هذا ما قاله مرشحو رئاسة المفوضية الأفريقية في أول مناظرة بينهم
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
أديس أبابا- مع بدء العد التنازلي لانتخابات قيادة المفوضية الأفريقية، المقررة في فبراير/شباط المقبل، شهد مقر الاتحاد الأفريقي في العاصمة أديس أبابا، مساء أمس الجمعة، أول مواجهة مباشرة بين المرشحين لمنصب رئيس المفوضية الأفريقية.
المرشحون هم: محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي، ورايلا أودينغا رئيس وزراء كينيا الأسبق، ووزير مالية مدغشقر السابق ريتشارد راندريا.
وبحضور جمهور اقتصر على سفراء الدول الأفريقية وممثليها الدائمين لدى الاتحاد الأفريقي، عُقدت المناظرة التي أدارتها الإعلاميتان أنيتا إرسكين من غانا وفاطمة شارف من الجزائر.
تزامن ذلك مع بث مباشر على عدد من قنوات الدول الأفريقية ومنصات الاتحاد الأفريقي، مع ترجمة فورية إلى لغات العمل الرسمية للاتحاد الأفريقي (الإنجليزية، الفرنسية، البرتغالية، الإسبانية، والسواحلية)، في حين غابت اللغة العربية لأسباب غير معروفة.
حُددت مدة المناظرة بـ120 دقيقة، تخللتها استراحتان، واستُهلت بعزف النشيد الرسمي للاتحاد الأفريقي، بعدها تصافح المرشحون ثم توجهوا للوقوف خلف منابر متجاورة طغى عليها اللون الأبيض.
مُنح كل مرشح 4 دقائق للإجابة على الأسئلة، وكان يتم كتم صوت الميكروفون فور انتهاء المهلة، وقد بدأت المناظرة ببيانات افتتاحية لكل مرشح، قبل أن تنطلق لمناقشة عدة محاور شملت الاقتصاد والتنمية، والصراعات وملفات السلام، وصولا إلى إصلاح الاتحاد الأفريقي.
إعلان اقتصاد وتنميةبدأت المناظرة بالتركيز على الوضع الاقتصادي ورؤية المرشحين لتحقيق ازدهار تنموي للقارة، وهو ما كشف عن تباين واضح في الأولويات بين المرشحين، حيث أكد مرشح مدغشقر أن تطوير الاقتصاد القاري يبدأ من تعزيز المشاريع المحلية، إلى جانب تحرير حركة الأشخاص والبضائع لزيادة التجارة البينية الأفريقية، التي لا تتجاوز حاليا نسبة 12.6%.
في المقابل، شدد مرشح كينيا على ضرورة الضغط الأفريقي لإعادة هيكلة النظام المالي العالمي بما يتناسب مع مصالح أفريقيا، مع التركيز على تطوير البنية التحتية من خلال تنفيذ مشاريع كبرى، مثل خطوط السكك الحديدية القارية، لتحسين النقل وتعزيز التجارة عبر القارة.
أما مرشح جيبوتي، فقد رأى أن الاستثمار في التعليم ورأس المال البشري يمثل الركيزة الأساسية للتنمية في أفريقيا، مشيرا إلى أهمية تطوير الزراعة باستخدام التكنولوجيا، مع التركيز على إضافة قيمة للمنتجات الخام عبر التصنيع المحلي قبل تصديرها.
وكانت الإعلاميتان إرسكين وشارف، تستخرجان الأسئلة من مظاريف مغلقة، مما أضاف عنصر التشويق على المناظرة، وطرحتا الأسئلة باللغتين الإنجليزية والفرنسية بالتناوب، وفيما التزم مرشح كينيا، أودينغا، الإجابة باللغة الإنجليزية، رد راندريا مرشح مدغشقر، على الأسئلة بالفرنسية، أما مرشح جيبوتي علي يوسف، فكان يتنقل بين الإنجليزية والفرنسية والعربية.
في الجولة الثانية، انتقلت المناظرة إلى مناقشة ملف الصراعات والسلم والأمن، وسبل تحقيق مبادرة الاتحاد الأفريقي لإسكات صوت البنادق في القارة، حيث ركز المرشح الكيني على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للصراعات، مثل الفقر، والإقصاء، وانعدام العدالة الاجتماعية. وأكد أهمية تقديم حلول تتعامل مع جذور المشكلة كأساس لمنع تفاقم الصراعات.
إعلانمن جانبه، شدد المرشح الجيبوتي على أهمية تحسين آليات الاتحاد الأفريقي المتعلقة بإدارة الصراعات وتعزيز فعاليتها، مؤكدا الحاجة إلى توفير التمويل اللازم لتفعيل قوات الاحتياط الأفريقية، ما من شأنه أن يجعل الاتحاد الأفريقي قادرا على الاستجابة بسرعة للأزمات.
أما مرشح مدغشقر، فركز على أهمية التعاون الدولي، خاصة مع الأمم المتحدة، في جهود حل الصراعات. ورأى أن الشراكة بين المنظمات الإقليمية والدولية تلعب دورا محوريا في تحقيق الاستقرار وبناء السلام في القارة.
خلال المناظرة، تفاوتت أساليب عرض المرشحين لرؤاهم، حيث كان الكيني أودينغا متريثا في حديثه مقارنة بالآخرين، ما أدى إلى إغلاق الميكروفون الخاص به غير مرة بسبب تجاوزه الوقت المسموح، فيما كان مرشح مدغشقر يستعرض رؤيته ضمن نقاط محددة ومختصرة، أما مرشح جيبوتي فكان الأكثر استخداما للغة الجسد والأسرع حديثا، ما منحه فرصة لاستعراض قضايا وملفات أكثر خلال الوقت المتاح.
اختتمت المناظرة باستعراض مقاربات المرشحين حول إصلاحات منظمة الاتحاد الأفريقي، حيث ركز مرشح مدغشقر على أهمية الإصلاحات المالية والتنظيمية، مشيرا إلى قصر فترة الولاية الزمنية للمنصب (4 سنوات) كعامل يستدعي وضع خطة قصيرة المدى لمعالجة القضايا العاجلة.
في المقابل، طرح مرشح كينيا رؤية تقوم على إنشاء صناديق سيادية أفريقية لتمويل الإصلاحات وتنفيذ مشاريع كبرى، مثل تطوير شبكة السكك الحديدية القارية، واستكمال بناء سد إنغا الكبير.
أما مرشح جيبوتي، فقد أكد على ضرورة تعزيز ولاء العاملين في المنظمة وتفعيل الإصلاحات غير المكتملة، مثل تفعيل البرلمان الأفريقي وتطبيق ضريبة الاستقطاع بنسبة 0.2% من واردات الدول الأفريقية لتحسين تمويل برامج ومشاريع الاتحاد الأفريقي.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاتحاد الأفریقی الدول الأفریقیة
إقرأ أيضاً:
بولندا على موعد مع انتخابات رئاسية حاسمة
تعيش بولندا على وقع الحملات الانتخابية تحضيرا لسباق الرئاسة المقرر في 18 مايو/أيار المقبل، وتراقب معها أوروبا عن كثب ما إذا كان مجلس الوزراء برئاسة دونالد توسك الموالي لأوروبا سيحصل على حليف في القصر الرئاسي في وقت صعب بالنسبة لبولندا وأوروبا.
تحتل بولندا موقعا إستراتيجيا في أوروبا، حيث تُعد خامس أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث عدد السكان، كما تتمتع بنفوذ قوي داخل المؤسسات الأوروبية مثل البرلمان والمفوضية الأوروبيين.
وتاريخيا، لعبت بولندا دورا رئيسا في التحولات السياسية الأوروبية، بدءا من مقاومة الهيمنة السوفياتية في القرن الـ20، مرورا بحركة "تضامن" بقيادة ليخ فاونسا التي ساهمت في إسقاط الشيوعية، وصولا إلى دورها الحالي كحليف رئيس للغرب في مواجهة التهديدات الروسية.
يتنافس في هذه الانتخابات عدة مرشحين يمثلون تيارات سياسية متباينة، بدءا من المؤيدين للاتحاد الأوروبي وصولا إلى التيارات القومية واليمينية المتطرفة.
رافاو تشاسكوفسكيمرشح حزب "المنصة المدنية"، ويشغل منصب عمدة وارسو، وهو من أبرز المدافعين عن التكامل الأوروبي. يركز على قضايا الديمقراطية الليبرالية، ودعم أوكرانيا، وتعزيز الحريات المدنية.
إعلان كارول ناوروكيمرشح "القانون والعدالة، وهو محافظ يدعو إلى تعزيز السيادة البولندية، ويركز على قضايا الأمن القومي، ودعم العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة، رغم الخلافات مع إدارة دونالد ترامب.
شيمون هوفنازعيم حزب "بولندا 2050″، يدعو إلى نهج وسطي يجمع بين القيم القومية والتوجه الأوروبي، مع التركيز على الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية.
سلافومير مينتسنمرشح اليمين المتطرف من حزب "الكونفدرالية"، يرفض استقبال اللاجئين، ويعارض تقديم أي دعم عسكري أو اقتصادي لأوكرانيا، ويدعو إلى تعزيز الاستقلالية الاقتصادية لبولندا.
ماجدالينا بيات وأدريان زاندبرجمرشحا اليسار البولندي، يركزان على العدالة الاجتماعية، وزيادة دور الدولة في الاقتصاد، وتبني سياسة خارجية أكثر توازنا تجاه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
غريزغور براونمرشح يميني متطرف، معروف بموقفه المناهض للاتحاد الأوروبي، ويرفض وجود القوات الأميركية في بولندا، ويدعو إلى سياسة انعزالية.
تلعب الحرب في أوكرانيا وما تستتبعه من سياسات دفاعية سواء على مستوى بولندا أو على المستوى الأوروبي، بالإضافة إلى ضغوط الاقتصاد وقضايا أخرى دورا في توجيه دفة الناخبين في الانتخابات الرئاسية المرتقبة.
ومع بدء الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، لعبت بولندا دورا رئيسا في دعم كييف، سواء من خلال تقديم المساعدات العسكرية أو استضافة ملايين اللاجئين الأوكرانيين.
ومع استمرار الحرب، أصبحت تكاليف هذا الدعم موضوعا سياسيا حساسا، حيث تتباين مواقف المرشحين في 3 مستويات:
1- دعم مطلق لأوكرانيا (كما هو الحال مع تشاسكوفسكي وهولونيا).
2- دعم مشروط (مثل موقف ناوروكي، الذي يضع المصالح البولندية أولا).
3- رفض الدعم نهائيا (كما يدعو إليه مرشحو اليمين المتطرف مثل مينتسن وبراون).
العلاقات مع واشنطنبعد فوز الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية 2024، سادت مخاوف في أوروبا من تبني واشنطن نهجا أكثر انعزالية.
إعلانفقد هدد ترامب خلال حملته الانتخابية بتقليص دعم بلاده لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وطالب الدول الأوروبية بتحمل تكاليف أكبر للدفاع عن نفسها.
ويسعى المرشحون المحافظون مثل ناوروكي إلى إبقاء العلاقات البولندية الأميركية قوية رغم صعوبة التعامل مع ترامب، بينما يميل المرشحون الليبراليون مثل تشاسكوفسكي أكثر إلى تعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بدلا من الاعتماد الكلي على واشنطن.
أما مرشحو اليمين المتطرف، مثل براون ومينتسن، فيدعون إلى تقليل الاعتماد على كل من واشنطن وبروكسل، والتركيز على سياسة خارجية أكثر استقلالية.
الاقتصاد والضغوط الاجتماعيةتعاني بولندا من تداعيات اقتصادية خطيرة بسبب التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، التي تفاقمت بفعل الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا.
وتستغل الأحزاب اليمينية هذه الأزمة للدعوة إلى خفض المساعدات الخارجية والتركيز على تحسين الأوضاع الاقتصادية الداخلية.
الموقف من الحرب على غزةرغم أن بولندا كانت من أوائل الدول الأوروبية التي اعترفت رسميا بدولة فلسطين منذ عام 1988، فإن موقفها الرسمي من العدوان الإسرائيلي الأخيرة على غزة ظل مترددا.
وبينما لم تدن الحكومة الحالية إسرائيل بشكل مباشر، خوفا من تأثير ذلك على علاقتها بواشنطن، دعت المعارضة، خاصة من اليسار، إلى موقف أكثر وضوحا في إدانة المجازر الإسرائيلية.
وشهد المجتمع المدني البولندي احتجاجات داعمة لفلسطين، وهذا يضع ضغطا على المرشحين لاتخاذ مواقف أكثر جرأة.
تضع الانتخابات الرئاسية المقبلة البلاد أمام مفترق طرق في السياسات الخارجية، ففوز كل مرشح يفرض سيناريو مختلفا عما إذا فاز الآخرون.
ففي حال فوز تشاسكوفسكي (الليبرالي الأوروبي)، من المنتظر تعزيز علاقات بولندا مع الاتحاد الأوروبي، واستمرار دعم أوكرانيا، ولكن مع بحث حلول دبلوماسية لإنهاء الحرب، وموقف أكثر انفتاحا تجاه اللاجئين وتحقيق توازن في العلاقات مع واشنطن.
إعلانوفي حال فوز نافروتسكي (القومي المحافظ)، من المتوقع تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة، رغم صعوبة التعامل مع إدارة ترامب، وزيادة الإنفاق العسكري، مع إبقاء الدعم لأوكرانيا محدودا، وسياسات أكثر تشددا تجاه المهاجرين واللاجئين.
أما في حال فوز مرشح اليمين المتطرف مينتسن أو براون، فمن المتوقع حصول تقارب أكبر مع روسيا أو تبني سياسة أكثر انعزالية، إضافة إلى وقف الدعم لأوكرانيا وتقليل التعاون مع الاتحاد الأوروبي، ورفض استقبال اللاجئين وتشديد القوانين الداخلية.
اتجاهات الناخبينأظهر استطلاع "إيبريس" الأخير لبرنامج "إيفينتس" التابع لـ"بولسات" أن رافاو تشاسكوفسكي يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات بنسبة تأييد تصل إلى 35.7%.
في المقابل، حصل كارول نافروتسكي، مرشح حزب "القانون والعدالة"، على نسبة تأييد بلغت 25.6%، وهذا يشير إلى فارق يبلغ حوالي 10 نقاط مئوية لصالح تشاسكوفسكي.
أما شيمون هوفنا، زعيم حزب "بولندا 2050″، فقد حصل على نسبة تأييد بلغت 15.2%، وهذا يجعله في المرتبة الثالثة بين المرشحين.
وتشير هذه الأرقام إلى أن تشاسكوفسكي قد نجح في تعزيز موقعه الانتخابي، مستفيدا من تراجع شعبية حزب "القانون والعدالة" في الأشهر الأخيرة.
من ناحية أخرى، يعكس دعم هوفنا رغبة شريحة من الناخبين في تبني سياسات وسطية تجمع بين التوجه الأوروبي والإصلاحات الداخلية.
تغيير محتملمع استمرار الحملات الانتخابية، سيظل المشهد السياسي البولندي متغيرا، وقد تلعب المناظرات والفعاليات القادمة دورا حاسما في تحديد توجهات الناخبين النهائية. ومع ذلك، فإن التقدم الحالي لتشاسكوفسكي يشير إلى إمكانية حدوث تغيير في القيادة السياسية لبولندا في الانتخابات المقبلة.
وتشكل الانتخابات الرئاسية البولندية لحظة حاسمة تحدد مستقبل بولندا، ويمتد تأثيرها على المشهد الأوروبي والدولي، في ظل تصاعد التوترات العالمية.
إعلانوستكون قرارات وارسو مؤثرة في ملفات كبرى مثل أوكرانيا، ومستقبل الاتحاد الأوروبي، وستكشف والنتائج ما إذا كانت بولندا ستواصل مسارها الحالي أم ستتجه نحو نهج قومي أكثر انعزالا.