تهم وصور لا تصدق.. هذا ما وُجد في ثاني أفظع سجون سوريا
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
صور حصرية من سجن البالونة في حمص ثاني أفظع السجون فقد وصل فريق "العربية.نت إلى محافظة حمص عاصمة الثورة، تلك المدينة الحصينة المنيعة التي كانت حديث الناس خلال 14 عاماً من الحرب بعد أن عاقبها نظام الأسد أشد العقاب على مواقفها، لتكون النهاية عندها أيضاً بمعركة المصير أثناء عملية ردع العدوان.
وقد عاشت حمص كما دمشق وغيرها، واقع السجون الأليم، إذ تربع فيها ثاني أفظع السجون السورية المعروف باسم "سجن البالونة" الذي لا يسمع به أحد إلا وتغمر قلبه جراح لا تنسى.
وفي أثناء الجولة، تبين أن السجن الذي يضم أربعة طوابق، كان النظام يزج فيه ما يقارب 4500 سجين وسجينة، بمعدل 113 فرداً بكل زنزانة.
وكان السجن مخصصاً قبل الثورة لمحاسبة العسكريين والضباط حصراً، إلا أنه أصبح بعدها المحطة الرئيسية التي لا بد أن يمر بها أي معتقل قبل نقله إلى المسلخ البشري بسجن صيدنايا في ريف دمشق.
كما اتضح أن هذا السجن الفظيع أيضاً استخدم في بداية الثورة لمعاقبة من انشق من قوات الجيش السوري ورفض الانصياع للأوامر.
وهناك أيضا الغرف المنفردة التي لا تتجاوز مساحتها أكثر من مترين وبلا ضوء أو فتحات تنفس أو تهوية، أي أنها لا تتناسب مع الطبيعة البشرية.
أما التهم فكانت أفظع من الممارسات حتى، إذ وجدنا أثناء الجولة ملفات كثيرة تضم تفاصيل عن المسجونين، وتبين أن من بين التهم رفض إطلاق النار على المتظاهرين، وأخرى الانتماء "لعصابة أشرار"، وهناك أيضا من هرب من معارك ضارية ولم يترك نفسه للموت، وغيرها الكثير.
كذلك عثرنا أثناء الجولة على غرف للضباط والعساكر، ومطبخهم أيضاً، إذ تركت حبات البطاطا المسلوقة كما هي هناك بعد فرارهم بحكم المعارك.
شهادة سجين وفي أثناء التجوال، وصلنا إلى الشاب محمد أحمد حسين، ابن الـ22 ربيعاً، ليشرح لنا ما عاشه في هذا المكان المرعب.
وقال محمد إنه لحسن حظه لم يلبث في سجن البالونة أكثر من شهر واحد، إذ أتت عملية "ردع العدوان" وأخرجته.
وأضاف أن تهمته كانت الانشقاق من الجيش، إذ هرب من إحدى المعارك ورفض القتال.
كما تابع أن المساجين كانوا يتناولون رغيف خبز واحدا في الصباح ومثله عند المساء، موضحا أنهم قد يحظون بحبة بطاطا في حال لم تسرق منهم، ولم تكن بشكل يومي.
أيضا كشف أنه قبيل وصول معارك ردع العدوان مدينة حمص بيوم واحد، أخرجهم السجانون وطلبوا من المعتقلين حمل السلاح للانضمام للجيش والقتال.
لكن الأمر استغرق ساعات فقط، ولم يعطوا أوامر بدخول المعارك وبقوا في سجونهم حتى تم تحريرهم من قبل إدارة العمليات بعد السيطرة على حمص.
وتابع أن أساليب التعذيب تختلف من معتقل لآخر، وفي كثير من الأحيان كانت تخضع لمزاح السجان.
يشار إلى أن السجن سيئ الصيت يقع على طريق دمشق الدولي، خلف جامعة البعث في مدينة حمص.
كما يُعتبر أحد أكثر السجون غموضاً، إذ يشارك سجن صيدنايا في دمويته خاصة بعد قيام الثورة السورية.
وكان عدد المعتقلين فيه يبلغ نحو 4500، وقد يصل إلى أضعاف هذا الرقم حين يتم تحويل معتقلين من سجن صيدنايا إليه، بحسب اللجنة السورية للتوثيق.
وقد يصل إلى 10 آلاف معتقل، كما تحدثت اللجنة السورية للمعتقلين، في حين وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما يقارب 645 حالة تحدثت عن التعذيب وسوء التغذية في السجن
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
الثورة السورية وقضية فلسطين
مقدمة:الشعب السوري الأصيل أشد التصاقا بفلسطين والعمل الجاد لأجلها، وعندما يعبر الشعب عن إرادته الحقيقية، فسيكون أكثر قدرة على الإسهام في دعم فلسطين ومشروع تحريرها، وعلى قوى الثورة أن تعلن موقفها الثابت والراسخ تجاه القدس وفلسطين، وفي دعم فلسطين وشعبها ومقاومتها، ورفضها للتطبيع.
النظام السابق وإشكالية العمل لفلسطين:
بسقوط نظام بشار الأسد طويت 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 عاما من حكم "آل الأسد" لسوريا؛ التي عانت من نظام حكم ديكتاتوري طائفي أخذ غطاء قوميا. وبالرغم من رفع النظام السوري لشعارات الممانعة وإسناد المقاومة، وأنه لم يدخل في الاعتراف بالعدو الإسرائيلي والتطبيع معه، وبالرغم من استضافته لحماس وقيادتها في الفترة 2000-2011 وتوفير الدعم اللوجيستي لها؛ إلا أن النظام كان يُعاني من مشاكل جوهرية أبرزها أنه كان مسكونا بالسيطرة على الشعب السوري وعدم تمكينه من التعبير بحرية عن إرادته، وأنه فشل في الاستفادة من طاقات الشعب السوري وكفاءاته ومقدراته. وقد تحول النظام، فوق دكتاتوريته، إلى حالة قمعية شرسة في مواجهة الثورة الشعبية السورية التي انطلقت في سنة 2011. في الوقت نفسه، حرص النظام على إبقاء جبهة مواجهته مع الكيان الإسرائيلي هادئة على مدى عشرات السنوات، وتعرَّض لما يزيد عن 3,500 ضربة إسرائيلية طوال الـ12 سنة ماضية، دون أن يرد ولو مرة واحدة بشكل مكافئ على الاحتلال الإسرائيلي.
تحول النظام، فوق دكتاتوريته، إلى حالة قمعية شرسة في مواجهة الثورة الشعبية السورية التي انطلقت في سنة 2011. في الوقت نفسه، حرص النظام على إبقاء جبهة مواجهته مع الكيان الإسرائيلي هادئة على مدى عشرات السنوات، وتعرَّض لما يزيد عن 3,500 ضربة إسرائيلية طوال الـ12 سنة ماضية، دون أن يرد ولو مرة واحدة بشكل مكافئ على الاحتلال الإسرائيلي
وتحوَّل التحالف مع القوى الخارجية التي جاءت تدعم "صموده" في وجه "المؤامرة الكونية" وتدعم "ممانعته" إلى تحالف مشغول بقمع إرادة الشعب السوري نفسه، بدلا من مواجهة الاحتلال؛ وفي الإبقاء على حالة من الديكتاتورية والفساد السياسي والاقتصادي والأمني. ودفعت سوريا ثمنا غاليا تجاوز نحو 600 ألف قتيل ومليون و900 ألف جريح، و13.5 مليون لاجئ ومهجَّر في داخل سوريا وخارجها، وخسائر اقتصادية ودمار نتيجة الصراع الداخلي يُقدر من 400 إلى 700 مليار دولار، ووقع 90 في المئة من أبناء سورية تحت خط الفقر؛ مع تصعيد الخطاب الطائفي والعرقي وتمزيق سوريا.. وهو ما أعاد سوريا للوراء عشرات السنوات ليس فقط في نهضة سورية وازدهارها، وإنما حتى على صعيد قدرتها في مواجهة العدو الصهيوني نفسه.
واللافت للنظر أن القوى التي دعمت النظام السوري في أثناء الثورة الشعبية (2011-2024) بما في ذلك إيران وحلفاؤها وروسيا طالبت بعد انتصار الثورة قبل بضعة أيام بتحقيق إرادة الشعب السوري، ولو أنها فعلت ذلك منذ البداية لما احتاج النظام السوري وحلفاؤه للخوض في بحر من الدماء والدمار، وتأجيج المشاعر الطائفية والعرقية. فالشعب السوري سنة 2011 كان مستعدا للتفاهم مع الأسد نحو حل سلمي، وكان ما يزال قادرا على تحجيم التدخلات المباشرة الإقليمية والدولية، غير أن النظام اختار الحسم الأمني والعسكري.
الثورة المدنية التي خُذلت وحوصرت وضربت وحشرت في الزاوية، وجدت نفسها عرضة لقوى انتهازية عربية ودولية حاولت أن تركب الثورة وأن تحرف بوصلتها؛ وهذا لم يمنع أن جوهر الثورة وجوهر المعاناة وجوهر التطلعات ظل قائما.
هل كان من الممكن أن تحدث مقاومة حقيقية للمشروع الصهيوني بشكل فوقي يتجاهل الشعب السوري نفسه؟ وهل كان لتحالف النظام مع داعميه من الخارج أن يشكلوا إطار مواجهةٍ حقيقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، بينما هم مستنفدون وغارقون في مواجهة الحاضنة الشعبية نفسها؟
ثمة حقيقة كبرى هي أن "تحرير الأرض يبدأ بتحرير الإنسان"، وأن الذي لديه مشروع تحرير حقيقي فعليه أن يُحرّر إنسانه، فيحيا معاني الحرية والعزة والكرامة، ومعاني الإيمان والتضحية والتوكل على الله، ويُطلق طاقاته وإمكاناته (كما حدث في نموذج غزة والداخل الفلسطيني)، لا أن ينزع كرامة الإنسان ويُذلّه، ويُحوّله إلى حالة خائفة مسكونة بالرعب من النظام وبالتعايش مع أشكال فساده السياسي والأمني والاقتصادي.. لقد كان هذا هو الخطأ المتكرر لكافة أنظمة الاستبداد والفساد العربي، ولكافة الانقلابات والأنظمة الثورية التي رفعت شعار فلسطين، ولكنها قتلت الإنسان وأذلته.. وهل لشعبٍ أن يقاتل عدوه ويحرّر أرضه، وهو مستعبَدٌ مرعوب فاقدٌ للحرية وللكرامة؟
الشعب السوري الأصيل:
أيا كان موقف النظام، فإن موقف الشعب السوري تجاه فلسطين كان متقدما على نظامه السياسي، وكان راسخا وعميقا وصادقا لا يتزعزع، وهو دعمٌ غير محكوم بالمصالح والتكتيكات، فهي جزء من لحمه ودمه. ولذلك لم يكن ثمة غرابة أن تُقدِّر المقاومة الفلسطينية ذلك، وأن ترفض أن تكون أداة بيد النظام ضد شعبه، وأن تضطر للمغادرة وتخسر قاعدتها الاستراتيجية الأساس في الخارج، انسجاما مع نفسها وتقديرا للشعب السوري ودوره
الشعب السوري شعب أصيل، وهو والشعب الفلسطيني (وكذلك الأردني واللبناني) جزء لا يتجزأ من أبناء بلاد الشام وتراثها العريق، والحدود المصطنعة هي جزء من تقسيمات سايكس بيكو الاستعمارية. ولذلك فإن نصيب أهل سوريا في قضية فلسطين هو كنصيب إخوانهم في فلسطين، وإن قيام شعب سوريا على رجليه ووحدته ونهضته وقوته هي من استحقاقات المشروع الكامل لتحرير فلسطين.
وأيا كان موقف النظام، فإن موقف الشعب السوري تجاه فلسطين كان متقدما على نظامه السياسي، وكان راسخا وعميقا وصادقا لا يتزعزع، وهو دعمٌ غير محكوم بالمصالح والتكتيكات، فهي جزء من لحمه ودمه. ولذلك لم يكن ثمة غرابة أن تُقدِّر المقاومة الفلسطينية ذلك، وأن ترفض أن تكون أداة بيد النظام ضد شعبه، وأن تضطر للمغادرة وتخسر قاعدتها الاستراتيجية الأساس في الخارج، انسجاما مع نفسها وتقديرا للشعب السوري ودوره. وصدَق الشهيد إسماعيل هنية عندما قال إن "من نصرنا بالحق، فلن ننصره بالباطل".
ثمة فرصة حقيقية أن يعبر الشعب السوري عن إرادته بعد أن تولت قيادة الثوار الحكم في دمشق؛ وهو ما يعني أننا سنكون أمام حالة أصيلة صلبة، وليس أمام حالة فوقية أو متكلَّفة في نصرة فلسطين، وهو ما سيكون في المستقبل أشد خطرا على المشروع الصهيوني.
المخاطر حقيقية:
هذا لا يعني أن المؤامرات والمخاطر ضدّ سوريا وشعبها قد زالت، بل هي ما زالت على أشدها؛ وسيواجه الحكم الجديد في سوريا عواصف عاتية تحاول إفراغ ثورته من محتواها، وتحاول ركوب الموجة، وإعادة تغيير البوصلة، واستخدام المال السياسي، والتحريض الطائفي والتدخلات العسكرية والأمنية والإعلامية وأساليب الشيطنة لتحقيق أهدافها.
وسيسعى الأمريكان والصهاينة، كما ستفعل أنظمة إقليمية، لتحقيق أجنداتهم وفرض مساراتهم ومعاييرهم، وقد يجعل هذا من خروج سوريا من محنتها محفوفا بالمخاطر. وها قد رأينا العدو الصهيوني يُعربد في سوريا فيحتل المنطقة العازلة ويتوسع في الداخل، ويقصف في أربعة أيام أكثر من خمسمائة موقع وهدف، فيدمر معظم الطيران والدفاع الجوي والصواريخ والسفن الحربية، ويحاول أن يخرج مقدرات سوريا العسكرية عن الخدمة. ويحاول أن يضع شروطا مبكرة ومسبقة للمعايير الأمنية والعسكرية في سوريا، حتى قبل أن يبدأ الثوار بإمساك زمام السلطة.
لا يظنّن بعض المتخوفين من أبناء الثورة أن صمتهم أو تهميشهم لقضية فلسطين في هذه المرحلة سيخدمهم؛ بل إن ذلك لن يُغيّر من واقع التآمر الإسرائيلي الأمريكي الغربي والبيئات العربية المطبِّعة عليهم؛ ولكنه سيأكل من رصيدهم الشعبي ومصداقيتهم، وسيفتح المجال للقوى المتربصة لاستغلال ذلك لتشويههم وإفشالهم
المطلوب الحالي تجاه فلسطين:
من جهة أخرى، فليس من المطلوب ولا المتوقع من قادة الحكم في دمشق أن يعلنوا الآن الحرب على الاحتلال الإسرائيلي، فالظروف والأولويات تُحتّم عليهم التركيز على وحدة سوريا، وانتقال معقول للسلطة، وعودة المهجَّرين، وإيجاد الحد الأدنى للظروف الموضوعية للنهوض، في بلد منهار منهوب مُدمَّر. ولكن قيادة الحكم الجديد في سوريا يسَعُها الآن:
1- أن تدين العدوان الصهيوني على أراضيها وسيادتها وشعبها، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه العدوان، وأن تدعو المجتمع الدولي ومؤسساته لإدانة الممارسات الصهيونية ووقفها.
2- أن تعلن موقفها الثابت والراسخ تجاه القدس وفلسطين، وفي دعم فلسطين وشعبها ومقاومتها، وحقها في تحرير أرضها ومقدساتها وعودة لاجئيها، وفي إدانة العدوان الصهيوني على قطاع غزة وفلسطين، والمطالبة بوقف العدوان ورفع الحصار.
3- أن ترفض التطبيع مع العدو الصهيوني، وأن تؤكد الانسجام مع إرادة الشعب السوري والأمة العربية والإسلامية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه.
هذه المواقف ستزيد من التفاف الشعب السوري حول الحكومة الجديدة، وستكون رافعة لها في الأمة العربية والإسلامية، وستقطع الألسن والطريق على المرجفين والمتشككين في الثورة السورية وأجندتها وولاءاتها. ولا يظنّن بعض المتخوفين من أبناء الثورة أن صمتهم أو تهميشهم لقضية فلسطين في هذه المرحلة سيخدمهم؛ بل إن ذلك لن يُغيّر من واقع التآمر الإسرائيلي الأمريكي الغربي والبيئات العربية المطبِّعة عليهم؛ ولكنه سيأكل من رصيدهم الشعبي ومصداقيتهم، وسيفتح المجال للقوى المتربصة لاستغلال ذلك لتشويههم وإفشالهم.