أرادوا أن يقتلونا فأحيانا الله
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
دولة الظلم القديمة استمرأت إعدام وإبادة المجتمعات المهمشة، وأمسى ديدن جنرالات حربها القدامى – جيل حسن بشير نصر، والجدد من أنصار عبد الفتاح البرهان، ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، التي وصلت لمستوى رفيع حين تم اصدار مذكرة اعتقال، من اكبر محكمة عالمية مختصة في جلب مجرمي الحروب لدائرة القضاء الدولي، بحق الجنرال الشهير الراقص رئيس المنظومة البائدة، الذي اعترف على رؤوس الأشهاد بجرائمه البشعة، وأن عدد ضحاياه فاق العشرة آلاف، متناسياً قول المولى عز وجل: (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، لقد ولغ دهاقنة ورموز المؤسسة العسكرية في إناء جرائم ترتعد لها الفرائص، في جنوب وشرق وغرب البلاد، وفي الحرب الأخيرة التي ندعو رب الكون لأن يضع لها حدا، خططوا ورتبوا لإبادة سندهم ويدهم اليمنى، بزرع شرائح موجهة للطيران الحربي على شاسيهات سيارات الدفع الرباعي، التي يتجول على ظهورها الذين أتت بهم ذات الدويلة تلبية لنداء الوطن، النداء الذي يعزف سيمفونيته المسيطرون حسبما مالت غرائزهم المنحرفة، كانت الخطة محكمة بحسب التقديرات البشرية، كيف لا تكون محكمة والمؤسسة الظالمة قد استجلبت طيارين أجانب مهرة، وطائرات أجنبية معبئة رابضة بمطار مروي، لكن رب الكون قد حكم وهو العدل الحكم، بأن جعل كيد الكائدين يرتد الى نحورهم، فامتدت الست ساعات المضبوطة بضبطيات العقل البشري، لما يقرب السنتين ببضعة أشهر، وتمزقت المؤسسة التي شغلت الناس وتنمرت عليهم، وصدم المواطنون بالتدحرج السريع لكرتها الساقطة في بئر الهلاك، فرأينا طاقم قيادة المؤسسة يمكث تحت الأرض شهور عددا، وشهدنا تساقط مصانع السلاح الكبرى في أيدي جند الوطن المنتصرين بأمره مثل تساقط قطع الدومينو.
سلاح الدولة القديمة الموجه نحو صدور السكان غادر وجبان، ففي خضم انطلاق الرصاصات الأولى من فوهات مدافع جنود الظلم والطغيان، قتل بصواريخ الطيران العميل أكثر من ثلاثة آلاف من الجنود المغدورين بمعسكر سركاب، في توثيق جهير لدموية المؤسسة الظالمة، ومن نواميس الكون الذي له رب يحميه، أن دولة الظلم زائلة ونعيمها زائل، ولنا عبرة في هذه الأيام بعد أن راقبنا مراحل نزع ملك الرئيس السوري بشّار الأسد لحظة بلحظة، فكل ارهاصات خروج الأرواح واحدة ومتطابقة، كما هو حال الخروج الطويل لروح المنظومة البائدة وشخوصها لدينا في السودان، فقد جاءت إرادة الله بغير ما يتمنى "الكرتيون"، فدفعت المؤسسة المشؤومة أثمان باهظة في المعدات والأرواح، بذات قدر الخسائر التي أحدثتها بحقوق الشعوب ومقدراتهم وممتلكاتهم، وسيعلم الناس حجم الخسائر التي تكبدتها المؤسسة المجنونة بجنون العظمة لاحقاً، لقد ساق الله الرزق للمستهدفين بالإبادة رزقاً هنيئا مريئا، ذخائر ومعدات وآليات حديثة من أكبر مستودعات المؤسسة المهزومة، فمثل هذه الفتوحات لابد أن نربطها بإرادة الخالق العالم ببواطن ما يدور برؤوس الفتنة، ونواياهم الفاجرة تجاه الشعوب المسكينة، لذا كان حتمياً أن تستجيب العناية الإلهية لدعوات الأرامل والثكالى، اللائي رأين فلذات اكبادهن تقطعهم قذائف الطائرات العميلة، فما جرى لمدينة الأشباح التي سكنتها القطط كما تنبأ قائد المعركة الأخلاقية الكبرى، التي لا حياد فيها، ما هو إلّا مشهداً صغيراً لما توعّد به الله أهل القرى، إن هم فسدوا وفسقوا وأتوا الفاحشة واحتفوا بالرذيلة، وقتلوا الوليدة – مثلما كان يجري من رمي لحديثي الولادة بمكبات نفايات المدينة المغضوب عليها، إن القرآن الذي نتلوه والسير والأخبار التي يعظنا بها، ليست ببعيدة عن حيواتنا ومماتنا، إنّها جزء من مسيرة دولتنا الظالمة والباطشة والساقطة.
إنّ الحرب الغادرة التي اشعلها الظالمون على وشك بلوغ عامها الثاني، والمتوعدون بالقضاء وإبادة ابناءنا الأوفياء، قد أدخلوا أهاليهم الذين لم يشهدوا حرباً ضروساً لأكثر من مائة وخمسين عاما، في أتون أزمة إنسانية هي الأقسى، فذهبت أحلامهم البائسة أدراج الرياح، واصبحوا يتمنون العودة للماضي البغيض، لكن هيهات، وهنا أذكر الصحفية التي أجهشت بالبكاء حنيناً للعودة لمدينة الخطيئة، ومثلها كثيرات حسبن أن الحرب نزهة قصيرة الأجل، يعقبها نصر ترفرف له رايات الضلال بالساحة الخضراء، التي اعتاد كبيرهم الرقص فيها على أشلاء وجثث ضحاياه، مستعلياً مستكبراً، يصف بني وطنه بالحشرات والفئران، لقد صنعت الدولة القديمة نفوسا عرجاء غارقة في الاستبداد وقهر الضعفاء والتنمر على النساء، جاهلة بموقع النساء من الدين والدنيا، لقد أحيانا الله بعد أن أرادوا أن يقتلونا ويبيدوا وجودنا في الدولة، التي خضّب أجدادنا أرضها بخضاب حناء الدماء كفاحاً من أجل الوطن والبقاء، أرادوا أن يجعلونا شتاتاً يهيم على وجهه في الصحارى والأدغال، فعلّمناهم كيفية معاملة الأسرى وأين نصوب فوهات بنادقنا، التي لا تشبه بنادقهم المصوّبة باتجاه صدور النساء والأطفال، إنّ هذه الحرب المحتومة سوف تضع أوزارها ولو بعد حين، لكن ما بعدها لن يكون كما قبلها بحسب ما يحلم الظالمون، بل سترسم مخرجاتها خارطة جديدة، وذلك لأن الله قد أحيانا بعد أن أرادوا أن يقتلونا.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
خارج الأدب | علي جمعة يوجّه تنبيها مهمًا لهؤلاء الطلاب
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، اننا أمة علم نكره الجهل ونحب العلم ،ولم يقل أحد من الناس إلي يومنا هذا ما قاله رسول الله ﷺ حيث يقول ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً يسر الله له طريقاً إلي الجنة) ولا قال ما قاله القرآن حيث يقول سبحانه وتعالي (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)
العلاقة بين العلم والإيمان
وأضاف عبر صفحته الرسمية ان العلماء تقول : أن الله لم يقيد هذا العلم . يعني لم يقل قل هل يستوي الذين يعلمون بالشرع أو الذين لا يعلمون أو بالطب أو بالكون أبداً أطلقها؛ فإذا أطلقها فكل علم إنما هو في مقابله الجهل يعلوه ويزيله ويقضي عليه ، فالعلم هو المبتغى فهى أمه علم ، فالإيمان هو العلم ؛والعلم هو الموصل للإيمان ،والعلم هو محراب الإيمان ؛والإيمان هو محراب العلم ،وليس هناك أي اختلاف بين العلم والإيمان مطلقاً.
العلاقة بين العالم والجاهل
ولفت الى ان العلاقة بين العالم والجاهل هي علاقة الاحترام ؛ تلك العلاقة التي بين العالم المسمى بالأستاذ والجاهل المسمى بالتلميذ ، فالتلميذ هو جاهل ولكن عرف طريقه وأراد إزالة هذه الجهالة فذهب يتعلم عند ذلك الأستاذ فينبغي أن تكون هذه الأستاذية وهذه التلمذة علي وضعها الحقيقي.
وذكر ان الإمام علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه قال : ( من علمني حرفاً صرت له عبدا) هذه يسموها في اللغة العربية "صيرورة مجازية" يعني أنه مجازاً سيكون له كالعبد ، العبد ما شأنه مع سيده ؟ الاحترام، التوقير ،النصرة ،الحب ، وحتي نفهم هذه المقولة في ظل الأستاذية والتلمذة التي نحن نتكلم عنها الآن علاقة حب واحترام وتلقى.
وأشار الى ان بعض الطلبة الآن لا يريد أن يتلقى من الأستاذ ويناقشه مناقشة خارج الأدب ، نحن نريد أن يناقشه ولكن مناقشة داخل الأدب، مناقشة السؤال والبحث عن الحقيقة؛ لكنه هو يحاول أن يناقشه مناقشة المتعالي عليه، التلميذ أصبح يتعالى على الأستاذ ، إفرازات غربية شاعت بين الناس ، هذه الإفرازات بعيدة عن الإيمان بالله وأثره في الحياة الاجتماعية ، عندما كان الإيمان هو الحاكم في حياة الناس كان هناك احترام بين التلميذ وبين الأستاذ ،وكان هناك رأفة وحب ورحمه ؛وهذه هي الأسس التي ينبغي أن تكون عليها العلاقة بين الأستاذ والتلميذ .