أدوية الفصام تستهدف خلايا عصبية خاطئة
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
أشارت دراسة جديدة أجريت على أدمغة الفئران الحيّة إلى أننا منذ ما يقرب من 70 عامًا نستهدف الخلايا العصبية الخاطئة في تصميمنا للأدوية المضادة للذهان.
ويعد فك الشبكة الهائلة لخلايا الدماغ وتحديد كيفية عمل الأدوية عليها مهمة صعبة.
فباستخدام مجهر مصغر وعلامات الفلورسنت، اكتشف فريق من الباحثين بقيادة عالم الأعصاب بجامعة نورث وسترن سيونجسيك يون، أن الأدوية الفعالة المضادة للذهان تتشبث بنوع مختلف من خلايا الدماغ عما كان يعتقده العلماء في الأصل.
ومن أجل المزيد من التوضيح، قال الدكتور يون وزملاؤه في ورقتهم المنشورة «هناك حاجة ملحة لفهم الدوائر العصبية التي تسبب الذهان وكيف تتأثر بالعقاقير المضادة له»، وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» العلمي عن مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز» العلمية المرموقة.
من جهته، قال عالم الأعصاب كبير مؤلفي الدراسة الدكتور جونز باركر «تم اكتشاف معظم الأدوية المضادة للذهان؛ بما في ذلك أول دواء تمت الموافقة عليه في عام 1954(الكلوربرومازين) بالصدفة. لذلك نحن لا نعرف ماذا يفعل في الواقع للدماغ. وعند اكتشافه، لاحظ العلماء أن الأدوية التي تثبط الأعراض الشائعة لمرض انفصام الشخصية مثل الهوس والهلوسة والأوهام، يبدو أنها تعمل على نظام الدوبامين في الدماغ. فعلموا أن هذه العقاقير المضادة للذهان أعاقت انتقال الدوبامين بين خلايا المخ، وكانت أقوى تلك الأدوية متوافقة مع نوع معين من مستقبلات الدوبامين المسمى D2؛ (خلايا الدماغ تسمى الخلايا العصبية الإسقاطية الشوكية والتي تتجمع داخل مخطط الدماغ وتمتد منه إما عن طرق مستقبلات D1 أو D2). فعلى عكس مستقبلات D1، التي تثير نظام الدوبامين في الدماغ، تعمل مستقبلات D2 على تهدئته.
وفي هذا الإطار، أدى ربط فعالية الأدوية المضادة للذهان بمستقبلات D2 إلى ظهور فكرة أنه في مرض انفصام الشخصية، كان المخطط مغمورًا بالدوبامين، وهو خلل كيميائي تساعد مضادات الذهان في تصحيحه. لكن الأدوية الجديدة المصممة خصيصًا لاستهداف مستقبلات D2 لم تفعل شيئًا يذكر للتخفيف من الذهان. ولم يختبر أحد في الواقع في نماذج حيوانية للذهان ما إذا كانت الأدوية المضادة للذهان منذ عقود مرتبطة بشكل تفضيلي بمستقبلات D2، لذلك ظلت آلية عملها الدقيقة غير واضحة.
وللتحقق من ذلك، قام يون وباركر وفريقهما بحقن الفئران بواحد من أربعة عقاقير تستخدم لعلاج الأمراض الذهانية، وراقبوا كيف تتصرف الحيوانات وكيف تستجيب خلايا أدمغتها. فوجدوا أن هالوبيريدول وأولانزابين، وهما نوعان من مضادات الذهان الأقدم لكنهما فعالان، كان لهما بعض التأثير على الخلايا العصبية الشوكية D2. لكن تفاعلاتهما كانت تحدث في الغالب في الخلايا العصبية D1.
وكلوزابين مضاد الذهان الأحدث والأكثر قوة مع آثار جانبية أقل، ابتعد عن الخلايا العصبية D2 وقمع بشكل كبير خلايا D1، والذي يمكن أن «يفسر تفوقه الإكلينيكي بطريقة أو بأخرى، خاصة بالنسبة لمرض انفصام الشخصية المقاوم للعلاج»، كما يقول الباحثون.
في غضون ذلك، بقي عقار MP-10، وهو عقار مرشح فشل في التجارب السريرية لمرض انفصام الشخصية، ملتصقًا بالخلايا العصبية D2.
في الواقع، لقد جعل MP-10 نشاط D1 غير الطبيعي أسوأ. وبعبارة أخرى، كانت الفعالية السريرية للدواء مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتفاعله مع الخلايا العصبية D1؛ فتلك التي عمدت إلى تطبيع الخلايا العصبية المفرطة النشاط D1 خففت الذهان بشكل أفضل؛ وهو اكتشاف يقلب فهمنا لهذه الأدوية رأساً على عقب.
لذلك كتب الباحثون «ان هذه النتائج تقدم تفسيرًا جديدًا لفعالية الأدوية المضادة للذهان». ويقترحون «أن الخلايا العصبية الشوكية D1، وليس الخلايا المعبرة عن D2 قد تكون محركًا رئيسيًا للذهان وأن تطبيع نشاطها قد يكون مؤشرًا رئيسيًا على فعالية مضادات الذهان».
وفي حين أن النتائج تشكل ضربة لعقود من البحث، إلا أنها تساعد في تفسير سبب نجاح بعض الأدوية المضادة للذهان مثل كلوزابين.
وعلى الرغم من أننا يجب أن نضع في اعتبارنا أن الدوبامين ليس الناقل العصبي الوحيد المرتبط بالذهان؛ تقدم النتائج أيضًا بصيصًا من الأمل في أن يتمكن الباحثون من تصحيح المسار واستخدام هذه الأفكار الجديدة لتصميم علاجات محسّنة أكثر لمرض انفصام الشخصية.وكالات
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
استراتيجية مناعية جديدة تعيد برمجة موت خلايا السرطان لتحفيز جهاز المناعة
وقال فيليب بوسو: "العلاج الثلاثي الذي استخدمناه يجبر الخلايا السرطانية على الموت بطريقة تُفعّل الجهاز المناعي". اعلان
أعلن فريق من العلماء في معهد باستور ومعهد إنسيرم الفرنسي عن نجاحهم في تطوير مقاربة علاجية جديدة تستهدف أنواعًا من سرطانات الدم مثل بعض الأورام اللمفاوية وسرطانات الدم (اللوكيميا) التي تصيب خلايا B. وتعتمد هذه الاستراتيجية على إعادة برمجة طريقة موت الخلايا السرطانية لتحفيز الجهاز المناعي على مهاجمتها والقضاء عليها.
ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة Science Advances، وأظهرت فاعلية نهج علاجي ثلاثي يجمع بين ثلاثة أدوية مستخدمة حاليًا في الممارسات السريرية.
تحويل موت الخلايا السرطانية إلى "إنذار مناعي"تهدف استراتيجيات العلاج المناعي إلى تسخير جهاز المناعة لدى المريض بحيث يتعرف على الخلايا السرطانية ويقضي عليها بدقة. في هذا السياق، يركّز العلماء على آلية نخر الخلايا المبرمج (necroptosis)، وهي نوع من موت الخلايا يُطلق إشارات تحذير تجذب وتحفّز الخلايا المناعية على مهاجمة الورم، على عكس موت الخلايا المبرمج التقليدي (apoptosis) الذي يحدث بصمت مناعي.
وقد درس فريق البحث من وحدة "ديناميات الاستجابات المناعية" المشتركة بين معهد إنسيرم ومعهد باستور فاعلية هذه الآلية في الأورام الدموية الخبيثة. ولاحظ الباحثون أن خلايا B السرطانية لا تستجيب بسهولة لهذه العملية بسبب غياب بروتين MLKL الضروري لتحفيزها.
Related لقاح من الجيل الجديد يحقق نتائج واعدة ويمنع حتى 88% من أنواع السرطان العدوانيةالجراحة أم المناعة؟ كيف تؤثر إزالة الغدد اللمفاوية على فعالية علاج السرطان؟اكتشاف آلية جديدة لتعزيز جهاز المناعة في مواجهة الخلايا السرطانية علاج ثلاثي يعيد تنشيط جهاز المناعةلتجاوز هذه العقبة، استخدم العلماء مزيجًا من ثلاثة أدوية معتمدة سريريًا، ما سمح بتحفيز عملية النخر المبرمج داخل الخلايا السرطانية. وأظهرت التجارب ما قبل السريرية أن هذه المقاربة حفّزت استجابة مناعية قوية أدّت إلى القضاء التام على خلايا اللوكيميا في النماذج الحيوانية.
وقال فيليب بوسو، مدير الأبحاث في إنسيرم ورئيس وحدة ديناميات الاستجابات المناعية في معهد باستور: "العلاج الثلاثي الذي استخدمناه يجبر الخلايا السرطانية على الموت بطريقة تُفعّل الجهاز المناعي".
مراقبة حيّة للتفاعل بين الخلايا المناعية والسرطانيةاستخدم فريق البحث تقنية تصوير حيوي داخل الجسم (intravital imaging) لمراقبة التفاعل بين الخلايا المناعية والسرطانية في الزمن الحقيقي، مما أتاح رصد الاختلافات بين أنواع موت الخلايا المختلفة الناتجة عن العلاج.
وأوضح بوسو أن "هذه الاستراتيجية العلاجية الجديدة، التي أثبتت نجاحها في النماذج قبل السريرية، تُحوّل الخلايا السرطانية إلى محفّزات للجهاز المناعي، ما يفتح آفاقًا علاجية محتملة لأنواع محددة من السرطان، مثل الأورام اللمفاوية واللوكيميا المرتبطة بخلايا B".
وأضاف: "من خلال تغيير طريقة موت الخلايا السرطانية، يمكننا تسخير جهاز المناعة لمحاربة الورم".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة