سعد الدين»: الموهبة تحتاج فكرا جديدا والتجريب بشكل مستمربترقُّب شديد ينتظر النقاد قبل الجمهور تجربة «مكى» الدرامية فى رمضان 2025، مدفوعين بثقتهم فى اختيارات النجم الكبير، وهو ما أكده الناقد أحمد سعد الدين، قائلاً إن قرار «مكى» بالابتعاد عن «الكبير أوى» والكوميديا ذكى، على حد تعبيره، موضحاً: «مكى فنان صاحب موهبة كبيرة، مشكلته الأساسية أنه عاش 8 أجزاء فى عالم (الكبير أوى)، وللأسف قد ينتقص ذلك من رصيد الفنان بعد فترة، خاصة أن كل الأجزاء لم تحقّق النجاح الكبير نفسه، منذ 3 سنوات عندما قدّم مكى مسلسل الاختيار فى شكل جاد بعيداً عن الكوميديا، كان من أحسن الممثلين فى الموسم الدرامى، لأنه بالفعل صاحب موهبة كبيرة».
«خير الله»: ممثل متمكن ويدرس أعماله جيداوتابع «سعد الدين»، لـ«الوطن»: «التغيير قرار مهم من أحمد مكى، وبهذا الشكل سوف نكسب موهبة تستمر، لأنه لم يضعها فى مساحة واحدة، فهو أولاً وأخيراً ممثل موهوب وجيد، وإذا قدم هذا العمل بشكل جيد ستكون بداية جديدة بالنسبة له، خاصة أن لديه قطاعاً كبيراً من الجماهير، لأنه شخصية محبوبة». وعن التعاون الأول الذى يجمع «مكى» بالمخرج محمد جمال العدل، قال: «عمل مكى هذا العام مع فريق عمل يتعاون معه للمرة الأولى، سواء فى الإخراج أو الكتابة، هى خطة صحيحة، وهو الأمر الذى كان يقوم به الفنان الراحل نور الشريف كل فترة يُجدّد فريق العمل الذى يعمل معه، فالموهبة فى حاجة إلى فكر جديد ليُقدم تلك الموهبة بشكل مختلف، فالفن مغامرة ويحتاج إلى التجريب بشكل مستمر».
«الشناوي»: تعاونه مع كاتب ومخرج مختلفين يخدم المنتج الفنيوقال الناقد طارق الشناوى، إن مسلسل «الغاوى» ليس التجربة الأولى التى يخرج فيها «مكى» من نطاق الكوميديا، ولكنه فعل ذلك فى موسم الدراما الرمضانية 2021 عندما قدّم شخصية الضابط يوسف الرفاعى فى الجزء الثانى من ملحمة الاختيار، موضحاً: «تجربته كانت ناجحة، فهو ممثل موهوب يبتعد أحياناً، ولكن تظل له مساحته وقدر من الاشتياق عند الجمهور، وبالطبع هو استنفد فرص (الكبير أوى)، وكان يجب أن يتوقف عند الجزء السابع، ولكنه أكمل حتى الثامن، ولكن من المهم أنه بدأ فى تغيير المؤشر». وتوقع «الشناوى» أن «الغاوى» رغم تيمته الشعبية إلا أنه لن يخلو من لمحة كوميدية، مضيفاً لـ«الوطن»: «حتى الاختيار عندما قدّم شخصية ضابط بكل ما تحمله من انضباط وجدية شديدة، إلا أن هذا الدور لم يخلُ من ومضات كوميدية، وهو أمر طبيعى ليس مستهجناً، لأنه أياً كانت الوظيفة فلا تنفى وجود لمحة من خفة الظل أو هامش من الكوميديا، وهو الأمر الذى يؤكد إنسانية الشخصية».
وأشار إلى أن قرار «مكى» بالتعاون مع فريق عمل جديد هو أمر صحى ومهم له كفنان، قائلاً: «وجوده فى تجربة جديدة مع كاتب ومخرج مختلفين أمر لصالح المنتج الفنى، ولصالح المبدع، ودعونا لا ننسَ أن (مكى) كاتب ومخرج وليس ممثلاً فقط، وبالتالى لديه مساحات واسعة من الإبداع».
من جانبها، قالت الناقدة ماجدة خيرالله، إنها لا تشعر بالقلق من تجربة أحمد مكى الجديدة فى موسم دراما رمضان 2025، وواثقة من اختياراته، قائلة: «أحمد مكى ممثل جيد جداً، سواء فى الكوميديا أو الدراما الاجتماعية أو حتى فى التراجيديا، وأعتقد أنه درس الموضوع بشكل جيد، حتى إنه اتجه إلى العمل مع مخرج مختلف، وهو محمد العدل، عندما قرّر تغيير المساحة التى كان يعمل فيها مع المخرج أحمد الجندى».