من كرسيه المتحرك… قصة نجاح لشاب يمني تتخطى الإعاقة وظروف الحرب
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من مختار شداد
على كرسيه المتحرك، صعد منصة التخرج ليتم تكريمه بعد أربعة أعوام قضاها في الجامعة، وعلى وجهه ترتسم ابتسامته الجميلة معلنة لحظة النصر والفرح، ترافقه هتافات الحضور جميعًا، فثمة خلف تلك الابتسامة معاناة كبيرة تكبدها بطل قصتنا لهذا اليوم الذي يقف على منصة التكريم حاملًا شهادته الجامعية.
للمعاناة أشكالًا مختلفة، البعض منها مؤقتة أو تبدأ في مراحل متأخرة، وقلة هم الذين يتحدون معاناتهم ويجتازون المرحلة الجامعة، فالإعاقة عند الكثير قد تكون سببًا في عزوفهم عن التعليم، فيما البعض يختار خوض التجربة وينهي الجامعة بمرتبة الشرف، على الرغم من المعاناة التي يتكبدها بشكل يومي.
أن يولد المرء معاقًا ويكمل تعليمه الجامعي بعزيمة وإصرار في بلد مزقه الحرب وتسببت بتشرد الملايين وحرمان آخرين من التعليم توقف، فتلك قصة نجاح ملهمة ومثالًا نادرا على التحدي والإصرار، في مواجهة الفشل والنكسات والعقبات.
“معاناة وحُلم”
“صادق أمين” الشاب الذي تخرج من الجامعة بعزيمة وثبات، لم يستسلم للإعاقة وظروف الحرب وتجاوز كل الصعوبات، واتخذ من الكرسي المتحرك قدمين تحمله في كل مكان.
يسرد “صادق أمين” قصته بابتسامة عريضة خلفها آمال وطموحات كبيرة، ويقول:” إعاقتي بدأت منذ الولادة، ومع مرور الوقت كانت حالتي تسوء أكثر فأكثر، حتى وصلت إلى عمر 13 سنة وما عدت أقدر أمشي نهائيًا، بالتأكيد واجهت الكثير من الصعوبات في مرحلة الدراسة مثلا درست في مدرسة خاصة بالمعاقين إلى الصف الرابع ابتدائي، ثم انتقلت إلى مدرسة حكومية ومدارس خاصة، وهنا الكثير من الصعوبات والعوائق، لكن عديتها، أيضًا الزملاء كانوا متعاونين معي، ومثل ما هناك أناس جيدين هناك أناس سيئين”.
أنهى “صادق” مرحلة المدرسة، لكن حلمه كان أبعد من ذلك، فدراسة الجامعة كانت حلمًا بالنسبة له، ومن يملك حلمًا وأملًا يحقق المستحيل، وهذا ما تميز به “صادق” فاختار تخصص “تقنية معلومات” في جامعة الجند بتعز، وهاهو يبلغ حلمه الذي رسمه قبل أعوام، ضاربًا بكل المعاناة وراء ظهره.
يتابع “صادق أمين” حديثه لـ”يمن مونيتور” قائلًا:” المباني في الجامعات الحكومية والخاصة لا تراعي ذوي الاحتياجات الخاصة من حيث البناء والتنقل داخل المبنى، وذلك بسبب وجود طوابق مختلفة ووجود درج وعدم وجود سلالم كهربائية تراعي ذوي الاحتياجات الخاصة.”
كانت الجامعة التي درس فيها “صادق” مراعية للظروف والحالة الصحية التي يعيشها، حيث عملت الجامعة على جعل كل المحاضرات التي يدرسها في الطابق الأول فقط وذلك في محاولة منها للتخفيف من معاناة “صادق” وإذا حدث أمر طارئ وتم نقل المحاضرة إلى الطوابق العلوية، يضطر زملائه في حمله مع الكرسي المتحرك إلى قاعة التدريس، بحسب حديثه.
“كلمة أخيرة”
نجاح “صادق” واحدة من القصص الملمة في المجتمع اليمني، وحالة نادرة في زمن الحرب وتردي الأوضاع التي تمر به البلاد بشكل عام، ففي الوقت الذي ترك العشرات من الشباب والأطفال بل وحتى المعلمين والأكاديميين مقاعدهم في المدارس والجامعات بسبب الظروف التي يعيشونها، في المقابل هناك من يتكبد معاناة يومية من أجل إنهاء دراسته الجامعية ومن على كرسيه المتحرك.
يوجه “صادق” في كلمته الأخيرة عدة رسائل للشباب ولذوي الاحتياجات الخاصة بشكل خاص قائلاً:” متى ما توفرت الثقة بالنفس والإصرار والعزيمة عندها نستطيع أن نتجاوز الصعاب مهما كانت فقط كونوا ايجابيين وأصحاب تحدي”.
ولذوي الهمم من ذوي الاحتياجات الخاصة أقول لهم “نحن جميعًا نستطيع ولم نخلق لنستسلم لمعوقات الحياة، إياكم والشعور باليأس والإحباط مهما كانت الظروف فنحن يا أصدقائي صناع العزيمة”.
في قصة “صادق أمين” الكثير من الدروس والعبر، وهي قصة ملهمة، في أن الإعاقة ليست سببًا أمام مواصلة التعليم وتحقيق الآمال والصعود نحو المعالي، فحتى مع عدم قدرته على الحركة فقد تخرج من الجامعة ومن تخصص ملي بالصعوبات، لكن العزيمة التي امتلكها “صادق” جعلته يتحدى كل شيء حتى الوصول لهدفه ومبتغاه.
ويُقدّر عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن، قبل نشوب الحرب بنحو ثلاثة ملايين شخص، وقد أصبح هؤلاء من بين الذين هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية أثناء النزاع، وتفاقمت أوضاعهم بفعل تزايد صعوبات الوصول إلى الخدمات، والأضرار التي لحقت بمرافق البنية التحتية، واضطرار البعض منهم للعيش في بيئات نزوح تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة والحماية، وفقا لتقارير إخبارية.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الإعاقة الحرب اليمن شاب يمني قصة نجاح ذوی الاحتیاجات الخاصة
إقرأ أيضاً:
السودان: معارك الفاشر مستمرة… وطرفا الحرب يزعمان التفوق
تضاربت الأنباء حول المعارك المستمرة في مدينة الفاشر الاستراتيجية بولاية شمال دارفور بالسودان، في ظل مزاعم طرفي الحرب بالتفوق، وفي حين تحدثت منصات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» عن تحقيق تقدم كبير والاستيلاء على أحياء في المدينة، ينفي مسؤولون بالجيش السوداني والقوات المتحالفة معه الأمر، ويقولون إنهم يتصدون لهجمات «المتمردين» ويلحقون بهم «خسائر فادحة».
وحاضرة ولاية شمال دارفور، الفاشر، هي المدينة الكبيرة الوحيدة من إقليم دارفور المتبقية تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية والقوات الحليفة لها، وذلك بعدما سيطرت «الدعم السريع» منذ أشهر على المدن والفرق العسكرية التابعة للجيش في ولايات الإقليم الأربع (غرب، جنوب، وسط، شرق دارفور).
ومنذ أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني و«الدعم السريع» حرباً واسعةً بدأت في الخرطوم، وامتدت لتشمل أنحاء البلاد كافة تقريباً، ما تسبب في موجة نزوح غير مسبوقة، وفجّر أزمة إنسانية وتفشياً للأمراض والجوع.
وتقاتل «الدعم» بقوة للاستيلاء على الفاشر التي تعني السيطرة على دارفور، الذي تحده أربع دول غرباً وجنوباً هي: ليبيا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وولايات كردفان والشمالية من جهة الشرق والشمال.
«الدعم» يفرض حصاراً
وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الدعم السريع» حققت «اختراقات كبيرة» على حساب الجيش وحلفائه في القوات المشتركة، يوم الجمعة الماضي، وإنها «دخلت إلى سوق المدينة الكبير، وواصلت قصف تمركزات القوات المدافعة وقيادة الفرقة السادسة (التابعة للجيش)، مع اشتباكات متفرقة وعمليات كر وفر لاختراق الدفاعات».
وأكد الشاهد أن «(الدعم السريع) لا تزال تتمركز في المحور الشرقي للمدينة وأطراف سوق المدينة الكبير الشرقية، وتنتشر بكثافة في أحياء الجبل، والمصانع، والصفا، والجامعة، وحجر قد، القريبة من مقر قيادة الفرقة السادسة التابعة للجيش».
وقال شاهد آخر قريب من القتال إن القوات المهاجمة فرضت حصاراً مشدداً على المدينة، ولم تترك سوى منفذ خروج واحد باتجاه معسكر «زمزم للنازحين»، وتابع: «أعداد كبيرة من المستنفرين خرجوا عبره، ومن يخرج لا مجال لعودته».
وأشار الشاهد إلى تفشي حالة من عدم الثقة بين «المستنفرين والقوات المشتركة، وبين القوات المشتركة نفسها، وبين المستنفرين وقيادة الفرقة السادسة»، وسط تبادل لاتهامات «الخيانة» وعدم عدالة توزيع الإمداد العسكري والمؤن والأموال.
«الجيش يدافع»
لكن الناطق الرسمي باسم قوات «حركة العدل والمساواة السودانية» الحليفة للجيش، العميد حامد حجر، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التمرد (يقصد الدعم السريع) يعتبر الفاشر هدفاً سياسياً مُهماً، لذلك يسعى بإصرار للاستيلاء عليها لتنفيذ مخططه في تقسيم السودان على غرار النموذج الليبي أو اليمني»، وأضاف: «قواتنا أفشلت مخططه (أي الدعم) وحلفائه الإقليميين للاستيلاء على المنطقة الغنية بثرواتها الزراعية والمعدنية والبشرية».
ووفقاً لحجر، فإن «الجيش والقوات المشتركة ظلا يدافعان عن الفاشر بشراسة، وخاضا أكثر من 151 معركة مع قوات (التمرد) منذ اندلاع الحرب، أفلحت في الحيلولة دون بسط سيطرته على المدينة».
وتكونت «القوات المشتركة» من حركات مسلحة وقعت اتفاق جوبا لسلام السودان، وأبرزها «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة جبريل إبراهيم، التي التزمت الحياد طويلاً، قبل أن تقرر الانحياز للقتال مع الجيش في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
وتفرض «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) الماضي حصاراً محكماً على الفاشر من الجهات كافة، وعادة فإن قيادة الجيش في بورتسودان تلجأ لعمليات «الإسقاط الجوي» لتزويد القوات المحاصرة بالذخائر والمؤن والأسلحة.
وأدى الحصار الطويل والقتال المستمر والقصف المدفعي المتبادل لأزمة إنسانية كبيرة، واضطر مئات الآلاف للنزوح من المدينة المقدر عدد سكانها بنحو 1.8 مليون، ومعظمهم نازحون سابقون من حرب دارفور الأولى 2003.
ووفقاً لحجر، فإن «قوةً كبيرةً جداً تدافع عن الفاشر، تتكون من الفرقة السادسة التابعة للجيش، والقوات التي انسحبت من مدن زالنجي، والجنينة، والضعين، ونيالا، إضافة للقوات المشتركة وآلاف المستنفرين»، ويضيف: «هذه القوة الكبيرة صعبت مهمة التمرد، وأفشلت استيلاءه على الفاشر، في أكثر من 151 معركة معه».
وقلل حجر من هجمات «قوات الدعم السريع»، ووصفها بـ«محاولات اقتحام يائسة»، وتابع: «تكتيكات دفاعنا تقوم على فتح ممرات تكتيكية للقوات المهاجمة، خصوصاً من الطريق المار قرب السوق الكبير إلى المناطق الشرقية، حيث حواضنهم الاجتماعية، واستدراجهم إلى مناطق يتم كسر هجومهم فيها».
وفي المحور الجنوبي، قال حجر إن «الجنجويد (تسمية يطلقها مناوئو الدعم عليها) تسللوا، الثلاثاء، من الجهة الجنوبية بحشود كبيرة، ودارت معركة كبيرة استطاعت قواته صد القوات المهاجمة، وكبدتها خسائر فادحة في العتاد والأفراد»، وأضاف: «تكتيكات (الجنجويد) تتمثل في التسلل عبر الأحياء المدنية، وقصف الأعيان المدنية ومنازل المواطنين».
الشرق الأوسط: