تعود التوترات بين الصين وتايوان للواجهة من جديد، بسبب قيام بكين بتكثيف وجودها العسكري حول الجزيرة، وذلك في إطار تنفيذ الجيش الصيني أكبر انتشار بحري له منذ سنوات عديدة.

وفي منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي أطلقت بكين مناورات عسكرية ضخمة حول الجزيرة، وتُعد الأكبر منذ أكثر من عام تحت اسم "السيف المشترك 2024 بي".

وتهدف الصين من خلال هذه المناورات إلى توجيه تحذير ضد "الأعمال الانفصالية لقوى استقلال تايوان"، وركزت على محاكاة حصار موانئ وأهداف إستراتيجية في تايوان، دون تحديد موعد لانتهائها.

وفي المقابل، تواصل تايوان إعلاناتها رصد تحركات عسكرية صينية غير مسبوقة حول الجزيرة كرد فعل صيني على جولة رئيس تايوان لاي تشينغ تي في منطقة المحيط الهادي، والتي انتهت يوم الجمعة الماضي وشملت التوقف في ولاية هاواي وإقليم غوام الأميركيين.

وتعهد رئيس تايوان لاي تشينغ تي "بحماية" الجزيرة، إلى جانب تعزيز تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، التي تعد أبرز داعم دولي لها، على الرغم من عدم اعترافها الرسمي بها كدولة مستقلة.

تصاعد التوتر

تعود جذور النزاع إلى العام 1949، عندما انتهت الحرب الأهلية الصينية بانتصار الحزب الشيوعي بقيادة ماو تسي تونغ وسيطرته على البر الرئيسي، في حين لجأ الحزب القومي "الكومينتانغ" إلى جزيرة تايوان، وأعلنها مقرا للحكومة الصينية.

إعلان

وتعيش تايوان تحت تهديد صيني، وتبرز تلك التهديدات مع ظهور أي محاولات تقوم بها تايبيه للتقارب مع الدول الأجنبية، إذ تعتبرها بكين استفزازا لها وتهديدا لوحدتها وسيادتها، لذا تمارس سياسة العزل الدبلوماسي لتايوان، وتعارض أي اتصال رسمي لتلك الدول معها.

وبالتزامن مع أي تحرك من هذه النوع، تبدأ الصين بالتحرك العسكري، وقد أدانت جولة الرئيس لاي الأخيرة، وحضّت الولايات المتحدة على "التوقف عن التدخل في شؤون تايوان"، ورافق ذلك انتشار صيني بحري ضخم قرب مياه الجزيرة، وصف أنه أكبر من ذاك الذي واجهته في أغسطس/آب 2022، ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي آنذاك نانسي بيلوسي لتايبيه.

ووفقا للرصد الذي أجراه معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع "IGSDA"، فإن الصين أصبحت تعتمد تكتيكات جديدة مثل الحصار الاقتصادي وتطويق الجزيرة، مما يزيد الضغوط على تايوان، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة المناورات البحرية والجوية.

وتشكل المناورات ردا على الحكومة التايوانية المؤيدة للاستقلال وصفقات الأسلحة الأميركية مع تايوان، في حين يشكل الهدف الرئيسي منها إعادة التأكيد على موقف الصين الثابت حول "سياسة صين واحدة" وردع تايوان عن اتخاذ أي خطوات رسمية نحو الاستقلال.

كما تحمل رسائل تحذير للحلفاء الغربيين لتايوان واستعراض القدرات العسكرية المتزايدة للصين، بهدف الحفاظ على الهيمنة الإقليمية ومنع التدخل الغربي في بحر الصين الجنوبي، بحسب المعهد.

وتعتبر تايوان جزءا محوريا من إستراتيجية الدولة الصينية ومصلحة عليا لبكين، وتشكل أحد ثوابت الأمن القومي الصيني، كما يصفها الكاتب والمحلل السياسي في الشؤون الدولية ثامر العناسوه، خاصة مع المكانة والتنافس الاقتصادي التي تحظى به الصين.

ويقول العناسوة، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، إن الصين على وشك الدخول في حقبة مغايرة عما كانت عليه، وهي مرحلة جديدة يقودها الرئيس شي جين بينغ منطلقا من عدة ركائز، أهمها إعادة الإرث التاريخي للموروث الثقافي للصين القديمة بإحياء الهوية القومية الصينية، من خلال استعادة العديد من الأراضي التي كانت محتلة من قِبل الدول الغربية، كان آخرها سحب الاعتراف الأميركي بتايوان كخطوة ومرحلة مفصلية.

بيلوسي مع نواب أميركيين خلال زيارة تايوان في أغسطس 2022 (رويترز) سيناريوهات محتملة

تعتمد السيناريوهات في حالة النزاع الصيني التايواني على عوامل متعددة تتعلق بالقرارات المحلية والدولية، واستعداد الأطراف للمخاطرة، في حين يجمع الخبراء على أن الوضع الحالي يشير إلى حالة توتر متصاعدة، لكن الخطوات السياسية والعسكرية قد تغير المعادلة في أي وقت.

إعلان

ويزداد المشهد تعقيدا نتيجة التفوق العسكري للصين، وانتهاج تايوان إستراتيجية دفاعية قائمة على تعزيز قدراتها العسكرية وتطوير صناعاتها الدفاعية، من خلال شراكات مع حلفاء دوليين.

ويرى مراقبون أن إعادة التوحيد هي مسألة وقت، في حين يظهر السؤال متى؟ وهل سيكون عند شعور بكين بتراجع مواقف أميركا في الدفاع عن تايون؟ أم سيكون من خلال طرق أخرى أكثر دبلوماسية؟

وفي إطار السيناريوهات المحتملة، يرى الخبير العسكري العميد الركن أيمن الروسان، في حديثه للجزيرة نت، أنه من الممكن أن تسيطر الصين على الحدود الجوية والبحرية لتايوان، أو تفرض حصارا كاملا على مضيق تايوان بما يمنع إدخال وإخراج أي شيء.

ويتابع أن هذه الإمكانية متوفرة للصين باستخدام عدة وسائل وخيارات، منها الخيار العسكري والقصف الجوي والحرب السيبرانية التي تسعى لإخضاع تايوان، ولكنه يرى أن السيناريو الأقرب هو انتهاج الصين سياسة الحرب غير المقيدة مع تايون، وذلك بتمويه الأشكال المختلفة التي لا تؤدي إلى قتال مباشر بين الطرفين.

حلم الاستقلال

ويطرح المحلل السياسي في الشؤون الدولية الدكتور ثامر العناسوه، سيناريو آخر يتعلق بحرمان تايوان من تحقيق حلم الاستقلال عبر منع الاعتراف الدولي بها، ويمكن الإشارة إلى أن الصين حققت نجاحات كبيرة في مجال تحجيم تايوان من الشرعية الدولية، وهو ما سيمثل مقدمة لجعل إجراءات ضمها عسكريا على اعتبار أن تايوان فاقدة للشرعية القانونية.

وتابع أن الموقف الصيني المقبل سيكون محطة توتر دولي على غِرار ما حدث في أوكرانيا عام 2014، وذلك يعني أن على العالم الاستعداد لأزمات متعددة في شرق آسيا.

ويحمل الخيار الدبلوماسي وجها آخر يتمثل في ضم تايوان بشكل سلمي من خلال توسيع دائرة العلاقات التجارية بين البلدين، فالبرغم من التوترات لا تزال الصين وجهة رئيسية لصادرات تايوان، حيث تستحوذ على نسبة كبيرة من المنتجات التايوانية مثل الآلات والرقائق الإلكترونية.

إعلان

وقد يؤدي هذا الخيار إلى توسيع العلاقات بين الطرفين، تحت إطار سياسة الإغواء بحجة اتساع المصالح المشتركة، إلا أن العناسوه يرى أن هذا المسار أو السيناريو إيجابي إلى حد ما، إلا أنه يواجه بعض المعوقات، أهمها أن التيار الحاكم في تايوان يعارض هذا المسار تماما، وأن 60% من المجتمع التايواني يرفض الوحدة مع الصين، ويشكل تنامي النزعة القومية للشعب التايواني عائقا رئيسيا.

أما السيناريو الأخير -كما يجمع المتحدثون- فهو يرتبط بالحفاظ على الوضع الراهن، ويكون باستمرار تايوان في سياسة الحكم الذاتي دون أن تحظى باعتراف دولي، وبقاء الصين ملتزمة بسياسة الصين الواحدة دون أي إجراءات عسكرية، فيما يبقى التوتر السياسي قائما، مع استمرار الضغوط الصينية دوليا لتقليل دعم تايوان، وتهديد بكين لكل من يتعامل مع تايوان بقطع العلاقات والاتصالات ومنع السفر، وغير ذلك من العقوبات التي من دورها تعمل على محاصرة تايوان.

الموقف الأميركي

تمتلك الولايات المتحدة دورا مفصليا في هذه القضية؛ كونها أكبر قوة عالمية وحليفا رئيسيا لتايون، إلا أن الدور يرتبط في السياسات المتغيرة بين الإدارات الأميركية، فكلاهما يدعمان تايوان في مواجهة الصين، لكنهما يختلفان في سياسة التعاطي مع الملف.

إذ انتهج الرئيس الحالي جو بايدن سياسة الدعم لتايوان دون استفزاز الصين، وهو ما يسمى بـ"الغموض الإستراتيجي"، على عكس الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي يعتمد على المواجهة والدعم العملي والمباشر من خلال تعزيز مبيعات الأسلحة، وتواجد السفن الأميركية في مضيق تايوان.

وانعكست صراعات ترامب خلال توليه الرئاسة الأميركية عام (2017-2021) مع الصين على الجبهة التجارية على قضية تايوان، حيث استخدم ترامب دعمه كورقة ضغط ضد بكين، واعتبر حينها أن تعاملها مع تايوان الفاقدة للشرعية الدولية يشكل تهديدا كبيرا للاستقرار الإقليمي والدولي.

إعلان

ومع فوزه في الانتخابات الأميركية لهذا العام، لا يبدو أن هناك أي تغير جوهري في تعامله مع القضية، إذ يقول غبريال صوما -العضو في المجلس الاستشاري للرئيس ترامب- إن سياسة ترامب تقضي بعدم التخلى عن الجزيرة تحت التهديدات الصينية، وفي الوقت ذاته لن يستعمل القوة العسكرية الأميركية في حال قامت الصين بغزو تايوان، كما لا يمكن للصين أن تخاطر بالحرب العسكرية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول صوما إن ترامب سيرد على تهديد الصين لتايوان من خلال العقوبات الأميركية التجارية بزيادة الرسوم والضرائب على المنتجات الصينية، مشيرا إلى أن استخدام القوة العسكرية ضد الحصار لن يكون ضروريا، بالرغم من تشديده على زيادة الإنفاق العسكري لتايوان لمواجهة التهديدات المحتملة من الصين.

يتوافق حديث صوما مع سياق حديث المحلل السياسي عامر السبايلة لـ"الجزيرة نت"، الذي يرى أنه لا يمكن للصين أن تقبل تحول تايون لنقطة تهديد لها، وبالتالي اتخذت إجراءات تصعيدية لعدم جعل المهمة سهلة بنظر المحور الغربي أو الولايات المتحدة، فهي تلوح ولا تنفذ وهذه المعادلة قد تكون أساسا للتفاوض مع ترامب ضمن سياسة المكاسب والخسائر التي يتقنها ويرغب بها دائما، بدلا من التصعيد.

وبهذا، يبقى مصير العلاقات بين الصين وتايوان يعتمد على مزيج من التحولات السياسية الداخلية في تايوان، ومن جهة أخرى الإستراتيجية الصينية، خاصة في ظل حكم شي جين بينغ، إلى جانب التأثيرات الاقتصادية والتقنية، فالعلاقات قد تتجه نحو مزيد من التصعيد أو التسويات على المدى البعيد، ولكن يبقى للمواقف العالمية، خاصة الولايات المتحدة الأميركية، دور حاسم في تحديد مسار هذه القضية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة من خلال فی حین

إقرأ أيضاً:

WP: سياسة ترامب في الشرق الأوسط ستواجه امتحانا خلال جولة روبيو

قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن أهداف الرئيس الأمريكي ستواجه امتحانا كبيرا في جولة وزير خارجيته ماركو روبيو بمنطقة الشرق الأوسط.

وقالت الصحيفة في تقرير لها ترجمته "عربي21" إنه في أول شهر له في منصبه، تضمنت وصفة الرئيس دونالد ترامب للشرق الأوسط الذي يواجه أزمة، رغبة في إبرام صفقات شاملة والابتعاد عن المواقف الأمريكية الراسخة مع جرعة من عدم القدرة على التنبؤ.

وشمل ذلك اقتراحات من الرئيس وكبار مساعديه بنقل الفلسطينيين بشكل دائم من قطاع غزة وإمكانية دعم إدارته ضم "إسرائيل" للضفة الغربية المحتلة، وأن الأشخاص الذين يعيشون في وطنهم ليس لديهم العودة إليها ولا الحق في تقرير المصير.



 وتعلق الصحيفة أن صيغة ترامب  تواجه اختبارا رئيسيا هذا الأسبوع، عندما يعقد وزير الخارجية ماركو روبيو محادثات مع زعماء المنطقة ويستكشف ما إذا كانت مواقفهم متوافقة مع هدفي ترامب المزدوجين للشرق الأوسط: إنهاء الصراع في غزة وإبرام اتفاق سلام بين "إسرائيل" والسعودية.

ويقول ديفيد شينكر الذي خدم في إدارة ترامب الأولى ما بين 2019 إلى عام 2021 إن ترامب أظهر ميلا للتعامل مع صفقات المنطقة بدون عواطف واستعدادا لقلب السياسة الأمريكية الراسخة. وفي حين لم تحقق هذه التكتيكات معاهدات السلام في الشرق الأوسط، إلا أنها أسفرت عن صفقات تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع البحرين والسودان والمغرب والإمارات العربية المتحدة.

وقالت الصحيفة إن أي فرص متاحة هذه المرة سوف تصبح أكثر وضوحا في الأسابيع المقبلة، حيث يختبر ترامب تسامح حلفائه العرب للاستسلام لرغباته بشأن مصير الفلسطينيين و"إسرائيل" التي تقترب من الموعد النهائي في الأول من آذار/ مارس لدخول مرحلة ثانية أكثر صعوبة من وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال شينكر عن ترامب: "إنه طموح للغاية من حيث رغبته في إنهاء الحروب والتوصل إلى تسوية مؤقتة، إن لم يكن السلام في المنطقة. وفي الوقت نفسه ترى ميله إلى الاضطراب والمعاملات التجارية".

 وكما حدث مع الحرب في أوكرانيا، أدت تحركات ترامب الأولى في الشرق الأوسط إلى زيادة التقلبات في وضع قابل للاشتعال بالفعل يشمل وقف إطلاق النار الهش في غزة وتصاعد العنف في الضفة الغربية وعدم الاستقرار في لبنان وسوريا.

واستنفذت الحرب المنطقة وبخاصة منذ هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والرد الإسرائيلي ضد غزة ولبنان وسوريا واليمن إلى جانب مواجهات مباشرة بينها وإيران.

وكان ميل ترامب للتخريب واضحا من خلال اقتراحه تفريغ غزة من سكانها ونقلهم إلى الأردن ومصر وبدون ضمان حق العودة لهم، كما قال لـ"فوكس نيوز" واستخدام المساعدات الأمريكية لإقناع حلفائه مصر والأردن باستقبال المهجرين قسرا من غزة، وهو المفهوم الذي قوبل بمعارضة واسعة في العالم العربي.

وتأتي الخطة مماثلة لما قام به من خطوات كسرت القواعد المتعارف عليها في السياسة الخارجية أثناء ولايته الأولى والتي شملت نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وكلاهما يشكلان كسرا للمواقف الأمريكية الراسخة في عهد الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين.



وفي حين تضمنت خطة السلام التي كشف عنها ترامب في عام 2020 إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية القائمة في الضفة الغربية وخسارة ثلث الأراضي الفلسطينية هناك، فقد عرضت أيضا على الفلسطينيين مسارا نحو إقامة الدولة. وفي النهاية، أعطى ترامب الأولوية للصفقات الرامية إلى تطبيع علاقات "إسرائيل" مع الدول العربية الأربع على محاولات تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية التي تحتلها "إسرائيل" منذ عام 1967.

وفي عودته الثانية للبيت الأبيض، عين ترامب مسؤولين تتوافق مواقفهم مع أراء المتطرفين القوميين الإسرائيليين وأعضاء الائتلاف الحاكم الذي يرأسه بنيامين نتنياهو، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

وقالت إليز ستيفانيك، التي رشحها لمنصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، خلال جلسة تأكيد تعيينها، إن لـ"إسرائيل" "حقا توراتيا" في الضفة الغربية بأكملها، ورفضت تأكيد حق الفلسطينيين في تقرير المصير.

وقال مايك هاكابي، حاكم أركنساس السابق والإنجيلي الذي اختاره لمنصب السفير الأمريكي لدى "إسرائيل"، إن الإدارة قد تدعم ضم الضفة الغربية. وأعرب وزير دفاعه بيت هيغسيث عن دعمه للسيطرة اليهودية على الحرم القدسي والذي يقف عليه المسجد الأقصى الآن.

وفي حين رفع ترامب العقوبات التي فرضها بايدن على مستوطني الضفة الغربية في أول يوم له في منصبه، إلا أنه توقف عن تأكيد الضم، قائلاً خلال زيارة نتنياهو للبيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر إنه سيقول المزيد حول هذا الموضوع قريبا.

وتعكس مثل هذه الإجراءات ما قاله شينكر عن اصطفاف تدريجي للحزب الجمهوري مع اليمين الإسرائيلي، وموقف الحزبين الرئيسين المتناقض وبشكل متزايد من "إسرائيل".

وقد تسارع هذا الاتجاه خلال حرب غزة، حيث انتقد المشرعون الديمقراطيون معاملة "إسرائيل" للمدنيين وتوفير الرئيس جو بايدن الأسلحة لـ"إسرائيل".

وقد لقيت التحركات الأخيرة لترامب ترحيبا من أعضاء أقصى اليمين في إسرائيل مثل سموتريتش وإيتمار بن غفير، الوزير السابق في حكومة نتنياهو.

ورفض الفلسطينيون الخطة التي اقترحها ترامب لغزة والتي تصفها فارسين أغابكيان، وزيرة الدولة والمغتربين في وزارة الخارجية الفلسطينية بأنها "فظيعة"،  وإن "مجرد سماع هذا الكلام من الولايات المتحدة، وهنا لا نتحدث عن أي دولة، تدعو إلى التهجير وتنظر إلينا باعتبارنا أشياء يمكن نقلها من مكان إلى آخر، وهو ما ينفي حقيقة مفادها أننا نحن الفلسطينيون نتمتع بقدرة كبيرة على الصمود"، وأضافت: "الآن يجب أن يفهم العالم أجمع أننا لن نتحرك".

وقال روبيو في مقابلة إذاعية، الخميس، إن إدارة ترامب ستنتظر لترى الخطة الخاصة بمستقبل غزة التي تسارع الدول العربية الآن إلى صياغتها كبديل لمقترح ترامب المذهل بتولي الولايات المتحدة ملكية القطاع المدمر وتطويره.

كما أشاد بالرئيس لإبقائه على وقف إطلاق النار في غزة سليما من خلال التهديد بأن "كل الجحيم ستنفتح" إذا تراجعت حماس عن إطلاق سراح الرهائن المقرر. وقال روبيو: "الكثير من هؤلاء الزعماء الأجانب معتادون على الدبلوماسية الأمريكية حيث تتحدث حول القضايا وتستخدم لغة منمقة وتقول حسنا هذا ما قد نفعله هذا ما نستطيع فعله، ترامب لا يعمل بهذه الطريقة. يقول هذا ما سأفعله ثم يفعله بالفعل. ثم هناك عامل الصدمة في هذه المرحلة، لكنه الشخص الوحيد في العالم الذي يمكنه أن يعمل كمحفز لبعض البنى في الشرق الأوسط التي تمنع موجات من الحرب لا نهاية".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن روبيو سيؤكد على "التفكير خارج الصندوق" في زيارته الافتتاحية للمنطقة، حيث من المتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (التقى نتنياهو الأحد) وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض.

وقال المتحدث باسم الوزارة: "لقد انتهى عصر الأفكار البالية، والحقيقة أن اقتراح الرئيس ترامب الآن هو الخيار الوحيد على الطاولة".

لكن الخبراء يحذرون من أن اقتراح ترامب بشأن غزة ودعمه لخطوات أخرى تحظى بشعبية لدى أقصى اليمين في "إسرائيل" قد تأتي بنتائج عكسية إذا جعلت من الصعب على السعودية الموافقة على صفقة مع "إسرائيل"، في ظل تزايد الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية.

وفي حين قال المسؤولون الأمريكيون منذ فترة طويلة إن السعودية ستطلب نوعا من المسار إلى السلام كشرط مسبق لأي صفقة لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، وهو ما قد يكون غامضا أو بعيد المنال، يبدو أن اقتراح ترامب بتهجيرالفلسطينيين من غزة، دفع القادة السعوديين إلى مضاعفة المطالب "غير القابلة للتفاوض" بحل الدولتين.

وقال عوفر شيلح، عضو الكنيست السابق والباحث في معهد تل أبيب لدراسات الأمن القومي، إنه من المستبعد أن يقوم نتنياهو بإجراءات تؤدي إلى انسحاب أعضاء الائتلاف من حكومته وانهيارها. وقال شيلح: "إن الحكومة الإسرائيلية الحالية لن تتخذ أي خطوات من شأنها أن تعني إحراز تقدم في القضية الفلسطينية".



وقال الجنرال إسرائيل زيف، الذي شغل سابقا منصب رئيس مديرية العمليات في الجيش الإسرائيلي، إن اقتراح ترامب بشأن غزة والإجراءات الأخرى التي جذبت أقصى اليمين في "إسرائيل" قد تثبط عزيمة القادة الإسرائيليين عن تقديم التنازلات المطلوبة للتقدم بخيارات أكثر واقعية للسلام.

وقال زيف: "ربما يكون ترامب حسن النية، ولكن في الممارسة العملية فإن مثل هذه التحركات لا يمكن إلا أن تضر بالاتفاق لإعادة الأسرى إلى ديارهم. في الوقت الحالي، الأمر أشبه بفيل في متجر صيني. إنه لا يساعد، ونحن نشاهد كل شيء ينهار".

وعلى المدى القريب، سيتم اختبار نهج ترامب من خلال توقيت إطار وقف إطلاق النار في غزة، والذي تم التوصل إليه من خلال تعاون غير عادي بين مسؤولي إدارة بايدن وترامب، والذي من المقرر أن ينتقل إلى مرحلة ثانية أكثر صعوبة في الأول من آذار/ مارس.

مقالات مشابهة

  • هل الحرب الروسية الأوكرانية تتجه نحو الحل أم مزيد من التصعيد؟.. باحث يُجيب
  • الصين تحث واشنطن على "تصحيح أخطائها" بعد تعديل موقفها من تايوان
  • اليمين المتطرف والعبث في الشرق الأوسط.. وفرض سياسة البلطجة
  • الصين تنتقد الولايات المتحدة لتغييرها لغة وزارة الخارجية بشأن تايوان
  • تصاعد التوترات في مضيق تايوان.. الصين ترسل 41 طائرة عسكرية و9 سفن حول الجزيرة
  • توتر جديد بين الصين والولايات المتحدة بعد تعديلات أمريكية حول تايوان
  • الصين تتهم كندا بإثارة التوتر في مضيق تايوان
  • الصين تندد بعبور سفينة حربية كندية مضيق تايوان
  • WP: سياسة ترامب في الشرق الأوسط ستواجه امتحانا خلال جولة روبيو
  • موقع الخارجية الأميركية يحذف عبارة تتعلق بعدم دعم استقلال تايوان