عبد الله علي إبراهيم

من الحقائق المغيبة عن الحزب الشيوعي أنه تبنى الطريق البرلماني للاشتراكية في مؤتمر الثالث (1956) بألمعية وحصافة لا تزال تنظر قلماً حاذقاً يسبر غور ذلك "النشوز" عما شاع إلى يومنا أن للاشتراكية طريق واحد هو ثورة البروليتاريا. ونشر الحزب ذلك الولاء للديمقراطية الليبرالية في كتاب "طريق السودان للسلم والاشتراكية" الذي تلاشى بالزمن وبقيت لمح منه في كتاب " آفاق جديدة" لأستاذنا عبد الخالق محجوب الذي صدر في أعقاب المؤتمر في 1956.

وجاء فيه:

إمكانية التطورات الاشتراكية عن طريق ديمقراطي برلماني
"إن شعبنا قد اختار النظام البرلماني لطريق تطوره. وهو يستند على تقاليدنا القبلية من نظام الشورى وحرية ابداء الرأي وتقليب وجهات النظر.
إن التطورات الاشتراكية في بلادنا يمكن أن تحدث في بلادنا باتساع نطاق القوى الوطنية الديمقراطية في حركة واسعة ومستمرة وطويلة الأمد تحتل مركزها الجماهير العاملة السائرة نحو اليسار. وبوجود هذه الحركة الواسعة يمكن أن تحرز أغلبية برلمانية من الكتلة اليسارية المؤلفة من الشيوعيين وذوي الميول اليسارية من الاشتراكيين والديمقراطيين. ولكن السير في هذا الطريق لا يعتمد عليهم وحدهم، ولكنه يعتمد على مدى احترام الدستور من قبل الحكومات التي تسبق الحكومة الوطنية الديمقراطية وعلى هذه الحكومة أيضاً
. . .
بهذا يضع الشيوعيون أهمية كبرى للنظام البرلماني في بلادنا . . ." (صفحة 92).
ولن يفهم الناس الصراع الذي دار في أروقة الحزب حول الموقف من انقلاب مايو 1969 ما لم يقفوا على عقيدة الحزب في البرلمانية التي هي الضحية الأولى والدائمة للانقلاب العسكري ما دام. فلم يكن ذلك الصراع نزوة أو اعتباطاً، بل كان عن ولاء الحزب للبرلمانية حتى وهي تطرده من ساحتها طرد البعير الأجرب. فأبت نفسه زعم الانقلابيين استبدال الليبرالية فيما زعموا بديمقراطية جديدة بمحتو اجتماعي. وقال إنه صراخ "من أعلى البيوت" ولن نتسمى بها.
ومن أراد أن يتوسع في الصراع الداخلي في الحزب والمجتمع قبل انقلاب مايو وبعده على بينة من تمسك الحزب بالديمقراطية الليبرالية فعليه بكتابي "مصادر العنف في الثقافة السودانية" الصادر عن درا المصورات قي 2019.
وأزكى للراغبين المقال في الرابط ادناه الذي وثق بأن الماركسية اتفق لها بلوغ الاشتراكية عن طريق البرلمان في أصل نصها عند ماركس وأنجلز (وحتى لينين). واستغربت دائماً كيف هيص الناس للأحزاب الشيوعية الأوربية في انشقاقها عن النموذج السوفيتي في السبعينات والثمانينات، واختطاط البرلمانية طريقاً لتحقيق الاشتراكية. فخطة تلك الأحزاب في أصل الماركسية. ومما يدهش حقاً جراءة الحزب الشيوعي السودان لاجتراح البرلمانية طريقاً للاشتراكية في ذلك الوقت الباكر. وهي جراءة تستحق أن يتوقف عندها النظر.
مقال الدكتور كلايد بورو، الأستاذ بجامعة تكساس، عن سبل الماركسية الشتى لبلوغ الاشتراكية.
الرابط
(PDF) Marxist Political Theory, Diversity of Tactics, and the Doctrine of the Long Civil War
وله كتاب
The Dangerous Class: The Concept of the Lumpenproletariat




ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

وفاة البرلماني ومدير معرض الفلاحة السابق جواد الشامي

زنقة 20 ا متابعة

توفي اليوم الخميس، البرلماني عن الاصالة و المعاصرة جواد الشامي.

الشامي، توفي في الساعات الاولى من صباح اليوم الخميس، بإحدى مصحات مدينة مكناس.

و سبق للشامي أن شغل مهمة المندوب العام السابق للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس وعضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة.

الأمين الجهوي لحزب البام بجهة مكناس فاس، قدم التعازي للعائلة البامية وعائلة الشامي في وفاة النائب البرلماني جواد الشامي.

مقالات مشابهة

  • صقر غباش يبحث مع رئيس مجلس الشيوخ الكمبودي التعاون البرلماني
  • عبد العاطي يلتقي وزير دائرة العلاقات الدولية باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني
  • وزير الخارجية والهجرة يلتقي وزير دائرة العلاقات الدولية بالحزب الشيوعي الصيني
  • وزير الخارجية يلتقي وزير دائرة العلاقات الدولية باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني
  • ما الذي يخبئه القدر للحكومة الألمانية؟ شولتس أمام اختبار لمنح ثقة البرلمان يوم الاثنين المقبل
  • وفاة البرلماني ومدير معرض الفلاحة السابق جواد الشامي
  • سفينة الإمارات
  • هل تخلى "الجرار" عن "الديمقراطية الاجتماعية" بعد انضمامه إلى "الليبرالية الدولية"؟
  • هل تستطيع الليبرالية الانفراد بالفكر الاقتصادي دون منافس؟