هل تبدأ الموجة الثانية للثورات العربية من سوريا؟
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
على وقع الصراع المحتدم في فلسطين وفي خضم معركة طوفان الاقصى وما أحدثته من ارتدادات وانعكاسات وخلط للأوراق إقليميا ودوليا . وبعد أن ساد اعتقاد أن تطلعات شعوب المنطقة للحرية والكرامة قد قبرت بعد أن تم إخضاعها لعملية كي قاسية للوعي جعلتها تلعن الثورات والحريات والديمقراطية وتترحم على الاستبداد وصانعي الاستبداد وأعوانه وأبواقه وعرابيه وتعد المستبدين أبطالا من هلك منهم تخلد اسمه وتتمنى يوما من أيامه ومن بقي حيا تتوجه بطلا قوميا يتم استقباله في المحافل استقبال الفاتحين.
ولكن لسنن التاريخ والاجتماع البشري التي يجري الله على أساسها قضاءه وقدره قول آخر "فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب "صدق الله العظيم (سورة الحشر)..
ما من شك أن معركة طوفان الأقصى قد انطلقت بقرار فلسطيني مستقل غير مرتهن لأي طرف إقليمي أو دولي ودعمها من محور المقاومة الذي تقوده إيران لا يبرر لأي طرف من هذا المحور قمع شعبه والتسلط عليه ولا يبرر لأي طرف أيضا إعانته على ذلك.ففي لمح البصر وبتسارع مذهل للأحداث لم يتجاوز النصف شهر يتغيرالمشهد ونعود إلى القصة من بدايتها، قصة الثورات العربية وانطلاقتها من تونس مطلع سنة 2011 وما تبعها من أحداث سقطت خلالها أنظمة وتهاوت أثناءها عروش وتماثيل ورموز وبدت المنطقة حينها وكأنها مقبلة على عصر جديد من التحرر والنهوض الحضاري تستحيل معه العودة إلى الوراء .
وما انتشر من مشاهد فرح السوريين يوم 8 ديسمبر 2024 بتحرير بلادهم من استبداد حزب البعث وسقوط نظامه بعد أكثر من خمسين عام قد أكد أن جذوة التغيير لم تنطفئ وأن الحرية والكرامة أساس الوجود البشري.
فقد عمت الفرحة الساحات وتم إعلان رسائل طمأنة لدول العالم ودول الجوار وتم التأكيد على وحدة أراضي سوريا ووحدة شعبها وعلى ضمان استمرارية الدولة ومؤسساتها. كما بدأ يتكشف حجم المأساة وكم الظلم والقهر الذي سلطه نظام الأسد الأب والإبن على الشعب السورى في السجون وفي مسالخ البحث والتحقيق وفي المدن والقرى والأرياف وفي المهاجر.
فما حقيقة ما حصل؟ وما هي انعكاساته على معركة طوفان الأقصى؟ وهل هي بداية موجة ثانية للثورات العربية؟
بعيدا عن التضخيم والتقزيم والتمجيد والتشويه وعن التهويل والتهوين ودون استباق للأحداث يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
1 ـ الثابت أن الثورة السورية التي انطلقت من محافظة درعا كانت سلمية ديمقراطية مطالبة بالحرية إلا أن انغلاق النظام ودمويته جعلته يغمض عينيه عما حصل حوله من تحولات سياسية وجيو سياسية دولية وإقليمية فبادر إلى قمعها بوحشية واضطرها إلى التسلح الذي سرعان ما جعل منها ساحة صراع مفتوح بين النظام والمعارضة، ثم إلى صراع دولي وإقليمي انخرطت فيه كليا أو جزئيام ما لا يقل عن خمسة من دول الجوار لحسابها أو بالوكالة واثنين من القوى الدولية بحكم الموقع الاستراتيجي لسوريا.
وقد كان لمخابرات تلك الدول وغيرها اليد الطولى فيما حصل في عشرية الدماء والدموع التي مرت على السوريين من فسح للمجال لكيانات الإرهاب والتدمير مثل داعش ودورها القذر في تشويه الإسلام والمسلمين لتتبخر فيما بعد بقدرة قادر والكيان الكردي الذي ضاق عليه الخناق في الجنوب التركي فتحول إلى سوريا وغيرها من الأحداث.
ثم استقرت حصيلة الصراع في السنوات الأخيرة على تقاطع أهم الأجندات والمصالح الإقليمية والدولية المؤثرة في المنطقة في استمرار النظام السورى في السلطة على حساب سوريا التي تم تقطيع أوصالها إلى مناطق نفوذ للمليشيات على حساب الشعب السوري الذي تشرد منه قرابة الـ 12 مليون في جميع أنحاء العالم والتنكيل به بشكل غير مسبوق في التاريخ البشري، حيث سادت حالة من الجمود السياسي والميداني كانت في مجملها لصالح النظام الذي كان يسيطر على 60% من البلاد ولصالح حلفائه المقربين إيران وروسيا مع قبول بالأمر الواقع من بقية القوى تخللتها محاولات إعادة تأهيل له لفك الارتباط بإيران انتهت بالفشل .
2 ـ الأكيد أن الموجة الأولى للثورات العربية قد انكسر مدها على صخرة سوريا وبدأ الجزر من 2013 بعد أن لملمت القوى المحلية والإقليمية والدولية المضادة للثورة صفوفها وعكست الهجوم في أكثر من موقع.
وقد تعالت كثير من الأصوات في تلك الفترة بأولوية المقاومة على الحرية في الحالة السورية باعتبارها من دول الطوق والمواجهة مع الكيان الصهيوني وعلى أساس دعمها لفصائل المقاومة الفلسطينية ولحزب الله في لبنان، حيث اعتبرت هذه الأطروحة أن الثورة من أجل الحرية والديمقراطية في تلك اللحظة ليست في صالح القضية الفلسطينية وأن تطلع الشعب السوري لتغيير ديمقراطي لن يتحقق لاعتبارات جيوسياسية استراتيجية في حين كانت حجج الأطروحة المقابلة تتمحور حول حق الشعب السوري ككل الشعوب في الحرية والكرامة والتغيير الديمقراطي الذي لا يتناقض مع دعم المقاومة بل إن تحرير الشعوب لا يتناقض جوهريا مع تحرير فلسطين إذ أن الأصل هو الجمع بينها بدل افتعال التناقض.
وقد كان الحد الأدنى الديمقراطي يمكن أن يكون حلا توفيقا لولا التعنت والهروب إلى الأمام ومزيد القمع والوحشية الذي مارسه النظام وحلفاؤه.
ثم ساد اعتقاد بصوابية الأطروحة الأولى وقدرتها على التحليل والاستشراف إلا أن التطورات في سوريا هذه الأيام بينت أن المبادى لا تتجزأ والقضايا المبدئية لا تتناقض وإرادة الشعوب من إرادة الله التي لا تقهر.
3 ـ ما من شك أن معركة طوفان الأقصى قد انطلقت بقرار فلسطيني مستقل غير مرتهن لأي طرف إقليمي أو دولي ودعمها من محور المقاومة الذي تقوده إيران لا يبرر لأي طرف من هذا المحور قمع شعبه والتسلط عليه ولا يبرر لأي طرف أيضا إعانته على ذلك.
إن دروس التاريخ تؤكد أن الاستبداد لا يثمر تحريرا والظلم لا يحقق عدلا والعاقل من اتعظ بغيره وراجع نفسه وخاصة إيران في علاقة بموقفها من تطلعات شعوب المنطقة وتضحياتها من أجل الحرية والكرامة حيث ساهمت مساهمة فعالة في وأدها أثناء الموجة الأولى للثورات العربية وفي علاقة أيضا بدعمها لتحرير فلسطين بعيدا عن التوظيف الذي مارسته عدة أنظمة وقوى سياسية عربية لعقود لتصيبها في النهاية لعنة فلسطين.
إن ماحصل في سوريا لن يكون إلا في صالح القضية الفلسطينة مهما تكن آفاق تطوره لأنه يعتبر من أهم انعكاسات معركة طوفان الأقصى كما أنه ولأول مرة ستكون على حدود فلسطين دولة ديمقراطية وشعب حر حتى وإن أدى تطور الأحداث إلى الفوضى وهو احتمال غير مرجح فإن ما حصل من الناحية الاستراتجية في صالح القضية الفلسطينية بدليل ما مارسه الكيان الصهيوني من اعتداءات في سوريا أخيرا.
4 ـ قد يكون من السابق لأوانه اعتبار ماحصل بداية لموجة ثورية جديدة تستأنف فيها شعوب المنطقة كفاحها من اجل الحرية والكرامة والتحرر الوطني إلا أن العديد من المؤشرات تدل على ذلك من بينها:
إن ماحصل في سوريا لن يكون إلا في صالح القضية الفلسطينة مهما تكن آفاق تطوره لأنه يعتبر من أهم انعكاسات معركة طوفان الأقصى كما أنه ولأول مرة ستكون على حدود فلسطين دولة ديمقراطية وشعب حر حتى وإن أدى تطور الأحداث إلى الفوضى وهو احتمال غير مرجح فإن ما حصل من الناحية الاستراتجية في صالح القضية الفلسطينية بدليل ما مارسه الكيان الصهيوني من اعتداءات في سوريا أخيرا.ـ امكانية تحول سوريا إلى نموذج لثورة مكتملة الشروط بثوارها وقيادتها الثورية وبرنامجها الثوري عكس بعض ثورات الموجة الأولى من خلال ما ظهر من بوادر نضج واستيعاب لدروس التجارب الثورية العربية الأخرى في تعاملها مع الشعب بمختلف مكوناته ومع الدولة ومؤسساتها ومع بقايا المنظومة القديمة وأدوات تحكمها كالإعلام والنقابات والنخب غير الديمقراطية ومع الخارج .
ـ تاريخ الثورات يؤكد أن تحقيقها للتحول الثوري والاستقرار يتطلب وقتا ويواجه تحديات وتحصل أثناءه انتكاسات وتراجعات تنسفه أحيانا من الأساس ولكن يترك آثارا في وجدان الشعوب سرعان ما تتأجج من جديد بسبب ما يحدث من وعي تراكمي يجعلها أكثر نضجا وراديكالية وهو ما مرت به الكثير من الثورات الحديثة وحركات التحرر الوطني مثل الثورة الفرنسية والثورة البلشيفية والثورة الجزائرية والثورة الفلسطينية وثورات أمريكا الجنوبية وغيرها .
ـ منسوب الوعي الذي بدأ يتطور لدى شعوب المنطقة بفعل صمود المقاومة الفلسطينية وتعريتها للنظام الدولي فكريا وسياسيا واخلاقياوللغرب عموما مع الفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاعتداءات المتصاعدة على الحقوق والحريات للانظمة القائمة وعجز بعضها عن دعم مقاومة الشعب الفلسطيني وتامر بعضها الاخر عليه الى جانب حالة الفوضى والانهيار الكلي او النسبي للدولة في بعض البلدان.
وبكلمة فإن ماحصل في سوريا حدث مهم بل زلزال كبير يكفي أنه أنهي ديكتاتورية من أعتى الدكتاتوريات في قلب منطقة الشرق الأوسط وعلى حدود فلسطين مدار صراع الأمة العربية الإسلامية من أجل التحرر والنهوض الحضاري. فبالتأكيد لن يمر دون ارتدادات في نفس الاتجاه ستتضح معالمها في المدى القريب والمتوسط.
*كاتب وناشط سياسي تونسي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا تحولات سوريا سياسة رأي تحولات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة معرکة طوفان الأقصى الحریة والکرامة فی صالح القضیة شعوب المنطقة فی سوریا حصل فی ما حصل
إقرأ أيضاً:
مؤتمر فلسطين في صنعاء.. نافذة جديدة لفضح جرائم الاحتلال وتأكيد دور المقاومة
سبعة محاور استراتيجية تشمل الرؤية القرآنية للصراع مع العدو الصهيوني وتطورات معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس رئيس اللجنة التحضيرية الحمران : المؤتمر هذا العام يشتمل على خمس غرف عمل مخصصة لعرض الأبحاث التي تم قبولها من قبل اللجنة العلمية نائب رئيس اللجنة التحضيرية العرامي: عدد الأبحاث المقدمة أكثر من 200 بحث تم قبول 167 منها من 39 مؤسسة علمية وبحثية من مختلف الدول عضو اللجنة الإشرافية السفياني : العمل جارٍ على قدم وساق لاستقبال الوفود المشاركة من مختلف أنحاء العالم سواء من الدول الأوروبية أو العربية رئيس لجنة العلاقات الخارجية أبو الرجال: المؤتمر شهد مشاركة واسعة من مختلف القارات بما في ذلك أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا الناطق الإعلامي للمؤتمر حمود شرف الدين : الترتيبات الإعلامية للمؤتمر ستكون شاملة والعديد من القنوات العربية والعالمية قد أبدت استعدادها لنقل الحدث عضو فريق الترجمة حيدره: هناك فريق متخصص في الترجمة للأوراق الداخلية والخارجية التي ستُلقى خلال المؤتمر
الثورة /ماجد حميد الكحلاني
في ظل التحديات الكبرى التي تواجه القضية الفلسطينية، تتهيأ العاصمة صنعاء لاستضافة المؤتمر العلمي الدولي الثالث «فلسطين قضية الأمة المركزية»، تحت شعار «لستم وحدكم»، الذي سيُعقد اليوم السبت ويستمر حتى 25 من رمضان الجاري، بمشاركة واسعة من شخصيات محلية وعربية وإسلامية ودولية، في وقت حساس للغاية حيث يواصل الاحتلال الصهيوني عدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني، خاصة في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
هذا المؤتمر يُعتبر منصة هامة لتسليط الضوء على الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني وتعزيز التضامن الدولي مع قضيته العادلة. وفي إطار الإستعدادات الجارية، تواصل اللجنة التحضيرية جهودها المكثفة لضمان أن يظهر المؤتمر بالشكل الذي يليق بأهميته، بما في ذلك الترتيبات الخاصة بالجلسات، واللغات، وحضور الوفود، بالإضافة إلى تنظيم الأبحاث العلمية التي ستُعرض خلال فعالياته.
«الثورة» قامت بالنزول الميداني إلى موقع المؤتمر وألتقت هناك بالمعنيين لتسلط الضوء على الترتيبات والاستعدادات النهائية للمؤتمر، والتعرف على تفاصيل التحضيرات التي تساهم في نجاح هذا الحدث الهام، لدعم القضية الفلسطينية وإبرازها على الساحة الدولية.
في البداية التقينا برئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثالث «فلسطين قضية الأمة المركزية» الدكتور عبد الرحيم الحمران الذي تحدث عن التحضيرات والجهود المبذولة لعقد المؤتمر وأهمية هذا الحدث في ظل التحديات الراهنة التي يواجهها الشعب الفلسطيني، قائلاً:
المؤتمر هذا العام يأتي في وقت بالغ الأهمية، حيث يتم تسليط الضوء بشكل خاص على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق أهلنا في غزة وفي مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة>. مشيراً إلى أن المؤتمر يُعتبر الثالث على التوالي، وقد تم التخطيط له ليكون حدثاً سنوياً يُعقد في شهر رمضان المبارك تزامنًا مع يوم القدس العالمي.
وأوضح أن المؤتمر يعتمد على شقين رئيسيين: الأول سياسي وثقافي، حيث يتحدث المشاركون من مختلف أنحاء العالم عبر الزوم أو بشكل مباشر في جلسات خاصة. أما الشق الثاني، فهو علمي وبحثي، حيث تم فتح المجال للباحثين من الجامعات والمؤسسات العلمية في الداخل والخارج لتقديم بحوثهم ودراساتهم حول القضية الفلسطينية. وقد تم اختيار المواضيع بعناية لتتناول كافة جوانب الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مع التركيز على جرائم الاحتلال وأبعادها النفسية والاستراتيجية.
وأضاف الحمران أن المؤتمر هذا العام يشتمل على خمس غرف عمل مخصصة لعرض الأبحاث التي تم قبولها من قبل اللجنة العلمية. وستتم مناقشة هذه الأبحاث على مدار يومين، 23 و24 من شهر رمضان، مع التركيز على قضايا تتعلق بالاحتلال الصهيوني وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني. أما اليوم الأول من المؤتمر، فسيكون تدشينًا رسميًا يتضمن كلمات ترحيبية من كبار المسؤولين، بالإضافة إلى كلمات من ضيوف المؤتمر وعرض فلاشات من مختلف أنحاء العالم عبر الزوم.
وتابع الحمران أن المؤتمر يهدف إلى تسليط الضوء على جرائم الاحتلال، بما في ذلك الإبادة الجماعية، القتل الجماعي، والحصار المطبق على الشعب الفلسطيني، واستخدام كافة وسائل القمع من قبل الاحتلال. وأكد أن هذا المؤتمر يُعد خطوة مهمة لفضح ممارسات الكيان الصهيوني أمام العالم، ويشجع الأحرار في جميع أنحاء العالم على اتخاذ مواقف جادة تجاه هذه الجرائم، التي يتم ارتكابها أمام مرأى ومسمع من المنظمات الدولية والشعوب.
وأكد الحمران أن هذا الحدث سيعزز من دعم القضية الفلسطينية، وسيُسهم في تحفيز الأمة العربية والإسلامية للوقوف بجانب فلسطين في مواجهة هذا العدو المجرم، حيث أن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة المركزية، ويجب أن تظل حاضرة في الوعي العالمي وفي قلب كل مسلم وعربي.
سبعة محاور استراتيجية
كما التقينا على هامش زيارتنا إلى موقع انعقاد المؤتمر، بنائب رئيس اللجنة التحضيرية الدكتور أحمد العرامي، الذي أكد أن المؤتمر ينعقد في ظروف استثنائية، في ظل العدوان الأمريكي والصهيوني على اليمن، وهو نتيجة للموقف المشرف والحازم الذي اتخذته القيادة اليمنية بقيادة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، حيث تم التأكيد على مساندة أهلنا في غزة ورفض الحصار والتجويع الذي يمارسه العدو.
وأضاف العرامي أن المؤتمر في دورته الثالثة، يعد تتويجاً للمواقف العسكرية والسياسية والشعبية التي اتخذها الشعب اليمني، ويعكس التزامه الثابت تجاه القضية الفلسطينية.. مشيراً إلى أن المؤتمر سيتناول سبعة محاور أساسية، تشمل الرؤية القرآنية للصراع مع العدو الصهيوني، تطورات عملية “طوفان الأقصى”، ودلالات معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، بالإضافة إلى تحليل الجوانب الحضارية والثقافية في الصراع.
قبول 167 بحثاً
وأكد الدكتور العرامي أن المؤتمر شهد مشاركات واسعة، حيث بلغ عدد الأبحاث المقدمة أكثر من 200 بحث، تم قبول 167 منها من 39 مؤسسة علمية وبحثية من مختلف الدول.
وفيما يتعلق بالدول المشاركة، أشار العرامي إلى أن المؤتمر يضم مشاركين من الهند وماليزيا ومصر وتونس وليبيا وفلسطين ولبنان واليمن. كما أشار إلى أن عدداً من الشخصيات السياسية من مختلف أنحاء العالم سيشاركون في المؤتمر إما بشكل مباشر في صنعاء أو عبر وسائل التواصل مثل الزوم.
وحول تأثير المؤتمر في تسليط الضوء على الموقف اليمني، أكد العرامي أن المؤتمر سيكون بمثابة منصة علمية وسياسية لتوضيح مظلومية الشعبين اليمني والفلسطيني في مواجهة الاستكبار، مشيرًا إلى أن صنعاء قد أصبحت قبلة لكل أحرار العالم، الذين يأتون للتضامن مع قضية فلسطين.
وبخصوص مشاركة الشخصيات البارزة، أضاف العرامي أن وصول هؤلاء المشاركين إلى صنعاء يعد بمثابة شجاعة كبيرة، خاصة في ظل التعتيم الإعلامي والحصار المفروض، وهذا يعكس تطابق أقوالهم وأفعالهم في دعم المظلومين ومواجهة التحديات.
وفيما يتعلق بالتطبيع المتسارع من قبل بعض الدول العربية والإسلامية، أكد العرامي أن المؤتمر سيعكس مخاطر التطبيع ويؤكد على أهمية المقاطعة الاقتصادية مع العدو. كما تناول المؤتمر مخاطر ما يسمى بـ “الإبراهيمية” ومحاولة التشويه التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد الدين الإسلامي، مؤكدًا أن موقف المؤتمر كان ثابتًا منذ البداية، حيث تم إدانة التطبيع في المؤتمر الأول، وما زال الخيار صحيحًا، حيث تثبت الأيام صحة المواقف التي تم اتخاذها.
دعم فلسطين مهما كانت التحديات
في حديث للثورة حول الترتيبات التنظيمية للمؤتمر الثالث «فلسطين قضية الأمة المركزية»، التقينا عضو اللجنة الإشرافية الأستاذ المجاهد طه السفياني، الذي تحدث بدوره قائلاً:
العمل جارٍ على قدم وساق لاستقبال الوفود المشاركة من مختلف أنحاء العالم، سواء من الدول الأوروبية أو العربية، بالإضافة إلى الضيوف المحليين الذين سيشاركون في هذا الحدث الهام.
وأوضح السفياني أن المؤتمر يعد جزءاً من التحركات اليمنية المستمرة لدعم القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الشعب اليمني قد قدم تضحيات كبيرة في سبيل الدفاع عن فلسطين، وأن هذه التضحيات انعكست في المواقف الواضحة التي يتبناها في مختلف المحافل الدولية.
وأشار السفياني إلى أن العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن، الذي يستهدف الشعب اليمني في مختلف المناطق، لن يثني هذا الشعب عن موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية، بل يعكس إصرار اليمن على دعم فلسطين مهما كانت التحديات أو الصعوبات.
وفيما يتعلق بالهدف من إقامة المؤتمر، أكد السفياني أن الهدف الرئيسي هو تذكير الأمة الإسلامية والعربية بمسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية. كما أضاف أن هذا المؤتمر يبعث برسالة قوية مفادها أن بوصلتنا جميعاً يجب أن تكون باتجاه القدس والأقصى، وأنه من الضروري أن تتحرك الشعوب الإسلامية والعربية، حتى بأقل الإمكانيات، لتفعيل هذه القضية وإحياء روح المقاومة في قلوب الأمة.
مشاركون من مختلف قارات العالم
حول المشاركات والجانب الدولي للمؤتمر الثالث «فلسطين قضية الأمة المركزية»، التقينا لجنة العلاقات الخارجية للمؤتمر عبدالله محمد أبو الرجال الذي تحدث عن الأثر الكبير الذي أحدثه المؤتمر على الساحة الدولية.. مشيراً إلى أن هذا المؤتمر، بفضل الله وعزيمة قائد المسيرة القرآنية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، قد شهد مشاركة واسعة من شخصيات بارزة من مختلف أنحاء العالم، على الرغم من التحديات التي تواجهها اليمن في ظل الظروف الصعبة.
وأوضح أبو الرجال أن اليمن، بفضل القيادة الحكيمة والموقف الثابت للشعب اليمني، استطاع أن يخلق تواصلًا قويًا مع الأحرار في مختلف القارات، بما في ذلك أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا. مؤكداً أن العديد من الشخصيات البارزة من أعضاء البرلمان الأوروبي السابقين، رؤساء وزراء سابقين، ووزراء خارجية سابقين، قد قطعوا مسافات طويلة وتجاوزوا العديد من المخاطر للوصول إلى صنعاء والمشاركة في هذا المؤتمر الهام.
وأشار أبو الرجال إلى أن هناك محاولات واضحة لعرقلة حضور بعض المشاركين الدوليين، حيث تم إلغاء تذاكر سفر البعض في منتصف الطريق أو منعهم من السفر في بلدانهم مثل الهند، بينما تم إرسال تذاكر جديدة لهم من أجل استكمال مسارهم. ومع ذلك، أكد أبو الرجال أن عددًا كبيرًا من المشاركين استطاعوا الوصول إلى صنعاء، مع وصول المزيد من الوفود خلال الأيام المقبلة.
وفيما يخص المواقف المؤثرة للمشاركين الدوليين، أكد أبو الرجال أن هناك احترامًا كبيرًا من قبل هؤلاء الأحرار، حيث يعبرون عن تقديرهم الكبير للموقف اليمني، الذي يواصل دعمه لغزة والقضية الفلسطينية في مواجهة العدوان الصهيوني. وأشار إلى أن هناك شخصيات من الولايات المتحدة الأمريكية، رغم علمهم بالمخاطر التي قد يواجهونها عند عودتهم، إلا أنهم أصروا على المشاركة في المؤتمر احترامًا لدماء أطفال غزة وللموقف البطولي الذي تتبناه اليمن.
أما عن اختيار المشاركين، فقد أوضح أبو الرجال أن الدعوات كانت موجهة بشكل عام إلى الشخصيات الإنسانية والحقوقية في العالم، وقد لاقت تجاوبًا غير متوقع. وأكد أن المشاركين استجابوا بشكل كبير للمشاركة في المؤتمر، بما يعكس إيمانهم العميق بالقضية الفلسطينية وضرورة دعمها.
وفي ختام حديثه، أضاف أبو الرجال أن هذا المؤتمر يعكس الموقف العظيم لليمن، الذي يتصدر المشهد الدولي في دعم القضايا العادلة، وخاصة القضية الفلسطينية.
ترتيبات إعلامية واسعة
في إطار التحضيرات لانعقاد المؤتمر الدولي الثالث لفلسطين، الذي يعقد تحت شعار “فلسطين قضية الأمة المركزية” التقت الصحيفة أيضا بالناطق الرسمي باسم المؤتمر الإعلامي حمود محمد شرف، الذي أكد أن المؤتمر يهدف إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية. أولاً، تعزيز الرؤية القرآنية تجاه الصراع مع العدو الصهيوني. ثانياً، تسليط الضوء على مظلومية الشعب الفلسطيني ووسائل العدو في تعميق هذه المظلوميات، فضلاً عن التطرق لمخاطر التطبيع وأهمية المقاطعة الاقتصادية لبضائع الأعداء. ثالثاً، يركز المؤتمر على تحليل الأبعاد الاستراتيجية لعملية “طوفان الأقصى”، واستعراض أبعاد المعركة الحضارية والدينية والثقافية المتعلقة بمعركة الفتح الموعود والمقدس والجهاد. وأخيراً، يناقش المؤتمر انتفاضة الجامعات الأمريكية والأوروبية، مع كشف زيف الديمقراطية المزعومة في الغرب.
أما عن مشاركة الشخصيات البارزة في المؤتمر، أشار شرف إلى أن هذا الحدث سيشهد حضور وفود عربية ودولية بارزة، مما سيعزز من التأثير العالمي والإقليمي لقضية فلسطين. وأكد أن مشاركة هذه الوفود، وبالأخص من اليمن، سيكون له أصداء كبيرة على مستوى العالم، حيث يعكس الموقف اليمني الثابت في مواجهة الضغوطات الأمريكية والصهيونية، ويعزز من رسالة الجهاد والمقاومة. وأوضح أن هذا المؤتمر سيوجه رسالة قوية إلى العالم حول الشرعية الحقيقية المتجسدة في جهاد ومقاومة اليمن، ودور العرب والمسلمين في التصدي للمشاريع الاستكبارية العالمية.
وفيما يخص التغطية الإعلامية لهذا الحدث، كشف شرف أن الترتيبات الإعلامية للمؤتمر ستكون شاملة، حيث سيتم نقل فعالياته على الهواء مباشرة عبر التلفزيونات المحلية والعربية والدولية، بالتعاون مع اللجنة الإعلامية في اللجنة التحضيرية للمؤتمر. وأكد أن العديد من القنوات العربية والعالمية قد أبدت استعدادها نقل الحدث، بما في ذلك قنوات تابعة لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية. وبالنظر إلى الحضور الكبير لشخصيات مرموقة، مثل حفيد الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، والبرلمانيين الأفارقة والأوروبيين، ستكون أنظار العالم متجهة إلى صنعاء خلال الفترة 20 – 25 مارس.
فريق متخصص في الترجمة
كما حاولنا خلال الزيارة أن نلتقي بأحد المشاركين ضمن اللجنة في جانب الترجمة، للتحدث عن الترتيبات الخاصة بالترجمة في المؤتمر الأخ هادي صالح حيدرة، مترجم اللغة الإسبانية، الذي تحدث عن دور لجنة الترجمة في ضمان نجاح المؤتمر وإظهاره بالشكل المناسب للعالم. موضحاً أن اللجنة التي يرأسها الدكتور محمد شرف الدين، تشمل فريقا متخصصاً في الترجمة للأوراق الداخلية والخارجية التي ستُلقى خلال المؤتمر، بما في ذلك الترجمة إلى اللغات الأساسية مثل الإسبانية، الفرنسية، التركية، الإنجليزية، بالإضافة إلى العربية كلغة رسمية للمؤتمر. وأكد أن المؤتمر سيستضيف ضيوفًا يتحدثون بلغات متعددة، حيث ستكون الترجمة ضرورية لضمان تواصل فعّال بين المشاركين من مختلف أنحاء العالم.
وفيما يخص رسالته إلى العالم باللغة الإسبانية، أكد حيدرة أن هذه الفرصة تُعتبر مهمة جدًا لإبراز القضية الفلسطينية على المستوى الدولي. وقال: “نحن هنا لندعوهم للحضور والمشاركة في دعم القضية الفلسطينية وإظهار حقوق الشعب الفلسطيني على أرضه، فضلاً عن تسليط الضوء على العدوان الصهيوني الشرس الذي يتعرض له أبناء غزة”. وأوضح أن من خلال هذا المؤتمر، سيتسنى للعالم أن يعرف حقيقة ما يعانيه الفلسطينيون، وكيف أن اليمن، من موقعه المحوري، يقف بجانبهم في هذه المعركة الكبرى من أجل الحرية والكرامة. ج