سودانايل:
2025-03-23@08:20:21 GMT

حكومة تحت الإعلان

تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT

فيصل محمد صالح
وزير الإعلام السوداني السابق

تتلاحق الأحداث في السودان بشكل يجعل المقال الأسبوعي عاجزاً عن ملاحقتها؛ فخلال أيام قليلة تظهر تطورات جديدة في المشهد السوداني تستدعي مراجعة القراءات والكتابات السابقة وتجديدها لنواكب ما يحدث.

كتبنا في الأسبوع الماضي عن فكرة حكومة المنفى التي طرحتها بعض الحركات السياسية داخل اجتماعات الهيئة القيادية لتنسيقية «تقدم»، وما صاحبها من نقاشات وجدال بدا أنه قد تم حسمه لصالح من يرفضون فكرة تشكيل الحكومة، وإن كان البيان الختامي لم يعكس هذا الرأي القاطع.



ويبدو أن أصحاب الفكرة قد اتخذوا قرارهم بلا رجعة؛ فقد خرجوا للإعلام ليروجوا لفكرتهم ويدافعوا عنها، كما نقلت الأنباء أنهم انتظموا في اجتماعات في إحدى دول الجوار، وربما يتم الإعلان عن هذه الحكومة في أي لحظة. ومما ظهر حتى الآن، أنه قد تم حسم نقطتين أساسيتين في ما يتعلق بهذه الحكومة؛ الأولى أنها ليست حكومة منفى بالمعنى الذي تبادر للأذهان عندما تم طرح الفكرة في الاجتماعات، وإنما هي حكومة على جزء من أراضي السودان، والثانية أنها، بالضرورة، ستتم على أساس تحالفي مع «قوات الدعم السريع»؛ لأنها ستقوم في الأراضي التي تقع تحت سيطرتها.

ستقوم حكومة على جزء من أراضي السودان، مثلما هناك حكومة أمر واقع على جزء آخر تتخذ من مدينة بورتسودان عاصمة مؤقتة لها، وبالتالي سيكون البلد مقسماً بين حكومتين، هذا أمر لن يستطيع أحد إنكاره أو أن يدّعي غيره، وهو أمر وقع في ليبيا وفي اليمن وفي سوريا، وأنتج واقع تقسيم لا تزال هذه البلاد تعيشه حتى الآن. وبالتالي، فإن الإعلان عن تشكيل حكومة ثانية سيعني رسمياً الإعلان عن تقسيم السودان، مهما حاول مناصرو الفكرة الادعاء بغير ذلك.

ولا أحد من السذاجة بحيث يتصور أن قيام هذه الحكومة الجديدة سيعني بالضرورة نزع الشرعية عن الحكومة القائمة في بورتسودان، بل ربما يؤدي لعكس ذلك؛ فالاتحاد الأفريقي مثلاً لا يعترف بالحكومة الحالية؛ لأنها جاءت بانقلاب عسكري، ودول الغرب على إجمالها لها الرأي نفسه، لكنها تتعامل مع حكومة البرهان كحكومة أمر واقع، وعندما لا تجد الحكومة الجديدة أي اعتراف دولي، فهذا قد يتم تفسيره بأن دول العالم بالضرورة تعترف بحكومة بورتسودان.

الأمر الذي يثير الحيرة أيضاً هو التوقيت، فلا أحد يعلم تحديداً لماذا تم اختيار هذا التوقيت، وما هو مغزاه. ويذكر الناس أن هذه الفكرة تم طرحها في الأيام الأولى لانقلاب البرهان - حميدتي في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، حيث كانت الحسابات تقول إن معظم أعضاء مجلس الوزراء، عدا ستة وزراء يمثلون الحركات المتحالفة مع البرهان، ضد الانقلاب، وكذلك خمسة من أعضاء مجلس السيادة، يمكن أن يضاف لهم ممثلو الحركات الثلاث، مالك عقار والطاهر حجر والهادي إدريس، فتكون لهم الأغلبية، وكان الشارع ملتهباً وداعماً، لكن لم يتحمس البعض للفكرة، ومنهم المبادرون الحاليون، واستمروا في عضوية مجلس السيادة.

ليس هناك أي دلالات أو إشارات تجيب عن سؤال: «لماذا الآن...؟»، مثلما لا أحد يقف ليجيب عن سؤال: من سيعترف بهذه الحكومة؟

أهم النقاط التي تضعف فرص نجاح هذه التجربة ستكون علاقتها بـ«الدعم السريع»، بخاصة مع حجم الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها هذه القوات حيثما حلّت؛ فقد تكوّن موقف دولي رافض لممارسات «الدعم السريع»، وربما يصل لمرحلة الاستعداد لرفض أي دور سياسي مستقبلي لهذه القوات. اتسمت ممارسات هذه القوات بالتفلتات الكبيرة وعدم الانضباط، وهو أمر عجز القادة العسكريون لـ«الدعم السريع» عن معالجته، بخاصة مجموعات الفزع القبلي التي لم تتلقَّ تدريباً نظامياً، ولا يعلم أحد كيف ستخضع هذه القوات لقادة مدنيين لم يقاتلوا معهم، ولا ينتمون قبلياً وجهوياً للكتلة الكبرى من «قوات الدعم السريع».

تبقى بعد ذلك أسئلة كثيرة عن طبيعة ونوع الخدمات التي يمكن أن تقدمها هذه الحكومة لمواطني المناطق التي توجد بها «قوات الدعم السريع»، فهؤلاء المواطنون نزح معظمهم من هذه المناطق لافتقادهم الأمن والسلام بعد كل ما تعرضوا له، ولم تبقَ إلا مجموعات قليلة اضطرتها الظروف القاهرة للبقاء. والإدارات المدنية التي شكّلتها «الدعم السريع» بولاية الجزيرة لم تستطع أن توفر مجرد الإحساس بالأمان للمواطن، ولم تثبت أن لها أي سلطة على العسكريين، فهل يكون هذا هو أيضاً مصير مدنيي الحكومة الجديدة؟  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع هذه الحکومة هذه القوات

إقرأ أيضاً:

مستشار في الدعم السريع: خسرنا معركة القصر

متابعات ــ تاق برس  أقر مستشار قائد قوات الدعم السريع عز الدين الصافي في تغريدة على منصة “X”  بخسارة معركة القصر الجمهوري وسيطرة الجيش السوداني عليه.

وتعهد الصافي أن ترتب قوات الدعم السريع صفوفها وان تعمل على استعادة القصر في اقرب وقت ممكن. مستشار في الدعم السريعمعركة القصر

مقالات مشابهة

  • المبعوث الأممي السابق للسودان فولكر يكشف موقفه من الحكومة الموازية ومصير حلفاء الدعم السريع 
  • صلاح حليمة: تضامن شعبي واسع مع الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع
  • فولكر بيرتس .. “القوى المدنية الصغيرة” التي شكلت مؤخرًا تحالفًا سياسيًا مع قوات الدعم السريع لتشكيل حكومة فقدت كل شرعيتها
  • البرهان: الدعم السريع يشكل خطرًا كبيرًا على البلاد ويجب القضاء عليه
  • البرهان: الدعم السريع يشكل خطرًا كبيرًا على البلاد ويجب القضاء عليه «فيديو»
  • الناطق الرسمي باسم الحكومة يدفع برسالة جديدة ل “الدعم السريع” ويسأل عن مصير قائدهم
  • الدعم السريع يفجر مفاجأة حول القصر
  • مستشار في الدعم السريع: خسرنا معركة القصر
  • الحكومة: كمية الأمطار التي عرفها المغرب تمثل زيادة بنسبة 88,1% مقارنة بالسنة الماضية
  • وزير سوداني يحذر من تداعيات سقوط «الفاشر» .. كشف عن إرسال المزيد من القوات لفك حصار «الدعم السريع» عنها