تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشف تحقيق أجرته مبادرة «ذا دوكيت- The Docket» التابعة لمؤسسة كلونى للعدالة تناولت فيه الشبكات الدولية المسئولة عن نهب الآلاف من الآثار القديمة وتهريبها من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنّ تجارة هذه القطع الأثرية المسروقة تموّل جرائم الحرب والإرهاب. وبالنسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية فى بلاد العراق والشام «داعش»، فقد أصبحت الآثار القديمة أحد أبرز مصادر التمويل، إلى جانب النفط والمطالبات بالفدية.

وقد عملت المجموعات المسلّحة، بما فى ذلك داعش، على إضفاء الطابع المؤسساتى على عملية نهب الآثار القديمة باعتبارها أشبه بسلاح حرب ومصدر هام للتمويل، الأمر الذى سمح بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم دولية. ويهدف التحقيق الذى قامت به مبادرة «ذا دوكيت» إلى تفكيك هذه الشبكات الإجرامية وسَوْق المهرّبين، كما التجّار الأوروبيين والشمال أميركيين المنخرطين فى تجارة الآثار القديمة فى مناطق الصراع، إلى العدالة.

قالت آنيا نيستات، المديرة القانونية لمبادرة «ذا دوكيت»: «غالبًا ما يتمّ التغاضى عن نهب الآثار باعتباره جريمةً لا يقع أحد ضحيتها، ولكنّ النهب أبعد من ذلك بكثير». وأضافت: أنّ نهب القطع الأثرية الثقافية أمر مدمّر من الناحيتين الجسدية والاجتماعية، كما أنّ مبيعات الآثار من مناطق الصراع تتيح للمجموعات المسلّحة تمويل الصراع والإرهاب والجرائم الأخرى المرتكبة ضدّ المدنيين.

قامت مبادرة «ذا دوكيت» فى سياق التحقيق بإجراء مقابلاتٍ مع المئات من الشهود، بما فى ذلك الخبراء فى علم الآثار الشرعى وأخصّائيو التراث الثقافى والصحفيون والمسئولون عن إنفاذ القوانين، وصنّاع السياسات والأكاديميون إضافةً إلى الضحايا من المجتمعات المحلية المتأثّرة بالنهب والمهرّبون المتورّطون فى تجارة الآثار القديمة. وقد قاد فريق العمل بعثاتٍ ميدانيةً عدة فى مواقع مختلفة فى سوريا، والعراق، ولبنان. واقترنت هذه التحقيقات الميدانية بأبحاثٍ شاملةٍ، بما فى ذلك تحاليل الصور الفضائية، والإعلام الاجتماعي، ومراجعات لمئات المنشورات الأكاديمية التى تغطّى كلّ جانب من جوانب تجارة الآثار غير المشروعة.

تصل الآثار المنهوبة من سوريا، والعراق، وليبيا واليمن إلى الأسواق الغربية عبر شبكات دولية معقدة تشمل المهرّبين والتجّار والوسطاء والسماسرة عبر دول شمال أفريقيا، وبعض دول الشرق الأوسط، وآسيا وأوروبا الشرقية والقرن الأفريقي. ومن خلال اتباع هذه الطرق، تمكنت «ذا دوكيت» من جمع المعلومات التى تبيّن الروابط بين أبرز تجار الآثار العاملين فى أوروبا وشمال أمريكا والآثار التى تمّ الاستيلاء عليها فى مناطق الصراع.

اقتفت «ذا دوكيت» أثر التجّار فى الفترة التى استحوذوا فيها على الآثار، وكانت التجارة بالقطع الناشئة من بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا محظورةً بصريح العبارة «فى حالة العراق أو سوريا بموجب قرارات مجلس الأمن» على أساس أنّها تعتبر منهوبةً من قبل الإرهابيين والمجموعات المسلّحة الفاعلة فى تلك الدول وأنّها تسهم فى تمويل تلك المجموعات. ولا بد من أنهم كانوا على وعيٍ أيضًا بالجرائم الواسعة الانتشار المرتكبة على يد داعش بما أنّ الإعلام كان يتولّى تغطيتها والإبلاغ عنها يوميًا، كما كانت تنشر من قبل إعلام داعش نفسها. وتمّ الكشف على نطاقٍ واسعٍ أيضًا عن الانتهاكات المرتكبة على يد المجموعات المسلّحة غير المنتمية للدولة أيضًا. وبالرغم من أنّ التجّار كانوا محطّ رصد واهتمام من قبل سلطات إنفاذ القوانين فى دول مختلفةٍ، وطيلة عقود من الزمن، إلاّ أنّ التحقيقات لم تسفر إلاّ عن عقوبات خفيفة أو غرامات على خلفية تهم مخالفات الجمارك أو الاحتيال أو تزوير الوثائق. وفى حين تمّ الاستيلاء على قطع عديدة وإعادتها إلى الدول التى نُهبت منها، ما زال التجّار مستمرّين فى أعمالهم بلا حسيبٍ أو رقيبٍ.

وقد قامت مبادرة «ذا دوكيت» بتزويد وكالات إنفاذ القوانين ذات الصلة فى أوروبا والولايات المتحدة بالأدلة والتحليلات القانونية التى تمّ جمعها أثناء هذا التحقيق. ومن شأن ذلك أن يتيح لهذه الوكالات ملاحقة تجاّر الآثار على خلفية تهمٍ أشدّ خطورة عند اللزوم. ويمكن أن تشمل التهم الاشتراك فى جرائم حرب وتمويل الإرهاب.

وبالرغم من أنّ نهب الآثار ظاهرة ليست بالحديثة العهد، إلاّ أنها وصلت على مرّ العقد الماضى إلى حدّ لم يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية؛ ويعزى ذلك بشكلٍ أساسى إلى الصراعات المستمرّة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفى وقتٍ تتفاوت فيه تقديرات الإيرادات التى تجنيها المجموعات المسلّحة من أعمال النهب، إلاّ ّأنّ معظم الباحثين يتفقون على أنّ الآثار المنهوبة قد باتت مصدر تمويل بملايين الدولارات للجهات الإرهابية، وتموّل بدورها عملية شراء الأسلحة واستقطاب أفراد جدد، وصيانة مرافق الاحتجاز وغير ذلك من الأنشطة التى تسمح للمجموعات المسلّحة بممارسة أعمالها. وقامت مبادرة "ذا دوكيت" بجمع المعلومات حول أكثر من ٣٠٠ حادثة نهب فى كلّ من سوريا، والعراق، وليبيا واليمن خلال الصراعات الأخيرة، وتقريبًا نسبة الثلثين منها تتناول أعمال نهب القطع الأثرية الثقافية. وفى معظم الحالات، تمكنت "ذا دوكيت" من تحديد المجموعات المسلّحة التى كانت تقوم بمراقبة المواقع فى الوقت الذى وقعت فيه أعمال النهب. وفى هذا السياق، علّقت نايستات بقولها: «ستستمرّ أعمال النهب فى تمويل أنشطة المجموعات الإرهابية طالما هناك سوق دولية للآثار غير المشروعة ينشط فيها التجّار فى ظلّ إفلاتٍ تامّ من العقاب.. وحدها الملاحقات الجنائية من شأنها أن تكشف العلاقة بين التجار وجرائم الحرب والإرهاب، وهى التى ستضع حدًّا للأعمال غير القانونية، وتمنع المزيد من النهب وتدمير التراث الثقافي، وتوفير الجبر اللازم للمجموعات المتأثّرة».

وتدعو مبادرة «ذا دوكيت» وكالات إنفاذ القوانين فى بلدان الأسواق المعنية إلى قيادة تحقيقات وملاحقة تجّار الآثار حين تتوفّر أدلة على تورّطهم فى جرائم حرب وتمويل الإرهاب. ويجب أن تحظى هذه الوكالات بدعم السلطات الوطنية فى دول المنشأ والعبور، والوكالات الدولية مثل الإنتربول واليوروبول ومنظمة الجمارك العالمية، وغيرها.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: سرقة الأثار داعش الآثار القدیمة إنفاذ القوانین القطع الأثریة الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

سقطرى.. جزيرة التاريخ والأساطير الساحرة

أبوظبي (الاتحاد) 

أخبار ذات صلة «أبوظبي للغة العربية».. باقة فعاليات مجتمعية خلال شهر القراءة الوطني واشنطن تعلن مقتل العديد من قادة «الحوثيين» وتؤكد استمرار الضربات

صدر عن مشروع كلمة للترجمة، بمركز أبوظبي للغة العربية، كتاب «سقطرى – جزيرة الجن والأساطير» للكاتب والرحالة الإسباني جوردي استيفا، وترجمة الدكتور طلعت شاهين.
ينتمي كتاب سقطرى من مؤلفات أدب الرحلات، وفي هذا الكتاب يحكي المؤلف والرحالة الإسباني، تفصيلاً رحلته لجزيرة سقطرى في اليمن، والتي تقع بين المحيط الهندي وبحر العرب. والذي يصفها المؤلف في العنوان الفرعي لكتابه، بأنها جزيرة الجن والأساطير.
قام المؤلف بخمس رحلات للجزيرة ما بين عامي 2005 و2011، سجل من خلالها ملاحظاته وقصصه التي نشرها في هذا الكتاب، وصنع فيلماً تسجيلياً مهماً بعنوان (سقطرى.. جزيرة الجن)، إضافة إلى مئات الصور الفوتوغرافية الفريدة التي تسجّل هذا الواقع الأسطوري الذي بدأت تهب عليه رياح التغيير. فيسلط المؤلف الضوء على تلك الجزيرة الغامضة والساحرة أو المسحورة على حد قوله، ليضعها مجدداً على خريطة الواقع المعاصر، إنه يرسم بكلماته خريطتها البشرية وتضاريسها الجغرافية، وعادات سكانها القدامى.
وقد قسّم المؤلف رحلته إلى عناوين جذابة، على هيئة أربعة وعشرين قصة مترابطة ومسلسلة، تصف الجزيرة والمعتقدات السائدة عنها، وأهم المعالم والمواقع بها، وأشهر الأشجار والنباتات التي تنمو فيها، والأساطير التي تدور حول الجزيرة.
وأكد المؤلف من خلال رحلته أن الجزيرة لا تزال بكراً، وأن عزلتها جعلتها تحتفظ بمواردها الطبيعية من نباتات وحيوانات، وبحياة أهلها التقليدية، فهي لا تزال منعزلة عن العالم، لم تطلها يد التغيير، لها عاداتها الخاصة ولغتها الخاصة وموقعها المتفرد، ورغم أن السنوات الأخيرة قد شهدت تواصلاً بين أهل الجزيرة والعالم المتقدم، إلا أن الجزيرة لا تزال تحتفظ بخصوصيتها وهويتها.
ويذكر في حكاياته عن الجزيرة أن سقطرى هي موطن طائر الرخ الأسطوري، الذي ورد ذكره في حكايات ألف ليلة وليلة ورحلات السندباد البحري، وأساطير زيوس، ويذكر الثعابين المجنحة التي تحمي أشجار البخور، وإلى جانب الأساطير، يستعرض المؤلف عالماً من السحر في تلك الجزيرة.
 ويستعرض المؤلف بعض الأحداث التاريخية التي مرت بالجزيرة. وذكر الرحالة بعض الأساطير عن الجزيرة، ومنها أسطورة (الصبار السقطري) الذي كان اليونانيون يجلونه كثيراً لنجاحه في شفاء جروح الحروب، فقيل إن الإسكندر الأكبر بتشجيع من أرسطو، قام بغزو الجزيرة للحصول على الصبار.
وسرد المؤلف تفاصيل رحلته في جزيرة سقطرى، والأحداث التي تعرض لها أثناء الرحلة، ووصف الجبال وأشكالها والصخور والأشجار والطيور والأنهار والبحيرات.  
 ثم عرض المؤلف لحكاية السندباد البحري، والتي ذكرت في كتاب ألف ليلة وليلة، وقصته مع جزيرة سقطرى وطائر الرخ والذي يسمونه في سقطرى (البشوش)، والثعابين العملاقة.

مقالات مشابهة

  • رهام سلامة: الأزهر الشريف بريء من جرائم إسرائيل.. ونحارب التطرف الديني
  • سقطرى.. جزيرة التاريخ والأساطير الساحرة
  • الانحرافات الفكرية لدى الجماعات المتطرفة وسبل علاجها في ندوة بجامعة كفر الشيخ
  • تكريم «تريندز» بجائزة المؤسسة الرائدة في مكافحة التطرف
  • نيوكاسل يصنع التاريخ ويُتوج بكأس الرابطة الإنكليزية على حساب ليفربول
  • كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» بـذور التطـرف ( 2)
  • محسن صالح يكشف احتياجات الأهلي في الموسم الجديد
  • طاهر محمد طاهر يواصل الغياب عن الأهلي أمام إنبى
  • إنجاز جديد.. الأمم المتحدة تختار مصر لتنفيذ مبادرة وقائية عالمية للأطفال |فيديو
  • تريندز يُكرَّم بجائزة المؤسسة الرائدة في مكافحة التطرف