سوريا والعراق: زلازل التغيير وصناعة الفوضى الدائمة
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
14 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: رياض الفرطوسي
شهدت سوريا، كما العراق وليبيا والكثير من الدول العربية قبلها، تحولات سياسية واجتماعية عاصفة أعادت تشكيل معالم الدول والمجتمعات في الشرق الأوسط. هذه الأحداث ليست مجرد تغيرات محلية، بل زلازل إقليمية ودولية مدروسة بدقة لتفكيك الدول وتحويلها إلى كيانات ضعيفة غير قادرة على النهوض.
قيادة بلا مشروع: واقع أم استراتيجية؟ يتكرر في معظم التحولات الكبرى ظهور قادة يتسلمون السلطة دون خطط واضحة أو مشاريع سياسية شاملة، ما يترك فراغاً يُملأ بتجارب مرتجلة غالباً ما تؤدي إلى الفوضى. في سوريا كما العراق، يبدو أن هذا الغياب للمشروع السياسي لم يكن نتيجة عشوائية، بل جزءاً من خطة تهدف لإسقاط الأنظمة القائمة دون توفير بدائل مستدامة، مما يطيل أمد الفوضى .
الدستور في العواصف السياسية: خطوة أم فخ؟
إحدى أولى الخطوات في مراحل التغيير هي تشكيل لجان لإعادة كتابة الدستور، خطوة تبدو منطقية لكنها غالباً ما تحمل إشكاليات عميقة :
اولاً.تمثيل ناقص: تُشكل اللجان في ظروف غير مستقرة، ما يؤدي إلى تغييب العديد من الأطياف المجتمعية.
ثانياً.غياب الاستفتاء الشعبي الحقيقي: تُفرض الدساتير أحياناً دون توافق شعبي واسع، أو تُقر في أجواء تقيد المشاركة الحرة.
ثالثاً. كتابة الدستور في أوقات الفوضى: يُكتب الدستور بينما البلاد في زلزال سياسي واجتماعي، مما ينعكس على قيمة الوثيقة وقدرتها على تلبية احتياجات جميع الأطراف.
بالمقارنة، يرى البعض أن الدستور يجب أن يُكتب في أوقات استقرار نسبي، حيث تكون المصالح الوطنية واضحة، والضمانات قائمة لجميع الأطياف .
تدمير الدولة أم إسقاط السلطة؟
أحد أبرز ملامح الزلازل السياسية في المنطقة هو الخلط بين الدولة والسلطة. الدولة، ككيان مؤسساتي محايد، تهدف إلى توفير الخدمات وتحقيق
الاستقرار، بينما السلطة هي النظام السياسي القائم. ما حدث في سوريا والعراق تجاوز إسقاط السلطة إلى تدمير الدولة نفسها :
أ. تفكيك المؤسسات: إضعاف البنية الإدارية للدولة.
ب. تحطيم الجيوش : تفكيك القوة التي تضمن وحدة البلاد
ج. استهداف النسيج الاجتماعي : إشعال الفتن الطائفية والعرقية
ح . حروب الوكالة : صناعة الفوضى المنظمة
في قلب هذه التحولات تكمن حروب الوكالة، التي تعتمد على أدوات غير مباشرة لزعزعة استقرار الدول وتحويلها إلى كيانات غير قادرة على حماية
نفسها. أدوات هذه الحروب تشمل :
الاعلام المظلل : التركيز على جوانب معينة من الأزمة مع إخفاء الحقائق الأخرى
تصفية النخب والكفاءات : استهداف العلماء والخبرات لضمان استمرار الفوضى
اثارة الصراعات الداخلية : تأجيج الانقسامات الطائفية والعرقية
شرعية الأمر الواقع: خدعة التغيير
تتكرر في هذه السيناريوهات محاولات القادة الجدد لاكتساب شرعية شعبية عبر وسائل ملتوية، مثل الدعوات الجماهيرية للاحتفال بالثورات. هذه المحاولات غالباً ما تخدم قوى خارجية تدعم هؤلاء القادة لتحقيق مصالحها، مما يجعل الشرعية المستمدة من هذه الأساليب مؤقتة وضعيفة .
دروس من الماضي: هل من اعتبار؟ التجارب السابقة، خاصة في العراق وليبيا، تظهر بوضوح أن تغييرات بهذا الحجم لا تُبنى على أنقاض الفوضى، بل تؤدي إلى نتائج كارثية تشمل:
تحويل الدول إلى كيانات فاشلة: قابلة للتبعية والتلاعب .
نهب الموارد وإضعاف السيادة: تحت ستار إعادة البناء .
إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية: بما يخدم القوى الكبرى فقط.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
فزاعة التغيير الوزاري.. مناورة سياسية أم ورقة ضغط حزبي؟
12 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: في بغداد، حيث تتبدل الوعود السياسية سريعًا مع كل أزمة، عاد الحديث عن التغيير الوزاري ليأخذ طابع “الجدل العقيم”. وسط قاعات البرلمان المكتظة بأحاديث ومناقشات غير محسومة، أقر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بعدم إمكانية المضي في هذا الملف، مرجعًا ذلك إلى غياب التوافق السياسي.
تحدثت مصادر من داخل الكتل السياسية أن مسألة التغيير الوزاري أضحت مجرد أداة للمناورة الحزبية.
وكتب ناشط سياسي عبر منصة “إكس”: “التعديل الوزاري في حكومة السوداني مجرد مسرحية، نهايتها دائمًا لصالح الكتل الكبيرة وليس المواطن”.
في المقابل، صرّح المتحدث باسم كتلة الصادقون محمد البلداوي أن التعديل الوزاري كان جزءًا من الاتفاق السياسي لائتلاف إدارة الدولة، وأشار إلى أنه كان من المفترض أن يشمل ستة وزراء، بينما رفض النائب عامر عبد الجبار التوجه نحو التعديل الوزاري، داعيًا إلى استجواب الوزراء المقصرين وإقالتهم بدلًا من الاكتفاء بتغييرهم.
وعلّقت مواطنة على فيسبوك: “نحن من ندفع ثمن التوافقات السياسية المتعثرة، بينما الوزراء يواصلون أداءهم الضعيف بلا حساب”.
وفي ظل حالة الإحباط، تحدثت تحليلات عن أن بعض الوزراء قد يستغلون هذه الفترة لتعزيز مصالحهم الحزبية والشخصية، حيث أشارت تغريدة أخرى: “عندما يعلم الوزير أنه لن يقال أو يُحاسب، تصبح الوزارة مجرد أداة لخدمة الحزب”.
محمد حسن، موظف حكومي من منطقة الكرادة، عبّر عن خيبة أمله قائلاً: “ما يحصل اليوم لا علاقة له بالإصلاح، الحكومة وعدت لكنها كانت أبطأ من الزمن نفسه”. وأضاف: “حتى إذا حدث تعديل، فماذا سيغير في أشهر قليلة قبل تحول الحكومة إلى تصريف أعمال؟”
من جانبه، أوضح باحث اجتماعي أن هذه الأزمة تعكس نمطًا مستمرًا من عدم الاستقرار السياسي الذي يؤثر بشكل مباشر على ثقة المواطن بالحكومة. وقال: “عندما تتردد الحكومة بين التعديل والإلغاء، تُرسل رسالة واضحة بأن الأولوية ليست للإصلاح بل للبقاء في الحكم بأي ثمن”.
القصة لا تقف عند حدود التغيير الوزاري. في إحدى جلسات البرلمان المغلقة، كشف مصدر سياسي أن الحديث عن التغيير أصبح يُستخدم للتهديد بفتح ملفات فساد تخص وزراء حاليين، ما يؤكد أن “فزاعة التعديل” تخفي في طياتها معارك سياسية تحت السطح.
ورغم كل ذلك، يظل المواطن العراقي حائرًا بين تصريحات النواب وتحليلات الخبراء، في وقت لا يرى فيه تغييرًا ينعكس على أرض الواقع. بينما يغرد أحدهم بخيبة: “يبدو أن الحكومة ليست بحاجة إلى تعديل وزاري، بل إلى تعديل في مفهوم العمل الوطني نفسه.”
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts