عربي21:
2025-03-17@13:46:57 GMT

سقط المخلوع.. ودقت ساعة العمل

تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT

بعد سقوط نظام الطاغية المخلوع بشار، تكون قد دقت ساعة العمل لتسجل لحظة فارقة يجري الانتقال فيها من (الثورة إلى الدولة) وهي الصفحة التالية في التغيير الأكثر أهمية وتعقيداً بل وخطورة على الثورة، ولابد أن المعارضة قد تأملت في هذه الصفحة وفكرت ودبرت.

تحديات متنوعة وكثيرة ستواجه الثورة منذ اليوم الأول وهي تمارس السلطة بحرية لكن يبقى التحدي الأبلغ في تصوري هو (أمن الثورة وتحصينها)، ولابد أن يحظى بالأولوية القصوى وقبل الانغماس في تفاصيل تحسين الخدمات أو إدارة الدولة.

يتراوح تحصين الثورة بين توفير الحماية الذاتية الصارمة لقيادة المعارضة من جهة، وحصر رموز وقيادات النظام البائد (او لنقل من بقي منها داخل سوريا بعد الهروب الكبير إلى روسيا ودول الجوار !!) وإحكام السيطرة عليها ووضعها تحت المراقبة الدقيقة وتحديد الموقف منها ومراجعة ملفاتها، ومن ثبت تورطه بجرائم يقدم للقضاء، ومن لا تهمة عليه يبقى قيد المراقبة حتى تستقر الأوضاع وتتمكن المعارضة.

وعند النظر بالتحدي الأمني، تبرز قضية الجيش والأجهزة الأمنية والبحث عن افضل الطرق في التعامل مع أفرادها ومنتسبيها، آخذين بنظر الاعتبار ان المؤسستين ما عادتا وطنيتين بل أصبحتا بمرور الوقت العمود الفقري لنظام قمعي فاسد ساهمتا في تكريس النظام البائد على مدى عقود من الزمن، وإذا كانت الضرورة تقتضي الشطب على الأجهزة الأمنية والمخابرات، وإعادة بنائها من القاع على أسس جديدة، فإن معالجة ملف الجيش يمكن أن تتم من خلال إعادة هيكلية المؤسسة العسكرية باستبعاد القيادات نزولا حتى مستوى الكتيبة أو الفوج باستثناء المتورطين منهم، ويجري التعويض عنها بالضباط المنشقين في الجيش الوطني السوري، مع ضرورة تأهيل بقية الضباط والمراتب بشكل تدريجي. في كل الأحوال يجب استبعاد نموذج بريمر سيئ الصيت والقاضي بحل الجيش وإعادة تشكيله كما حصل بعد غزو العراق 2003.

وهنا تجدر الإشارة إلى ظاهرة اختفاء أزلام المخلوع من مختلف القيادات ومنها الجيش والمخابرات والأمن بالطبع وبشكل مفاجئ وشامل، وهو ما يدعو للشك والقلق، لهذا لابد من فريق عمل يتابع هذا الملف بعناية تامة.

إلى جانب ذلك، يستدعي تحصين الثورة ضبط تصرفات وسلوك الأفراد الموالين الذين لابد أن اختيارهم جرى على أساس من الحس الأمني والانضباط الذاتي وحسن التصرف ودقة التنفيذ وسرعة التحرك، آخذين بنظر الاعتبار أن عيون العالم مفتوحة ترصد كل تجاوز أو خطأ وتلاحق وربما تضخم وتفضح بدون رحمة … ولكل طرف أغراضه وغاياته.

لكن الشعب الذي ابتلي بإدارة فاشلة فاسدة على مدى عقود من الزمن، فإن كلّ ما ينتظره بعد أن يكون قد تنفس نسائم الحرية لأول مرة بعد 54 سنة من الحرمان، تغيير ملموس في قطاع الخدمات ومستوى المعيشة، وهو التحدي الأكبر التالي الذي سيواجه الثورة، وحسناً فعلت أنها استدعت الموظفين وطلبت منهم العودة إلى وظائفهم كما استعجلت الأمر في تشكيل حكومة مؤقتة على مدى ثلاثة اشهر، وباشرت في معالجة الاختناقات الحادة ووجه القصور في خدمات الكهرباء والصحة، واعتقد جازما أن خزينا من خبرات التكنوقراط السوريين المغتربين سيجد حلولا مناسبة وعاجلة لتحسين الخدمات، كما أن من المتوقع ان يبادر العالم بتقديم يد العون والمساعدة، وكانت دولة قطر كالعادة سبّاقة في هذا المجال، حيث وجّه سمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بتسيير جسر جوي للمواد الإغاثية والصحية إلى سوريا على عجل، يترافق ذلك مع الموقف النبيل للدولة الذي انفرد دون العالم بالاعتراف بشرعية المعارضة والإبقاء على سفارتها وعلمها ذي الثلاثة نجوم ومنذ انطلاق الثورة 2011، يرفرف عاليا في سماء الدوحة.

الاعتناء بالماكينة الإعلامية ربما يشكل تحديا خطرا آخر، والأطراف المعادية ستنشط دون شك في شيطنة الثورة وتشويه مقاصدها وتضخيم أخطاء أفرادها حتى العفوية منها … ولابد من فريق مهني متخصص يتجهز لهذه المهمة مدعوما بخبراء بالحرب النفسية لتنوير الرأي العام بالحقائق وتحصينه من الشائعات والبروبغندا المسمومة.

من جهة أخرى، لابد أن تولي الثورة عناية خاصة بالدبلوماسية والعلاقات الخارجية وتنشّط جهاز الوزارة وتعمل عاجلاً على إعادة هيكلية السلك الدبلوماسي، من اجل أن تستعيد سوريا مكانتها اللائقة دوليا ويحظى النظام الجديد بتفهم ودعم وتأييد المجتمع الدولي.

التحديات لا شك كثيرة، ولابد من الانتباه ان العناصر التي يمكن ان تشكل تهديداً حقيقياً للثورة تتراوح بين: الطابور الخامس، الدولة العميقة، التدخل الخارجي، والإعلام المضاد …. وسوء التقدير.

نكتب ذلك وننصح به، إذ من المتوقع، ان النظام البائد وجميع المتضررين من الثورة والمتحفظين عليها، مهما تنوعت مشاربهم وغاياتهم بدأوا بالحرب على الثورة منذ 8 ديسمبر الماضي يوم تحرير سوريا، وسيحاولون جاهدين شيطنتها وإشغالها بحروب جانبية تمهيداً لإجهاضها.. لهذا لا مجال والحالة هذه للتراخي أو للعواطف، والحلول الوسط، وسوء التقدير.. والانشغال بقضايا فرعية بدل القضايا الأساسية على سلّم الأولويات، بل يقتضي الحال اليقظة والحذر، والحزم، وإبقاء الأصبع على الزناد وحتى إشعار آخر.. باختصار علينا أن نأخذ بالحكمة القائلة (لا قيمة لحق إن لم تحرسه أنياب وأظافر).

(الشرق القطرية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المعارضة سوريا سوريا الأسد المعارضة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

فنانون ناصروا الثورة السورية منذ بدايتها ودفعوا الثمن راضين

دمشق-سانا

هم ثلة من فناني سوريا في غير اختصاص ومن مختلف مكوناتها، هالهم الإجرام الأسدي بحق المتظاهرين المدنيين والسلميين فانحازوا للثورة السورية منذ أيامها الأولى، ودفعوا ثمن مواقفهم الكثير من غير أن يتراجعوا، فمنهم من قضى ضحية إجرام النظام البائد، ومنهم من تعرض لأذى جسدي أو نفسي هائلين.

في عيد الثورة السورية الرابع عشر نستذكر هؤلاء ونستعيد إرثهم الذي كان تأثيره عظيماً في التعبير عن انتفاضة الشعب السوري، ونقل مجرياتها للعالم، كما يؤكد المخرج والكاتب غسان الجباعي في كتابه “الفن والثورة السورية”، عبر الشعر الشعبي والغناء والرقصات التراثية في ساحات المظاهرات والاعتصامات وطقوس الجنازات واللافتات واللوحات.

ونستذكر اليوم فنان الكاريكاتير العالمي علي فرزات الذي ناصر الثورة وانتقد برسومه ممارسات النظام البائد ورئيسه بحق الشعب السوري، وتلقى جراء ذلك تهديدات عديدة تدعوه للتراجع عن مواقفه ولكنه أبى، فقرر النظام معاقبته بشدة عندما تعرض في صباح يوم 25 آب سنة 2011 إلى اعتداء وحشي نفذه أربعة رجال ملثمين لدى خروجه من نفق ساحة الأمويين باتجاه أوتوستراد المزة حيث بدؤوا بضربه بقسوة وشتمه وهم يقولون “كي تتعلم كيف تتطاول على أسيادك” ثم قاموا بتكسير أصابع يديه بالعصي، وهم يقولون له “سنكسر أصابعك التي ترسم بها” ثم رموه على طريق المطار مضرجاً بدمائه وهم يتوعدونه قائلين “هذه المرة سنكتفي بهذا القدر”.

ومن هؤلاء نستذكر المصور الشاب فرزات يحيى جربان الذي التقط آلاف الصور ومقاطع الفيديو للمظاهرات والاعتصامات في حمص وريفها، ووثق جرائم النظام البائد ضد المدنيين، وصار يبثها لمحطات التلفزة في العالم، فاعتقلته قوات أمن النظام البائد في مدينة القصير قبل أن يجده سكان المدينة في 21 تشرين الثاني 2011 جثة مشوهة ومرمية على الطريق العام، وقد اقتلعت عيناه.

أيقونة الثورة السورية المنشد إبراهيم قاشوش ابن حماة ترك الإنشاد والغناء في حفلات الأعراس والمناسبات ليلتحق بصفوف الثورة، وغنى لها أكثر الأناشيد شعبية التي ذاع صيتها في العالم أجمع وتناقلتها الألسن لبساطتها وسلاسة تعبيرها، فلم يتحمل عقل النظام المجرم أناشيد هذا الشاب ابن الرابعة والثلاثين، فاعتقلته قوات أمن النظام البائد إبان حملة مداهمة للمدينة في مطلع تموز 2011 ثم وجد مقطوع العنق ودون حنجرة في 4 تموز على ضفاف نهر العاصي.

أما المؤلف الموسيقي وعازف البيانو العالمي مالك جندلي الذي ألف للثورة العديد من المقطوعات والسيمفونيات لعل أشهرها سيمفونية الحرية أو “القاشوش” فإن لم يطله إجرام النظام البائد بشكل مباشر فقد طال أغلى الناس عليه وهما والداه العجوزان، عندما اقتحم عليهما بيتهما في حمص في 20 أيلول 2011 ثلاثة من عناصر أمن النظام الأسدي وانهالوا عليهما ضرباً، وهم يقولون لهما “يبدو أنكم لم تعرفوا كيف تربون ابنكم ولا بد أن نعلمكم”.

ومثال تجربة شهادة تشمخ كانت تجربة المخرج تامر العوام ابن السويداء والذي سافر سنة 2008 إلى ألمانيا لدراسة السينما، وعندما انطلقت الثورة السورية في آذار 2011 لم يتردد في الالتحاق بها وترك كل مغريات الإقامة في الغرب الأوروبي حيث واكب الحراك كإعلامي مستخدماً أدوات بسيطة وفي ظروف غاية الخطورة، وقدم فيلمه الأول للثورة بعنوان “ذكريات على الحاجز” الذي يتناول معاناة الناس في إدلب جراء إجرام النظام ثم أنجز فيلماً وثائقياً عن تعذيب النساء السوريات في معتقلات الأمن الأسدي قبل أن يستشهد في حلب جراء قصف النظام البائد وهو يصنع فيلمه الأخير “ذاكرة المكان”.

أما السينمائي والمهندس باسل شحادة فيتفرد بأنه واكب أحداث الثورة السورية في عدة محافظات، لقد آلم هذا المبدع الشاب ما يتعرض له الشعب السوري فترك دراسة السينما في أمريكا وعاد ليلتحق بصفوف الحراك الثوري، وكان من طلائع المشاركين في تنظيم المظاهرات السلمية بدمشق، واعتُقلَ خلال مظاهرة المثقفين بحي الميدان الدمشقي، كما كان من أبرز الموثقين لقصف قوات النظام البائد واجتياحاتها المتكررة لمدينة حمص، وأنتج فيلماً بعنوان “سأعبر غداً” وثق فيه للخطر الذي كان يهدد سكان المدينة أثناء عبورهم الشوارع بسبب قناصة قوات النظام حتى استشهد خلال قصفها لحي الصفصافة في 28 أيار سنة 2012 ودفن حسب وصيته في مدينة ابن الوليد.

هؤلاء الفنانون من بقي منهم ومن رحل لكنهم عبروا بحق عن التحام المثقف مع قضايا الشعب والحرية والإنسان، وأصبحوا أمثولة نستعيدها دائماً ونحن نحيي ذكرى ثورتنا وحكايات أبطالها الذين قدموا كل ما يملكون وأغلى ما لديهم فداء لسوريا الحرية والكرامة.

مقالات مشابهة

  • الأردن: إدامة العمل بمعبر حدود جابر مع سوريا 24 ساعة
  • منظمة حقوقية: النظام المصري يسكت الأصوات المعارضة بتهم فضفاضة
  • الذكرى الرابعة عشر للثورة.. سوريا بدون نظام الأسد
  • بمناسبة الذكرى السنوية لضحايا النظام البائد .. وزير العدل يوجه بإعفاء ذوي الشهداء من أجور الخدمات العدلية تكريماً لتضحياتهم
  • وزير العدل يوجه بإعفاء ذوي الشهداء من أجور الخدمات العدلية
  • أهالي حمص في ذكرى الثورة.. الشعب السوري واحد
  • في ذكراها الـ14.. هذه محطات الثورة السورية من الشرارة الأولى إلى دخول دمشق
  • فنانون ناصروا الثورة السورية منذ بدايتها ودفعوا الثمن راضين
  • لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل تجتمع بمحافظ اللاذقية
  • إجراءات أمنية مشددة في سوريا تزامنا مع إحياء ذكرى الثورة