المجلس الأعلى للحسابات "يجلد" الحكومة بسبب تعثر الاستراتيجية الطاقية للبلاد
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
كال المجلس الأعلى للحسابات، انتقادات حادة إلى الطريقة التي تعثرت بها الاستراتيجية الطاقية للبلاد التي تمتد إلى 2030. ووجه المجلس في تقريره الذي نشر الجمعة، الملامة إلى المسؤولين الحكوميين المعنيين بتأمين حاجيات البلاد من مواردها الطاقية.
كانت الأهداف الرئيسية للاستراتيجية الطاقية الوطنية 2009- 2030 تتمثل في تأمين الإمدادات وتوفير الطاقة مع تعميم الولوج إليها بأسعار تنافسية، إضافة إلى ضبط الطلب الطاقي والحفاظ على البيئة.
ولمواجهة حالة الاستعجال الناتجة عن نقص في القدرات الكهربائية خلال العقد الأول من الألفية الثانية، اعتمدت الاستراتيجية على المدى القصير المخطط الوطني للإجراءات ذات الأولوية (2013-2009) الذي كان من بين أهدافه ضمان التوازن بين العرض والطلب على الطاقة الكهربائية، وذلك عن طريق تعزيز القدرات الإنتاجية ببناء محطات كهربائية جديدة وتحسين التدابير المتعلقة بالنجاعة الطاقية.
بالإضافة إلى هذا المخطط، تضمنت الاستراتيجية مجموعة من المكونات شملت كلا من قطاعات الكهرباء والطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية والوقود والمحروقات والطاقة النووية والتنقيب عن الهيدروكاربورات والصخور الزيتية والطاقة الحيوية. وقد عرفت هذه المكونات تحقيق إنجازات مهمة مكنت من تعزيز مكانة المغرب في مجال الانتقال الطاقي.
لكن، ما يشير إليه المجلس، لا زالت بعض الجوانب في حاجة إلى تحسين، وترتبط أساسا بحكامة القطاع الطاقي، وبمدى تحقيق الأهداف المحددة لمختلف مكونات هذه الاستراتيجية.
فبخصوص حكامة القطاع، اقتصر التخطيط الطاقي بشكل أساسي على قطاع الكهرباء، حيث تمت بلورة مخططات التجهيز المرتبطة بتوليد ونقل الطاقة الكهربائية، في حين لا تشمل هذه العملية جوانب أخرى مهمة كتأمين الإمدادات والنجاعة الطاقية وتنويع مصادر الطاقة، مما يبرز الحاجة إلى إرساء رؤية شمولية في مجال التخطيط الطاقي.
كما لوحظ عدم انتظام اجتماعات هيئات الحكامة الخاصة بالمؤسسات والمقاولات العمومية بقطاع الطاقة. فعلى سبيل المثال، لم يعقد مجلس إدارة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب سوى خمسة اجتماعات خلال الفترة 2010 2023- من أصل 28 اجتماعا كان يفترض عقدها طبقا للقانون.
وسجل المجلس محدودية اللجوء إلى آلية التعاقد بين الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية لقطاع الطاقة، وذلك رغم القيام بعدة مبادرات في هذا الاتجاه. فمنذ سنة 2008، أي قبيل إطلاق الاستراتيجية، لم يتم إبرام سوى عقدي برامج، وذلك مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، حيث غطى الأول الفترة 2011-2008، وشمل الثاني الفترة 2017-2014.
وعلى صعيد آخر، عرف قطاع الكهرباء، منذ إطلاق الاستراتيجية، انفتاحا تدريجيا أمام القطاع الخاص لإنتاج الكهرباء وتسويقها، لاسيما مع اعتماد القانون رقم 13.09 المتعلق بالطاقات المتجددة. كما تم تعزيز ضبط القطاع، في سنة 2016، إثر اعتماد القانون رقم 48.15 بشأن ضبط قطاع الكهرباء وإنشاء الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء. غير أنه، في المقابل، هناك قطاعات أخرى، ولاسيما الغاز والمنتجات البترولية، بحاجة إلى إنشاء هيئات ضبطية لمواكبتها حتى تصل إلى مستوى عال من التنافسية.
وفي ما يتعلق بالإنجازات المحققة على مستوى مختلف مكونات الاستراتيجية، انتقلت حصة الطاقات المتجددة في القدرة المثبتة من %32 سنة 2009 إلى %40 نهاية سنة 2023. لكنها تبقى دون هدف %42 المحدد لسنة 2020. ويرجع ذلك إلى تأخر إنجاز عدد من المشاريع المتعلقة بإنتاج هذه الطاقات. كما لم يتم الترخيص لعدد من المشاريع التي تقدم بها القطاع الخاص في إطار القانون رقم 13.09 سالف الذكر، وذلك نظرا لنقص القدرة الاستيعابية لشبكة نقل الكهرباء.
وعرف نقل منشآت ومشاريع الطاقة المتجددة من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب إلى وكالة « مازن » تأخرا ملحوظا، حيث إلى غاية متم شتنبر 2024 لم يتم هذا النقل بعد، علما أن القانون رقم 38.16 المعدل والمكمل للظهير المنشئ للمكتب حدد نهاية شتنبر لسنة 2021 كموعد أقصى لهذه العملية.
وتأخر أيضا فصل الأدوار في قطاع الكهرباء، حيث إلى متم شتنبر 2024، لم يتحقق الفصل المحاسبي لأنشطة الإنتاج والنقل والتوزيع للمكتب، كما لم يحدد موعد نهائي لهذا الفصل. وهو وضع من شأنه تأخير تحقيق أحد الأهداف الهامة للقانون رقم 48.15 المتمثل في إنشاء مسير للشبكة الكهربائية الوطنية.
أما في ما يخص الطاقة النووية والطاقة الحيوية، التي اعتمدتهما الاستراتيجية الطاقية الوطنية كخيارين مفتوحين لتعزيز الأمن الطاقي للبلاد، فقد سجل المجلس أنه إلى حدود نهاية سنة 2023، لا يزال تطوير هذين الخيارين في مراحله الأولى.
ومن ناحية أخرى، اعتمدت الاستراتيجية الطاقية الوطنية النجاعة الطاقية كأولوية وطنية، وفي هذا الإطار تم تحضير نسخة أولى للاستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية سنة 2014، ثم نسخة ثانية سنة 2019، لكن لم تتم المصادقة على أي من النسختين، مما أعاق التنفيذ الفعال للتدابير المخطط لها. كما ساهم في محدودية تنفيذ هذه التدابير ضعف موارد التمويل، وتأخر إصدار عدد من النصوص التطبيقية المتعلقة بالقانون رقم 47.09 المتعلق بالنجاعة الطاقية، إضافة إلى عدم وجود إطار تحفيزي قادر على إرساء ثقافة النجاعة الطاقية لدى القطاعات المعنية.
وفي ما يتعلق بقطاع المحروقات، منذ اعتماد الاستراتيجية سنة 2009، ظلت المخزونات الاحتياطية لمختلف المنتجات البترولية دون المستوى المحدد في 60 يوما. فعلى سبيل المثال، في سنة 2023 لم تتعد مخزونات كل من الغازوال والبنزين وغاز البوتان على التوالي 32 و37 و31 يوما. كما سجلت محدودية التقدم المحرز في مجال تنويع نقاط دخول المنتجات البترولية المستوردة، بإضافة نقطة دخول فريدة بميناء طنجة المتوسط منذ إطلاق الاستراتيجية الطاقية الوطنية 2009- 2030.
وفي ما يخص قطاع الغاز الطبيعي، لوحظ عدم استكمال المبادرات المتخذة لتطويره، مما يؤثر على الجهود الرامية إلى التخلي التدريجي عن الفحم في إنتاج الكهرباء، حيث تم إطلاق عدة مبادرات لتطوير قطاع الغاز الطبيعي منذ سنة 2011، إلا أنه لم تتم بلورتها في إطار استراتيجية رسمية.
تبعا لكل هذه التعثرات، أوصى المجلس رئاسة الحكومة بالعمل على بلورة استراتيجية وطنية للنجاعة الطاقية والمصادقة عليها وأجرأتها، وكذا وضع إطار تحفيزي بهدف تشجيع تدابير النجاعة الطاقية.
كما أوصى المجلس الوزارة المكلفة بالانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بوضع إطار تدبيري للقطاع الطاقي يعتمد على برامج عقود بين الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية في القطاع مع الحرص على التنفيذ الأمثل لبنودها. كما دعا المجلس الوزارة ذاتها، في ما يخص قطاع الكهرباء، إلى تسريع مسلسل الإصلاح من خلال الفصل بين أنشطة الإنتاج والنقل والتوزيع، واستكمال إصدار النصوص القانونية المتعلقة بضبط القطاع، ولاسيما تلك الخاصة بإحداث جهة مسيرة لشبكة نقل الكهرباء وتنظيم عملها.
أيضا أوصى الوزارة بإتمام عملية نقل منشآت الطاقات المتجددة من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب إلى وكالة « مازن ».
وأوصى المجلس الوزارة، كذلك، بوضع آليات لتدبير ومراقبة المخزون الاحتياطي لقطاع المحروقات بهدف التخفيف من أثر تقلبات الأسعار في السوق الدولية وانعكاساتها على الأسعار في السوق الوطنية، وكذا بوضع استراتيجية وإطار قانوني مناسب للقطاع الغازي، وذلك بتنسيق مع الأطراف المعنية، قصد تطوير سوق للغاز الطبيعي شفاف وجاذب للاستثمارات.
كلمات دلالية المغرب حسابات حكومة طاقةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المغرب حسابات حكومة طاقة المکتب الوطنی للکهرباء والماء الصالح للشرب قطاع الکهرباء القانون رقم
إقرأ أيضاً:
العدوي تحيل 29 ملفا يتعلق بالفساد على رئيس النيابة العامة تشمل 19 جماعة و3 أقاليم ومجلس جهة
أحال الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض –رئيس النيابة العامة، خلال الفترة ما بين سنة 2023 إلى متم شهر شتنبر 2024 ستة عشر (16) ملفا، وذلك قصد اتخاذ المتعين بشأنها.
وبحسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، نشر الجمعة، يتعلق الأمر بقرائن على أفعال ذات صبغة جنائية مرتبطة بمجالي تنفيذ الصفقات والتعمير أو متعلقة بمنافع شخصية غير مبررة أو بالإدلاء بشواهد مرجعية للولوج لطلبيات العمومية تتضمن معطيات غير صحيحة. وتخص هذه الملفات 11 جماعة ومؤسستين عموميتين ومؤسسة عمومية محلية وشركتين.
أيضا، قامت هيئات المحاكم المالية في مجال مراقبة التسيير وتقييم البرامج والمشاريع العمومية خلال شهري شتنبر وأكتوبر 2024 بتوجيه 13 ملفا بخصوص قرائن على أفعال قد تستوجب عقوبة جنائية إلى النيابة العامة لديها التخاذ المتعين بشأنها. وتتعلق هذه الملفات بثمان جماعات وثلاثة أقاليم وجهة واحدة ومؤسسة عمومية واحدة. ويتعلق الأمر بقرائن على أفعال مرتبطة بالتعمير وبتدبير شؤون الموظفين والأعوان العموميين وبتدبير الصفقات العمومية أو بمنافع شخصية غير مبررة.
ويتستند هذه العملية إلى كون بعض الأفعال التي تكون موضوع متابعات أمام المحاكم المالية قد تندرج أيضا ضمن جرائم الاعتداء على المال العام، نصت المادة 111 من مدونة المحاكم المالية على أن المتابعات أمام المحاكم المالية لا تحول دون ممارسة الدعوى الجنائية.
وطبقا لمقتضيات المادتين 111 و 162 من مدونة المحاكم المالية، يرفع الوكيل العام للملك لدى المجلس األعلى للحسابات إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض – رئيس النيابة العامة، الأفعال االتي يكتشفها هذا المجلس أو المجالس الجهوية للحسابات، والتي يظهر أنها قد تستوجب عقوبة جنائية، وذلك قصد اتخاذ ما يراه ملائما.
ويجد مبدأ قابلية تراكم العقوبات أساسه في كون عناصر المسؤولية في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية تختلف عن تلك المتعلقة بالمسؤولية الجنائية، إذ تتسم المسؤولية في مادة التأديب المالي بطبيعة إدارية وعقابية لا يشترط لقيامها توفر الركن المعنوي، وترتكز على وظيفة المسؤول المتابع ومدى قيامه بالمهام المنوطة به طبقا للقوانين والأنظمة السارية على الجهاز العمومي الذي يتولى داخله مهام وظيفية، كما تهدف من خلال العقوبات المالية إلى حماية النظام العام المالي الذي تحكمه قواعد قانونية فيما تتجاوز المسؤولية الجنائية وظيفة تدبير المال العام لكونها تهدف إلى معاقبة الإخلال بواجب الاستقامة وحفظ الأمانة.
كلمات دلالية المغرب حسابات عامة فساد نيابة