حرق التاريخ فى نار التطرف.. مبادرة عالمية تحذر: القطع الأثرية المنهوبة تسهم فى تمويل الإرهاب
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشف تحقيق أجرته مبادرة «ذا دوكيت- The Docket» التابعة لمؤسسة كلونى للعدالة تناولت فيه الشبكات الدولية المسئولة عن نهب الآلاف من الآثار القديمة وتهريبها من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنّ تجارة هذه القطع الأثرية المسروقة تموّل جرائم الحرب والإرهاب. وبالنسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية فى بلاد العراق والشام «داعش»، فقد أصبحت الآثار القديمة أحد أبرز مصادر التمويل، إلى جانب النفط والمطالبات بالفدية.
وقد عملت المجموعات المسلّحة، بما فى ذلك داعش، على إضفاء الطابع المؤسساتى على عملية نهب الآثار القديمة باعتبارها أشبه بسلاح حرب ومصدر هام للتمويل، الأمر الذى سمح بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم دولية. ويهدف التحقيق الذى قامت به مبادرة «ذا دوكيت» إلى تفكيك هذه الشبكات الإجرامية وسَوْق المهرّبين، كما التجّار الأوروبيين والشمال أميركيين المنخرطين فى تجارة الآثار القديمة فى مناطق الصراع، إلى العدالة.
قالت آنيا نيستات، المديرة القانونية لمبادرة «ذا دوكيت»: «غالبًا ما يتمّ التغاضى عن نهب الآثار باعتباره جريمةً لا يقع أحد ضحيتها، ولكنّ النهب أبعد من ذلك بكثير». وأضافت: أنّ نهب القطع الأثرية الثقافية أمر مدمّر من الناحيتين الجسدية والاجتماعية، كما أنّ مبيعات الآثار من مناطق الصراع تتيح للمجموعات المسلّحة تمويل الصراع والإرهاب والجرائم الأخرى المرتكبة ضدّ المدنيين.
قامت مبادرة «ذا دوكيت» فى سياق التحقيق بإجراء مقابلاتٍ مع المئات من الشهود، بما فى ذلك الخبراء فى علم الآثار الشرعى وأخصّائيو التراث الثقافى والصحفيون والمسئولون عن إنفاذ القوانين، وصنّاع السياسات والأكاديميون إضافةً إلى الضحايا من المجتمعات المحلية المتأثّرة بالنهب والمهرّبون المتورّطون فى تجارة الآثار القديمة. وقد قاد فريق العمل بعثاتٍ ميدانيةً عدة فى مواقع مختلفة فى سوريا، والعراق، ولبنان. واقترنت هذه التحقيقات الميدانية بأبحاثٍ شاملةٍ، بما فى ذلك تحاليل الصور الفضائية، والإعلام الاجتماعي، ومراجعات لمئات المنشورات الأكاديمية التى تغطّى كلّ جانب من جوانب تجارة الآثار غير المشروعة.
تصل الآثار المنهوبة من سوريا، والعراق، وليبيا واليمن إلى الأسواق الغربية عبر شبكات دولية معقدة تشمل المهرّبين والتجّار والوسطاء والسماسرة عبر دول شمال أفريقيا، وبعض دول الشرق الأوسط، وآسيا وأوروبا الشرقية والقرن الأفريقي. ومن خلال اتباع هذه الطرق، تمكنت «ذا دوكيت» من جمع المعلومات التى تبيّن الروابط بين أبرز تجار الآثار العاملين فى أوروبا وشمال أمريكا والآثار التى تمّ الاستيلاء عليها فى مناطق الصراع.
اقتفت «ذا دوكيت» أثر التجّار فى الفترة التى استحوذوا فيها على الآثار، وكانت التجارة بالقطع الناشئة من بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا محظورةً بصريح العبارة «فى حالة العراق أو سوريا بموجب قرارات مجلس الأمن» على أساس أنّها تعتبر منهوبةً من قبل الإرهابيين والمجموعات المسلّحة الفاعلة فى تلك الدول وأنّها تسهم فى تمويل تلك المجموعات. ولا بد من أنهم كانوا على وعيٍ أيضًا بالجرائم الواسعة الانتشار المرتكبة على يد داعش بما أنّ الإعلام كان يتولّى تغطيتها والإبلاغ عنها يوميًا، كما كانت تنشر من قبل إعلام داعش نفسها. وتمّ الكشف على نطاقٍ واسعٍ أيضًا عن الانتهاكات المرتكبة على يد المجموعات المسلّحة غير المنتمية للدولة أيضًا. وبالرغم من أنّ التجّار كانوا محطّ رصد واهتمام من قبل سلطات إنفاذ القوانين فى دول مختلفةٍ، وطيلة عقود من الزمن، إلاّ أنّ التحقيقات لم تسفر إلاّ عن عقوبات خفيفة أو غرامات على خلفية تهم مخالفات الجمارك أو الاحتيال أو تزوير الوثائق. وفى حين تمّ الاستيلاء على قطع عديدة وإعادتها إلى الدول التى نُهبت منها، ما زال التجّار مستمرّين فى أعمالهم بلا حسيبٍ أو رقيبٍ.
وقد قامت مبادرة «ذا دوكيت» بتزويد وكالات إنفاذ القوانين ذات الصلة فى أوروبا والولايات المتحدة بالأدلة والتحليلات القانونية التى تمّ جمعها أثناء هذا التحقيق. ومن شأن ذلك أن يتيح لهذه الوكالات ملاحقة تجاّر الآثار على خلفية تهمٍ أشدّ خطورة عند اللزوم. ويمكن أن تشمل التهم الاشتراك فى جرائم حرب وتمويل الإرهاب.
وبالرغم من أنّ نهب الآثار ظاهرة ليست بالحديثة العهد، إلاّ أنها وصلت على مرّ العقد الماضى إلى حدّ لم يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية؛ ويعزى ذلك بشكلٍ أساسى إلى الصراعات المستمرّة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفى وقتٍ تتفاوت فيه تقديرات الإيرادات التى تجنيها المجموعات المسلّحة من أعمال النهب، إلاّ ّأنّ معظم الباحثين يتفقون على أنّ الآثار المنهوبة قد باتت مصدر تمويل بملايين الدولارات للجهات الإرهابية، وتموّل بدورها عملية شراء الأسلحة واستقطاب أفراد جدد، وصيانة مرافق الاحتجاز وغير ذلك من الأنشطة التى تسمح للمجموعات المسلّحة بممارسة أعمالها. وقامت مبادرة "ذا دوكيت" بجمع المعلومات حول أكثر من ٣٠٠ حادثة نهب فى كلّ من سوريا، والعراق، وليبيا واليمن خلال الصراعات الأخيرة، وتقريبًا نسبة الثلثين منها تتناول أعمال نهب القطع الأثرية الثقافية. وفى معظم الحالات، تمكنت "ذا دوكيت" من تحديد المجموعات المسلّحة التى كانت تقوم بمراقبة المواقع فى الوقت الذى وقعت فيه أعمال النهب. وفى هذا السياق، علّقت نايستات بقولها: «ستستمرّ أعمال النهب فى تمويل أنشطة المجموعات الإرهابية طالما هناك سوق دولية للآثار غير المشروعة ينشط فيها التجّار فى ظلّ إفلاتٍ تامّ من العقاب.. وحدها الملاحقات الجنائية من شأنها أن تكشف العلاقة بين التجار وجرائم الحرب والإرهاب، وهى التى ستضع حدًّا للأعمال غير القانونية، وتمنع المزيد من النهب وتدمير التراث الثقافي، وتوفير الجبر اللازم للمجموعات المتأثّرة».
وتدعو مبادرة «ذا دوكيت» وكالات إنفاذ القوانين فى بلدان الأسواق المعنية إلى قيادة تحقيقات وملاحقة تجّار الآثار حين تتوفّر أدلة على تورّطهم فى جرائم حرب وتمويل الإرهاب. ويجب أن تحظى هذه الوكالات بدعم السلطات الوطنية فى دول المنشأ والعبور، والوكالات الدولية مثل الإنتربول واليوروبول ومنظمة الجمارك العالمية، وغيرها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سرقة الأثار داعش الآثار القدیمة إنفاذ القوانین القطع الأثریة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
أمريكا: المغرب يتوفر على استراتيجية شاملة في مكافحة الإرهاب، تعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية والبشرية
سلطت وزارة الخارجية الأمريكية الضوء على استراتيجية المغرب الشاملة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، منوهة بالتزام المملكة بالتعاون على الصعيدين الإقليمي والدولي من أجل التصدي لهذه الآفة وإيديولوجياتها المتطرفة.
وجاء في التقرير السنوي حول الإرهاب في العالم، الذي أصدرته الدبلوماسية الأمريكية، الخميس، أن “الولايات المتحدة والمغرب يربطهما تاريخ عريق من التعاون المتين في مجال مكافحة الإرهاب. فقد واصلت حكومة المغرب استراتيجيتها الشاملة التي تتضمن تدابير اليقظة الأمنية، والتعاون الإقليمي والدولي، وسياسات مكافحة التطرف”.
وسجلت الخارجية الأمريكية، في هذا التقرير، أن الجهود المبذولة في إطار هذه الاستراتيجية الشاملة، التي تعطي “الأولوية للتنمية الاقتصادية والبشرية، فضلا عن مكافحة التطرف”، واصلت خلال سنة 2023 “الحد من خطر الإرهاب”.
وذكر التقرير بأن قوات الأمن المغربية تمكنت خلال السنة الماضية، بتنسيق من وزارة الداخلية، من توقيف 56 شخصا على الأقل، 40 منهم كانوا ينشطون بشكل منفرد، فيما كان 16 على صلة بست خلايا إرهابية مختلفة.
وأبرز المصدر ذاته أن “قوات الأمن المغربية استفادت من تجميع المعلومات الاستخباراتية المتاحة، ومن عمل الشرطة، ومن التعاون مع الشركاء الدوليين، للقيام بعمليات مكافحة الإرهاب”، مستعرضا في هذا الصدد دور المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والذي يعمل تحت إشراف النيابة العامة.
وتطرق التقرير إلى التعاون بين واشنطن والرباط في هذا المجال، مستعرضا مشاركة قوات الأمن المغربية في مجموعة من البرامج التي ترعاها الولايات المتحدة، من أجل تعزيز القدرات التقنية وذات الصلة بالتحقيق، لاسيما في مجال التحقيقات المالية، وتحليل المعلومات الاستخباراتية، والتحليل الجنائي، والأمن الجوي، والأمن السيبراني.
من جانب آخر، سجل تقرير الخارجية الأمريكية أن “أمن الحدود يظل أولوية مطلقة بالنسبة للسلطات المغربية”، مضيفا أن سلطات المطارات المغربية “تتوفر على قدرات ممتازة في كشف الوثائق المزورة”.
وفي ما يتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب، ذكرت الوثيقة بأن المغرب عضو في مجموعة العمل المالي الخاصة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مضيفة أن الهيئة الوطنية للمعلومات المالية عضو في المنتدى الدولي لوحدات المعلومات المالية (إيغمونت).
وأضاف المصدر أنه تم، في فبراير 2023، حذف المغرب من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي (غافي)، مذكرا بأن هذه المجموعة سلطت الضوء على الإصلاحات الرئيسية التي أنجزها المغرب، وتشمل على الخصوص تحسين المراقبة على أساس المخاطر وإقرار عقوبات فعالة ومتناسبة وزجرية في حالة عدم الامتثال.
وبخصوص التزام المملكة في مجال التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب، أشار تقرير الدبلوماسية الأمريكية إلى أن المغرب عضو في التحالف الدولي ضد داعش، ويشارك في رئاسة مجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا، وعضو أيضا في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.
وذكر التقرير بأن المملكة والاتحاد الأوروبي أطلقا، في سنة 2023، مبادرة في إطار المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب بشأن التربية من أجل الوقاية من التطرف العنيف ومكافحته.
وفي ما يتعلق بمكافحة التطرف العنيف، سجلت الخارجية الأمريكية أن المغرب يتوفر على استراتيجية شاملة في المجال، تعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية والبشرية، فضلا عن مكافحة التطرف، مع السهر على تأطير الحقل الديني.
وفي هذا الإطار، أبرز التقرير أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وضعت برنامجا تعليميا موجها لما يقرب من 50 ألف من الأئمة وكذلك لفائدة المرشدات الدينيات.
وأضاف أن معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات بالرباط يسهر، كذلك، على تكوين أئمة ينحدرون على الخصوص من غرب إفريقيا.
بدورها، يضيف المصدر ذاته، “تعمل الرابطة المحمدية للعلماء على التصدي للتطرف المؤدي إلى العنف من خلال إنجاز بحوث جامعية، ومراجعة المناهج التعليمية، وتنظيم أنشطة توعوية للشباب حول المواضيع الدينية والاجتماعية.
ومنذ سنة 2017، استفاد حوالي 300 من نزلاء المؤسسات السجنية من برنامج مكافحة التطرف “مصالحة” الذي تشرف عليه المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بتعاون مع قطاعات وزارية.