في أحد أرقى أحياء العاصمة الروسية موسكو، يعيش الرئيس السوري السابق بشار الأسد حياة مترفة، بعد فراره من سوريا في أعقاب انهيار نظامه وسقوط دمشق في أيدي قوات المعارضة. رُصد الأسد في شقة فاخرة، واحدة من 20 شقة يمتلكها في روسيا، وفقًا لتقارير إعلامية دولية. ويُقال إن الشقة تقع في حي يقطنه كبار رجال الدولة السابقون ورجال الأعمال الأثرياء، مما يعكس رفاهية لافتة تتناقض مع مآسي وطنه الذي دُمر بفعل الحرب الأهلية الطويلة.

View this post on Instagram

A post shared by ماركت سوريا ???? Market Syria (@market.syriaa)

مظاهر الرفاهية: منفى بطعم القصور

تتحدث تقارير عن أن الأسد يعيش في شقة مجهزة بأفخم وسائل الراحة، تتضمن طاقمًا خاصًا لخدمته وحراسة مشددة توفرها السلطات الروسية. هذه الحياة التي اختارها الرئيس السابق تأتي بعد خروجه من دمشق في ظل تقدم المعارضة المسلحة التي استطاعت، بدعم من فصائل محلية ودولية، السيطرة على العاصمة السورية. ومع سقوط النظام، أُعلنت نهاية حقبة دامت أكثر من خمسة عقود لحكم عائلة الأسد.

بشار وقرينته ردود فعل ساخطة: "حتى القمر لن يكون ملاذًا"

على وسائل التواصل الاجتماعي، اشتعلت موجة من الانتقادات الساخرة والغاضبة حول حياة الأسد الجديدة في المنفى. تداول النشطاء منشورات تُعلق بتهكم: "حتى لو عاش على القمر، سيبقى مجرد لاجئ هارب، ديكتاتور مخلوع"، بينما كتب آخرون: "المحاكم الدولية في انتظارك، أيها المجرم الكيماوي. أين ستفر من تهم القتل والتعذيب والتهجير القسري لملايين السوريين؟"

الانتقادات التي وجهها الشعب السوري والناشطون لم تكن خالية من الحقائق القاسية؛ فالأسد يواجه اتهامات باستخدام الأسلحة الكيماوية، وارتكاب جرائم حرب شملت قصف المدنيين بالبراميل المتفجرة، إضافة إلى إدارة سجون وُصفت بأنها "مسالخ بشرية".

يوم استثنائي في دمشق: "جمعة النصر"

في غضون ذلك، شهدت دمشق يومًا غير مسبوق، وُصف بأنه استثنائي في تاريخ البلاد، حيث احتشدت جموع غفيرة في ساحة الأمويين للاحتفال بسقوط النظام. جاء هذا الاحتفال بالتزامن مع مظاهر فرح عمت مختلف المناطق والمحافظات السورية.

يوم استثنائي في دمشق

ووفقًا لتقارير إخبارية، تجمع السوريون بعد أداء صلاة الجمعة التي أطلق عليها اسم "جمعة النصر"، بدعوة من أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام. توحدت خطب المساجد في تلك الجمعة حول أهمية بناء سوريا الجديدة، ودعت إلى نبذ الانقسام والعمل من أجل وحدة وطنية.

فرحة وأمل..  وداعًا لحقبة الظلم

كانت ساحة الأمويين مركزًا للمشاهد الرمزية التي عبرت عن الانتصار. الهتافات التي صدحت في الساحة حملت رسائل تؤكد على السيادة الوطنية ووحدة الشعب السوري. كما شارك رئيس الحكومة الانتقالية، محمد البشير، في صلاة الجمعة بالمسجد الأموي، حيث ألقى خطبة دعت إلى التكاتف لبناء مستقبل مشرق لسوريا بعد عقود من القمع والفساد.

وفي الوقت نفسه، عمت الأجواء الاحتفالية مدنًا أخرى مثل إدلب وحلب، حيث رفع المواطنون الأعلام ورددوا شعارات الحرية والكرامة. مشهد الاحتفالات في الداخل السوري كان مختلفًا تمامًا عن حياة الترف التي يعيشها الأسد في موسكو، ما زاد من سخط الشعب السوري وجعل من سقوط النظام لحظة فارقة في تاريخ البلاد.

المرحلة المقبلة..  إعادة بناء الوطن

مع سقوط النظام وبدء الحكومة الانتقالية في ترتيب الأوضاع داخل البلاد، تركز النقاش على إعادة الإعمار وتجاوز مخلفات الحرب. ومع أن السوريين يحتفلون بنهاية نظام الأسد، فإنهم يواجهون تحديات كبيرة في بناء وطن مدمر وإعادة ملايين اللاجئين إلى ديارهم.

من جهة أخرى، تلوح في الأفق احتمالية محاسبة الأسد أمام المحاكم الدولية، حيث تُطالب منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي بمحاكمته على الجرائم المرتكبة خلال سنوات حكمه.

مفارقة السقوط واللجوء

بين حياة الرفاهية التي اختارها الأسد في المنفى وغضب السوريين في الداخل، يبقى سقوطه لحظة فاصلة تضع نهاية لواحدة من أكثر فترات الحكم قمعًا في تاريخ سوريا. وعلى الرغم من مظاهر الترف في منفاه، فإن الأسد سيظل في أعين كثيرين رمزًا للديكتاتورية والهروب من العدالة. في المقابل، يعيش السوريون أملًا جديدًا في وطن حر، يتطلعون فيه إلى إعادة بناء دولتهم واستعادة مكانتها.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: بشار الأسد سقوط النظام المعارضة السورية الحرب الأهلية موسكو المنفى الشقق الفاخرة حي النخبة ردود فعل وسائل التواصل الاجتماعي المحاكم الدولية جرائم الحرب الأسلحة الكيماوية البراميل المتفجرة التهجير القسري ساحة الأمويين جمعة النصر الحكومة الانتقالية وحدة الشعب إعادة الإعمار المستقبل السوري اللاجئون السوريون محاسبة الأسد الثورة السورية حرية سوريا

إقرأ أيضاً:

لماذا تتردد واشنطن في رفع العقوبات عن سوريا بعد سقوط الأسد؟

 

وقال كبير مسؤولي مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية تيم ليندركينغ إن "هناك عقوبات فرضناها على سوريا وقيادتها، وهذه العقوبات لن ترفع بين عشية وضحاها، لن نتعجل كما فعلت بعض البلدان".

وفي حديثه لحلقة (2025/5/1) من برنامج "من واشنطن"، أضاف ليندركينغ "نرى لدى بعض شركائنا تعطشا لإعادة فتح السفارات ورفع الأعلام، لكننا ببساطة لم نصل بعد إلى تلك المرحلة، ونتبع نهجا حذرا في التعامل".

وعلى النقيض من الموقف الأميركي، أعلنت بريطانيا مؤخرا إزالة 12 كيانا سوريا إضافيا من قائمة العقوبات، شملت مؤسسات سيادية مهمة، مثل وزارتي الداخلية والدفاع، وعدة أجهزة أمنية واستخباراتية كانت تعتبر سيئة السمعة خلال حكم عائلة الأسد.

ولم يكن هذا الإجراء البريطاني الأول من نوعه، إذ سبقه إعلان في مارس/آذار الماضي برفع العقوبات عن 24 كيانا سوريا آخر، تمثل قطاعات حيوية كالنقل والطاقة والتعامل المالي، وعلى رأسها المصرف المركزي السوري.

تباين مواقف

وبشأن هذا التباين في المواقف، أوضح مراسل الجزيرة في لندن محمد المدهون، أن وزراء الحكومة البريطانية عبروا بوضوح عن قناعتهم بأن استقرار سوريا يمثل مصلحة بريطانية مباشرة، وأن رفع الكيانات السورية من قائمة العقوبات يستهدف تحقيق هذا الاستقرار الإقليمي وتعزيز الأمن القومي البريطاني.

إعلان

وفي تحليلها للموقف الأميركي، كشفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية السابقة لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، وجود انقسام حاد في الرؤى داخل الإدارة الحالية بشأن التعامل مع سوريا.

وأكدت ليف -في حديثها لـ"من واشنطن"- أن "لأميركا مصلحة في استقرار سوريا"، موضحة أن الخلاف داخل الإدارة الأميركية يدور بين تيارين:

التيار الأول يرى الرئيس أحمد الشرع "إرهابيا" جاء مع "مجموعة إرهابيين"، وأنه لم ولن يتغير. التيار الثاني يدعو إلى اختبار هذه الفرضية والانفتاح على التعامل مع الوضع الجديد.

رؤية الجالية السورية

بدوره، قدم رئيس الشؤون السياسية في المجلس السوري الأميركي، محمد غانم، رؤية من داخل الجالية السورية الأميركية، مشيرا إلى أن الحكومة السورية حققت تقدما ملموسا في تلبية الشروط الأميركية.

وأقر غانم بأن الجانب الأميركي لا يزال ينظر بريبة وشك كبيرين تجاه بعض الشخصيات في النظام الجديد، "لا بسبب سلوكه، لكن بسبب الماضي".

وكشف عن تطور إيجابي في المفاوضات، إذ أشار إلى أن المسؤولين الأميركيين الذي يتولون الملف السوري يدركون أهمية دمشق الإقليمية، وأن المقترح الحالي على طاولة المفاوضات يتمحور حول "تعليق للعقوبات لفترة طويلة" بدلا من النهج السابق القائم على "مقاربة الخطوة بخطوة".

وتصدر مطلب الكشف عن مصير مواطنين أميركيين اختفوا في سوريا قائمة الأولويات في الشروط الأميركية لرفع العقوبات، خصوصا الصحفي أوستن تايس الذي اختفى عام 2012 في أثناء تغطيته للأحداث هناك.

وفي هذا السياق، استضافت الحلقة ديبرا (والدة تايس) التي عبرت عن ثقتها "الكاملة والقوية" بإدارة الرئيس دونالد ترامب، مشيرة إلى أنها تعتقد أن الرئيس ترامب يشعر بأن إعادة أوستن إلى الوطن أمر مهم.

الصادق البديري1/5/2025

مقالات مشابهة

  • عقد دولي لإدارة ميناء اللاذقية.. أول اتفاق استثماري في سوريا بعد سقوط الأسد
  • لماذا تتردد واشنطن في رفع العقوبات عن سوريا بعد سقوط الأسد؟
  • أحمد سعد يشعل مواقع التواصل الاجتماعي بـ التواشيح والابتهالات
  • كيف أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي واجهةً لحبوبٍ مزيفةٍ قاتلة؟.. خبراء يحذرون
  • وثائق تكشف الحلم الإيراني في سوريا: خططٌ سقطت مع رحيل الأسد
  • المبعوث الأممي لسوريا: قلقون إزاء العنف الواقع في دمشق وحمص
  • أردوغان يتهم إسرائيل بنقل نيرانها لسوريا وجنبلاط يوجه نداء للدروز
  • نبش قبر الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد بعد شهور على إحراقه (شاهد)
  • ‏وزير الخارجية السوري: العقوبات على سوريا تضعف قدرة البلاد على منع النزاعات
  • سوريا.. مجهولون ينبشون قبر حافظ الأسد ويسرقون رفاته