موقع 24:
2024-09-30@18:20:55 GMT

السودان.. مشهد أسود وحلول غائبة

تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT

السودان.. مشهد أسود وحلول غائبة

تتفاقم الأزمة الإنسانية والصحية في السودان مع دخول الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شهره الخامس، حيث يواجه ملايين السودانيين خطر المجاعة والأوبئة، فضلاً عن مخاطر السيول والفيضانات مع اقتراب فصل الخريف، الذي يصاحبه عادة هطول غزير للأمطار في السودان.

وبحسب الأمم المتحدة يعاني السكان في الداخل من نفاد الغذاء ويموت بعضهم بسبب غياب الرعاية الصحية، كما أن تمدد الصراع وتعقده يجعل من الصعوبة إنقاذ الموسم الزراعي في السودان.

إحصائيات كارثية وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن الحرب تسببت في فرار مليون و17 ألفاً و449 شخصاً من السودان إلى الدول المجاورة خلال الأشهر الأربعة الماضية، في حين يُقدر عدد النازحين داخل السودان بثلاثة ملايين و433 ألفاً و25 شخصاً.

الأمم المتحدة: الوضع في #السودان "يخرج عن السيطرة"

https://t.co/ag5Zi8q5ld

— 24.ae (@20fourMedia) August 15, 2023

ويواجه الملايين الذين بقوا في الخرطوم ومدن بمنطقتي دارفور وكردفان عمليات نهب على نطاق واسع، وانقطاعات طويلة الأمد للكهرباء والاتصالات والمياه، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل ما يزيد على أربعة آلاف شخص.

كما تشير إلى أن الأمطار الموسمية، التي تزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه، دمرت منازل ما يصل إلى 13500 شخص أو ألحقت أضراراً بها.

كارثة بيئية

في اتصال مع 24 يقول الناشط في المجال الإنساني والحقوقي بكر عثمان، إن "هناك أرقاماً كارثية عن انتشار الملاريا والتيفوئيد والحصبة والإسهال المائي واليرقان، مشيراً إلى أن هذه الكوارث لم تتسبب بها الحرب وحدها، بل انعدام البنية التحتية الصحية والبيئية وغياب والإرادة الحكومية القوية لمواجهة هذه الأزمات منذ عشرات السنين".

وأضاف أن "صحة البيئة مهددة بسبب القمامة التي لا يتم جمعها في القرى والمدن الكبيرة، وأن الذباب والبعوض والناقلات لهذه الأمراض، قد تجعل حصيلة المصابين بهذه الأمراض كارثية".

#السودان.. 4 أشهر من القتال بدون أفق

https://t.co/jXaAcAMKCr

— 24.ae (@20fourMedia) August 11, 2023

وقال عثمان إن "الحرب مندلعة في سبع ولايات أساسية، خمس منها في دارفور (جنوب وغرب وشرق ووسط وشمال)، وولاية شمال كردفان والعاصمة الخرطوم، والمرشح أن تكون هناك كارثة بيئية فيها بشكل أكبر، حتى أن الأجهزة الحكومية العاملة في المجال البيئي معطلة بسبب النزاع المسلح".

ويشير  الناشط الحقوقي إلى أن "الجثامين الملقاة في الشوارع منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، والتي لم يتسن جمعها تحللت ونتج عنها أمراض ستفاقم من هذه الكارثة البيئية، والأمراض المنقولة".

وأوضح عثمان أن "العاصمة الخرطوم التي يسكنها 11 مليون سوداني يمثلون نحو ربع سكان الدولة، تحولت إلى مكب نفايات ضخم جداً"، مشيراً إلى أن "المنظمات الدولية تحاول جاهدة تلافي هذا الخطر لكن جهدها ليس كافياً، لأن الانتشار الأفقي والجغرافي كبير وهذا سيمهد لانتشار الأوبئة، إضافة إلى أن كل المؤسسات المعنية بالصحة لا تعمل بطاقتها القصوى، ما يفاقم الوضع سوءاً".

مجاعة محققة وبحسب منظمة "أنقذوا الأطفال"، فإن الصراع في السودان يهدد بجعل 1.5 مليون طفل فريسة للجوع بحلول سبتمبر (أيلول)، كما أن هناك ثمانية ملايين طفل يعانون من الجوع حالياً في البلاد.

منظمة دولية: الجوع يهدد ملايين الأطفال في #السودان https://t.co/3dXrx5Tzj7

— 24.ae (@20fourMedia) August 15, 2023

ويشير الناشط عثمان، إلى أن "أكثر من 34% من مجمل السكان بالسودان مهددون بالمجاعة، لافتاً إلى أن هناك نذر مجاعة بادية".

ويقول لـ24: "منظمة الزراعة التابعة للأمم المتحدة تتحرك لمحاولة إنقاذ الموسم الزراعي بعد أن بدأ بداية متخبطة، ولم يستعد المزارعون والحكومة للاستفادة من الأمطار باعتبار أن معظم الزراعة في السودان زراعة مطرية".

وأضاف الناشط الحقوقي "الأمن الغذائي في السودان سيكون في خطر بالغ، والسيناريو الحتمي هو وقوع مجاعة ستكون الأخطر في تاريخ السودان الحديث"، مشيراً إلى أن "السودان شهد مجاعة عام 1988 وأخرى في التسعينيات".

وتابع: "البنك الزراعي لا يعمل بالطاقة القصوى لدعم المزارعين، والأسعار أصبحت مرتفعة للوقود والماكينات الزراعية، وهذه تسبب مشكلة كبيرة، وأتوقع أن الحكومة السودانية ستوجه نداء لجميع المنظمات والدول لمحاولة دعمها في توفير الغذاء للسودانيين، لكن لا أتوقع أن تستطيع المنظمات الدولية والإغاثية أن تغطي الفجوة الكبيرة في الأمن الغذائي".

وأوضح أن "المجاعة جغرافياً ستكون مركزة في ولايات دارفور الخمسة، وفي ولاية جنوب وغرب كردفان وولاية الخرطوم، والقضارف وهي 8 ولايات من أصل 18 ولاية سودانية".

ولفت عثمان إلى أن "الغضارف منطقة زراعية كبيرة وكذلك دارفور"، مشيراً إلى أن "النزاع في دارفور تعقد وتوسع، والموسم الزراعي هناك سيكون ضئيلاً بسبب انعدام الأمن بشكل تام".

عقدة سياسية

من جهته وفي حديث لـ 24 يرى الخبير بالشؤون الإفريقية رمضان قرني، أن "جميع المؤشرات والدلائل تشير إلى أن الصراع لن ينتهي قريباً، على الرغم من جميع المعطيات الكارثية بشأن الأوضاع الصحية والإنسانية والاقتصادية للسودانيين".

وقال قرني إن "تحليل مجريات العملية السياسية في السودان يكشف عن اتجاه الصراع للمعادلة الصفرية، ومن يتابع الخطاب السياسي للطرفين يجد تمسك كل طرف بمواقفه، وحرص كل طرف على الحصول على أعلى درجة من المكاسب السياسية والأمنية والاقتصادية".

وأضاف "ذهبت الأمور نحو حالة التأزيم التي نحن بصددها حالياً، وأخطر ما في الأمر الوضع الإنساني والصحي والاقتصادي والمعيشي، بل إن الأخطر الحديث عن جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي بدرجة كبيرة، إذ أوصلت الأزمة المجتمع السوداني ليصبح مجتمعاً من المهاجرين واللاجئين والنازحين".

3 مسارات دبلوماسية

وحول مستقبل المبادرات التي انطلقت بشأن إنهاء الأزمة، قال الخبير في الشؤون الإفريقية، إن "لدينا ثلاثة مسارات دبلوماسية للتعامل مع الأزمة، مسار جدة ومسار القاهرة ومسار إيغاد"، مشيراً إلى أن "كل مسار منها يشمل نقاطاً إيجابية، لكنه يصطدم بتعنت الجانبين من جهة، وبعض الإجراءات التنفيذية المتعلقة بمقترحات ومخرجات كل مسار".

وأشار قرني إلى أن "هذه المسارات انضم إليها مسار أوروبي"، وقال إنه "تضمن نصوصاً مهمة، مثل الوقف الفوري للقتال والحديث عن الفصل بين القوات بوساطة مراقبة دولية إقليمية، وتحدث عن إرسال قوات إقليمية ودمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة للدولة، والدعوة للدخول في عملية سياسية شاملة".

ويختم قرني حديثه بالقول إنه " على الرغم من وجاهة بعض ما جاء في هذه المبادرة، إلا أنها أيضاً قوبلت برفض من الجيش وقوات الدعم السريع، وبالتالي نحن أمام تعدد في المسارات والواقع يقول إن القضية الأهم على الأرض وقف العمليات العسكرية ودخول المساعدات الإنسانية، وضمان السلامة للمواطنين في ظل العنف المستمر".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أحداث السودان فی السودان إلى أن

إقرأ أيضاً:

لا للحرب- شعار انقضى عهده وتجاوزته القوى المدنية والفصائل، وحتمية السلام هي الأبقى

شعار "لا للحرب" يعكس موقفًا محوريًا في الخطاب السياسي بالسودان، لكنه يُفسّر ويُقدّم بشكل مختلف بين القوى المدنية والعسكريين. كل فصيل حزبي أو تيار سياسي يضفي رؤيته الخاصة على هذا الشعار، وفقًا لأجندته وموقفه من الصراع. هنا تحليل لمضمون الخطاب لكل فصيل:
القوى المدنية
القوى المدنية في السودان، خاصة تلك التي تشمل قوى الحرية والتغيير والجماعات الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني، تستخدم شعار "لا للحرب" لتعزيز رؤيتها لحل النزاعات بطريقة سلمية ورفض العنف كوسيلة لحسم الصراعات السياسية. مضمون خطابهم يدور حول:
الحل السلمي والتفاوض: القوى المدنية ترى أن الحروب والصراعات المسلحة تزيد من تعقيد الأزمات ولا تحقق الاستقرار. لذا، تدعو إلى مفاوضات شاملة تشمل جميع الأطراف، وترى أن الحوار هو السبيل الوحيد لتحقيق التغيير والإصلاح.
دولة القانون والديمقراطية: تركز القوى المدنية على ضرورة بناء دولة مدنية قائمة على سيادة القانون والعدالة الانتقالية، وتعتبر أن إنهاء الحرب هو خطوة ضرورية لإعادة بناء المؤسسات الديمقراطية في السودان.
رفض التدخل العسكري في السياسة: القوى المدنية تستغل هذا الشعار لرفض سيطرة العسكريين على السلطة، حيث تعتبر أن استمرار الحروب يُستخدم كذريعة من قبل العسكريين للبقاء في السلطة وتأجيل الانتقال الديمقراطي.
حماية المدنيين الشعار يحمل دعوة لحماية المدنيين من ويلات الحروب والنزاعات المسلحة، خاصة في مناطق النزاع مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث تعاني المجتمعات المحلية من التداعيات الكارثية للصراعات.
العسكريون
العسكريون، سواء من القوات المسلحة السودانية أو الدعم السريع، لديهم مقاربة مختلفة لشعار "لا للحرب". في معظم الأحيان، يعتبرون الحروب جزءًا من استراتيجيتهم لحماية الأمن القومي أو المحافظة على الوحدة الوطنية. مضمون خطابهم يعكس:
الأمن والاستقرار العسكريون يرون أن الحروب أحيانًا ضرورية للحفاظ على الأمن والاستقرار، خاصة في مواجهة التهديدات الأمنية من الحركات المسلحة أو الجماعات المتمردة. شعار "لا للحرب" قد يتم تفسيره في سياق استتباب الأمن من خلال "الحسم العسكري".
الحفاظ على السيادة خطاب العسكريين يتحدث عن أهمية الحفاظ على سيادة الدولة السودانية ووحدة أراضيها، وأن الحرب أداة مشروعة في حال تهديدات داخلية أو خارجية تمس السيادة.
مكافحة الإرهاب والتمرد يستخدم العسكريون الحرب كوسيلة لمكافحة ما يعتبرونه "تمردًا" أو "إرهابًا"، ويشددون على أن الحفاظ على السودان يحتاج إلى قوة عسكرية فاعلة تتصدى لمثل هذه التهديدات.
دور الجيش كضامن للوحدة الوطنية كثير من العسكريين ينظرون إلى الجيش على أنه المؤسسة الوحيدة القادرة على ضمان وحدة السودان، ويعتبرون أن الحروب أداة لتأمين هذه الوحدة. في خطابهم، هناك إشارة إلى أنهم "لا يرغبون في الحرب" لكنهم مستعدون لخوضها إذا لزم الأمر لحماية السودان من التفكك أو الفوضى.
مواقف الفصائل الحزبية
الأحزاب اليسارية والتقدمية (مثل الحزب الشيوعي) تتبنى موقفًا رافضًا للحروب تمامًا، وتعتبرها استمرارًا لنظام الهيمنة العسكرية. خطاب هذه الأحزاب يؤكد على الحاجة للسلام العادل والشامل من خلال الحلول السياسية والمفاوضات، ويرفضون بشدة استخدام القوة في حل النزاعات الداخلية.
الأحزاب القومية والإسلامية (مثل المؤتمر الوطني وحركة الإصلاح الآن): تدافع أحيانًا عن استخدام القوة المسلحة كأداة لحماية الدولة من "التمرد" أو "الفوضى". قد تتبنى موقفًا أقل وضوحًا بشأن شعار "لا للحرب"، لكنها تركز على ضرورة وجود جيش قوي لحماية وحدة الدولة ضد التهديدات، مع الإشارة إلى أن الحروب فرضت عليهم.
الحركات المسلحة (مثل حركة تحرير السودان والحركة الشعبية): هذه الحركات تتبنى خطابًا مزدوجًا. من جهة، تدعو إلى "لا للحرب" وترى أن السلام هو الحل الأمثل، لكنها ترى في حمل السلاح ضرورة لمواجهة ما تصفه بالظلم والتهميش. لذا، خطابهم غالبًا ما يكون مرتبطًا بشروط سياسية لتحقيق السلام، منها العدالة والمساواة.
التحليل العام
التباين الأيديولوجي كل فصيل يستخدم شعار "لا للحرب" وفقًا لأيديولوجيته وقراءته للواقع. القوى المدنية تميل إلى تبني الشعار بمعناه الحرفي لتعزيز الحوار والديمقراطية، بينما العسكريون وبعض الحركات المسلحة قد يتبنون موقفًا أكثر براغماتية، حيث يرون الحرب كأداة لتحقيق السلام بشروطهم.
تأثير الجمهور شعار "لا للحرب" يُستخدم من كل فصيل للتأثير على الشارع السوداني وكسب تعاطف الجماهير. القوى المدنية تستهدف الفئات المتعلمة والشباب والناشطين، بينما العسكريون يوجهون خطابهم إلى الفئات التي ترى في الجيش ضمانة للأمن.
الصراع بين المدنية والعسكرية يتجلى في الشعار الانقسام الواضح بين الرؤية المدنية التي تطالب بتغيير جذري وسلمي وبين الرؤية العسكرية التي تسعى إلى الحفاظ على النظام والاستقرار من خلال الحسم والقوة.
شعار "لا للحرب" يتخذ معانٍ مختلفة بين القوى المدنية والعسكريين في السودان. القوى المدنية تراه كدعوة لإنهاء العنف وتعزيز التحول الديمقراطي، بينما العسكريون يرونه كوسيلة لتحقيق الأمن والاستقرار في ظل التهديدات المستمرة.
هل تجاوز الوضع علي الأرض هذا الخطاب السياسي والشعار
نعم، يبدو أن الوضع على الأرض في السودان قد تجاوز في كثير من الأحيان الخطاب السياسي والشعارات مثل "لا للحرب". على الرغم من أن هذا الشعار يعكس نوايا السلام والرفض للعنف، إلا أن الأحداث الميدانية وتطورات الصراع السوداني تجاوزت هذا الخطاب، لأسباب عدة، منها:
التصعيد العسكري المستمر
على الأرض، يستمر الصراع المسلح بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع، إضافة إلى النزاعات في مناطق أخرى. الحرب لم تعد مجرد وسيلة للحفاظ على السلطة أو فرض الهيمنة السياسية، بل أصبحت جزءًا معقدًا من الصراع الذي يشمل عوامل إقليمية، قبلية، وسياسية. الأحداث العسكرية المتكررة والمعارك العنيفة تجاوزت الشعارات السلمية، حيث أصبحت الحلول السياسية بعيدة المنال في ظل غياب الإرادة الحقيقية للتفاوض ووقف إطلاق النار.
التأثير الإنساني الكارثي
الأوضاع الإنسانية الكارثية في مناطق النزاع، خاصة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، جعلت شعار "لا للحرب" يبدو غير واقعي، حيث يعيش الملايين تحت تهديد القتل والنزوح والمجاعة. تطور الوضع ليصبح قضية وجودية بالنسبة للمدنيين، الذين يعانون من انعدام الأمن والاحتياجات الأساسية، بينما تظل القوى السياسية والمسلحة مشغولة بمعاركها.
تداخل المصالح الإقليمية والدولية
الوضع في السودان أصبح معقدًا بشكل كبير نتيجة لتدخلات قوى إقليمية ودولية تدعم مختلف الأطراف. هذه التدخلات تزيد من تعقيد الأزمة، حيث أن الجهات الخارجية قد تكون لديها مصالح لا تتماشى مع إنهاء الحرب أو تسوية النزاعات سلمياً. هذا التأثير الخارجي أدى إلى زيادة عسكرة الصراع وجعله أكبر من مجرد خطاب سياسي داخلي.
ضعف المؤسسات السياسية والمدنية
في ظل الانهيار المستمر للدولة السودانية ومؤسساتها، يبدو أن الخطاب السياسي المدني، الذي يدعو إلى السلام والديمقراطية، أصبح أقل فعالية. القوى السياسية المدنية تواجه تحديات كبيرة في ظل ضعفها أمام قوة العسكريين والجماعات المسلحة. ما يزيد من تعقيد الوضع هو عدم قدرة هذه القوى على فرض نفوذها أو التأثير الفعلي على الأطراف العسكرية لوقف القتال أو الدخول في حوار جدي.
تفكك التحالفات السياسية
التحالفات السياسية التي كانت تقف وراء شعار "لا للحرب"، مثل قوى الحرية والتغيير، تآكلت بشكل كبير مع مرور الوقت. انقسامات هذه القوى وتحالفاتها المتغيرة أثرت على فعاليتها في الضغط من أجل السلام، مما جعل شعار "لا للحرب" يفقد زخمًا سياسيًا، خاصة مع عدم وجود تحالف قوي ومستدام يدعمه.
تغير المزاج الشعبي
مع استمرار الحرب وتزايد معاناة الشعب السوداني، تغير المزاج الشعبي تجاه الشعارات السياسية. المدنيون الذين كانوا يدعمون "لا للحرب" أصبحوا أكثر تشاؤمًا وانهزامًا في ظل غياب نتائج ملموسة. بالنسبة للكثيرين، لم يعد الشعار يعكس واقعهم اليومي من الخوف والجوع والنزوح، بل أصبح يُنظر إليه كجزء من الخطاب النخبوي الذي لا يرتبط مباشرة بحياتهم المأساوية على الأرض.
التحول من السياسة إلى البقاء
الأوضاع على الأرض دفعت العديد من السودانيين للتركيز على البقاء بدلاً من القضايا السياسية الكبرى مثل السلام أو الديمقراطية. في ظل غياب الأمن وانتشار الفوضى، أصبح الكثيرون مشغولين بتأمين حياتهم اليومية والبحث عن ملاذ آمن بدلاً من المشاركة في النقاش السياسي.
الوضع على الأرض في السودان تجاوز بكثير خطاب "لا للحرب" الذي تتبناه القوى السياسية والمدنية. في ظل التصعيد العسكري المستمر، وتفاقم الأوضاع الإنسانية، وتداخل المصالح الإقليمية والدولية، وغياب الحلول السياسية الفعالة، أصبح الصراع أعمق وأكثر تعقيدًا من أن يحل بشعار سياسي. يتطلب الأمر تحركات أكبر من مجرد شعارات، تشمل وقفًا حقيقيًا لإطلاق النار، وضغطًا دوليًا جادًا، وحوارًا سياسيًا يشمل جميع الأطراف لتحقيق السلام المستدام
الأوضاع العسكرية المتفاقمة على الأرض في السودان، إلى جانب التشابكات الإقليمية والدولية، قد جعلت من شعارات مثل "لا للحرب" تبدو أحيانًا غير واقعية في ظل الظروف الراهنة. على الرغم من أهمية هذا الشعار في الخطاب السياسي المدني، فإن الواقع الميداني يعكس تجاوزًا لهذا الخطاب. عدة عوامل ساهمت في هذا التجاوز
التصعيد العسكري استمرار العمليات العسكرية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى جانب النزاعات في مناطق أخرى مثل دارفور وكردفان والنيل الأزرق، يجعل السلمية تبدو بعيدة المنال.
الحرب باتت أداة لتحقيق السيطرة السياسية، مما يقلل من فرص تطبيق الحلول السياسية.
الأوضاع الإنسانية الحرب أدت إلى كارثة إنسانية، مع معاناة الملايين من النزوح والجوع وانعدام الأمن. شعار "لا للحرب" رغم نُبله، أصبح لا يعبر عن الواقع اليومي للمدنيين الذين يواجهون تحديات وجودية.
التدخلات الإقليمية والدولية المصالح الخارجية تزيد من تعقيد الصراع السوداني، حيث تدعم بعض القوى أطرافًا معينة في الصراع. هذه التدخلات تمنع حدوث تسوية سلمية سريعة، وتعزز عسكرة الصراع.
ضعف المؤسسات السياسية والمدنية القوى المدنية تفتقر إلى القدرة الفعلية للضغط من أجل السلام أو تحقيق أي تقدم ملموس في المفاوضات السياسية، مما يقلل من فعالية خطابها.
تحول المزاج الشعبي المدنيون الذين كانوا يأملون في تحقيق السلام عبر الحوار أصبحوا يشعرون بالتشاؤم واليأس بسبب طول أمد الصراع وانعدام الحلول الواقعية.
التحول من السياسة إلى البقاء مع تزايد الأزمات، انصب تركيز الكثير من المواطنين على البقاء، مما جعل الخطاب السياسي حول السلام يبدو أقل إلحاحًا مقارنة بالصراع من أجل الحياة اليومية.
بناءً على هذه العوامل، يبدو أن الصراع في السودان دخل مرحلة تتجاوز فيها الشعارات السياسية البسيطة مثل "لا للحرب"، وأصبح يتطلب حلولًا أعمق تتضمن وقف إطلاق النار، مشاركة شاملة للأطراف المتصارعة، وضغطًا دوليًا فعالًا من أجل إنهاء الأزمة.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • مني أركو مناوي: سقوط ولايات دارفور إهانة وطنية وعيب على الدولة
  • حاكم إقليم دارفور: جهات دولية دفعت الدعم السريع للسعي لامتلاك السودان بالقوة
  • الحرب والفيضانات والأوبئة.. ثالوث ينهش جسد السودان
  • الحرب والفيضانات والأوبئة.. ثالوث ينهش جسد السودان (تقرير)
  • تجمع تحرير السودان: مؤامرة دولية إقليمية محلية لتقسيم السودان
  • الخارجية الكندية: متضامنون مع شعب لبنان المتضرر من هذا الصراع وملتزمون بتزويدهم بالمساعدة الإنسانية التي يحتاجون إليها
  • شبكة أطباء السودان: «18» قتيل حصيلة قصف الدعم السريع للفاشر اليومين الماضيين
  • لا للحرب- شعار انقضى عهده وتجاوزته القوى المدنية والفصائل، وحتمية السلام هي الأبقى
  • سمير عثمان: هناك ضربة جزاء لم تحتسب للوحدة أمام النصر.. فيديو
  • السودان: حرب منسية تهدد بكارثة إنسانية ومجاعة غير مسبوقة