لا للحرب.. (على المليشيات)!
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
* يطيب لقادة (تقدم) ومسانديها في وسائل الإعلام أن يصنّفوا الناس خلال هذه الحرب في معسكرين اثنين، أحدهما معسكر الحرب، والآخر معسكر السلام!
* يضم معسكر الحرب عندهم كل مساندي الجيش، ممن يطلقون عليهم صفة (البلابسة)، سيما في الإعلام، بينما لا ينطبق ذلك الوصف عندهم على الإعلاميين المساندين للمليشيا، ولا على الإعلاميين الذين يصرحون بمعاداة الجيش ولا يجرؤون على الجهر بمساندتهم للمليشيا بسبب كثرة جرائمها وقبح أفعالها!
* الإعلاميون الذين يتبنون كل روايات التمرد ويرددون كل سردياته حول الحرب؛ بما في ذلك اتهام الجيش بإطلاق الرصاصة الأولى في المدينة الرياضية، ويصفون الجيش بأنه مجرد مليشيات كيزانية، ويزعمون أن الكيزان يتحكمون فيه ويسيِّرون قادته ليسوا مشمولين بصفة البلابسة عند (تقدم) وأهلها، مع أن ألسنهم تتطابق في نطقها مع ألسن الإعلاميين المساندين للمليشيا، والمجاهرين بدعمها.
* على سبيل المثال؛ يتم تصنيف ضياء الدين بلال وخالد الإعيسر وعادل الباز وأمجد فريد والطاهر ساتي وساندرا فاروق كدودة ومحمد جلال هاشم وعبد الله علي إبراهيم وعثمان ذو النون وإبراهيم عثمان والانصرافي ومزمل أبو القاسم وغيرهم من الأكاديميين والإعلاميين والناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي.. يتم تصنيفهم (بلابسة) بسبب مجاهرتهم بمساندة الجيش، لكن ذلك الوصف لا ينطبق عند قادة (تقدم) وإعلامييها على الباشا طبيق وعمران عبد الله وعثمان النجيمي وسيبويه يوسف وعبد المنعم الربيع وغيرهم من أبواق التمرد!
* وكما كتب الأستاذ إبراهيم عثمان فإن (قلب المعايير بلغ عند “تقدم” في تحديد عضوية “معسكر الحرب” و”معسكر السلام” الحد الذي يجعل انتقال أي مواطن من الوقوف ضد الميليشيا في حربيها على الجيش والمدنيين إلى مشاركتها فيهما، هو عند “تقدم” بمثابة خروج لهذا المواطن من “معسكر الحرب” واقتراب من “معسكر السلام”، إن لم يكن دخولاً فيه.. ويمكن لأي “تقدمي” أن يطعن في صحة هذا في حالة واحدة فقط: أن يثبت أن “تقدم” تضع الميليشيا في “معسكر الحرب” الذي صنفته، وأصبحت لا تمل من صب اللعنات عليه صباح مساء)!
* من أبرز الوالغين في ذلك التدليس المتعمد مهرج الفترة الانتقالية (السياسي الغرّ المدلس الأهوج) جعفر حسن، الذي تخطى حدود التصنيفين السابقين (الحرب والسلام)، ووصل مرحلة توعد كل مساندي الجيش بالملاحقة والمحاسبة، بينما لم يصدر عنه ذلك الوعيد في حق أيٍ من داعمي المليشيات، ولن يصدر بالقطع مهما أوغلت أبواق التمرد في الحض على غزو القرى والمدن واحتلال المنازل وقتل المدنيين وترويعهم وتشريدهم وإذلالهم وتجويعهم ونهبهم وإفقارهم وحرمانهم من كل مقومات الحياة!
* من يرغب في تجنب وصفه بالبلبوس عند التقدميين عليه أن يهاجم الجيش صباح مساء، ويطعن في مهنيته، ويصفه بالمليشيا الكيزانية ويتهمه بإشعال الحرب والخضوع للكيزان ويطالب بتحجيم قوته وإضعاف قدرته على دحر المليشيا بحظر الطيران، وعليه أن يتغاضى عن جرائم وانتهاكات المتمردين ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وأن يجتهد في تبريرها أحياناً بنسبها إلى الحرب.. لا التمرد!
* حملة التدليس المتعمد تمتد لتصل مرحلة مهاجمة الدول المتهمة بدعم الجيش، مثل مصر وإيران، لكنها لا ولم ولن تمتد مطلقاً إلى الدول المتهمة بدعم المليشيات مثل الإمارات وتشاد!
* هل سمعتم أو قرأتم على مدار عشرين شهراً من الحرب أي إدانة أو هجوم من قادة تقدم وأبواقها الإعلامية وناشطيها على دولة الإمارات مثلاً؟ بل هل سمعتم أو قرأتم لهم أي مناشدة للإمارات بالتوقف عن تسعير الحرب وعدم مد المتمردين بالسلاح، وهل سمعتم لهم تعليقاً على التقارير الموثقة التي تحدثت عن التورط الإماراتي في الحرب، بما في ذلك تقرير لجنة الخبراء المعنية بدارفور في الأمم المتحدة، وتقارير صحف نيويورك تايمز والغارديان ومنظمات أخرى مثل العفو الدولية وغيرها؟
* دعم معسكر (السلام) المزعوم قد يتسع ليشمل تبني مطالب أخرى للتمرد، مثل نزع الشرعية عن (حكومة بورتسودان)، واستقدام قوات دولية لتوفير (مناطق آمنة للمدنيين)، وتكوين إدارات مدنية في مناطق انتشار المليشيات، أو تكوين حكومة منفى في مناطق سيطرة المليشيا، وقد يصل الأمر عندهم درجة مطالبة قادة الجيش بالاستسلام للمتمردين، كما فعل الدكتور بكري الجاك الناطق الرسمي باسم (تقدم)!
* لا يخفى على الناس أن كل السرديات والمطالبات والأقوال الموجبة لتجنب صفة (بلبوس) والمؤهلة لدخول معسكر (السلام) المزعوم عند التقدميين تتطابق تماماً مع سرديات ومطالبات وأقوال مليشيات الدعم السريع ومسانديها، ومع ذلك يدعي هؤلاء أنهم محايدون.. لا يدعمون الدعم الصريع، ولا يمثلون الجناح السياسي للمليشيا المتمردة!
* باختصار: إذا أردت أن تتجنب وصفك بالبلبوس وتصنيفك في معسكر الحرب، وأن تستحق ضمك لمعسكر السلام المزعوم؛ تبنى كل ما تردده المليشيات من أكاذيب وخزعبلات، وغض الطرف عن جرائمها المنكرة وجاهر برفض حلها، وهاجم الجيش صباح مساء وانسبه إلى الكيزان واجتهد في إضعافه وتجريده من مظان قوته، واستهدف كل من يدعمونه بالقول أو الفعل، ومارس اللف والدوران واللولوة والكذب لتجنب مطالبة المليشيات بالخروج من منازل المواطنين والكف عن إيذاء المدنيين وطالب الجيش بالاستسلام تحت غطاء السلام.. وردد شعار (لا للحرب).. وأكمله سراً ليحمل المعنى الصحيح والمدلول الأشمل عند تقدم وأبواقها ومسانديها بعبارة: (لا للحرب.. على الدعم السريع).. فهي أدق وأصح وأشمل في وصف حالة التدليس والإنكار المخزية التي تعيشها (تقدم)!
د. مزمل أبو القاسم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: معسکر السلام معسکر الحرب
إقرأ أيضاً:
إنقسامي تجمع المهنيين السودانيين وتحالف تقدم، أو ما أشبه الليلة بالبارحة!
بقلم : محمد بدوي
التطورات التي شهدها تحالف القوي السياسية السودانية الذي عرف اختصارا ب"تقدم" بالإنقسام إلي مجموعتين في ١٠ فبراير ٢٠٢٥ ، وجاءت خلفية " تقدم " كتحالف يدعو لوقف الحرب في السودان، وكان قد ضم قوام غالب من المشاركين في مناصب دستورية،وتنفيذية إضافة إلي احد أجنحة تجمع المدنيين السودانيين خلال الفترة الإنتقالية التي قطع إستمرارها إنقلاب ٢٠٢١ ثم حرب أبريل ٢٠٢٣ بين الجيش والدعم السريع في السودان .
الخلفية التي أعلن بها التحالف اجندته لوقف الحرب، جعلت المجتمع الدولي يراهن عليه كمركز لقراراتها الموجه لطرفي الحرب بايقافها وإعادة المسار المدني بشكله السابق لانقلاب ٢٠٢١، الأمر الذي يطرح سؤالا حول ما دعا للانقسام والتي برزت خلال المواقف ورغبة مجموعة داخل تقدم في تكوين حكومة تنفيذية في مناطق سيطرة الدعم السريع، ويأتي هذا الامر في ظل إستمرار الحرب، وانعكاس تراجع الموقف المساند لجهود وقف الحرب، ومن جانب فإن الحكومة المرتقب إعلانها في تلك المناطق بالضرورة ستعمل تحت مظلة الدعم السريع ولو بالتنسيق نظرا لبعض الاهداف التي تم إعلانها للمضي في تلك الخطوة، لان مفهوم اي سلطة في ظل استمرار الحرب الحماية لممارسة مهامها، والتي من البديهي ستكون من قبل وتحت اشراف الدعم السريع، الخضوع للهياكل التي أعلنها مسبقا الدعم السريع في مناطق سيطرته كوكالة الإغاثة التي أعلنها قائد الدعم السريع في أغسطس ٢٠٢٣ كجسم مواز لمفوضية العون الانساني، الخاضعة لوزارة الرعاية الاجتماعية حسب هياكل الحكم في الوثيقة الدستورية ٢٠١٩.
ايضا من الأهداف التي اعلنت ضمن مهامها الحكومة هي تسهيل وصول المساعدات للمدنيين ، الأمر الذي يقود للتساؤل عن الحلول التي يمكن أن تحقق ذلك؟ وأولها الاعتراف بهذه السلطة من المجتمعين الإقليمي والدولي هو المحك وهو أمر الإجابة في حال الإجابة عليه إفتراضا بالإيجاب يعني الاعتراف الدبلوماسي بالضرورة حتي يتسق الأمر وتوفير وضع قانوني لوكالات الإغاثة والدول التي تقدم مساعدات بالإضافة إلي المنظمات الدولية، هذا التعقيد يقف على ان الأمر سيرتب نتائج سياسية مرتبطة بسيطة مستقلة عن حكومة بورتسودان!
إن مسألة الإعتراف الدولي والاقليمي بالحكومة المرتقبة ينظمها العرف الدستوري، ويأتي في حالة الحكم الذاتي، أو انفصال سلمي عبر استفتاء منصوص عليهما دستوريا أو في وثيقة لاتفاق سلام معترف بها، أوتنفيذ لاحكام وثيقة تاريخية ليست محل نزاع، تمنح لاحد الأقاليم الحق في الحكم الذاتي او الانفصال بعظ فترة زمنية مشتر اليها ، وهذا يطرح سؤال الوضع في إقليم دارفور ولا سيما الهجوم على الفاشر كاخر عاصمة بولايات دارفور الخمس لا تزال خارج سيطرة قوات الدعم السريع !
لا تثريب ان طبيعة الحرب في السودان مرتبطة بالسلطة والموارد، فكلا الطرفين له اهدافه المرتبطة بالسلطة، وهو ما دعي لقطع الطريق على الفترة الانتقالية، لإخراج المدنيبن من معادلة السلطة أو بصيغة أخري قطع الطريق على التحول المدني الديمقراطي، لذا فإن انقسام تقدم بغض النظر عن الاتفاقات أو الاختلاف معه يعني أضعاف للمكان المدني السلمي ولبغض الاحزاب السودانية، والدولة السودانية لان ما سينتج عن الممارسة قد يقود إلي واقع مختلف، بما سؤالا جوهريا مستند على طبيعة الدعم السريع يكشف عن جسم عسكرية مع غياب الجسم الحزبي تحت مظلتة وإشرافه، فهل موافقته على الحكومة التنفيذية في مناطق سيطرته ستكون بصيغة التحالف مع الأجسام الراغبة في ذلك؟ أم تحول تلك الأجسام إلي جسم سياسي تحت اشرافه ؟ يسند ذلك سؤال آخر ماهي المصلحة السياسية لكلا الطرفين سواء الدعم السريع أو المجموعة المعلنة للتحالف معه ؟فقد سبق الدعم السريع المشهد بتكوين إدارات مدنية في مناطق سيطرته، لا زال البعض منها قيد الواقع وواخري كالنموذج الذي أعلن في ود مدني عاصمة الجزيرة عصفت به تحولات الحرب!
بالنظر الي الراهن فإن ما يحدث يمثل إمتداد للقضايا التي اغفل معالجتها في حينها، فانقسام تقدم يمثل امتداد لأسباب انقسام تجمع المدنيين السودانيين في وقت سابق عقب سقوط نظام المؤتمر الوطني في ٢٠١٩، وفشل القوي السياسية والمدنية في التنسيق لوقف الحرب وتكوين جسم وطني مناط به تمثيل الضلع الرئيسي الغائب من المعادلة وهم المدنيين، مع الأخذ في الاعتبار ان الأمر سيكشف عن تأثير على النقابات والأجسام المدنية التي أقحمت في قوائم التحالفات السياسية في خطل ظل مستمرا حول علاقة النقابات والمنظمات المدنية بالسلطة التنفيذية والسياسية .
أخيرا: اعلان حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع تدفع أسئلة و سيناريوهات حول سياق مسار العلاقات التي طرحناها أعلاه؟ ترتب الإجابة عليها إجابات مهمة حول المسؤؤلية السياسية، القانونية حول السجل الحقوقي المرتبط بحماية المدنيين واوضاعهم فواجب الحماية حالة ملازمة لأي سلطة تعلن مسؤوليتها عن ادارة أو الإشراف على مناطق محددة تحت سيطرتها، هذا إضافة لمسىولية اي طرف عسكري خارج ذلك من الالتزام بحماية المدنيين، اي بصيغة أخري ان الجديد ان السلطة المدنية المرتقبة ستكون إضافة للاجسام المناط بها المسؤولية وفق للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان اللتان تحكمان حالة الحرب الراهنة في السودان!!!
badawi0050@gmail.com