مآلات ثورة ديسمبر كما توقعتها في عام ٢٠١٩
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
محمود عثمان رزق
١٢ ديسمبر ٢٠٢٤
في مقال نشرته في ١٣ مايو ٢٠١٩ في نفس هذا الموقع تحت عنوان "الثورة السودانية أسبابها ومآلاتها" تنبأت بعدة سناريوهات سيكون أحدها او بعضها هو ما ستنتهي عليه ثورة ديسمبر.
وها انا الان اعيد لكم جزء المآلات من المقال ومن اراد الاسباب فليرجع اليها في المقال المذكور أعلاه.
كتبت قائلاً:
"مآلات الثورة السودانية:
هذه الثورة قد غيرت الواقع السياسي على أرض السودان وأربكت كل الحسابات لأنَّها جاءت بغتة.
فلا النظام ولا المعارضة كانا يتوقعان هذا الفراغ السياسي بهذه السرعة، والتاريخ علمنا أن الثورات قد تنتصر جملةً، وقد تنهزم جملةً، وقد تنتصر ثم تنهزم بعد ذلك. فبداية الثورة في كثير من الأحيان يحدد مآلاتها أيضاً.
فالثورة التي يتحكم فيها الخارج يضعف إستقلاليتها وبالتالي يتحكم في مألآتها أيضاً.
والثورة التي تبدأ بغموض تنتهي إلى غموض.
والثورة التي تروم تطبيق آيدلوجية على شعبٍ كاملٍ متشعب المدارس الفكرية تنتهي بالفشل والإنحراف عن مسار تلك الآيدلوجية وتفنى حيث قامت حتماً.
ومن أول المآلات المتوقعة أن يصبح السودان معتركاً لصراع دولي واقليمي تنتج عنه حرب أهلية شاملة أو صراعات مليشات بالوكالة كما حدث في سوريا حيث تصارعت الأفيال فتشرد الشعب السوري وتُركت بلاده دكَّا.
فإذا حدثت في السودان حرب أهلية شاملة سيتبع ذلك ارتهان الكيانات السياسية كلها لأطرافٍ خارجية طلباً للدعم المالي والحصول على السلاح والمأوى لقياداتها.
- ومن المألات أن تتشدد وتندفع الثورة وتتهور وبالتالي تفشل في تقسيط الكفاح وفقاً للظروف والمعطيات على أرض الواقع، فتقع في تخبطٍ وأخطاءٍ فادحة تُحمِّل الشعب أكثر مما يحمل فينفَّض الشعب عن الثورة وقد يثور ضدها أيضاً.
- ومن المألات أن يحدث خلاف عميق في قيادة الثورة بسبب المكابرة والإنكار والتحكم والإقصاء فيقبل بعضُهم على بعضٍ يتلاومون فتذهب ريحُهم، ويصبح حالهم كالتي نقضت غزلها بعد قوة أنكاثا!!-
- ومن المألات أن تقف القوى الإقليمية وراء المؤسسة العسكرية بقوة وتدفعها للإنفراد بالحكم واستصحاب قوى مدنية يمكن التحكم فيها تغبيشاً للرأي العام العالمي. هذه القوى قد تقبل - لمصالح راجحة لديها - إسالة بعض الدماء للوصول للإستقرار الذي يحقق لها مصالحها الإقليمية وهذا ما حدث في مصر بالضبط.
- ومن المألات أن تستشعر القوى السياسية الخطر فتتحد وتتعاون مع المجلس العسكري ويصلوا لحلول سياسية تساعد في استقرار البلاد وإقامة انتخابات حرة نزيهة يرضى بنتيجتها الجميع.
- ومن المألات إذا فشلت الثورة سيذهب اليسار السوداني كله في خبر كان من غير عودة. ولكن في حالة نجاحها سيكسب اليسار شعبية شبابية عريضة إذا نجح في التصالح مع قيم وتقاليد ومعتقدات الشعب.
- ومن المألات الحتمية أن أطروحة الإسلام السياسي في السودان ستتغير بنسبة 180 درجة بغض النظر عن نجاح الثورة أو فشلها. وبالرغم من مرارة التجربة سيظل الإسلام السياسي يلعب دوراً أساسياً في مستقبل البلاد ولكن بطرح ومنهج مختلف كما ذكرنا.
وفي الختام، أتمنى أن أكون قد وضحت أسباب الثورة السودانية ومألاتها حسب جهدي وعلمي المتواضع والله محيط بكل شيء وهو عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال.
mahmoudrizig3@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
١١ فبراير.. ثورة وتحرّر
عدنان علي الكبسي
في عام ٢٠١١ م يوم الحادي عشر من شهر فبراير خرج الشعب اليمني في ثورة لإسقاط منظومة الفساد والعمالة تحت شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”، فشهدت المدن اليمنية حراكًا ثوريًّا، ومسيرات ومظاهرات سلمية عمت الشوارع مطالبة بإسقاط النظام ومحاكمته.
كانت ثورة ١١ فبراير ثورة ضد نظام فاسد ظالم مجرم عميل مستبد متفرعن لا يراعي حرمة، ولا يحترم شعبه، نظام تعود على الجور والظلم والطغيان.
ثورة ١١ فبراير مثلت مرحلة مهمة في تاريخ نضال الشعب اليمني للتحرّر من الوصاية والعمالة والارتهان الخارجي.
اندلعت ثورة ١١ فبراير لتسقط النظام المستبد، فاتجهت القوى الخارجية على رأسها أمريكا لتسيطر على هذه الثورة، ولتصادر إرادَة الشعب اليمني، فإذا بالذين بدأوا بقمع الثورة يحاولون احتضان الثوار، ليظهروا مؤامرة ووصاية ومبادرة خليجية، وأظهروا كُـلّ الإرهاصات التي مرت حتى وصل الأمر إلى إفراغ الساحات والثوار.
تعرضت ثورة ١١ فبراير للاختراق، عندما ركب الموجة أحد أجنحة النظام الحاكم المستبد (حزب الإصلاح وعلي محسن الأحمر)، وأصبح حاميها حراميها.
ولكن الثوار الأحرار أشعلوا شرارة الثورة في ١١ فبراير ٢٠١١ م، وانطلقوا بها حتى الانتصار في ثورة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م، والتي كانت من ثمرتها طرد أمريكا من اليمن، وتأكيد على الخلاص من الهيمنة الأمريكية.
فبثورة ١١ فبراير سقط جزء من النظام المستبد، وثورة ٢١ سبتمبر أسقطت بقية النظام المستبد الذي ركب الموج، وزعم أنه ثائرًا باستبداده ضد نظام كان معه شريكًا في ظلمه وفساده وإجرامه واستبداده.
وفي الحادي عشر من فبراير ٢٠١٥ م بعد انتصار ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ٢٠١٤ م، كان طرد المارينز الأمريكي وهروبهم المذل من صنعاء، خروج الأمريكيون من صنعاء وهم أذلاء صاغرين بعد أن كسروا أسلحتهم، وأحرقوا وثائقهم، ودمّـروا معداتهم.
إذ كان المارينز الأمريكي في صنعاء هو الآمر الناهي يقود برنامجًا كارثيًّا يدمّـر البلاد على كُـلّ المستويات.
رحل الأمريكي ذليلًا مهينًا خائبًا فاشلًا منكسرًا، هرب الأمريكي من صنعاء صاغرًا كما هربت حاملات طائراته من البحر الأحمر صاغرة ذليلة.
ومع ذكرى ١١ فبراير ذكرى ثورة إسقاط منظومة العمالة، وذكرى ١١ فبراير ذكرى تحرّر البلد من الهيمنة الأمريكية، لا زالت ثورتنا مُستمرّة لإسقاط الجبروت الأمريكي في المنطقة العربية، وحتى تحرير كُـلّ الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الصهيوني.
موقفنا كما قال السيد المولى عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله بمناسبة ذكرى الهروب المذل للمارينز الأمريكي من العاصمة صنعاء: (موقفنا هو حاسم وثابت، مهما كانت التحديات؛ لأَنَّه يستند إلى أسس لا يمكن التفريط بها، ولا المساومة عليها، يستند إلى الإنسانية، والأخلاق، والدين، والقيم، وهو موقفٌ راشد، على بصيرةٍ من أمرنا، نحن ندرك المخاطر الحقيقية للسيطرة الأمريكية، وأن ذلك خسارةٌ للدين والدنيا، خسارةٌ لمستقبل أي بلدٍ مهما كان).