كال المجلس الأعلى للحسابات، انتقادات حادة إلى الطريقة التي تعثرت بها الاستراتيجية الطاقية للبلاد التي تمتد إلى 2030. ووجه المجلس في تقريره الذي نشر الجمعة، الملامة إلى المسؤولين الحكوميين المعنيين بتأمين حاجيات البلاد من مواردها الطاقية.

كانت الأهداف الرئيسية للاستراتيجية الطاقية الوطنية 2009- 2030 تتمثل في تأمين الإمدادات وتوفير الطاقة مع تعميم الولوج إليها بأسعار تنافسية، إضافة إلى ضبط الطلب الطاقي والحفاظ على البيئة.

ومن هذا المنطلق، ارتكزت توجهاتها، بالأساس، على الحصول على مزيج طاقي مناسب يقوم علــى خيــارات تكنولوجيــة موثوقة وتنافسية، وتعبئة الموارد الوطنيــة مــن خــلال زيــادة حصــة الطاقــات المتجــددة، وجعل النجاعــة الطاقية أولوية وطنية، علاوة على تعزيز الاندماج الإقليمي.

ولمواجهة حالة الاستعجال الناتجة عن نقص في القدرات الكهربائية خلال العقد الأول من الألفية الثانية، اعتمدت الاستراتيجية على المدى القصير المخطط الوطني للإجراءات ذات الأولوية (2013-2009) الذي كان من بين أهدافه ضمان التوازن بين العرض والطلب على الطاقة الكهربائية، وذلك عن طريق تعزيز القدرات الإنتاجية ببناء محطات كهربائية جديدة وتحسين التدابير المتعلقة بالنجاعة الطاقية.

بالإضافة إلى هذا المخطط، تضمنت الاستراتيجية مجموعة من المكونات شملت كلا من قطاعات الكهرباء والطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية والوقود والمحروقات والطاقة النووية والتنقيب عن الهيدروكاربورات والصخور الزيتية والطاقة الحيوية. وقد عرفت هذه المكونات تحقيق إنجازات مهمة مكنت من تعزيز مكانة المغرب في مجال الانتقال الطاقي.

لكن، ما يشير إليه المجلس، لا زالت بعض الجوانب في حاجة إلى تحسين، وترتبط أساسا بحكامة القطاع الطاقي، وبمدى تحقيق الأهداف المحددة لمختلف مكونات هذه الاستراتيجية.

فبخصوص حكامة القطاع، اقتصر التخطيط الطاقي بشكل أساسي على قطاع الكهرباء، حيث تمت بلورة مخططات التجهيز المرتبطة بتوليد ونقل الطاقة الكهربائية، في حين لا تشمل هذه العملية جوانب أخرى مهمة كتأمين الإمدادات والنجاعة الطاقية وتنويع مصادر الطاقة، مما يبرز الحاجة إلى إرساء رؤية شمولية في مجال التخطيط الطاقي.

كما لوحظ عدم انتظام اجتماعات هيئات الحكامة الخاصة بالمؤسسات والمقاولات العمومية بقطاع الطاقة. فعلى سبيل المثال، لم يعقد مجلس إدارة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب سوى خمسة اجتماعات خلال الفترة 2010 2023- من أصل 28 اجتماعا كان يفترض عقدها طبقا للقانون.

وسجل المجلس محدودية اللجوء إلى آلية التعاقد بين الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية لقطاع الطاقة، وذلك رغم القيام بعدة مبادرات في هذا الاتجاه. فمنذ سنة 2008، أي قبيل إطلاق الاستراتيجية، لم يتم إبرام سوى عقدي برامج، وذلك مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، حيث غطى الأول الفترة 2011-2008، وشمل الثاني الفترة 2017-2014.

وعلى صعيد آخر، عرف قطاع الكهرباء، منذ إطلاق الاستراتيجية، انفتاحا تدريجيا أمام القطاع الخاص لإنتاج الكهرباء وتسويقها، لاسيما مع اعتماد القانون رقم 13.09 المتعلق بالطاقات المتجددة. كما تم تعزيز ضبط القطاع، في سنة 2016، إثر اعتماد القانون رقم 48.15 بشأن ضبط قطاع الكهرباء وإنشاء الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء. غير أنه، في المقابل، هناك قطاعات أخرى، ولاسيما الغاز والمنتجات البترولية، بحاجة إلى إنشاء هيئات ضبطية لمواكبتها حتى تصل إلى مستوى عال من التنافسية.

وفي ما يتعلق بالإنجازات المحققة على مستوى مختلف مكونات الاستراتيجية، انتقلت حصة الطاقات المتجددة في القدرة المثبتة من %32 سنة 2009 إلى %40 نهاية سنة 2023. لكنها تبقى دون هدف %42 المحدد لسنة 2020. ويرجع ذلك إلى تأخر إنجاز عدد من المشاريع المتعلقة بإنتاج هذه الطاقات. كما لم يتم الترخيص لعدد من المشاريع التي تقدم بها القطاع الخاص في إطار القانون رقم 13.09 سالف الذكر، وذلك نظرا لنقص القدرة الاستيعابية لشبكة نقل الكهرباء.

وعرف نقل منشآت ومشاريع الطاقة المتجددة من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب إلى وكالة « مازن » تأخرا ملحوظا، حيث إلى غاية متم شتنبر 2024 لم يتم هذا النقل بعد، علما أن القانون رقم 38.16 المعدل والمكمل للظهير المنشئ للمكتب حدد نهاية شتنبر لسنة 2021 كموعد أقصى لهذه العملية.

وتأخر أيضا فصل الأدوار في قطاع الكهرباء، حيث إلى متم شتنبر 2024، لم يتحقق الفصل المحاسبي لأنشطة الإنتاج والنقل والتوزيع للمكتب، كما لم يحدد موعد نهائي لهذا الفصل. وهو وضع من شأنه تأخير تحقيق أحد الأهداف الهامة للقانون رقم 48.15 المتمثل في إنشاء مسير للشبكة الكهربائية الوطنية.

أما في ما يخص الطاقة النووية والطاقة الحيوية، التي اعتمدتهما الاستراتيجية الطاقية الوطنية كخيارين مفتوحين لتعزيز الأمن الطاقي للبلاد، فقد سجل المجلس أنه إلى حدود نهاية سنة 2023، لا يزال تطوير هذين الخيارين في مراحله الأولى.

ومن ناحية أخرى، اعتمدت الاستراتيجية الطاقية الوطنية النجاعة الطاقية كأولوية وطنية، وفي هذا الإطار تم تحضير نسخة أولى للاستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية سنة 2014، ثم نسخة ثانية سنة 2019، لكن لم تتم المصادقة على أي من النسختين، مما أعاق التنفيذ الفعال للتدابير المخطط لها. كما ساهم في محدودية تنفيذ هذه التدابير ضعف موارد التمويل، وتأخر إصدار عدد من النصوص التطبيقية المتعلقة بالقانون رقم 47.09 المتعلق بالنجاعة الطاقية، إضافة إلى عدم وجود إطار تحفيزي قادر على إرساء ثقافة النجاعة الطاقية لدى القطاعات المعنية.

وفي ما يتعلق بقطاع المحروقات، منذ اعتماد الاستراتيجية سنة 2009، ظلت المخزونات الاحتياطية لمختلف المنتجات البترولية دون المستوى المحدد في 60 يوما. فعلى سبيل المثال، في سنة 2023 لم تتعد مخزونات كل من الغازوال والبنزين وغاز البوتان على التوالي 32 و37 و31 يوما. كما سجلت محدودية التقدم المحرز في مجال تنويع نقاط دخول المنتجات البترولية المستوردة، بإضافة نقطة دخول فريدة بميناء طنجة المتوسط منذ إطلاق الاستراتيجية الطاقية الوطنية 2009- 2030.

وفي ما يخص قطاع الغاز الطبيعي، لوحظ عدم استكمال المبادرات المتخذة لتطويره، مما يؤثر على الجهود الرامية إلى التخلي التدريجي عن الفحم في إنتاج الكهرباء، حيث تم إطلاق عدة مبادرات لتطوير قطاع الغاز الطبيعي منذ سنة 2011، إلا أنه لم تتم بلورتها في إطار استراتيجية رسمية.

تبعا لكل هذه التعثرات، أوصى المجلس رئاسة الحكومة بالعمل على بلورة استراتيجية وطنية للنجاعة الطاقية والمصادقة عليها وأجرأتها، وكذا وضع إطار تحفيزي بهدف تشجيع تدابير النجاعة الطاقية.

كما أوصى المجلس الوزارة المكلفة بالانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بوضع إطار تدبيري للقطاع الطاقي يعتمد على برامج عقود بين الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية في القطاع مع الحرص على التنفيذ الأمثل لبنودها. كما دعا المجلس  الوزارة ذاتها، في ما يخص قطاع الكهرباء، إلى تسريع مسلسل الإصلاح من خلال الفصل بين أنشطة الإنتاج والنقل والتوزيع، واستكمال إصدار النصوص القانونية المتعلقة بضبط القطاع، ولاسيما تلك الخاصة بإحداث جهة مسيرة لشبكة نقل الكهرباء وتنظيم عملها.

أيضا أوصى الوزارة بإتمام عملية نقل منشآت الطاقات المتجددة من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب إلى وكالة « مازن ».

وأوصى المجلس الوزارة، كذلك، بوضع آليات لتدبير ومراقبة المخزون الاحتياطي لقطاع المحروقات بهدف التخفيف من أثر تقلبات الأسعار في السوق الدولية وانعكاساتها على الأسعار في السوق الوطنية، وكذا بوضع استراتيجية وإطار قانوني مناسب للقطاع الغازي، وذلك بتنسيق مع الأطراف المعنية، قصد تطوير سوق للغاز الطبيعي شفاف وجاذب للاستثمارات.

كلمات دلالية المغرب حسابات حكومة طاقة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المغرب حسابات حكومة طاقة المکتب الوطنی للکهرباء والماء الصالح للشرب قطاع الکهرباء القانون رقم

إقرأ أيضاً:

وزير الكهرباء: الحكومة تشجع اقتصاد الهيدروجين الأخضر

التقى الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، مسؤولي شركة «سيمنس للطاقة» برئاسة المهندس كريم أمين عضو مجلس الإدارة التنفيذي للشركة العالمية والمهندس أشرف حماسة المدير التنفيذي للشركة بمصر، وذلك على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة «إيجبس 2025».

وبحث الجانبان سبل دعم وتعزيز التعاون في مجال توليد الطاقة واستقدام أحدث الابتكارات والتكنولوجيات للتعامل مع التحديات والفرص المقترنة باستراتيجيات التحول في قطاع الطاقة، والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات الكربونية، والتحول الرقمي وقدرته على خلق قيم جديدة من البيانات وتحسين أداء الأصول الإنتاجية وتلبية النمو المتزايد في الطلب على الطاقة.

رفع كفاءة التوربينات في محطات توليد الكهرباء

ناقش «عصمت» مع مسؤولي «سيمنس» الموقف التنفيذي لمشروعات التطوير والتحديث ورفع كفاءة التوربينات في محطات توليد الكهرباء، ومنها محطة توليد البرلس التي يجري العمل بها على تشغيل وحدتين غازيتين باستخدام تكنولوجيا جديدة لخفض استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 30%، وكذلك تمت مناقشة فرص تطبيق مفهوم الاحتراق المشترك للغاز الطبيعي والهيدروجين في وحدات التوليد الغازية القائمة بالمحطة، من خلال توريد وتركيب وحدة إنتاج الهيدروجين باستخدام مياه منزوعة الأملاح، في إطار الاهتمام الذي توليه الحكومة بتشجيع اقتصاد الهيدروجين الأخضر، وتطرق الاجتماع إلى استخدام المياه المالحة فى توليد الكهرباء ومناقشة المناطق التي تصلح لإقامة المشروع، وفقًا لطبيعتها الجغرافية والذي ينعكس على خفض تكلفة إقامة المشروعات.

خفض معدلات استهلاك الوقود

تناول الاجتماع بحث تطوير واعادة تشغيل وحدات التوليد فى محطات دمياط والكريمات والنوبارية وعتاقة البخارية وزيادة قدراتها الانتاجية وخفض معدلات استهلاك الوقود بها.

واستعرض الدكتور محمود عصمت الاجراءات التنفيذية لمشروع اقامة محطة طاقة رياح قدرة 500 ميجاوات تقوم الشركة على تنفيذه، وكذلك برامج الصيانة وخطة السلامة والصحة المهنية والبرامج التدريبية للعاملين والذى تقوم عليها شركة سيمنس فى شركات انتاج الكهرباء، وتم التأكيد على التنسيق بين جميع الشركات فيما يخص قطع الغيار وضرورة الالتزام ببرامج الصيانة الوقائية لمنع خروج الوحدات من الخدمة وضرورة الربط الرقمي فى كافة الخطوات التى تقوم بها فرق الصيانة والمتابعة وكذلك فرق الطوارئ ومواجهة الأعطال، فى اطار خطة تحسين معدلات الاداء وجودة التشغيل.

استغلال موارد الطاقة المتجددة

اكد عصمت أن خطة العمل خلال المرحلة الحالية تم صياغتها فى اطار استراتيجية الطاقة التى تم اعتمادها مؤخرا وتقوم على التحول إلى مصادر توليد منخفضة الكربون، وتعتمد بشكل أساسي على استغلال موارد الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة، وتأمين إمدادات الكهرباء والحد من الانبعاثات والعمل على تطوير الشبكة والتحول التدريجى للشبكة الحالية من شبكة نمطية إلى شبكة ذكية قادرة على استيعاب القدرات التوليدية الكبيرة، والعمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد، وخفض استهلاك الوقود التقليدي وزيادة الطاقات المتجددة فى مزيج الطاقة، مشيراً إلى أهمية الدور الذى تلعبه الشركات العالمية ومثمناً جهودها المتواصلة في مشاريع الطاقة المتجددة فى اطار خطة الدولة للتنمية المستدامة.

3 محطات توليد كهرباء عملاقة

جدير بالذكر أن الشراكة والتعاون مع شركة سيمنس الألمانية في مجال الكهرباء والطاقة المتجددة، يعد نموذجا يحتذى، وتضمن انشاء عدد ثلاث محطات توليد كهرباء عملاقة ذات الدورة المركبة بقدرة اجمالية 14400 ميجاوات بمواقع ( البرلس، بنى سويف، العاصمة الإدارية ) بالتعاون مع الشركاء المحليين ( السويدى وأوراسكوم ) وتشغيل وصيانة تلك المحطات، وانشاء المركز المصرى لخدمات الطاقة في منطقة العين السخنة والذى يقوم بإصلاح المعدات لتوفير وقت الإصلاح ونقل وتوطين التكنولوجيا في هذا المجال، ومشروع الطاقة الشمسية الكهروضوئية بنظام توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، والأكاديمية الفنية المصرية الألمانية الموجودة في المركز، بالإضافة إلى المركز الرئيسي للتحكم في شبكة نقل الكهرباء والذي تم انشاؤه على أحدث التكنولوجيات العالمية، وكذلك انشاء وتطوير مراكز التحكم في العديد من شبكات التوزيع.

مقالات مشابهة

  • السيسي ورئيس الحكومة الإسبانية يوقعان على إعلان ترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية
  • وزير الكهرباء: الحكومة تشجع اقتصاد الهيدروجين الأخضر
  • إنجاز ترميمي ضخم .. تسجيل قطع أثرية نتاج أعمال حفائر
  • برلمانية: الاستراتيجية الوطنية للصناعة تستهدف معدل نمو 31.2 % خلال 2026
  • وزير العمل: حماية الأطفال من أسوأ أشكال العمل جزء أساسي من الاستراتيجية الوطنية
  • وزير الإعلام يستقبل رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري
  • وزراء السياحة بـ"دول المجلس" يستعرضون آليات تطبيق "الاستراتيجية الخليجية للسياحة 2030"
  • "الشورى" يدعو جامعة الإمام عبدالرحمن لتطوير شراكاتها الاستراتيجية
  • أيمن عاشور : جار تقييم أداء الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي
  • وزير التعليم العالي يطلق الاستراتيجية الوطنية للابتكار بحضور رؤساء الجامعات