النيجر ومالي وبوركينا فاسو: الانسحاب من إيكواس "لا رجعة فيه"
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
حذرت الأنظمة العسكرية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، أمس الجمعة، من أن قرارها مغادرة الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) "لا رجعة فيه"، وذلك قبل يومين من انعقاد قمة لإيكواس التي تأمل في دفع البلدان الثلاثة إلى تغيير رأيها.
وكانت الدول الثلاث التي تشكل معاً تحالف دول الساحل، وتحكمها أنظمة عسكرية مناهضة لفرنسا، قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي، عزمها على مغادرة جماعة إيكواس التي تضم حالياً عضوية 15 دولة، وتَعتبر البلدان الثلاثة أن إيكواس تُستخدم أداة من جانب القوة الفرنسية الاستعمارية السابقة.
The exit of Burkina Faso, Mali and Niger from ECOWAS is a huge blow to a regional integration project that has become the best performing and most economically integrated of all African regional blocs.https://t.co/tMZ8V3bauy
— Crisis Group (@CrisisGroup) December 11, 2024وقالت الدول الثلاث بعد اجتماع وزاري في نيامي أمس: "مع التذكير بقرار دول الكونفدرالية الانسحاب من إيكواس والذي لا رجعة فيه، يتعهد الوزراء مواصلة المناقشات الرامية إلى الاتفاق على طرائق الانسحاب، من أجل مصلحة شعوب الكونفدرالية".
ووفقاً لإيكواس، يُصبح انسحاب الدول الثلاث ساري المفعول بعد عام واحد على إعلانه، أي في يناير (كانون الثاني) 2025.
وتعقد إكواس قمة في أبوجا يوم غد الأحد، لمناقشة هذه القضية الشائكة، لكن لم تُعلن حتى الآن عن مشاركة أي وفد من تحالف دول الساحل فيها.
وقد تكون لمغادرة البلدان الثلاثة تبعات اقتصادية وسياسية كبيرة على منطقة غرب أفريقيا، خصوصاً ما يتعلق بمسألة حرية تنقل الأشخاص والبضائع في المنطقة، وهو موضوع الاجتماع الذي عقد في نيامي أمس.
ويمثل تحالف دول الساحل، منطقة شاسعة غير ساحلية يبلغ عدد سكانها 72 مليون نسمة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيكواس غرب أفريقيا أفريقيا إيكواس
إقرأ أيضاً:
البلدان الصغيرة تتعلَّم التحوُّط في عصر ترامب
في الظروف العادية تجذب جزر كوك اهتمام الأزواج الجدد الراغبين في قضاء شهر العسل وناشطي حماية البيئة والدبلوماسيين النيوزيلنديين فقط. ذلك لأن هذا البلد النائي في المحيط الهادي لديه اتفاقية أمنية مع نيوزيلندا (وبالتالي مع الحلفاء الغربيين) وبه شواطئ مذهلة تحفها أشجار جوز الهند ومهددة بارتفاع مستوى مياه البحر. لكننا لا نعيش في أوقات عادية. فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقوّض النظام الجيوسياسي الذي تأسس في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وهذا الشهر شرع مارك براون رئيس وزراء جزر كوك في عقد صفقة استثمار مع الصين. ذعرت حكومة نيوزيلاند وعلا صراخها خوفا من رد ترامب. لكن يبدو أن أهل الجزر لا يأبهون لذلك. وهكذا أصبحت هذه الجزر الضئيلة في المحيط الهادي التي تتشكل منها كوك رمزا قويا للكيفية التي تتحرك بها الرمال الجيوسياسية.
مع اجتياح عاصفة ترامب للعالم هنالك مسألتان أصبحتا واضحتين. فقادة أمريكا عازمون على تعزيز النمو الاقتصادي للولايات المتحدة بأي ثمن سواء كان بيئيا أو اجتماعيا أو دبلوماسيا. كما أنهم مصرُّون بنفس القدر على استخدام قوتهم المهيمنة مع الجمع العشوائي بين المصالح العسكرية والمالية والتقنية والتجارية. نتيجة لذلك تواجه البلدان الأخرى ثلاثة خيارات. فهي إما تصير تابعة للنفوذ الإمبراطوري الأمريكي أو معارضة له بالتحالف مع منافسي الولايات المتحدة كالصين وروسيا أو استنساخ ما فعلته جزر كوك ومحاولة اتخاذ تدابير تحوطية.
في الواقع لقد حدد بعضها خياره سلفا. لنأخذ نيكاراجوا على سبيل المثال. في الشهر الماضي ووسط تهديدات ترامب بغزو بنما وطرد الصين من قناتها الشهيرة عدَّلت حكومة نيكاراجوا دستورها للسماح بإنشاء ممر بحري يربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادي. هذا الممر يمكنه تقديم بديل لقناة بنما ويوضح أن نيكاراجوا تعزز وجودها في معسكر الصين.
على الجانب الآخر من الطيف اختار رئيس الوزراء الياباني شيغيرو ايشيبا التقريظ وتقديم العطايا. ففي خلال زيارة له إلى واشنطن هذا الشهر مدح جهود ترامب «لجلب السلام إلى العالم». ووعد باستثمار تريليون دولار في الولايات المتحدة وشراء كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال. وأتوقع أن تحاول طوكيو قريبا أيضا تقوية عملة الين (استجابة لشكاوى الأمريكيين من التخفيضات التنافسية مقابل الدولار) وربما حتى شراء أذونات خزانة طويلة الأجل أو دائمة (لسداد تكلفة الحماية العسكرية الأمريكية.)
في الأثناء زار ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند واشنطن هذا الشهر وتعهد بزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال والطائرات من الولايات المتحدة. كما وقفت بريطانيا إلى جانب أمريكا في قمة الذكاء الاصطناعي في باريس.
عندما تبادلتُ الحديث مع فام مينه تشينه رئيس وزراء فيتنام في دافوس مؤخرا كان أيضا يفكر في التنازلات التي يمكن أن يقدمها لترامب في محاولة لصرف انتباهه عن حقيقة أن فيتنام لديها الآن ثالث أكبر فائض في تجارة السلع الثنائية مع الولايات المتحدة (يعود ذلك في جزء كبير منه إلى نقل الشركات العالمية إنتاجها إلى هناك لتجنب العقوبات الأمريكية على الصين.)
يقول «نحن نسعى إلى شراء 50 إلى 100طائرة (من الولايات المتحدة) إلى جانب منتجات تقنية رفيعة أخرى.» وأشار إلى أنه أيضا سيلعب « الجولف طوال اليوم» مع ترامب في منتجع مارا لاجو «إذا كان ذلك يخدم المصلحة الوطنية.» كما لديه «هدية» أخرى أيضا. ويقال في دوائر الدبلوماسيين أن ترامب حريص على استثمار كبير في الكازينوهات. فإذا كان ذلك كذلك قد يكون مدخلا مهمَّا.
لكن مشكلة فيتنام مثلها مثل أي بلد آخر تقلب ترامب الحالي الذي لا يمكن أن يتيح لأي أحد أن يتأكد من أنه في مأمن. وبلغة التجار من المستحيل وضع سعر ثابت للصفقة لفترة طويلة بالنسبة للحكومات والمستثمرين على السواء.
وهكذا يتزايد الإغراء باتباع استراتيجية «عليك أن تنحني للحاكم ثم تسلك طريقك الخاص بك» كما تقول الحكمة «البُخاريَّة» المأثورة والتي راجت في وقت ما وسط تجار طريق الحرير في آسيا. بكلمات أخرى قَدِّم تنازلات شكلية وتحوَّط في الأثناء.
في الواقع ربما هذا هو الشيء الوحيد المعقول الذي يمكن أن تفعله معظم البلدان، بحسب مشروع تخصيص رأس المال. (هذا المشروع موقع خاص بأبحاث النفوذ الاقتصادي المهيمن ويزخر بالرسوم البيانية المفيدة التي توضح أي البلدان أكثر هشاشة أمام النفوذ المُهيمِن الأمريكي والصيني.) فتنويع المدخلات، كما يذكر الموقع، بالغ الأهمية للبلدان إذا أرادت تعزيز «أمنها الاقتصادي» في عالم متقلِّب.
تترتب عن نزعة التحوط هذه عواقب. إحداها تعاظم التجارة بين البلدان الأخرى بخلاف الولايات المتحدة. وهذا ما يزيد من حجم التجارة العالمية الإجمالية بصرف النظر عما يفعله ترامب. وثانيها إطالة وتمديد سلاسل التوريد مما يمكن أن يعني ضمنا زيادة التكاليف. وثالثها تمدُّد قرون استشعار النفوذ الصيني في الخفاء حتى إلى السواحل البعيدة في المحيط الهادي مع تعاظم التوقعات، كما يبدو، بتحول بكين إلى قوة عولمة. وللمفارقة هذا يخالف رغبة ترامب المعلنة بقصقصة أجنحة بكين.
في الواقع قد يصف مؤرخو المستقبل استراتيجيته كلها بأنها تحمل بذور فشلها. لكن في الوقت الحالي يبدو ترامب مقتنعا بأن نفوذه يرتكز على التصرف بطريقة لا يمكن التكهن بها وإمبريالية (توسُّعية.)
ربما سيدرك ترامب في نهاية المطاف أن هذه التكتيكات التي يتبعها تُوجِد أيضا حاجة إلى التحوط وذلك بالضبط لأن لا أحد يمكنه « تحديد سعر ثابت» للسلام أو الثقة بالولايات المتحدة. لكن لا تراهنوا على ذلك. وفي الأثناء توقعوا استمرار تلك التنازلات الشكلية لترامب بمصاحبة ابتسامات زائفة.
جيليان تيت محررة وكاتبة رأي في الفاينانشال تايمز