انتشار سلالة كوليرا شديدة المقاومة للأدوية في اليمن تثير قلق الأطباء
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
يمن مونيتور/ باريس/ خاص:
كشف علماء من المركز الوطني المرجعي لبكتيريا الكوليرا في معهد باستور، بالتعاون مع المركز الاستشفائي في مايوت، الفرنسيين عن انتشار سلالة شديدة المقاومة للأدوية من الكوليرا بدأت في اليمن وانتشرت إلى لبنان وكينيا.
نُشرت الدراسة في 11 ديسمبر/كانون الأول 2024 في مجلة نيو إنجلاند الطبية .
الكوليرا مرض إسهالي معدي تسببه بكتيريا معينة من نوع ضمة الكوليرا. وفي أشد أشكاله شدة، يعد الكوليرا أحد الأمراض المعدية الأسرع فتكًا: ففي غياب العلاج، قد يموت المرضى في غضون ساعات.
يتضمن العلاج في المقام الأول تعويض الماء والإلكتروليتات المفقودة، ولكن يتم أيضًا استخدام المضادات الحيوية بالإضافة إلى علاج الجفاف. وهي ضرورية لتقليل مدة العدوى وكسر سلاسل انتقال العدوى في أسرع وقت ممكن.
تم التعرف على سلالة مقاومة لعشرة مضادات حيوية – بما في ذلك أزيثروميسين وسيبروفلوكساسين، اثنان من الثلاثة الموصى بها لعلاج الكوليرا – لأول مرة في اليمن أثناء تفشي الكوليرا في عامي 2018 و2019.
تمكن العلماء الآن من تتبع انتشار هذه السلالة من خلال دراسة الجينومات البكتيرية. بعد اليمن، تم التعرف عليها مرة أخرى في لبنان في عام 2022، ثم في كينيا في عام 2023، وأخيرًا في تنزانيا وجزر القمر – بما في ذلك مايوت، وهي مقاطعة فرنسية قبالة الساحل الجنوبي الشرقي لأفريقيا – في عام 2024. بين مارس/آذار ويوليو/تموز 2024، تأثرت جزيرة مايوت بتفشي 221 حالة ناجمة عن هذه السلالة شديدة المقاومة للأدوية.
وتم الإبلاغ عن قرابة 175 ألف حالة إسهال مائي حاد وكوليرا بين مطلع العام وأغسطس/آب 2024عن أكثر من 172,023 حالة إسهال مائي حاد وحالات كوليرا مشتبه بها في اليمن مع 668 حالة وفاة مرتبطة بها وفقاً لبيان أصده يونيسف. وفي المتوسط فقد تم الإبلاغ عن أكثر من 1500 حالة يومياً خلال الأسابيع القليلة الماضية. وفي حين أن عدد الحالات أقل بكثير من حالة تفشي المرض السابقة التي كانت بين عامي 2016 و2021 عندما تم الإبلاغ عن أكثر من 2,5 مليون حالة مشتبه بها و4000 حالة وفاة إلا أنه يخشى أن يتدهور الوضع خلال موسم الأمطار الحالي المستمر في البلاد.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن دراسة سلالة جديدة كوليرا فی الیمن
إقرأ أيضاً:
العدوان الأمريكي على اليمن محاولة فاشلة لكسر إرادة المقاومة وتكبيل إرادة الشعوب الحرة
في خضمِّ صراعٍ وجودي تفرضه قوى الاستكبار العالمي، تَبرُز اليمن كقلبٍ نابضٍ بالعروبة والإسلام، وحصنٌ منيعٌ يُدافع عن قضايا الأمة المُحقة. العدوان الأمريكي المُستمر على اليمن ليس سوى حلقة في سلسلة طويلة من السياسات الاستعمارية التي تهدف إلى إخضاع الشعوب الحرة وإسكات أصواتها التي ترفض الهيمنة والتبعية. فالشعب اليمني، برفضه الانصياع للمشاريع التقسيمية والتبعية، بات هدفاً لآلة الحرب الأمريكية التي تُوظِّف القوة والعنف لفرض أجنداتها، متناسيةً أن دماء الشهداء تُغذي إرادة المقاومة ولا تُخمدها.
اليمن اليوم هو صمود المبادئ في مواجهة آلة الحرب من حيث التمسك بالهوية العروبية والإسلامية، والوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، ليس خياراً سياسياً للشعب اليمني، بل هو مُكونٌ جوهري في ضميره الجمعي. فالقضية الفلسطينية، بما تمثله من عدالةٍ تاريخيةٍ ورمزٍ لصمود الأمة، باتت محوراً لصراعٍ حضاري بين قوى الاستعمار الجديد والشعوب التواقة للتحرر، العدوان الأمريكي على اليمن يأتي كردٍ انتقامي لهذا الموقف الثابت، محاولةً من إدارة واشنطن لمعاقبة شعبٍ يرفض أن يكون أداةً في يد المشروع الصهيو-أمريكي الذي يستهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، وعلى رأسها المسجد الأقصى.
والتاريخ يُعلّمنا أن الشعوب التي ترفض المذلة، وتتخذ من المبادئ درعاً، لا تُهزم. فالقصف الأمريكي، الذي يستهدف المدنيين والعجزة والنساء والأطفال، ليس دليلاً على القوة، بل اعترافاً صارخاً بالعجز عن مواجهة الإرادة الشعبية التي لا تنكسر. إنها سياسةٌ استعماريةٌ مكشوفةٌ، تُعيد إنتاج جرائم القرن العشرين تحت شعارات زائفة، كـ”مكافحة الإرهاب” أو “حماية المصالح”، بينما جوهرها إبادةُ كل مَن يقف في وجه التطبيع مع الكيان الصهيوني أو يرفض التخلي عن فلسطين.
وبما أن إدارة ترامب تمثل عجز القوة وعَتَه الاستكبار ولا يُخفي عدوانُ إدارة ترامب على اليمن سوى حقيقةٍ واحدة: أن “العنف” أداةُ الضعفاء، فالإدارة الأمريكية، التي تتصرف كشرطي عالمي مُتغطرس، تحاول تعويض فشلها في كسب القلوب والعقول بالصواريخ والدمار، إن استهداف المدنيين اليمنيين، وتجويعهم، وتدمير بنيتهم التحتية، هو جريمة حرب بكل المعايير الدولية، لكنه أيضاً دليلٌ على أن واشنطن فقدت أدواتها الناعمة في السيطرة على الشعوب، بعد أن انكشفت أكاذيبها وقِصر نظر سياستها الخارجية الفاشلة.
هذه الإدارة، التي ترفع شعار “أمريكا أولاً”، تنسى أن الشعوب الحرة ترفض أن تكون “أمريكا آخراً” في سلم أولوياتها، فالشعب اليمني، كغيره من شعوب المنطقة، يرى في الدعم الأمريكي المطلق للكيان الصهيوني، وفي صمت الغرب عن جرائمه، دليلاً على ازدواجية المعايير التي تشرعن العدوان تحت مسميات حقوق الإنسان والديمقراطية.
والمعلوم أن شعار المقاومة طريق النصر أو الاستشهاد نرى أن رسالة اليمن إلى العالم واضحة لن يكون هناك استسلام، فكل قطرة دم تُراق، وكل طفلٍ يُشرد، وكل بيتٍ يُدمر، هو وقودٌ لإرادة شعبٍ يعرف أن معركته مع العدوان هي معركة كرامة.
إن دعم فلسطين ليس شعاراً يُرفع، بل التزامٌ عملي يُترجم بالتضحية بالغالي والنفيس، فكما انتصرت فيتنام على أعتى آلات الحرب الأمريكية، وكما انتزع لبنان احترامه بهزيمة “إسرائيل” في 2006، ستُكتب نهاية هذا العدوان بإذن الله، وسيبقى اليمن منارةً للمقاومة.
اليوم، يُصادر الغربُ صوتَ الحقيقة حين يُصنف المقاومة “إرهاباً”، لكنه ينسى أن القانون الدولي نفسه وُلد من رحم مقاومة الشعوب للاستعمار. فالمقاومة اليمنية، هي ردٌّ شرعي على عدوان خارجي، وحقٌ طبيعي يكفله ميثاق الأمم المتحدة. أما ما تسميه أمريكا “إرهاباً”، فهو في حقيقته رفضٌ لوصاية الخارج، ودفاعٌ عن الأرض والعرض.
وأخيراً العدوان الأمريكي على اليمن لن يُثني الشعب اليمني عن دعم فلسطين، ولن يُعيد تشكيل وعيه، بل سيزيده تمسكاً بثوابته. فالشعوب التي تخوض معارك التحرر لا تموت، بل تنتصر أو تستشهد، واليمن، برغم الحصار والدمار، يُرسل رسالةً إلى الأمة: أن طريق القدس يمرّ عبر صنعاء، وأن هزيمة المشروع الصهيو-أمريكي تبدأ بإفشال عدوانه على اليمن.
إننا في عصرٍ تُعاد فيه كتابة التاريخ بأيدي الشعوب، لا بأسلحة المستكبرين. فكما عملت وقدمت وجاهدت المقاومة الإسلامية لإسقاط مشاريع التقسيم والتبعية في العراق وسوريا ولبنان، سيسقط هذا العدوان، وسيبقى اليمن شامخاً، شاهقاً بصموده، ناطقاً باسم كل الأحرار في العالم: “لا للهيمنة.. لا للاستسلام.. والنصر لإرادة الشعوب”.
كاتبة سورية