شدد الدكتور محمد مهنا، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر ورئيس مجلس أمناء البيت المحمدي، على أهمية التحلي بالأدب في المعاملات وفي طلب العلم، وفي القرب من الله، وقال في درسه الأسبوعي بمسجد سيدي ابن عطاء الله السكندري أثناء شرحه لكتاب تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس، مما يساعد على الأدب الجلوس بين يدي الأولياء والصالحين، لأن في المجالسة مؤانسة، وأن الإنسان كلما زاد في القرب من الله فعليه أن يزداد في الأدب، لأن ترك الأدب يوجب الطرد، فمن أساء الأدب على البساط رد إلى الباب ومن أساء الأدب على الباب رد إلى سياسة الدواب.

الخشية والتعظيم والإجلال

وتابع رئيس مجلس أمناء البيت المحمدي: ولذلك قالوا: إذا أجلسك على البساط فإياك والانبساط، فكلما كنت في القرب زاد الأدب والخشية والتعظيم والإجلال، فليس الذنب في القرب كالذنب في البعد، «يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا، يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا».

ونقل عن ابن المبارك قال: نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم، والمحروم من حرم بركة أهل زمانه لأنه خسر مجالستهم ومجانستهم، واستكمل: "لقد كان شيخنا محمد زكي الدين إبراهيم رائد العشيرة المحمدية - رحمه الله - يقول : أساس الطريق الكتاب والسنة وروح الطريق في الأدب وسر الطريق في المحبة فمن لا محبة له ومن لا سر له لا أدب له ومن لا أدب له لا طريق له، ولما طلب سيدنا موسى العلم من سيدنا الخضر دله على الأدب، وقد قال المرسي أبو العباس: من علامات توفيق العبد ثلاثة، دخول أعمال البر عليك من غير قصد منك إليها، وصرف المعاصي عنك مع السعي فيها، وفتح باب اللجؤ إلى الله تعالى والافتقار إليه في كل الأحوال.

لا تترك باب الدعاء

وأوضح أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أن التوفيق أمر غيبي ولكن له علامات في الظاهر منها، أن يوفقك الله لعمل الخير دون أن تسعى إلى ذلك، وأن من علامات الخذلان: تعثر الطاعات عليك مع السعي فيها، ودخول المعاصي عليك مع الهرب منها، وغلق باب اللجؤ إلى الله تعالى وترك باب الدعاء في كل الأحوال.

وأضاف أن لكل وقت أدب، ولذلك الأولياء يعرفون حقوق الأوقات كما قال المرسي أبو العباس أوقات العبد أربعة لا خامس لها، إما في طاعة وإما في معصية، وإما في نعمة وإما في بلية ولكل وقت حق.

وحث على اغتنام الأوقات قائلًا: إذا مضى الوقت، مضى ببركاته وأنواره، وربما الوقت الذي أضاعته هو الذي كان ربك مقبلا عليك فيه.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الدكتور محمد مهنا البيت المحمدي جامعة الأزهر الأزهر فی القرب

إقرأ أيضاً:

مضاعفة الحسنات والسيئات في البلد الحرام "مكة المكرمة"

مكة المكرمة.. قالت دار الإفتاء المصرية إن حِكمة الله تعالى وسُنَّته جرت على تفضيل بعض المخلوقات على بعض، وكذلك يحدث في الأمكنة والأزمنة مثل مكة المكرمة؛ فقد فضَّل الله تعالى جنس الإنسان من بني آدم على سائر مخلوقاته، فجعله مكرمًا مصانًا؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].

مضاعفة الحسنات في مكة المكرمة


واصطفى الله تعالى مِن بين ذرية آدم وبَنيه الأنبياء والرسل، فجعلهم محلَّ وحيه وتجلي رسالته، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 33].

مكة المكرمة مركز الأرض وأشرف البقاع وأجلَّها

ولم يقتصر ذلك التفضيل على الأشخاص بل جرى في الأمكنة؛ ففضَّل الله تعالى مكة المكرمة على غيرها من بقاع الأرض، فجعلها مركز الأرض، وأشرف البقاع وأجلَّها.

وقد فَضَّل الله تعالى مكة على غيرها من البلاد في الأجر والثواب وجعله مضاعفًا؛ وذلك حتى يحرص المسلم فيها على الإكثار من الطاعات، وتجنب المعاصي والمذلات، فيسود فيها الخير والنفع؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وآله وسَلَّمَ قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ بِمَكَّةَ، فَصَامَهُ، وَقَامَ مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ لَهُ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِئَةَ أَلْفِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِيمَا سِوَاهَا» أخرجه ابن ماجه في "السنن".

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَمَضَانُ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ مَكَّةَ» أخرجه البزار في "المسند".

وقال الإمام الحسن البصري في "فضائل مكة" (ص: 21-22، ط. مكتبة الفلاح): [مَا على وَجه الأَرْض بَلْدَة يرفع الله فِيهَا الْحَسَنَة الْوَاحِدَة غَايَة ألف حَسَنَة إِلَّا مَكَّة، وَمن صلى فِيهَا صَلَاة رفعت لَهُ مائَة ألف صَلَاة، وَمن صَامَ فِيهَا كتب لَهُ صَوْم مائَة ألف يَوْم، وَمَن تصدَّق فِيهَا بدرهم كتب الله لَهُ مائَة ألف دِرْهَم صَدَقَة، وَمَن ختم فِيهَا الْقُرْآن مرَّة وَاحِدَة كتب الله تَعَالَى لَهُ مائَة ألف ختمة بغيرها.. وكلَّ أَعمال الْبر فِيهَا كل وَاحِدَة بِمِائَة ألف، وَمَا أعلم بَلْدَة يحْشر الله تَعَالَى فِيهَا يَوْم الْقِيَامَة من الْأَنْبِيَاء والأصفياء والأتقياء والأبرار وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاء وَالْفُقَهَاء والفقراء والحكماء والزهاد والعباد والنساك والأخيار والأحبار من الرِّجَال وَالنِّسَاء مَا يحْشر الله تَعَالَى من مَكَّة، وَإِنَّهُم يحشرون وهم آمنون من عَذَاب الله تَعَالَى، وليوم وَاحِد فِي حرم الله تَعَالَى وأمنه أَرْجَى لَك وَأفضل من صِيَام الدَّهْر كُله وقيامه فِي غَيرهَا من الْبلدَانِ] اهـ.

فضل مكة المكرمة
وكما ضُعِّف فيها الثواب وعُظِّم؛ قُبِّح فيها الذنوب والمعاصي عن غيرها من البلاد؛ قال الإمام النووي في "الإيضاح في مناسك الحج والعمرة" (ص: 402-403، ط. دار البشائر الإسلامية): [فإِن الذنبَ فيها أقبح منهُ في غيرِها، كما أنَّ الحَسَنَةَ فيها أعظمُ منها في غيرها. وأمَّا مَن استحبَّها فلِما يحصلُ فيها من الطَّاعَاتِ الَّتي لا تَحْصُلُ بغَيرِها مِنَ الطَّوَافِ وَتَضْعِيفِ الصَّلَوَاتِ والْحَسَنَاتِ وغيرِ ذلكَ] اهـ.

وقال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 52): [من هذا تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة جزاؤها مثلها، وصغيرة جزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه، فهذا فصل النزاع في تضعيف السيئات، والله أعلم] اهـ.

وقال العلامة البُهُوتِيُّ في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 488، ط. عالم الكتب): [إنَّ الحسنات والسيئات تتضاعف بالزمان والمكان الفاضل] اهـ.
 

مقالات مشابهة

  • مضاعفة الحسنات والسيئات في البلد الحرام "مكة المكرمة"
  • هل صلاة الفجر في البيت تجعلك في ذمة الله؟.. 5 حقائق ينبغي معرفتها
  • شرط أداء الصدقة وكسب الأجر والثواب
  • حكم تصدق الزوجة من مال زوجها
  • تأملات قرآنية
  • وزارة العدل تحتسب البروفيسر محمد ابراهيم خليل
  • حكم قول "تقبل الله" بعد إتمام الصلاة
  • حكم الحث على الصبر والبلاء وإن طال وقته
  • لغتنا الجميلة