إضاءات مهمة في هذه العتمة الحالكة
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
كلام الناس
نورالدين مدني
هذا الكتاب يتناول جانباً من تاريخ دارفور في ظل حكم الكيرا"الكبارا" خاصة في القرن التاسع عشر قبل عام 1874م وهي الفترة التي بلغت فيها دارفور أوج قوتها وازدهارها.
كانت دارفور في تلك الحقبة تنعم بالسلام وسيادة حكم القانون والشعور بالعدل وكان الانسجام سائداً بين مكونات النسيج المجتمعي الدارفوري، وقد شهدت شخصياً إبان فترة الديمقراطية الثانية عندما كنت باحثاً إجتماعياً بسجون دارفور ذات أجواء السلام المجتمعي والانسجام بين مكونات النسيج الدارفوري.
لن أستعرض هنا ما أورده مؤلف كتاب الدولة والمجتمع في دارفور ر.س. أوفاهي و ترجمه للعربية عبدالحفيظ سليمان الذي ركز فيه المؤلف على بعض عوامل قيام سلطنة دارفور .. نشاتها وتطورها.
يعتبر السلطان سليمان الأب المؤسس لسطنة دارفور وقد قاد حملات عديدة في الأراضي حول الجبال وهو الذي أدخل الإسلام كدين دون أن يفرضه كدين للدولة.
كان علي دينار في أمدرمان عندما دمرت الحرب الدولة المهدية فاسرع هو ومجموعة من قادة دارفور للعودة لدارفور واستعادة السلطنة في أكتوبر 1898م واسترداد هيبتها.
إستعرض المؤلف تطور النظام الاداري في دارفور وأدوار المقاديم والوزراء والمناديب والضرائب والدخل وأوضح كيف أن الغرامات كانت عصب قانون الفور العرفي ومصدرهم الثابت لدخل الزعماء، وتم تخصيص فصل من الكتاب لتناول قضية الاسلام والدولة والمجتمع.
في الفصل التاسع تناول المؤلف دارفور ضمن العالم السودانوي وذكر أنه كان مابين سبعة وثمانية أجيال من الحكام بين سليمان سولو نقدنقو في منتصف القرن السابع عشر ودالي جد الفور، وفي الأسفل استمرت دولة الكيرا ككيان فوراوي بالرغم من طبيعتها المتعددة الأعراق.
في ختام الكتاب يذكر المؤلف إن الحضارة السودانية إنتقالية وفي دارفور كانت عملية التمركز وتطور نظام الأراضي وتم خلق أشكال إدارية جديدة وتوسع شبكات التجارة وتثبيت موقف الحاكم في مصطلحات شبه إسلامية تمثل حلاً وسطاً بين حيوية ثقافة الفور وشمولية الاسلام.
هذه بعض الإضاءات المهمة في هذا الكتاب مثل التعايش الإيجابي بين ثقافة دارفور وشمولية الاسلام علها تعيننا على تجاوز هذه العتمة الحالكة التي فاقمتها الحرب الشريرة التي استهدفت عرقلة مسار الانتقال للحكم المدني الديمقراطي وتساعدنا في دفع الجهود المحلية والإقليمية والدولية لوقف الحرب وتحقيق السلام الشامل العادل واسترداد الحكم الديمقراطي المعافى.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
كتاب “تطور العلوم الحديثة” يروي مسارات التطور العلمي عند البشرية عبر 3 آلاف عام
دمشق-سانا
خلاصة خمسة عشر عاماً في تعليم العلوم الإنسانية والدراسات العليا في تاريخ العلوم قضاها الباحث البريطاني توماس لـ. ايزينهاور، ضمنها في كتاب “تطور العلوم الحديثة”، والذي تناول خلاله تطور العلوم منذ اليونان القديمة حتى عصرنا الحاضر.
ويجد ايزينهاور في الكتاب الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب أن العلم أهم مواصفات الإنسان العصري، وأن العلم أيضاً يقدم لنا كل الأجوبة حول العالم الطبيعي، وما يشهده من ظواهر.
ويتناول الكتاب الذي ترجمه للعربية علي ناصر في ثلثه الأول زمن ما قبل التاريخ حتى 600 قبل الميلاد، مستعرضا بصورة موجزة المنجزات العلمية للبابليين والمصريين والهند والصين القديمة في علوم الهندسة والفلك والطب.
ويعطي المؤلف فسحة أكبر للعلوم اليونانية القديمة، بدءاً بالفلسفة التي كانت من أهم مآثر علماء بلاد الإغريق، وأفكارهم، ثم يعرض لسير حياة علماء يونانيين، أمثال طاليس المالطي وفيثاغورث في الرياضيات وأناكسيماندر وأفلاطون وأرسطو في الفلسفة وديموقريطوس في علوم الطبيعة وأرخميدس في الفيزياء.
ويتوقف المؤلف عند فترة العصور الوسطى والتي يسميها العصور المظلمة ليشير إلى أن توقف حركة العلوم في الغرب سايره عصر ذهبي أشرق على بلاد العرب، وتجلى في إسهامات المسلمين بالفترة الواقعة بين القرن السابع والقرن الثالث عشر الميلادي في تطوير علوم الزراعة والفلك والكيمياء والجغرافيا والرياضيات والميكانيك والطب والبصريات، مع علماء أمثال الصوفي وعمر الخيام وجابر بن حيان والخوارزمي.
ثم ينتقل في الثلث الثاني إلى تطورات عصر النهضة التي مهدت الطريق للثورة العلمية، مع علم الكونيات وعلمائه الأوروبيين الرواد، أمثال كوبر نيكوس وجيوردانو بروخو وتيخو براهي وغاليلو غالي وكبلر.
ويسهب المؤلف في التعريف بالثورة العلمية والتنوير في الغرب ما بين عامي 1500و1700، شارحاً خصائصها، ولا سيما الالتزام بالمراقبة والتجريب، وتأثرها بتحسن الطباعة وبتقدم التكنولوجيا المضطرد، وظهور الاختراعات الكبرى كالمجهر والتلسكوب.
ويعرض ايزينهاور لحياة علماء أوروبيين في مجالات الميكانيك والفضاء وتطبيق المناهج العلمية، منهم العالم الإنكليزي اسحق نيوتن بوقفة مطولة، معتبراً أن الأخير أحدث ثورة علمية سماها نيوتونية.
ويستمر المؤلف على هذا المنوال في رصد تطور العلوم بالغرب وأعلامها في مختلف المجالات مروراً بالثورة الصناعية، وصولا إلى العصر الذري وثورة الكمبيوتر، مخصصا في الوقت نفسه فقرة حول البيئة وحركة المحافظة عليها.
يذكر أن توماس ايزينهاور باحث وأستاذ محاضر من جامعة أولد دومنيون في فيرجينيا بأمريكا، له العديد من الأعمال المترجمة للعربية، منها مقدمة في برمجة الكمبيوتر للكيميائيين واجتياز طالب الكيمياء المهارات والمفاهيم الأساسية.