العثور على مواد كيميائية بريطانية في مصنع كبتاغون بريف دمشق
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
ذكرت صحيفة تلغراف أمس الجمعة أن معظم المواد الكيميائية التي عثر عليها في أحد مصانع الكبتاغون في دوما بريف دمشق –والذي كان تابعا لنظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد– بريطانية المنشأ.
وأفادت الصحيفة بأن مواد الكلوروفورم، ومحلول الفورمالديهايد، وحمض الهيدروكلوريك، وإيثر البترول، وأسيتات الإيثيل، كانت موجودة في أوعية بنية اللون تنتجها شركة "شوركيم" الكيميائية في سوفولك ببريطانيا.
وفي بيان لها، قالت الشركة إن صدّرت المواد الكيميائية المذكورة في عام 2010 "كجزء من شحنتنا الأخيرة إلى البلاد مع اندلاع الثورة السورية في عام 2011 ثم فرض الحظر لاحقا".
وأوضحت أن الهدف من تصدير تلك المواد لسوريا كان لاستخدامها "للعمل العام بالمختبرات".
حرق الأدلةونقلت الصحيفة عن مصادر بفصائل المعارضة قولهم إن المصنع كان يحترق حين عثروا عليه، بعد إشعال النار فيه وفرار العمال بداخله، غير أنهم أطفأوا النيران قبل احتراق جميع الأدلة.
وأضافت المصادر أن مقاتلين غرفة العمليات العسكرية عثروا على أقراص كبتاغون مخبأة في محركات أو قطع أثاث أو فواكه صناعية أو محولات كهربائية، ومجهزة للشحن.
ووجد المقاتلون في إحدى غرف المصنع مئات بطاقات العمل التي تتبع إلى المسؤول الحكومي السابق عامر تيسير خيتي الذي كان يشتبه به منذ فترة طويلة بأنه زعيم تجارة الكبتاغون في سوريا، لا سيما مع علاقاته بماهر الأسد أخ الرئيس السوري المخلوع وقائد الفرقة الرابعة بالجيش.
إعلان مصنع مسروقكما نقلت الصحيفة عن مالك المصنع السابق قوله إن المصنع كان لصناعة رقائق البطاطس، لكن بعد سيطرة جيش النظام السوري على دوما عام 2018، غادر مدينته تاركا المصنع.
وأفاد مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية -المتابع لتجارة الكبتاغون في العالم العربي- بأن نظام الأسد حصل على متوسط 2.4 مليار دولار سنويا، نتيجة تجارة الكبتاغون بين عامي 2020 و2022، ويعادل هذا المبلغ حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي لسوريا.
وبحسب مراقبين، فإن سوريا -التي وصفها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي بأنها رائد عالمي في إنتاج الكبتاغون- كانت تنتج 80% من هذه المادة المخدرة، وكانت توفر دعما ماليا كبيرا لنظام الأسد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
هل تستعيد إيران نفوذها في سوريا؟
في المرحلة الأولى من الحرب الأهلية السورية، نفت إيران وجود قواتها على الأراضي السورية رغم الأدلة التي أثبتت عكس ذلك، قبل أن تضطر إلى الإقرار بتدخلها، مبررةً ذلك بحماية مرقد السيدة زينب في دمشق.
طهران استثمرت كثيراً من الدماء والموارد في سوريا
غير أن التغلغل الإيراني العميق في سوريا تجاوز الرمزية الدينية بمراحل؛ إذ كان بمنزلة موطئ قدم استراتيجي دافعت عنه طهران بثمن باهظ، مضحيةً بآلاف من قواتها، حسب ما أفاد د. لقمان رادبي، خبير في الشؤون الكردية والشرق الأوسط.
كان سقوط بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) 2024 حدثاً مزلزلاً، وجّه ضربة قاسية لنفوذ إيران وروسيا في سوريا. وبينما تتمسك موسكو بقواعدها العسكرية في سوريا رغم حربها في أوكرانيا وتزايد العقوبات الغربية ضدها، فإن موقف إيران أكثر تعقيداً، فخلافاً لروسيا، التي تنظر إلى سوريا من زاوية المصالح الجيوسياسية والعسكرية، ترى إيران سوريا كساحة أيديولوجية واستراتيجية مركزية لطموحاتها الإقليمية.
ضعف السلطة في دمشق
وقال الكاتب في تحليله بموقع "جيوبوليتيكال مونيتور" الكندي إن النظام الفعلي في دمشق يواجه صراعاً شاقاً لبسط سيطرته على دولة ممزقة آخذة في الانهيار؛ فالأحداث الأخيرة، التي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص، بينهم مدنيون، في اللاذقية والمدن الساحلية الأخرى التي تعد معاقل تاريخية للطائفة العلوية، تعكس ضعف قبضة الحكومة على السلطة.
وأضاف أن هذه الاضطرابات، التي يؤججها فلول نظام الأسد، لا يمكن احتواؤها عبر عمليات أمنية منفصلة أو فرض حظر تجول فقط، بل تكشف عن حالة استياء أعمق لا تستطيع دمشق ولا داعمتها الخارجية، تركيا، القضاء عليها بسهولة.
Syria’s Next Chapter: Iran Reshapes its Influence https://t.co/yV7hXKwIqC
— Charbel Antoun (@Charbelantoun) March 19, 2025ورغم معارضة إيران لنظام إسلامي سُنّي في دمشق، فلا تزال تحتفظ بنفوذها داخل المجتمع العلوي، الذي كان العمود الفقري لنظام الأسد. فقد حرصت طهران على بناء تحالفات دينية وسياسية مع العلويين، بما يضمن استمرار بصمتها الأيديولوجية في سوريا، حتى في ظل التحولات السياسية.
وتابع الكاتب "يزيد الوضع تعقيداً الدستور الانتقالي الجديد، الذي يرسّخ هوية سوريا "العربية"، رافضاً الاعتراف بالهويات غير العربية، مع اعتبار الشريعة الإسلامية "مصدراً رئيساً" للتشريع. هذا الإطار الإقصائي قوبل برفض قاطع من الأكراد والدروز، الذين يرونه استمراراً لنهج الأسد بواجهة إسلامية سنية جديدة".
جنوب وغرب سوريا
في جنوب سوريا، يسعى الدروز، الذين طالما تحفّظوا على الفصائل السنية المتطرفة والهيمنة الإيرانية، إلى تعزيز حكمهم الذاتي. وتحت المظلة الإسرائيلية، من غير المرجح أن ينحاز الدروز إلى أي طرف بعينه، بل سيحاولون استغلال وضعهم لتحقيق مزيد من الاستقلالية.
في هذه الأثناء، تتابع إسرائيل المشهد بحذر، محافظةً على وجودها العسكري في الجنوب السوري. فمن منظور تل أبيب، يشكل نظام إسلامي متطرف في دمشق تهديداً أمنياً أكبر بكثير من حكومة تهيمن عليها إيران، مما يجعل الحسابات الإسرائيلية في سوريا أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.
Insight from @AhmadA_Sharawi: "The idea that Iran and its proxies have vanished from Syria is pure fantasy. Tehran is actively fueling instability to claw back its influence, and Syria’s new government faces a tough battle to keep Hezbollah...at bay."https://t.co/OEruyIC5CT
— FDD (@FDD) March 18, 2025أما تركيا، فتواجه مزيجاً من الفرص والتحديات. فرغم أن أنقرة قد تجد قواسم مشتركة مع الفصائل الساعية للسيطرة على سوريا، فإنها ستظل مقيدة بالمصالح الإيرانية. فقد رسّخت إيران وجودها في المؤسسات العسكرية والاقتصادية والسياسية السورية، ولعب الحرس الثوري الإيراني دوراً محورياً في تشكيل سياسات النظام السابق.
وقدمت طهران تضحيات هائلة، شملت آلاف المقاتلين من قوات القدس وقوات الحرس الثوري، بالإضافة إلى مليارات الدولارات، للحفاظ على الأسد في السلطة، ومن غير الوارد أن تتخلى ببساطة عن استثماراتها في سوريا.
عودة النفوذ الإيراني
ولفت الكاتب النظر إلى أن إيران اتبعت هذه الاستراتيجية من قبل؛ فبعد ثماني سنوات من الحرب مع العراق وخسائر هائلة، تمكنت من توسيع نفوذها داخل القطاع الشيعي العراقي. وحتى بعد سقوط صدام حسين وصعود تنظيم داعش، نجحت إيران في تأسيس ميليشيات موالية لها، مما ضمن بقاء العراق في حالة عدم استقرار دائم.
وعبر سيطرتها على الأحزاب الشيعية، سعت إيران إلى قمع حكومة إقليم كردستان وإبقاء السُنّة في وضع ضعيف. وينبغي لمن يملكون مصلحة في مستقبل سوريا، يقول الكاتب، أن يتوقعوا تكرار إيران لهذه الاستراتيجية، هذه المرة عبر الطائفة العلوية. ولن تسمح طهران لتركيا، التي استثمرت في سوريا أقل بكثير منها، بجني الفوائد السياسية والاقتصادية على حسابها.
ساحة للصراع
وأوضح الكاتب أنه في المستقبل ستظل سوريا ساحةً تتصارع فيها القوى الإقليمية والدولية، كلٌّ وفق مصالحه وأجنداته الخاصة. فالجزء الغربي من البلاد، حيث يكافح النظام الجديد لترسيخ سلطته، سيبقى بؤرةً للاضطرابات.
في المقابل، من المرجح أن تحافظ المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية والدرزية على استقرار نسبي، حيث استطاعت القوات الكردية، بفضل هياكلها العسكرية والسياسية المنظمة، تعزيز سلطتها وتأسيس آليات حكم مستقلة عن دمشق.
أما إسرائيل، فلا تجد دافعاً قوياً لدعم أي تغيير جذري قد يفضي إلى تمكين فصائل معادية. ولا يمكن إنكار أن النظام الجديد في دمشق يفتقر إلى القدرة اللازمة لاحتواء النفوذ الإيراني الراسخ.
وقال الكاتب إن طهران استثمرت كثيراً من الدماء والموارد في سوريا بحيث تظل قوةً لا يمكن لأنقرة ولا للحكام الجدد في دمشق تجاهلها، إذ ما يزال محور المقاومة قادراً على إعادة تشكيل نفسه، كما يتضح من الصراع الدائر بين هيئة تحرير الشام في دمشق وحزب الله، في لبنان.