بقلم : الخبير المهندس حيدر عبدالجبار البطاط ..

السؤال عن الحق في البحث عن اليقين ليس مجرد استفسار فكري بل هو تأمل في طبيعة الإنسان وحقيقة وجوده.
فمنذ فجر التاريخ كان البحث عن الحقيقة وسعي الإنسان لفهم الكون والخالق جزءاً جوهرياً من تجربته البشرية.
السؤال الذي يطرح نفسه ؟؟
هل هذا البحث حق مشروع؟
أم أنه واجب يفرضه علينا وجودنا؟

التأمل في تجربة الأنبياء ، رحلة البحث عن اليقين !!

القرآن الكريم يعرض لنا نماذج مضيئة لرحلة البحث عن اليقين وأبرزها تجربة نبي الله إبراهيم عليه السلام.


إبراهيم النبي و ابن الانبياء الذي وهب حياته للبحث عن الحقيقة مرّ بمراحل من التأمل العميق.
رأى الكوكب والقمر والشمس وتساءل عما إذا كانت هذه الأجرام السماوية هي الإله الذي يستحق العبادة.
لكنه حين رأى أفولها قال بحسم

لَا أُحِبُّ ٱلۡأٓفِلِينَ ( الأنعام: 76).

هكذا أدرك إبراهيم أن الإله الذي يستحق العبادة هو الذي لا يغيب ولا يتغير بل هو خالق السماوات والأرض.
رحلته لم تكن فقط حقاً بل ضرورة عقلية وروحية للوصول إلى اليقين.

و عاد الكرة نبي الله ابراهيم عليه السلام الذي خاطب الله مباشرة طلب من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى !!

قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِي ( البقرة: 260).

هذا الطلب ليس إنكاراً للإيمان بل هو رغبة في تحقيق الطمأنينة القلبية واليقين العميق.

البحث عن اليقين حق أم واجب ؟؟

كل إنسان وُلد بعقل قادر على التفكير وتأمل الكون.
القرآن نفسه يحثنا على النظر في ملكوت السماوات والأرض

أَوَلَمۡ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ( الأعراف: 185).

البحث والتساؤل هو حق أساسي للإنسان وهو جزء من طبيعته وفطرته.
الله أعطانا هذا العقل لنستخدمه ونبحث به عن الحقائق وهذه نعمة يجب أن تُستغل.

البحث عن الحقيقة ليس فقط حقاً بل يمكن اعتباره واجبًا.
الإيمان كما يقدمه القرآن ليس مجرد تسليم أعمى بل نتيجة للتفكر والتدبر.
الله يوجهنا إلى النظر في آياته الكونية والبشرية والتأمل في معانيها للوصول إلى اليقين.
يقول تعالى:

إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ( آل عمران: 190).

هنا يتجلى أن الإيمان ليس حالة ساكنة بل رحلة تتطلب السعي والتدبر وهو واجب على كل إنسان يطلب معرفة خالقه والحقائق المحيطة به.

البحث عن اليقين بين العقل والقلب

البحث عن اليقين يشمل العقل والقلب معاً .
تجربة إبراهيم كانت عقلية وروحية وكذلك طلب موسى الطمأنينة القلبية.
إذن اليقين ليس مجرد معرفة عقلية بل حالة تكامل بين الفكر والإيمان العميق.

البحث عن اليقين حق وواجب في آنٍ واحد.
إنه حق يمنحنا الحرية للتساؤل والتأمل وواجب يفرضه علينا كوننا كائنات عاقلة مسؤولة عن إدراك الحقيقة والعيش بناءً عليها.
الرحلة إلى اليقين هي جوهر الإنسانية، وهي دعوة القرآن الكريم لكل من أراد أن يفهم هذا الوجود وخالقه.

فإذا كان الأنبياء أنفسهم قد سلكوا هذا الطريق فكيف بنا نحن الذين نسعى للاقتداء بهم؟

التأمل والتدبّر فريضة العقل الحر
فإن عبادة تخلو من التفكر ليست إلا انقيادًا أعمى يُطفئ شعلة الإنسان التي وُهِبَت له ليبحث عن الحق بمحبة واعية لمن أوجده من العدم.

حيدر عبد الجبار البطاط

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

إبراهيم الهدهد يحدد شرطين يتحقق بهما نصر الله للمؤمنين

أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، أن جميع المناهي التي وردت في القرآن الكريم إنما هي لحماية الأرض من الفساد، موضحًا أن عدم الالتزام بها يؤدي إلى خرابها وذهاب خيرها. 

وأشار "الهدهد"، تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، إلى أن القرآن الكريم يؤكد أن الخير يأتي بالالتزام بأوامر الله، ويبقى ما دام الناس يجتنبون ما نهى عنه سبحانه وتعالى، مستشهدا بقول الله تعالى: "وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَٰبِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا"، مؤكدًا أن الفساد هو السبب الرئيس للتدمير والهلاك، وأن الله تعالى يُمهل المفسدين ولكنه لا يُهملهم. 

وأضاف أن الفساد لا يقتصر على الإفساد الحسي مثل التلوث البيئي والتجارب النووية، بل يشمل كل ما يؤدي إلى إفساد حياة الناس وتحويل النعمة إلى نقمة، موضحا أن التصدي لهذا الفساد لا يكون إلا بالعبودية الحقيقية لله والاعتماد عليه، حيث قال تعالى: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ"، موضحًا أن النصر لا يكون للمسلمين بالاسم فقط، وإنما لمن تحقق بالإيمان والتوكل الخالص على الله. 

إبراهيم الهدهد: عدم إكرام اليتيم من أخطر صور الفسادإبراهيم الهدهد: أخطر أشكال الفساد في الأرض هو استغلال النعم

وشدد على أن التاريخ يشهد بسقوط قوى الفساد حين تبلغ ذروتها، وأن اليهود ومن يسير على نهجهم يدركون أن صفة العبودية لله هي مفتاح النصر عليهم، لذا يسعون لإفساد عقيدة الشباب وإبعادهم عن التوجه الحق، مشددًا على ضرورة العودة الصادقة إلى الله والتوكل عليه لتحقيق النصر الموعود.

صلة الأرحام تعزز قوة الأوطان

وكان أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر السابق، أن الدعوة لتواصل الأرحام هي من أهم المبادئ التي يجب أن يتحلى بها المسلمون، مشيرًا إلى أن هذه الدعوة كانت أحد الأسس التي ركز عليها الأنبياء في رسالاتهم.

وأوضح رئيس جامعة الأزهر السابق، في تصريح له، أن الله سبحانه وتعالى عندما أرسل سيدنا هود عليه السلام إلى قومه، قال "وإلى عاد أخاهم هودًا"، لافتًا إلى أن استخدام كلمة "أخاهم" في القرآن ليس محض صدفة، بل هي إشارة عظيمة لضرورة تعزيز الروابط الأسرية والاجتماعية بين أفراد المجتمع، فقد كان الأنبياء الأقرب إلى قومهم، وأكثر الناس حبًا ورأفة بهم.

وأضاف أن في عصرنا الحالي، نلاحظ تزايد الدعوات إلى القطيعة وفك الروابط العائلية، وهو ما يعكس فسادًا كبيرًا في العلاقات بين الناس، مشيرًا إلى أن بعض الآباء قد ينصحون أبناءهم بعدم حضور جنازات أقاربهم، وهو أمر يمثل تهديدًا اجتماعيًا لهدم القيم والأخلاق في المجتمع.

وأكد أن تواصل الأرحام هو أساس البركة في الرزق والحياة، كما أنه من أهم عوامل قوة الأوطان، حيث إن المجتمع المتماسك قائم على روابط أسرية متينة، وهو ما يعزز من تماسك الدولة ويعطيها قوة واستقرارًا.

مقالات مشابهة

  • إبراهيم الهدهد يحدد شرطين يتحقق بهما نصر الله للمؤمنين
  • معتمر مصري: فضل الله هو الذي جعل الحرمين في أيدٍ أمينة بيد السعوديين.. فيديو
  • شيخ العقل التقى وزير الثقافة وشخصيات
  • تعرف على تطورات الحالة الصحية للأديب صنع الله إبراهيم
  • صنع الله إبراهيم.. صوت الأدب المتمرد والمقاوم
  • ممدوح: الإسلام يحفز على البحث العلمي والتأمل في الكون
  • منصور بن محمد يقدم واجب العزاء في وفاة زوجة علي رضا الهاشمي
  • منصور بن محمد يقدّم واجب العزاء في وفاة زوجة علي الهاشمي
  • رابطة علماء اليمن تؤكد: مواجهة العدوان الأمريكي البريطاني واجب شرعي وفريضة دينية
  • رابطة علماء اليمن: مواجهة العدوان الأمريكي البريطاني واجب شرعي وفريضة دينية