بعض من مفردات سياسة الغرب والعرب
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
في علم السياسة وفنها هناك أمور عجيبة لا تتفق مع مكارم الأخلاق والمبادئ والقيم، فمثلا الإنسان السوي لا يمكن أن يجمع بين المتضادات، الكذب والصدق، الصح والغلط، لأن ذلك لا يتناسب مع الفطرة والسلوك الإنساني، لكن في السياسة من الممكن أن يجمع سياسيو الغرب بين الأمر ونقيضه والنقائض المتعددة.
يتمتع سياسيو الغرب وخاصة قيادات الإمبراطوريات العظمى بمهارات عالية تتفوق على قدرات كثير من الممثلين، حيث يمارسون هذه الأساليب ويتدربون عليها حتى أن الواحد منهم يستطيع أن يدمع بعين ويمارس الغمز واللمز بالأخرى؛ يستطيعون التأوه والتألم والضحك والسخرية في آن معاً، فمثلا المتحدث باسم البيت الأبيض لا يحضرني اسمه حينما سُئل عن حرب روسيا وأوكرانيا، ذرفت دموعه على الضحايا من النساء والأطفال الذين أبادهم بوتين رغم أن المشاهد الحصرية التي يسمح بها الإعلام الغربي وينقلها صهاينة العرب ويقوم بنشرها تضامنا، تظهر أن الجيش الروسي اكثر تخصصا في استهداف عناصر ومعدات الجيش الأوكراني ولا يستهدف النساء والأطفال؛ وحينما سُئل عن جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني في غزة ولبنان والآن سوريا أجاب: من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، وأضاف ليس هناك مدنيون في غزة وهو يدرك انه كاذب في جوابه، فهناك اكثر من مليونين من النساء والأطفال والشيوخ محاصرون من جميع الاتجاهات .
مفارقة عجيبة وغريبة تستعصي على الفهم والإدراك، فقتل الروس المقاتلين الأوكرانيين لا يجوز ويعد من قبيل قتل النساء والأطفال، أما من يتفنن الإجرام الصهيوني في إبادتهم من النساء والأطفال والشيوخ في غزة ولبنان جائز بل واجب وليسوا بأبرياء.
يشجب ويندد بتوسع الجيش الروسي في أوكرانيا وحينما يتعلق الأمر باستمرار احتلال الكيان الصهيوني لمرتفعات الجولان-قبل سقوط الأسد أما الآن فقد تجاوزت قواته الخط العازل الذي رسمته وتوسعت إلى أقصى مدى، قال مبرراً ذلك إن هناك مصلحة استراتيجية لحماية الأمن القومي الإسرائيلي، بمعنى أنه مباح؛ فالحرام على روسيا في أوكرانيا حلال للإجرام الصهيوني على الأراضي العربية المحتلة في فلسطين ولبنان وسوريا، لأنهم عرب ومسلمون وأولئك يهود ونصارى.
ولا يختلف الأمر في سياسة الشرق عنه في الغرب إلا ما ندر وأيضا لا يختلف الأمر من كبار الساسة إلى صغارهم وهي سياسة الكيل بمكيالين، فمثلا الرئيس الأمريكي يبارك كل قرارات المحكمة الجنائية الدولية ضد العرب والمسلمين، فقد بارك وأيد قرار اعتقال الرئيس السوداني السابق عمر البشير لمحاكمته على الجرائم التي ارتكبتها عناصر الدعم السريع المدعومة من دول الخليج عموما والإمارات خصوصا، لكنه في ذات الوقت يهدد المحكمة، لأنها أصدرت قرار اعتقال نتنياهو ووزير دفاعه السابق جالانت ويصل الأمر بالتلويح بفرض العقوبات عليها إذا لم تتراجع بعد أن فشلت واشنطن في إثنائها عن ذلك .
المحكمة الجنائية تعرضت لضغوطات كبيرة حتى أنها قصرت مذكرة الاعتقال على نتنياهو ووزير دفاعه السابق لا سواهما، مع أن جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة ولبنان والآن سوريا، تستوجب المسؤولية الجماعية عنها ، فهي محصلة لاتفاق جميع المسؤولين عن السلطة، حتى أن المعارضة شريكة فيها بالتحريض والإعانة، فكيف تم الاقتصار على مجرمين اثنين من بين الآلاف الذين يقومون بذلك وأولهم رئيس الكيان الذي يقوم بالتوقيع على القنابل والصواريخ قبل استهداف المستشفيات والمباني السكنية وتتحرك الطائرات لتلقي بها على رؤوس الأبرياء والعزل من النساء والأطفال في قطاع غزة.
معظم زعماء وملوك العرب والمسلمين يمارسون تلك الأساليب، لأنهم تعلموا منهم أو تربوا على أخلاقهم، بالإضافة إلى انهم يعتمدون سياسات متعددة مع شعوبهم تتسم بالبطش والتنكيل ضد المعارضين لهم، فلا حوار ولا تفاهم بل السجون يدخلونهم ولذلك فمعظم الكفاءات العلمية تهاجر هربا من بطش الأنظمة العربية والإسلامية؛ الديمقراطية ممنوعة والاستبداد والطغيان هو المسموح بدعم ومباركة النظام العالمي بشقيه الرأسمالي والاشتراكي وما بينهما ولا يتدخل إلا إذا تم المساس بأذرعه في داخل تلك الأنظمة، فهنا يتم التباكي على الديمقراطية وحقوق الإنسان.
كانت الإمبراطورية الإنجليزية من الدول المعارضة لعقوبة الإعدام وتحاول جمع الدول على رأيها وذات يوم تستيقظ رئيسه الوزراء على صوت ضوضاء في منزلها بسبب تسلل لص إلى منزلها غفلة عن الحراس، وهنا صاحت أين عقوبة الإعدام تحمينا من اللصوص ، وتراجعت عن موقفها، لكنها تناست موقف إمبراطورتيها العظمى التي جمعت لصوص العالم من شتى أصقاع الأرض وسلمت لهم أرض فلسطين وأباحت لهم ممارسة جرائم الإبادة وأحلت لهم بالتعاون مع الحلف الصهيوني الصليبي طرد سكان فلسطين، وبجهود الجميع تم تحويل المجني عليه إلى مجرم وإرهابي واجب الخلاص منه دفاعا عن النفس وأما القاتل والمجرم فواجب حمايته ورعايته والقيام معه بكل أنواع الدعم .
سفيرة بريطانيا لدى مجلس الأمن حينما عرض قرار وقف إطلاق النار في غزة، ربطت بين إنهاء الحرب ورفع الحصار وإطلاق سراح (أسرى الحرب) الذين وصفتهم بالرهائن، فقد أباحت قتل وإبادة أكثر من مليوني إنسان بمصير مائة إلى مائة وخمسين من الصهاينة المجرمين المتعطشين للدماء.
أما الصفاقة والانحطاط فقد بلغا لدى سفير كيان الإجرام حدا يفوق الوصف، حيث وصف القرار بأنه بمثابة الخيانة.
وبينما ينشغل السوريون في ترتيب شؤونهم استغل العدو الصهيوني ذلك ليحتل المزيد من الأراضي السورية وقصف المنشآت الحيوية والقدرات العسكرية حتى لا ينتفع بها السوريون، صحيح أن النظام السابق سقط، لكن بقيت سوريا بشموخها وكبريائها وتاريخها العظيم وإذا كان البعض قد أبدى تخوفه من بعد سقوط النظام ووجود آخرين في سدة الحكم خاصه أن سوريا كانت تشكل رافدا مهما لمحور المقاومة، فإن المؤشرات الناطقة تؤكد أن مسارعة الكيان الصهيوني في عدوانه واستهدافه لكل القدرات الاستراتيجية العسكرية وغيرها بسبب أنه غير واثق من العلاقة مع تلك القوى ولذلك يعمل جاهدا مع الأمريكان على تصفية تلك القدرات .
أما الارتياح الذي أبداه نتنياهو والمسارعة للاستيلاء على المزيد من أرض الجولان والمنطقة العازلة، فإن ذلك يوجب على كل القوى الوطنية السورية أن تستجمع الشتات وتوحد القدرات وتحمي تلك المكتسبات، لأنها ملك للشعب السوري وواجب عليها أيضا أن تغلب المصلحة الوطنية على المصالح الأخرى.
وإذا كان الاستعمار يريد أن يستغل الفوضى في تحقيق نصر استراتيجي من خلال تحرك الذراع الصهيوني لصالح أجندات الغرب، فمعلوم أن ذلك لم يكن ليحدث لولا الدعم والإسناد اللا محدود من صهاينة العرب وصهاينة الغرب على حد سواء، لأن سوريا كانت ومازالت تشكل كابوساً مزعجاً وستظل كذلك وعلى جميع القوى والفصائل أن توحد جهودها وتلملم شتاتها وتستفيد من الأحداث خاصة أن هناك من يرغب بتكرار سيناريوهات ما حدث في العراق وهو أمر سيشكل خسارة كبيرة للأمتين العربية والإسلامية ويتناقض مع توجيهات القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى((واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فالف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته أخوانا وكنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون))آل عمران-103 .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
وزير الحرب الصهيوني: باقون في سوريا طوال فصل الشتاء
الثورة / متابعات
أصدر وزير الحرب الصهيوني المدعو يسرائيل كاتس أمس الأوامر للجيش الصهيوني “للاستعداد للبقاء” طوال فصل الشتاء في المنطقة العازلة بين سوريا والدولة العبرية في هضبة الجولان الاستراتيجية المحتلة.
وبعد ساعات من انهيار نظام الرئيس بشار الأسد إثر وصول الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام إلى دمشق الأحد، استولى الكيان الصهيوني الذي احتلّ الجزء الأكبر من هضبة الجولان خلال حرب 1967، على المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح.
ومذاك، يشنّ جيش الإحتلال مئات الضربات الجوية والبحرية على منشآت عسكرية في سوريا استهدفت مخزونات الأسلحة الكيميائية والدفاعات الجوية على السواء خشية وقوعها بين أيدي الفصائل المسلحة كما يزعم مسؤولوه.
وتوغلت القوات الصهيونية في المنطقة العازلة في وقت يواصل فيه الجيش سحب جنوده من جنوب لبنان بعد وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نهاية نوفمبر الماضي بعد شهرين على بدء الحرب المفتوحة مع حزب الله اللبناني . في المقابل يستمر العدوان الصهيوني على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.
وقال ما يسمى وزير الدفاع الإسرائيلي في بيان الجمعة “بسبب الوضع في سوريا، من الأهمية بمكان من الناحية الأمنية الإبقاء على وجودنا على قمة جبل حرمون ويجب بذل كل الجهود لضمان جهوزية (الجيش) في المكان للسماح للجنود بالبقاء في هذا المكان رغم ظروف الطقس الصعبة”.
والخميس، قال مكتب رئيس الوزراء حكومة الاحتلال الإرهابي بنيامين نتنياهو إن انهيار حكم الأسد أحدث “فراغا عند حدود إسرائيل وفي المنطقة العازلة”، مشددا على أن وجود القوات «الإسرائيلية» في المنطقة التي استولت عليها الأحد مؤقت، في انتظار استتباب الأمن عند الحدود بين إسرائيل وسوريا. على حد قوله
وأثار احتلال الكيان الصهيوني للمنطقة العازلة انتقادات دولية واسعة النطاق، بما في ذلك من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي دعا الخميس “جميع الأطراف إلى وضع حد للوجود غير المسموح به في المنطقة العازلة، والامتناع عن أي فعل من شأنه تقويض وقف إطلاق النار واستقرار الجولان”.
وترى الأمم المتحدة في سيطرة الجيش «الإسرائيلي» على المنطقة العازلة على تخوم هضبة الجولان السورية المحتلة “انتهاكا” لاتفاق فض الاشتباك العائد إلى العام 1974.
ودعت الولايات المتحدة حليفتها «إسرائيل» إلى أن تكون سيطرتها على المنطقة “مؤقتة”.
وتوقّع الخبير الجيوستراتيجي مايكل هورويتز أن تكون مدّة انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة “رهنا باستقرار النظام السوري الجديد ونواياه”.
وقال في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إنه بالرغم من الرسائل التوفيقية التي توجّهها الإدارة السورية الجديدة للجميع، بما في ذلك إزاء الدولة العبرية، “لا أظنّ ان إسرائيل مستعدّة للمجازفة بعد السابع من أكتوبر”.
وأضاف “أرى أن الميل للبقاء في الجزء السوري من جبل حرمون، حتّى على المدى الطويل، سيكون قويّا جدّا في ظلّ الفوضى الراهنة وتشكيلة الحكومة الإسرائيلية” التي تضمّ اليمين المتطرّف.